المستأمنين وأحكامهم(4)
رضوان محمود نموس
نتابع في هذه الحلقة نواقض أمان المستأمن والاستنتاجات:
وقال السيوطي في الدر المنثور: [قال: فإن نقض المشركون عهدهم وظاهروا عدوا فلا عهد لهم]([1]).
وقال الثعالبي: [إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم هذا هو الاستثناء]([2]).
وقال أبو السعود: [ثم لم ينقصوكم شيئا من شروط الميثاق ولم يقتلوا منكم أحدا ولم يضروكم قط وقرئ بالمعجمة أي لم ينقضوا عهدكم شيئا من النقض وكلمة ثم للدلالة على ثباتهم على عهدهم مع تمادي المدة ولم يظاهروا أي لم يعاونوا عليكم أحدا من أعدائكم]([3]) .
وقال الجصاص في أحكام القرآن:[ وقوله تعالى ولم يظاهروا عليكم أحدا يدل على أن المعاهد متى عاون علينا عدوا لنا فقد نقض عهده ثم قال تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) فرفع بعد انقضاء أشهر الحرم عهد كل ذي عهد من خاص ومن عام ثم قال تعالى: (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله) لأنهم غدروا ولم يستقيموا]([4]).
وقال ابن قدامة المقدسي:[فصل : فأما أهل الهدنة إذا نقضوا العهد حلت دماؤهم وأموالهم وسبي ذراريهم لأن النبي قتل رجال بني قريظة وسبى ذراريهم وأخذ أموالهم حين نقضوا عهده ولما هادن قريشاً فنقضت عهده حل له منهم ما كان حرم عليه منهم، ولأن الهدنة عهد موقت ينتهي بانقضاء مدته فيزول بنقضه وفسخه كعقد الإجارة بخلاف عقد الذمة]([5]).
وقال في الكافي:[ وإن نقض أهل الذمة العهد بقتال، أو مظاهرة عدو، أو قتل مسلم، أو أخذ مال، انتقض عهدهم، لقوله تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر}التوبة: 12.الآية.
وقوله تعالى: {إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}وقوله: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين}التوبة: 4. ولأن الهدنة تقتضي الكف، فانتقضت بتركه، ولا يحتاج في نقضها إلى حكم الإمام، لأنه إنما يحتاج إلى حكمه في أمر محتمل، وفعلهم لا يحتمل غير نقض العهد. وإن نقض بعضهم، وسكت سائرهم، انتقضت الهدنة في الجميع، لأن ناقة صالح عقرها واحد، فلم ينكر عليه قومه، فعذبهم الله جميعا. ولما هادن النبي قريشا، دخلت خزاعة مع النبي، وبنو بكر مع قريش، فعدت بنو بكر على خزاعة، وأعانهم نفر من قريش، وأمسك سائر قريش، فكان ذلك نقض عهدهم، فسار إليهم رسول الله حتى فتح مكة. فإن أنكر الممسك على الناقض، أو اعتزلهم، أو أرسل الإمام به، لم ينتقض عهده، لأنه لم ينقض، ولا رضي بالنقض. ويؤمر بتسليم الناقض، أو التميز عنه. فإن لم يفعل مع القدرة عليه، انتقضت هدنته أيضا، لأنه صار مظاهرا للناقض.]([6]).
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله في أناس من أهل الذمة جددوا كنيسة قديمة: قال في حكمهم: [ وأما المحدث لذلك من أهل الذمة فانه في أحد قولي العلماء ينتقض عهده ويباح دمه وماله لأنه خالف الشروط التي شرطها عليهم المسلمون وشرطوا عليهم أن من نقضها فقد حل لهم منها ما يباح من أهل الحرب والله أعلم]([7]).
وقال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: [فصل: إذا نقض أهل الهدنة عهدهم بقتال أو مظاهرة عدو أو قتل مسلم أو أخذ مال انتقضت الهدنة لقوله عز وجل: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} فدل على أنهم إذا لم يستقيموا لنا لم نستقم لهم لقوله عز وجل: {إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4] فدل على أنهم إن ظاهروا عليكم أحداً لم تتم إليهم عهدهم ولأن الهدنة تقتضي الكف عنا فانتقضت بتركة ولا يفتقر نقضها إلى حكم الإمام بنقضها لأن الحكم إنما يحتاج إليه في أمر محتمل وما تظاهروا به لا يحتمل غير نقض العهد وإن نقض بعضهم وسكت الباقون ولم ينكروا ما فعل الناقض انتقضت الهدنة في حق الجميع والدليل عليه أن ناقة صالح عليه السلام عقرها القدار العيزار بن سالف وأمسك عنها القوم فأخذهم الله تعالى جميعهم به فقال الله عز وجل: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: 14] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وادع بني قريظة وأعان بعضهم أبا سفيان بن حرب على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وقيل: إن الذي أعان منهم حيي بن أخطب وأخوه
وآخر معهم فنقض النبي صلى الله عليه وسلم عهدهم وغزاهم وقتل رجالهم وسبى ذراريهم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم هادن قريشا بالحديبية وكان بنو بكر حلفاء قريش وخزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاربت بنو بكر خزاعة وأعان نفر من قريش بني بكر على خزاعة وأمسك سائر قريش فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نقضاً لعهدهم وسار إليهم حتى فتح مكة ولأنه لما كان عقد بعضهم الهدنة أماناً لمن عق ولمن أمسك وجب أن يكون نقض بعضهم نقضاً لمن نقض ولمن أمسك وإن نقض بعضهم العهد وأنكر الباقون أو اعتزلوهم أو راسلوا إلى الإمام بذلك انتقض عهد من نقض وصار حرباً لنا بنقضه ولم ينتقض عهد من لم يرض لأنه لم ينقض العهد ولا رضي مع من نقض فإن كان من لم ينقض مختلطاً بمن نقض أمر من لم ينقض بتسليم من نقض إن قدروا أو بالتميز عنهم فإن لم يفعلوا أحد هذين مع القدرة عليه انتقضت هدنتهم لأنهم صاروا مظاهرين لأهل الحرب]([8]).
وقال النووي رحمه الله تعالى: عن المستأمن الذي يلبس على المسلمين [وهل يغتالهم لتلبيسهم علينا أم يلحقهم بالمأمن؟ فيه تردد، والظاهر اغتيالهم لتدليسهم،]([9]).
قال في روضة الطالبين:[ ومتى صرحوا بنقض العقد أو قاتلوا المسلمين أو آووا عينا عليهم أو كاتبوا أهل الحرب أو قتلوا مسلما أو سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقض عهدهم ولا يفتقر إلى أن يحكم الحاكم بنقضه قال الإمام والمضرات التي اختلف في انتقاض عقد الذمة بها تنقض الهدنة بلا خلاف لأن الهدنة متأكدة ببذل الجزية وإذا انتقض عهدهم جاز قصد بلدهم وتبييتهم والإغارة عليهم إن علموا أن ما فعلوه ناقض وكذا إن لم يعلموا على الأصح]([10]).
وقال:السرخسي [وإذا استعان قوم من أهل البغي بقوم من أهل الحرب على قتال أهل العدل وقاتلوهم فظهر عليهم أهل العدل قال يسبي أهل الحرب، وليست استعانة أهل البغي بهم بأمان لهم، لأن المستأمن يدخل دار الإسلام تاركاً للحرب، وهؤلاء ما دخلوا دار الإسلام إلا ليقاتلوا المسلمين من أهل العدل، فعرفنا أنهم غير مستأمنين، ولأن المستأمنين لو تجمعوا وقصدوا قتال المسلمين وناجزوهم كان ذلك منهم نقضاً للأمان، فلأن يكون هذا المعنى مانعاً ثبوت الأمان في الابتداء أولى. ]([11]).
وقال المرغناني : [لأن مالهم مباح في دارهم فبأي طريق أخذه المسلم أخذ مالا مباحا]([12]).
وقال الشوكاني: [قوله فصل ودار الحرب دار إباحة إلخ أقول وجه هذا أن الله سبحانه أمرنا بقتال أهل الشرك وأباح لنا دماءهم وأموالهم ونساءهم فكانوا من هذه الحيثية على أصل الإباحة سواء وجدناهم في دارهم أو غير دارهم ]([13]).
وقال ابن قدامة في المغني :[ فصل وإذا استعان أهل البغي بالكفار فلا يخلو من ثلاثة أصناف أحدهما أهل الحرب فإذا استعانوا بهم أو آمنوهم أو عقدوا لهم ذمة لم يصح واحد منهم لأن اختلفا من شرط صحته إلزام كفهم عن المسلمين وهؤلاء يشترطون عليهم قتال المسلمين فلا يصح ولأهل العدل قتالهم كمن لم يؤمنوه سواء وحكم أسيرهم حكم أسير سائر أهل الحرب قبل الاستعانة بهم .]([14]).
وبعد هذا نخرج بالنتائج التالية:
أولاً هناك أشياء تنسف العقد من أساسه منها:
1) إذا كان العاقد مرتداً لأنه لا يراعي مصلحة الإسلام والمسلمين وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم الذين يشرعون من دون الله.
2) إذا كان العاقد موالياً للكفار وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم الذين يمنحون دول الكفر قواعد ويوالونهم على حرب المجاهدين تحت مسمى الإرهاب.
3) إذا كان العاقد يخاف من الكفار على مصالحه الشخصية أو العائلية أو المالية وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم.
4) إذا كان للعاقد أموالاً عند الكفار يخاف ضياعها وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم الذين سرقوا أموال البلاد ووضعوها في بنوك الدول الكافرة.
5) إذا كان الكفار يحمون العاقد أو أن حكمه قائم بمساعدتهم وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم.
6) إذا شمل العقد على هدنة مطلقة أو مؤبدة وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم الملتزمين بقوانين الأمم المتحدة والهيئات الدولية.
7) إذا سمح العقد على مجاهرتهم بشرب الخمور أو ممارسة ما هو محظور في الإسلام في دارنا وهذا حال حكام الدول الإسلامية اليوم بل يشاركوهم في شربها ويقننون لحمايتها ويحاربون من يحاربها.
8) إذا خالف الشروط الشرعية لأنها حق لله لا يجوز لأحد تجاوزها بل لا يوجد عقود أصلاً وأحل الحكام والحركات المتمسلمة المنافقة مبدأ المواطنة الكفري مكان عقد الذمة أو الأمان وأحلو الفيزا مكان عقد الأمان.
وإذا تم العقد وفق الشروط المعتبرة شرعاً والتي ذكرنا طائفة منها يفسخ بأحد النواقض.
ويمكننا أن نختصر نواقض الأمان إلى ما يلي:
1) أذى الله جل جلاله .
2) محادّة الله جل جلاله .
3) أذى الرسول صلى الله عليه وسلم .
4) ذكر القرآن بما لا ينبغي.
5) ذكر الإسلام بما لا ينبغي .
6) الخيانة .
7) قتال المسلمين .
8) مظاهرة أعداء المسلمين.
9) سبي ذراري المسلمين.
10) سرقة أموال المسلمين.
11) قطع الطريق.
12) التجسس.
13) إيواء الجواسيس.
14) مراسلة الحربيين.
15) غش المسلمين وعدم إخبارهم عما عرف بعضهم عن خيانة البعض الآخر.
16) التدليس على المسلمين
17) فتن المسلمين عن دينهم.
18) الدعوة إلى ديانتهم.
19) نكاح مسلمة بشبهة عقد أو الزنى.
20) قذف المسلم.
21) الاستعلاء على المسلمين.
22) أذى المسلمين.
توصيف حال من يسميهم علماء الطاغوت ( مستأمنين)
مما مر معنا يتضح أن من يسميهم علماء الطواغيت من الطوائف الممتنعة عن تطبيق الشرائع, مستأمنين هم:
1- محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي وأعوانهم من بقية الحربيين.
2- الذين يدعمون ويساعدون يهود ويمدونهم بالسلاح والعتاد ضد المسلمين.
3- الذين يحتلون بلاد المسلمين بشكل علني في أفغانستان, والعراق, وفلسطين.
4- الذين يحتلون بلاد المسلمين بشكل ضمني في جزيرة العرب, (السعودية, ودول مجلس التعاون مع محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي, والأردن ومصر, ومراكش, وتونس, والجزائر, وليبيا, وسوريا, واليمن, وباكستان, وغيرها.
5- الذين أطلقوا من اليورانيوم المنضب على المسلمين في العراق, وأفغانستان، بما يعادل 100قنبلة ذرية من التي أطلقت على هيروشيما ويخرج طيرانهم ليقصف المسلمين في اليمن بمباركة الحكومة والمعارضة وعلى رأسها الإخوان المسلمين .
6- الذين يفرضون على الشعوب الإسلامية الحصار تحت مظلة منظمة الأمم الظلمية الهمجية البربرية, الكافرة وتوافقهم الحكومات المرتدة. كما حاصروا العراق, وأفغانستان, والسودان, وغيرها.
7- الذين قصفوا مصنع الأدوية في السودان.
8- الذين ينهبون بترول المسلمين بتواطؤ الحكومات المرتدة ليحاربوا به الإسلام.
9- الذين يحتلون بلادنا تمهيداً لنصرة الدجال.
10- الذين يحاربون الإسلام بالسلاح, والإعلام, والاقتصاد, ومساعدة الطواغيت, واغتيال رجالات الإسلام, وتحريض الحكومات المرتدة على الصحوة الإسلامية, ونهب ثروات البلاد, ومصادرة أموال المسلمين, وإجبار الحكومات على التعاون مع يهود.
11- الذين يقولون عن دين الإسلام بأنه دين شرير يجب القضاء عليه.
12- الذين يفرضون على ولاة أمر علماء الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع على تغيير المناهج التعليمية لتتناسب مع أحلام يهود وعدم ذكرهم بسوء.
13- الذين يفرضون على رؤساء الطوائف الممتنعة عن تطبيق الشرائع الخضوع لقوانين الكفر الدولية.
14- وباختصار هم الحرب العالمية على الإسلام.
فهل يصح علماء الطواغيت من غفلتهم؟ أم أن على قلوب أقفالها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق