موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأحد، 30 ديسمبر 2012

موقف المسلمين من أعياد الكافرين


موقف المسلمين من أعياد الكافرين
رضوان محمود نموس
عندما تخبوا شعلة الإيمان في القلب وتهتز قوة اليقين لا بد من بروز الأثر على الجوارح فتنشغل في المتاع والأعراض والزخرف وتميل إلى الأرض فتضعف مقاومتها وتتصدع دفاعتها فتلوح الفرصة للشيطان فيخترق هذه الدفاعات ويبدأ التدمير.
ولقد قيل في المعاصي (لا تنظر إلى حجم المعصية ولكن انظر إلى من عصيت)
يهون الشيطان المعصية لينقل صاحبها إلى أكبر ثم إلى الكبائر ولا يقر قرار الشيطان إلا بوصول الإنسان إلى الكفر أعاذنا الله من ذلك.
وما بين المعصية والكفر صراع طويل مع الشيطان وحزبه.
وفي الطريق يتساقط المتساقطون ولكل ساقطة لاقطة.
وأكبر السقوط وأخطره الشعور بالهزيمة النفسية الذي يتبعه الشعور بدنو المنزلة والمكانة.
وعندما يشعر المرء أنه صغير مهزوم لا مكانة له يصبح جاهزاً لتقديم التنازلات لمن يشعر أنهم أقوى منه حتى يألفها وتصبح من مقومات شخصيته وعناصر تركيبه.
وأوضح مظاهر الصغار والذلة تقليد الكفار الذي يجر إلى توقيرهم ومشاركتهم فيما يعبثون ويخوضون. وخاصة في أعيادهم فالأعياد في كل أمة مرتبطة بدينها وعندما نهتم بأعياد الكافرين أو نستسهل التهنئة بها أو المشاركة فيها يكون النخر قد قطع أشواطاً كبيرة.
ويأتي دور شياطين الإنس والجن ليقنعوا أولئك المنهزمين المنحرفين الضالين أن ما أنتم فيه ليس هزيمة وليس ضعفاً وليس انحرافاً  وما هو إلا التقدم والحضارة والرقي والمدنية والإنسانية وقائمة طويلة من الأسماء والمصطلحات الماكرة المخادعة والتي أول ما يخدعون فيها أنفسهم.
وهذه العناوين ما هي إلا مطية لزحزحة الأمة عن منهجها والأخذ بمنهج الكافرين فيبدؤون بهدم الأسوار بين الكفر والإيمان من خلال إضعاف معاني الولاء والبراء ودعوى الأنسنة والإحسان واللطف والانفتاح وقبول الآخر يعني (الكافر) ...الخ
فإذا ما ماتت روح الولاء والبراء أو ضعفت يسهل الجلوس إلى الكافرين والخوض معهم بل ربما وصل الأمر إلى أن ينتقدوا ديننا ونحن نسمع تحت شعار حرية الرأي والقول والعقيدة ووو..الخ
والله تعالى يقول: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } [المائدة: 48]
ويقول تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } [الحج: 34]
ويقول: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 67]
قال الطبري وغيره من المفسرين: [وأصل المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه لخير أو شرّ; يقال: إن لفلان منسكا يعتاده: يراد مكانا يغشاه ويألفه لخير أو شر... وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا) أيّ المناسك عنى به؟ فقال بعضهم: عنى به: عيدهم الذي يعتادونه.
عن ابن عباس، قوله: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ) يقول: عيدا]([1]).
ومن خلال القرآن والسنة نعلم أن مخالفة الكافرين مقصد أساس من مقاصد الشريعة وأصل من أصول دين الإسلام الذي أنزلة الله للناس جميعاً .
ولأهمية تميز المسلم عن الكافر أُمر المسلم أن يدعو الله - تعالى - في كل يوم على الأقل سبع عشرة مرة أن يجنبه طريق الكافرين ويهديه الصراط المستقيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6، 7]

قال الله - تعالى -: [ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون] [الجاثية: 18] ، وقال تعالى: [ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق] [الرعد: 37] وقال تعالى: ... [ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات] [آل عمران: 105]
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ "([2])
عن يَعْلَى بْنُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «خَالِفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي خِفَافِهِمْ وَلَا فِي نِعَالِهِمْ»([3]).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَالَ: صُومُوا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ خَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ([4]).
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَتَسَرْبَلُونَ، وَلَا يَتَّزِرُونَ؟ قَالَ: «تَسَرْبَلُوا أَنْتُمْ، وَاتَّزِرُوا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَحْتَفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ؟ قَالَ: «فَاحْتَفُوا أَنْتُمْ، وَانْتَعِلُوا، خَالِفُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ كُلَّمَا اسْتَطَعْتُمْ»([5]).
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " اعْتَمُّوا خَالِفُوا عَلَى الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ "([6]).
عن ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «خَالِفُوا سُنَنَ الْمُشْرِكِينَ»([7]).
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْيَهُودِ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] إِلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَاكِلُوهُنَّ وَأَنْ يُشَارِبُوهُنَّ وَأَنْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَيَفْعَلُوا مَا شَاءُوا إِلَّا الْجِمَاعَ " فَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا]([8]).
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشَارَةُ بِالأَصَابِعِ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشَارَةُ بِالأَكُفِّ»([9]).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم، قَال: لاَ تَشَبَّهُوا بِالأَعَاجِمِ غَيِّرُوا اللِّحَى([10]).
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ رَأَى مِجْمَرًا فِي جِنَازَةٍ فَكَسَرَ وَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «لَا تُشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ([11]).
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثُونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ أَيِّ الْأَيَّامِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ لَهَا صِيَامًا؟ فَقَالَتْ: يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَيْهَا فَقَالُوا: إِنَّا بَعَثْنَا إِلَيْكِ هَذَا فِي كَذَا وَكَذَا، فَذَكَرَ أَنَّكِ قُلْتِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتْ: صَدَقَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ»([12]).
وعدد ابن حبان في مقدمة صحيحه أنواع السنن فقال:القسم الثاني من أقسام السنن وهو النواهي - وعدد أنواعاً -
النوع الحادي والعشرون: الزجر عن الشيء الذي رخص لبعض الناس في استعماله لسبب متقدم ثم حظر ذلك بالكلية عليه وعلى غيره والعلة في هذا الزجر القصد فيه مخالفة المشركين.
والسابع قصد به مخالفة المشركين على سبيل الحتم.
النوع الثامن: الزجر عن الأشياء التي قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب.
النوع الثامن والأربعون: إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب.
النوع الثالث عشر: أفعال فعلها صلى الله عليه وسلم قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب([13]).
ولقد صنف علماء الإسلام في هذا الموضوع كتباً وأبواباً وفصولاً في كتب لأبرزهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم)
ويذكر شيخ الإسلام: (أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين، كما أن أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم)([14]).
النهي عن حضور أعياد الكفار
اتفق أهل العلم على تحريم حضور أعياد الكفار والتشبه بهم فيها؛ وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ([15]). ولأدلة كثيرة جداً منها:
1 - جميع الأدلة الواردة في النهي عن التشبه وقد سبق ذكر طرف منها.
2 - الإجماع المنعقد في عهد الصحابة والتابعين على عدم حضورها؛ ودليل
الإجماع من وجهين:
أ - أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السابقين من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهياً عن ذلك لوقع ذلك كثيراً؛ إذ الفعل مع وجود مقتضيه وعدم منافيه واقعٌ لا محالة، والمقتضي واقع، فعلم وجود المانع؛ والمانع هنا هو الدين، فعلم أن الدين - دين الإسلام - هو المانع من الموافقة وهو المطلوب([16]).
روى البيهقي في شعب الإيمان- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ , أنا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ , نا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ , نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ , قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: نا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ , سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي زَيْنَبَ , وَعَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ , سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ , سَمِعَ أَبَاهُ , سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: " اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللهِ الْيَهُودَ , وَالنَّصَارَى فِي عِيدِهِمْ يَوْمَ جَمْعِهِمْ , فَإِنَّ السَّخَطُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ , فَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَكُمْ , وَلَا تَعْلَمُوا بِطَانَتَهُمْ فَتَخَلَّقُوا بِخُلُقِهِمْ "»([17])
فتاوى العلماء في أعياد الكفار
وجاء في شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي [فلا يجوز لامرئ مسلم قط أن يهنئهم بهذا العيد، قال بعض علمائنا: من أهداهم بيضة في عيدهم فقد كفر، تقعيداً وتخريجاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (فإذا وجدتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) وقال: (لا تبدءوا أهل الكتاب بالسلام)، فكيف بتهنئة العيد والرضا بكفرهم، والقاعدة المشهورة: الرضا بالكفر كفر]([18]).
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة [س: هل يجوز للمسلم أن يشارك مع المسيحيين في أعيادهم، المعروف بـ (الكريسماس) الذي ينعقد آخر شهر ديسمبر - أم لا؟ عندنا بعض الناس ينسبون لهم مناسبة بالعلم لكنهم يجلسون في مجالس المسيحيين في عيدهم ويقولون بجوازه، فقولهم هذا صحيح أم لا؟ وهل لهم دليل شرعي على جوازه أم لا؟
ج: لا تجوز مشاركة النصارى في أعيادهم، ولو شاركهم فيها من ينتسب إلى العلم؛ لما في ذلك من تكثير عددهم، والإعانة على الإثم، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) الآية.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز]([19]).
فتاوى اللجنة الدائمة [ومما جاء في النهي عن خصوص المشابهة في الأعياد: قوله
تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} سورة الفرقان الآية 72 في ذكر صفات عباد الله المؤمنين، فقد فسرها جماعة من السلف؛ كابن سيرين، ومجاهد، والربيع بن أنس: بأن الزور هو: أعياد الكفار، وثبت عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أنه قال: «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر » خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.
وصح عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - أنه قال: «نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم  » خرجه أبو داود بإسناد صحيح. وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم "، وقال أيضا: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.
رابعا: وينهى أيضا عن أعياد الكفار لاعتبارات كثيرة منها:
1 - أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم وانشراح صدورهم بما هم عليه من الباطل.
2 - المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة، من العقائد الفاسدة على وجه المسارقة والتدرج الخفي.
3 - ومن أعظم المفاسد أيضا - الحاصلة من ذلك: أن مشابهة الكفار في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}  وقال سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}
خامسا: بناء على ما تقدم فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا أن يقيم احتفالات لأعياد لا أصل لها في دين الإسلام، ومنها الألفية المزعومة، ولا يجوز أيضا حضورها ولا المشاركة فيها، ولا الإعانة عليها بأي شيء كان؛ لأنها إثم ومجاوزة لحدود الله، والله تعالى يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
سادسا: لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم، ومن ذلك إشهار أعيادهم وإعلانها، ومنها الألفية المذكورة، ولا الدعوة إليها بأية وسيلة، سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الإعلام، أو نصب الساعات واللوحات الرقمية، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية، أو طبع البطاقات أو الكراسات المدرسية، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها، أو الأنشطة الرياضية، أو نشر شعار خاص بها.
سابعا: لا يجوز لمسلم اعتبار أعياد الكفار ومنها الألفية المذكورة ونحوها مناسبات سعيدة وأوقاتا مباركة، فتعطل فيها الأعمال وتجرى فيها عقود الزواج، أو ابتداء الأعمال التجارية، أو افتتاح المشاريع وغيرها، ولا يجوز أن يعتقد في هذه الأيام ميزة على
غيرها؛ لأن هذه الأيام كغيرها من الأيام، ولأن هذا من الاعتقاد الفاسد الذي لا يغير من حقيقتها شيئا، بل إن هذا الاعتقاد فيها هو إثم على إثم. نسأل الله العافية والسلامة.
ثامنا: لا يجوز لمسلم التهنئة بأعياد الكفار؛ لأن ذلك نوع رضى بما هم عليه من الباطل، وإدخال للسرور عليهم. قال ابن القيم - رحمه الله -:
وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: (عيد مبارك عليك) ، أو (تهنأ بهذا العيد) ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه. اهـ.
تاسعا: شرف للمسلمين التزامهم بتاريخ هجرة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذي أجمع عليه الصحابة - رضي الله عنهم -، وأرخوا به بدون احتفال، وتوارثه المسلمون من بعدهم منذ أربعة عشر قرنا إلى يومنا هذا؛ لذا فلا يجوز لمسلم التولي عن التاريخ الهجري والأخذ بغيره من تواريخ أمم الأرض، كالتاريخ الميلادي، فإنه من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.
هذا ونوصي جميع إخواننا المسلمين بتقوى الله حق التقوى، وبالعمل بطاعته والبعد عن معاصيه، والتواصي بذلك والصبر عليه.
وليجتهد كل مؤمن ناصح لنفسه حريص على نجاتها من غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة في تحقيق العلم والإيمان، وليتخذ الله هاديا ونصيرا، وحاكما ووليا، فإنه نعم المولى ونعم النصير، وكفى بربك هاديا ونصيرا، وليدع بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم » والحمد لله رب العالمين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد .. صالح الفوزان .. عبد الله بن غديان .. عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ]([20])
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة [السؤال السابع عشر من الفتوى رقم (18612)
س 17: هل يحل تناول الطعام يوم عيد الكفرة في مطعم معتادين أصلا على ارتياده. علما بأنهم يوم عيدهم ذاك يصنعون طعاما خاصا بالمناسبة؟
ج 17: إذا كان تناول هذا الطعام مشاركة للكفار في عيدهم فلا يجوز، وإن لم يكن كذلك بأن حصل اتفاقا فيجوز إذا كان من طعام أهل الكتاب، ما لم يكن فيه محرم كالخنزير مثلا، وأما إن كان من طعام غير أهل الكتاب فلا يجوز أكل شيء من لحومهم التي ذبحوها؛ لأن الله سبحانه لم يبح من طعام الكفار إلا طعام أهل الكتاب، والمقصود به اللحوم التي يتولون ذكاتها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد .. صالح الفوزان .. عبد العزيز آل الشيخ .. عبد العزيز بن عبد الله بن باز]([21]).
وقال الشيخ شحاتة محمد صقر [فلا تُجَابُ الدعوة لأعياد الكفار، ولا تقبل الهدية المتعلقة بشعائر دينهم، ولا يبيعهم المسلم ما يستعينون به على عيدهم، ... وقد حذَّر إمام المتقين - صلى الله عليه وآله وسلم - أمته أشد التحذير من أعيادهم، وكان من شروط عمر - رضي الله عنه - ألا يُظْهِر الذميون شعائر دينهم.
وقال أيضاً [أولاً: اجتناب حضورها: اتفق أهل العلم على تحريم حضور أعياد الكفار والتشبه بهم فيها.
ثانياً: اجتناب موافقتهم في أفعالهم: قد لا يتسنى لبعض المسلمين حضور أعياد الكفار لكن يفعل مثل ما يفعلون فيها، وهذا من التشبه المذموم المحرم، قال شيخ الإسلام: «لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام
ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة، وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام»
ثالثاً: اجتناب المراكب التي يركبونها لحضور أعيادهم: قال مالك: «يكره الركوب معهم في السفن التي يركبونها لأجل أعيادهم لنزول السخطة واللعنة عليهم»
رابعاً: عدم الإهداء لهم أو إعانتهم على عيدهم ببيع أو شراء، قال أبو الحفص الحنفي: «من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله تعالا» فتح الباري (2/ 294).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: « ... لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئاً من مصلحة عيدهم، لا لحماً ولا إداماً ولا ثوباً ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من عيدهم، لأن ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم.
وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلمه اختلف فيه».
خامساً: عدم إعانة المسلم المتشبه بهم في عيدهم على تشبهه: قال شيخ الإسلام: «وكما لا نتشبه بهم في الأعياد، فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك، بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تُجَب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تُقبل
هديته، خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر»([22]).
حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
قال الإمام ابن القيم [وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ.
وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ، وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْوَرَعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَجَنَّبُونَ تَهْنِئَةَ الظَّلَمَةِ بِالْوِلَايَاتِ، وَتَهْنِئَةَ الْجُهَّالِ بِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ تَجَنُّبًا لِمَقْتِ اللَّهِ وَسُقُوطِهِمْ مِنْ عَيْنِهِ، وَإِنْ بُلِيَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ فَتَعَاطَاهُ دَفْعًا لِشَرٍّ يَتَوَقَّعُهُ مِنْهُمْ فَمَشَى إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا خَيْرًا، وَدَعَا لَهُمْ بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ]([23]).
وجاء في شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي [وهنا أقول: العالم الذي يعلم عقيدتهم، ويعلم كفرهم البين، ثم يجلس في مجلسهم الكفري، ويرضى بكفرهم، بل يذهب ويهنئهم ويقبلهم ويحتضنهم، فهذا رجل لا نقول فيه إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
ونقول له: قد بين الله لك بالاتفاق أن هؤلاء كفار فبين لهم كفرهم، أما الذين لا يعرفون إذا استفتوا أقول لهم: اتقوا الله في أنفسكم ولا تهنئونهم بالعيد؛ لأنكم بتهنئتكم لهم في هذا العيد تقرونهم على كفرهم، وأنتم مأمورون شرعاً أن تبينوا لهم كفرهم، حتى يعلموا يقيناً أنهم على باطل، وأنهم إن لم يرجعوا إلى دين الله فهم على كفر وضلال.
...فمن سلم عليهم في يوم عيدهم فقد رضي بكفرهم، فهو ينزل هذه المنزلة إن كان من العالمين المتقنين الفاهمين لعقيدتهم الخربة]([24]).
و[قال عبد الملك بن حبيب: سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم، فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه. قال: وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي للنصراني شيئا في عيدهم مكافأة له ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من عيدهم لأن ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم اختلف فيه. وأكل ذبائح أعيادهم داخل في هذا الذي اجتمع على كراهته بل هو عندي أشد. هذا كله]([25]).
وقال الذهبي: (فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم، كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم) ([26]).
وذكر ابن التركماني الحنفي جملة مما يفعله بعض المسلمين في أعياد النصارى من توسع النفقة وإخراج العيال، ثم قال عقب ذلك: (قال بعض علماء الحنفية: من فعل ما تقدم ذكره ولم يتب فهو كافر مثلهم، وقال بعض أصحاب مالك: من كسر يوم النيروز بطيخة فكأنما ذبح خنزيراً) ([27]).
قال أبو حفص الحنفي: (من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله - تعالى -) ([28]).
وثبت بالأدلة الصحيحة أن المشاركة أو التهنئة بهذا العيد تحرم باتفاق أهل العلم؛ لأن في التهنئة بهذا الأمر إقرارا بالكفر ورضا به، وضياعا لعقيدة الولاء والبراء، وإعانة لهم على باطل([29]).
فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
أفتى الشيخ ابن باز بأنه لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم، والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء، لأنها أعياد مخالفة للشرع.
فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها، ولأن الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[ سورة المائدة الآية:2]، فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان([30]).
فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
قال الشيخ ابن عثيمين: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله– في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ. وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَلِيبِ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه"([31]).
فتوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك:
قد أفتى الشيخ البراك بحرمة تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية في فتوى مطوله جاء فيها: إن تهنئة الكفار بأعيادهم حرام كما أفتى بذلك العلماء قديماً وحديثاً، قال ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم"، ولا اعتداد برأي من شذ من المعاصرين فأباح التهنئة بأعياد الكافرين إما مصانعة وتقرباً إليهم، أو بشبهة تأليف قلوبهم أو دعوتهم، ولم يجعل الله شيئاً مما حرم على عباده طريقاً للدعوة إلى دينه.
فتوى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمصر:
مما جاء في الفتوى: الأصـل في الأعيـاد الدينية أنهـا من خصوصيات كل ملّةٍ ونحلةٍ، وقـد قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، وقال صلى الله عليه وسلم [إن لكل قوم عيدًا] متفق عليه، فكل أهل ديانة شرعت لهم أعياد وأيام لم تشرع لغيرهم،فلا تحل مشاركة ولا تهنئة في هذه المناسبات الدينية التي هي من أخص ما تتمايز به الشرائع باتفاق، وليس في ترك التهنئة أو المشاركة اعتداء أو ظلم أو ترك للأحسن كما قد يظن البعض؛ فإن من طوائف النصارى من لا يهنئ الطوائف الأخرى بما اختصت به من أعياد بحسب معتقداتهم ولا يشاركهم فيها.
فتوى مجلس العلماء الإندونيسي:
أصدر مجلس العلماء الإندونيسي، الهيئة الإسلامية الأعلى بالبلاد فتوى تحرم على المسلمين ومن بينهم رئيس البلاد حضور احتفالات عيد الميلاد (كريسماس) وتقديم التهاني للمسيحيين حسبما ذكرت تقارير إخبارية.
وتعليقا على عزم الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو ونائب الرئيس بويديونو حضور احتفالا وطنيا بعيد الميلاد، نقلت جريدة "جاكرتا بوست" عن رئيس منظمة بيرسيس الإسلامية "مامان عبد الرحمن" قوله: "ورغم أنهم قادة البلاد فهم محرم عليهم حضور احتفالات كالكريسماس".
وأسأل الله العظيم أن يهدنا ويهدي جميع المسلمين إلى التمسك بحبله المتين والابتعاد عن مخالطة ومداهنة المشركين والمبطلين والحفاظ على سنة سيد المرسلين والاعتزاز بهذا الدين إنه القادر على ذلك فقلوب العباد بن إصبعيه فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك.


[1] - تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (18/ 679)
[2] -  متفق عليه البخاري (7/ 160) 5892 و مسلم (1/ 222) 54 - (259)
[3] - صحيح ابن حبان - مخرجا (5/ 561) 2186
[4] - مسند ابن الجعد (ص: 349) 2411
[5] - المعجم الأوسط (4/ 253) 4122
[6] - شعب الإيمان (8/ 295) 5850
[7] - مصنف ابن أبي شيبة (7/ 119) 34649
[8] - مسند أبي داود الطيالسي (3/ 532) 2165
[9] - سنن الترمذي ت شاكر (5/ 56) 2695
[10] - مسند البزار = البحر الزخار (11/ 384) 5217
[11] - مصنف ابن أبي شيبة (2/ 472) 11174
[12] - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 602) 1593
[13] - صحيح ابن حبان - محققا (1/ 119وما بعدها)
 [14] - الاقتضاء (1/314) دروس الدين: اختفاء معالمه.
[15] - انظر الاقتضاء (2/524) وأحكام أهل الذمة لابن القيم (2/722- 725) والتشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي (335) .
[16] - الاقتضاء (1/454) .
[17] - شعب الإيمان (12/ 18) 8940 ورواه أبو داود والنسائي والبخاري في الأدب المفرد وقال الألباني عنه إنه صحيح. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج1 ص100، رقم الحديث (371).
[18] - رأس السنة هل نحتفل (ص: 7) المؤلف: شحاتة محمد صقر
 [19] - فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (2/ 76) فتوى رقم (8848) :
 [20] - فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (26/ 406)
 [21] - فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (1/ 451)
 [22] - الرد على اللمع (ص: 185 وما بعدها)
 [23] - أحكام أهل الذمة (1/ 441)
[24] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي محمد حسن عبد الغفار (54/ 11، بترقيم الشاملة
 [25] - تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران (ص: 22) المؤلف: حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري
[26] - تشبيه الخسيس بأهل الخميس، ضمن مجلة الحكمة، عدد (4) ، ص 193
[27] - اللمع في الحوادث والبدع (1/294) .
[28] - فتح الباري بابن حجر العسقلاني (2/513) .
[29] - تمت الاسفادة في هذا البحث من مقال الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل
[30] - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (1/ 205)
[31] - مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (3/ 45)


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.