الاغتيالات وفتاوى علماء الطائفة الممتنعة
عن تطبيق الشرائع(5)
رضوان محمود نموس
نتابع في هذه الحلقة سرد الأدلة على شرعية الاغتيالات
· عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه قَالَ مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالأبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَال:{َ هُمْ مِنْهُمْ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لا حِمَى إلا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم } ([1]).
· حدثنا عبد الله قال حدثني أبو حميد قال ثنا عبد الوهاب بن نجدة قال ثنا إسماعيل بن عياش قال حدثني جعفر بن الحرث عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن بن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي قال ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدار من دور المشركين نغشاها بياتا فكيف بمن يكون تحت الغارة من الولدان قال هم منهم حدثنا عبد الله قال انا إسحاق بن منصور الكوسج من أهل مرو في سنة ثمان وعشرين ومائتين قال انا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله يعنى بن عبد الله عن بن عباس أخبره الصعب بن جثامة ثم سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم قال هم منهم حدثنا عبد الله انا إسحاق بن منصور قال انا عبد الرزاق قال انا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن الصعب بن جثامة قال قلت ثم يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين قال هم منهم.]([2]).
· وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة:[ الثاني قلت واحتج غيره من الأصحاب بوجوه أخر سوى ما ذكره منها قوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فلا يجوز الإمساك عن قتالهم إلا إذا كانوا صاغرين حال إعطاء الجزية والمراد بإعطاء الجزية من حين بذلها أو التزامها إلى حين تسليمها وإقباضها فإنهم إذا بذلوا الجزية شرعوا في الإعطاء ووجب الكف عنهم إلى أن نقبضها منهم فمتى لم يلتزموها أو التزموها وامتنعوا من تسليمها لم يكونوا معطين لها فليس المراد أن يكونوا صاغرين حال تناول الجزية منهم فقط ويفارقهم الصغار فيما عدا هذا الوقت هذا باطل قطعا.
وإذا علم هذا فمن جاهرنا بسب الله ورسوله وإكراه حريمنا على الزنى أو تحريق جوامعنا ودورنا ورفع الصليب فوق رؤوسنا فليس معه من الصغار شيء فيجب قتالهم بنص الآية حتى يصيروا صاغرين فإن قيل فالمأمور به القتال إلى هذه الغاية فمن أين لكم القتل المقدور عليه فالجواب من وجوه أحدها أن كل من أمرنا بقتاله من الكفار فإنه يقتل إذا قدرنا عليه.
الثاني أنا إذا كنا مأمورين أن نقاتلهم إلى هذه الغاية لم يجز أن نعقد لهم عهد الذمة بدونها ولو عقد لهم كان عقدا فاسدا.
الثالث أن الأصل إباحة دمائهم يمسك عصمتها الحبلان حبل من الله بالأمر بالكف عنهم وحبل من الناس بالعهد والعقد ولم يوجد واحد من الحبلين أما حبل الله سبحانه فإنه إنما اقتضى الأمر بالكف عنهم إذا كانوا صاغرين فمتى لم يوجد وصف الصغار المقتضي للكف منهم وعنهم فالقتل المقدور عليه منهم والقتال للطائفة الممتنعة واجب وأما حبل الناس فلم يعاهدهم الإمام والمسلمون إلا على الكف عما فيه إدخال ضرر على المسلمين وغضاضة في الإسلام فإذا لم يوجد فلا عهد لهم من الإمام ولا من الله وهذا ظاهر لا خفاء به أن العهد لا يبقى للمشرك إلا ما دام مستقيما ومعلوم أن مجاهرتنا بتلك الأمور العظام تقدح في الاستقامة كما تقدح مجاهرتنا بالاستقامة فيها بل مجاهرتنا بسب ربنا ونبينا وكتابه وإحراق مساجدنا ودورنا أشد علينا من مجاهرتنا بالمحاربة إن كنا مؤمنين فإنه يجب علينا أن نبذل دماءنا وأموالنا حتى تكون كلمة الله هي العليا ولا يجهر بين أظهرنا بشيء من أذى الله ورسوله فإذا لم يكونوا مستقيمين لنا مع القدح في أهون الأمرين فكيف يستقيمون لنا مع القدح في أعظمهما يوضح ذلك قوله كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة أي كيف يكون لهم عهد ولو ظهروا عليكم لم يرقبوا الرحم التي بينكم وبينهم ولا العهد فعلم أن من كانت حالته أنه إذا ظهر لم يرقب ما بيننا وبينه من العهد لم يكن له عهد ومن جاهرنا بالطعن في ديننا وسب ربنا ونبينا كان ذلك من أعظم الأدلة على أنه لو ظهر علينا لم يرقب العهد الذي بيننا وبينه فإنه إذا كان هذا فعله مع وجود العهد والذلة فكيف يكون مع القدرة والدولة وهذا بخلاف من لم يظهر لنا شيئا من ذلك فإنه يجوز أن يفي لنا بالعهد ولو ظهر فإن قيل فالآية إنما هي في أهل الهدنة المقيمين في دارهم قيل الجواب من وجهين أحدهما أن لفظها أعم والثاني أنها إذا كان معناها في أهل الذمة المقيمين بدارهم فثبوته في أهل الذمة المقيمين بدارنا أولى وأحرى.] ([3]) .
· قال النووي عن المستأمن الذي يلبس على المسلمين
[وهل يغتالهم لتلبيسهم علينا أم يلحقهم بالمأمن؟ فيه تردد، والظاهر اغتيالهم لتدليسهم،]([4]).
وقال في روضة الطالبين:[ فرع الأسير المقهور متى قدر على الهرب، لزمه، ولو أطلقوا أسيراً بلا شرط، فله أن يغتالهم قتلاً وسبياً وأخذاً للمال،]([5]).
· فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلاشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ }
قال أبو حيان الأندلسي في تفسير الآيات :[وفي إطلاق الأمر بالقتل دليل على قتلهم بأي وجه كان، وقد قتل أبو بكر أصحاب الردّة بالإحراق بالنار، وبالحجارة، وبالرمي من رؤوس الجبال، والتنكيس في الآبار. وتعلق بعموم هذه الآية، وأحرق عليّ قوماً من أهل الرّدّة، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن المثلة. ولفظ المشركين عام في كل مشرك، وجاءت السنة باستثناء الأطفال والرهبان والشيوخ الذين ليسوا ذوي رأي في الحرب،ومن قاتل من هؤلاء قتل. وقال الزمخشري: يعني الذي نقصوكم وظاهروا عليكم. ولفظ: «حيث وجدتموهم» عام في الأماكن من حل وحرم. «وخذوهم» عبارة عن الأسر، والأخيذ الأسير. ويدل على جواز أسرهم: واحصروهم، قيدوهم وامنعوهم من التصرف في البلاد. وقيل: استرقوهم. وقيل: معناه حاصروهم إنْ تحصّنوا. وقرىء: فحاصروهم شاذاً، وهذا القول يروى عن ابن عباس. وعنه أيضاً: حولوا بينهم وبين المسجد الحرام. وقيل: امنعوهم عن دخول بلاد الإسلام والتصرف فيها إلا بإذن. قال القرطبي في قوله: «واقعدوا لهم كل مرصد» دلالة على جواز اغتيالهم قبل الدعوة، لأنّ المعنى اقعدوا لهم مواضع الغرة، وهذا تنبيه على أنّ المقصود إيصال الأذى إليهم بكل طريق، إما بطريق القتال، وإما بطريق الاغتيال. وقد أجمع المسلمون على جواز السرقة من أموال أهل الحرب، وإسلال خيلهم، وإتلاف مواشيهم إذا عجز عن الخروج بها إلى دار الإسلام، إلا أنْ يصالحوا على مثل ذلك.
· وقال عبد الرحمن با علوي:[ وإن انتفى شرط من ذ لك - أي من شروط الأمان الشرعية - جاز الاغتيال والإرقاق مطلقاً]([7]).
· وقال الحافظ في الفتح تعليقاً على قصة اغتيال ابن أبي الحقيق:[” فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فبشرته ” يحمل على أنه لما سقط من الدرجة وقع له جميع ما تقدم، لكنه من شدة ما كان فيه من الاهتمام بالأمر ما أحس بالألم وأعين على المشي أولا، وعليه يدل قوله: ” ما بي قلبة ” ثم لما تمادى عليه المشي أحس بالألم فحمله أصحابه كما وقع في رواية ابن إسحاق، ثم لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليه فزال عنه جميع الألم ببركته صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحديث من الفوائد جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة ]([8]).
· قال الإمام مالك في المدونة:[ عن الليث بن سعد وعميرة بن أبي ناجية ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال لا بأس بابتغاء عورة العدوّ بالليل والنهار لأن دعوة الإسلام قد بلغتهم وقد كان رسول الله بعث إلى خيبر فقتلوا أميرهم ابن أبي الحقيق غيلة وإلى صاحب بني لحيان من قتله غيلة وبعث نفراً فقتلوا آخرين إلى جانب المدينة من اليهود منهم ابن الأشرف]([9]).
· وقال الشافعي:[ أَمَرَ النبيُّ عند ما قُتل عاصمُ بْنُ ثابتٍ وخُبِيب وابن حسان بقتلِ أبي سفيان في دارِهِ بـ «مكَّةَ» غِيلةً إنْ قُدر عليه]([10]).
· وقال الإمام ابن تيمية:[ فعلم بذلك أن إيذاء الله ورسوله موجب للقتل لا يعصم منه أمان ولا عهد وذلك لا يكون إلا فيما أوجب القتل عينا من الحدود كحد الزنى وحد قطع الطريق وحد المرتد ونحو ذلك فان عقد الأمان لهؤلاء لا يصح ولا يصيرون مستأمنين بل يجوز اغتيالهم والفتك بهم لتعين قتلهم]([11]).
· وقال الشرواني : [وجاز لنا قتله - أي للحربي - غيلة أو استرقاقه وأخذ ماله ويكون فيأً ] ([12]).
· وقال ابن عابدين:[ وعن ابن عمر وعلي: لا تقبل توبة من تكررت ردته كالزِّنديق، وهو قول مالك وأحمد والليث وعن أبي يوسف: لو فعل ذلك ِمراراً يقتل غيلة،]([13]).
وهنا لابد أن نقول للذين يحرمون ما أحل الله فيحرمون اغتيال الكفار والمرتدين والزنادقة أن يتقوا ربهم ويراجعوا دينهم قبل فوات الآوان.:
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ([14])
وقال الله تعالى:{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ(1)يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(2)وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ(3)كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ(4)} ([15])
وقال الله تعالى:{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } ([16])
وقال الله تعالى:{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ([17]).
وقال الله تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ % مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ([18]).
0 التعليقات:
إرسال تعليق