لا
تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(49)
رضوان محمود نموس
لقد تكلم الباحث في الحلقة السابقة حكم الشرع فيمن
يشرع من دون الله ويبدل أحكام الله بعدما ثبت بالأدلة قيام المملكة السعودية
بالتشريع من دون الله وإلزام الرعية بهذه القوانين الوضعية كما تفعل سائر الدول التي
يحكمه حكام مرتدون. ويتابع في هذه الحلقة في نفس السياق.
58- قال أيمن ربيع الظواهري: [ بيان كفر الحكام
الحاكمين بغير شريعة الله ووجوب جهادهم. أما كونهم مرتدين، فلقوله تعالى { ومن لم
يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }. وذلك لأن ما يفعله هؤلاء هو نفس صورة
سبب نزول الآية، وهو تعطيل حكم الشريعة الإسلامية واختراع حكم جديد وجعله تشريعا
ملزما للناس، كما عطل اليهود حكم التوراة بالرجم واخترعوا تشريعا بديلا، وصورة سبب
النزول قطعية الدخول في النص بالإجماع كما قال السيوطي في كتابه الإتقان في علوم
القرآن (1/28) وهذا ما أشار إليه إسماعيل القاضي كما نقل ابن حجر (وقال إسماعيل
القاضي في أحكام القرآن بعد أن حكى الخلاف في ذلك. ظاهر الآيات يدل على أن من
فَعَلَ فِعْلاً مثل هؤلاء واخترع حكما يخالف به حكم الله وجعله دينا يعمل به فقد
لزمه مثل ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكما كان أو غيره) (فتح الباري 13 / 120).
قلت قوله (وجعله دينا يعمل به) أي جعله نظاما ملزما للناس فالدين في أحد معانيه
يطلق على نظام حياة الناس حقا كان أو باطلا لأن الله سمى ما عليه الكفار من الضلال
دينا فقال تعالى: { لكم دينكم ولي دين } ] ([1]).
59- قال محمد كاظم حبيب: في كتابه الردة. وعدد أنواعها
وبين منها.
1-
من حرم ما أحل أو حلل ما حرم الله.
2-
أو اعترض على حكمة الحل والتحريم أو سخر من ذلك.
3-
أو استحل فعل الفواحش وسعى في نشرها بين المسلمين أو
شرح بانتشارها صدرا.
4-
أو أفتى متعمدا خلاف حكم الله ورسوله.
5-
أو اعترض على حكمة تعدد الزوجات في الإسلام.
6-
أو اعترض على حكمة الطلاق في الإسلام.
7-
أو اعترض على حكمة الحجاب في الإسلام.
8-
أو سخر من المحجبات لحجابهن وصدهن عنه.
9-
أو ادعى أن الحجاب ليس من الدين في شيء.
10-
أو اعترض على حكمة الميراث.
11-
أو انتقص دين الإسلام أو سبه أو نعته بالرجعية
والتخلف.
12-
أو قال كان للإسلام دوره في العصور الخالية ولم يعد له
دور في العصر الحديث.
13-
أو زعم أن تقدم المسلمين مرهون بترك تعاليم
دينهم.
14-
أو دعا بدعوة قومية تفريقا بين المسلمين.
15-
أو أعان أهل الكتاب على بناء كنائسهم وأداء شعائرهم
تقربا إلى الله.
16-
أو اعتنق الشيوعية أو الماسونية.
17-
أو استباح نكاح المشركات من غير أهل الكتاب أو نكاح
المرتدات.
18-
أو استحل طعام تلك الطوائف المرتدة أو المنشقة عن
الإسلام.
19-
أو أجاز الصلاة على ميتهم أو دفنهم في مقابر المسلمين.
20-
أو استحل استبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين
الوضعية.
21-
أو زعم أن الإسلام علاقة بين المرء وربه ولا دخل له في
نظام الحكم والحياة.
22-
أو استحل القسم بغير الله تعالى.
23-
أو استحل للحاكم أن يحكم بغير ما أنزل الله.
24-
أو زعم أن الشرائع الوضعية هي السبيل لنهضة المسلمين.
25-
أو قال بفصل الدين عن الدولة، أو ظاهر من قال به وسعى
في سبيله.
26-
أو فضل النظام اللاديني على النظام الإسلامي.
27-
أو شرح صدرا بالحكم بغير ما أنزل الله.
28-
أو زعم أن الشريعة الإسلامية لا تتمشى وروح العصر
الحديث.
29-
أو سخر من الخلافة بدافع الحقد على نظام الحكم
الإسلامي.
هذا بعض ما يكفر المسلم من الأفعال والأقوال والاعتقاد
والشكوك ويخرج الفاعل عن دينه مرتدا حلال الدم والمال ] ([2]).
60- قال محمد نعيم ياسين: [ ويكفر من ادعى أنه له الحق
في تشريع ما لم يأذن به الله بسبب ما أوتي من السلطان والحكم فيدعي أن له الحق في
تحليل الحرام و تحريم الحلال ومن ذلك وضع القوانين والأحكام التي تبيح الزنا
والربا وكشف العورات أو تغيير ما جعل الله من العقوبات المحددة في كتاب الله أو في
سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو تغيير المقادير الشرعية في الزكاة والمواريث
والكفارات والعبادات وغيرها مما قدره الشارع في الكتاب والسنة. ويدخل في الكفر من
يؤمن بهذه الطواغيت ويعترف لها بما ادعته من حقوق الألوهية... ومن هنا تعلم أنه
إذا قام حاكم ينتحل الحق في إصدار تشريعات مناقضة لما هو ثابت في الكتاب أو السنة
يحلل به ما حرم الله أو يحرم ما أحله الله سبحانه كفر وارتد عن دين الله القويم ] ([3]).
61- قال يوسف القرضاوي: [ بل إن العلماني الذي يرفض
مبدأ تحكيم الشريعة من الأساس ليس له من الإسلام إلا اسمه وهو مرتد عن الإسلام
بيقين يجب أن يستتاب وتزاح عنه الشبهة وتقام عليه الحجة وإلا حكم القضاء عليه
بالردة وجرد من انتمائه إلى الإسلام أو سحبت منه الجنسية الإسلامية وفرق بينه وبين
زوجه وولده وجرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة ] ([4]).
وقال: [ تكفير من يستحق التكفير: ومن هنا ينبغي أن
نكفر من يجاهرون بالكفر دون استحياء... فمن الكفرة الذين يجب أن يدفعوا بالكفر دون
مواربة ولا استخفاء الأصناف التالية: - وعدد أصنافاً منها -
الحكام العلمانيون ورجال الأحزاب العلمانية الذين
يرفضون جهرة شرع الله وينادون بأن الدولة يجب أن تنفصل عن الدين وإذا دعوا إلى حكم
الله ورسوله أبوا وامتنعوا وأكثر من ذلك أنهم يحاربون أشد الحرب من يدعون إلى
تحكيم شريعة الله والعودة إلى الإسلام ] ([5]).
62- محمد الغزالي: قال في حوار أجرته معه مجلة المجلة
بعد هلاك فرج فودة, وكانت المحكمة قد أخذت شهادة الشيخ الغزالي ورأيه فأفتى بردة
فرج فودة, فقامت قيامة الصحافة العلمانية – اللادينية – وسدنتها وجاء مندوب مجلة
المجلة يحاور الشيخ الغزالي
فقال مندوب المجلة: استدعي الرجل للشهادة أمام محكمة
أمن الدولة.. تحدث الشيخ الغزالي في رده على الأسئلة عن الشريعة الإسلامية
وتطبيقها وعن فكر فرج فودة وكان أهم جزء من هذه الشهادة هو الأخير الذي جاء فيه ما
معناه أن الرافض لتطبيق الشريعة مرتد وأن عقوبته القتل بعد الاستتابة والأصل في
الشريعة أن توقع الدولة هذه العقوبة وإن تقاعست وأقدم على قتل المرتد فرد من آحاد
الناس فهو مجرد مفتئت " متجاوز" على السلطة.
بعد ذكر المجلة لهذه المقدمة دخلت إلى الحوار مع الشيخ
الغزالي.
س: كيف تقيم ردة الفعل الإعلامي والسياسي على الضجة
الأخيرة التي أثيرت حول الشهادة التي أدليت بها في قضية اغتيال الكاتب فرج فودة؟
ج: استغربت رد الفعل لأني في شهادتي قررت وجهة النظر
الإسلامية التي يعرفها علماء الأزهر جميعاً ولا يخالف أحدهم في جزئية منها ومن هنا
كانت الدهشة شديدة عندما رأيت استغراباً لهذه الشهادة وتساؤلاً عما جاء بها فنحن
نعتمد على الكتاب والسنة والإجماع وفيما قلت لم أجئ برأي شخصي لي وقلت إن هذا رأيي
الخاص وأتحمل مسئوليته وحدي فما معنى التساؤل والاستغراب والدهشة هذا هو ديننا
فلماذا الدهشة. القضية كما قلت أن الاستعمار العالمي جاء يحمل جذور الصليبية
القديمة في هجومه على الإسلام ووصل إلى الشرق وبدأ يستعمر الحكومات والشعوب وألغى
كل ما يتصل بشؤون الدولة. ألغى الحدود وألغى القصاص وتدخل في التربية والتعليم
وتشعبت تدخلاته حتى استطاع أن يصنع جيلاً من الأمة الإسلامية لا يعرف دينه ولا
يحسن العمل به، لعل هذا هو السبب في أنني عندما قلت أن الحكم الإسلامي لا بد منه
وأن الشريعة الإسلامية لا بد منها استغربوا هذا لأنهم فهموا أن الشريعة ماتت وأن
لا عودة لها ولا حياة بعد ذلك.
س: بعض الصحف وتحديداً جريدة الشعب وبعض الصحف
المرتبطة بالتيار الإسلامي استقبلت شهادتك في المحكمة بشكل من أشكال الترحيب
والاحتفاء وأبرزتها بشكل غير عادي كيف تفهم هذا الاستقبال وما دلالته.
ج: الحقائق التي ذكرتها الشهادة هي السبب في هذه
الحفاوة لأنه كما قلت لك فهم بعض الناس أن النصوص الإسلامية ماتت وجاءت الشهادة
لتؤكد أن الإسلام لا تزال فيه روح يتكلم بها ولا تزال فيه أنفاس تتردد، وعلى هذا
الأساس كان الاستقبال المرحب بالشهادة.
س: ذكرت في شهادتك أنك لا تذكر أن للمفتئت على السلطة
عقوبة في الإسلام.
ج: الافتئات على السلطة بإجماع الفقهاء له عقوبة تسمى
تعزيرية، والتعازير هي أنواع من المؤاخذات يقررها القضاء الإسلامي إذا سب شخص آخر
قائلاً له أنت رجل سيئ فهو لم يقذفه ولكن أهانه بكلمته هذه الحالة يمكن أن يعاقب
بغرامة مالية أو أن يعاقب بالجلد خمس جلدات مثلاً.
س: حتى هذه اللحظة الأمثلة والنماذج التي تطرحها تقع
في إطار التعاملات العادية بين الأفراد ولكن في حالة ما لو كان موقف مثل الموقف
الذي حدث وهو اغتيال كاتب أياً كان موقفه ؟
ج: لا يمكن القول أياً كان موقفه، عندما يجيء رجل يقول
أن الإسلام لا يصلح ليحكم البشرية هل هذا موقف يحترم ؟ أنا ألاحظ أن هناك
خلطاً قبيحاً بين حرية الرأي وحرية الإساءة إلى الإسلام وإلى الأديان عموماً، في
إنجلترا عندما حاول بعض الناس أن يقدموا سلمان رشدي للقضاء بوصفه مجدفاً ضد
الإسلام قيل لهم إن التجديف ضد الإسلام ليست له عقوبة عندنا، العقوبة عندنا
للتجديف ضد المسيحية، إذن المسيحية لها كرامة ومن خدشها يعاقب أما الإسلام فلا
كرامة له هناك لأن الديانة مسيحية، فهل لا كرامة للإسلام في أرضه الإسلامية.
س: هل تعتقد أن إعادة الكرامة يمكن أن تتم من خلال
مجموعة من الأفراد ينصبون أنفسهم بين حكم ومنفذ للحكم في نفس الوقت ؟
ج: لا. لأنه كما قلت مسألة الارتداد تحتاج إلى رجل أو
هيئة كالأزهر واسعة الثقافة مأمونة على الحكم تعطي ما عندها بدون حذر أو خوف. هل
إذا قال الأزهر وقد قال فعلاً وأصدرت لجنة الفتوى أمس قراراً بأن المرتد يقتل هل
احترم رأي الأزهر؟!
س: ولكن في نفس الوقت يرى الأزهر أن الخروج على
السلطة.
ج: الغزالي مقاطعاً لا. لا: الافتئات على السلطة
عقوبته تعزيرية.
س: ولكنه يعتبر إثماً كبيراً.
ج: الغزالي مقاطعاً نعم هو إثم عقوبته تعزيرية لم يقل
أحد أن المخالفات من هذا النوع كلأ مباحاً لأي إنسان، لأنها قد يترتب عليها أمور
خطيرة، فالهيئة القضائية تتدخل لكن قبل أن تقول لي الهيئة القضائية تتدخل هل أنت
نفسك سألت الحكومة هل هي تفكر في إقامة الحدود أم لا؟ هل سألت هذا؟ ما معنى أنه يهال
التراب على الحدود الإسلامية فلا يعاقب من قذف آخر في عرضه ولا يعاقب من اغتصب
عرضاً فإذا حاول أحد الافتئات على السلطة.
- مندوب المجلة مقاطعاً: ولكن الافتئات على السلطة لا
يجوز.
- لا يجوز فعلاً ولا يجوز قبل ذلك ترك حدود الله فما
الذي يجعلك تترك حدود الله تموت دون مؤاخذة ثم تتحدث عن الافتئات على السلطة.
س: أنت شخصية عامة ومتفاعلة مع المجتمع ومتابع لكل ما
يجري ألا تعتقد أن شهادتك الأخيرة أمام المحكمة قد تؤدي بالفعل لإعطاء رخصة
للآخرين لكي ينفذوا ما يعتقدون أنه صحيح.
ج: كنت أشهد أمام محكمة ولم أكن أفتي في الشارع لم أكن
جالساُ في بيتي أصدر فتاوى، أنا كنت أمام محكمة أجيب عن الأسئلة التي توجه إلي
وأنا شاهد في قضية معينة أمام المحكمة فما الذي يجعل شهادتي تخرج من نطاقها لكي
تتحول إلى قضية رأي عام ولماذا؟
س: قد تكون المعالجة الإعلامية المضخمة التي تمت لهذه
الشهادة.
ج: إذاً يسأل المضخمون الذين زوروا الحقائق يسأل من
زور.
س: هل هم زوروا الحقائق بنقلها بغير شكلها أم زوروها
بالتضخيم فيها؟
ج: زوروها بأن نسوا القضية الأصلية وأنشأوا قضايا
أخرى، القضية الأصلية التي تحدثت فيها لمدة ساعة إلا خمس دقائق من زمن الشهادة هي
أحكام الإسلام هل تموت أم تبقى؟! هذه هي الشهادة هل حد الرجم أو حد الجلد التي
أوجبتهما الآيات القرآنية هل مثل هذه الأحكام تعطل في المجتمع؟! هل إذا قال الله:
السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما. هل هذه الآية تشطب أو تعطل في المجتمع؟!، ظللت
ساعة في هذا الموضوع فما معنى أن الساعة تتلاشى من أذهان المتحدثين أو المعلقين
ويتوقف فقط عند التساؤل الأخير... هذا لعب بالشهادة ولعب بالعدالة ولعب بالنصوص.
هل الإسلام هو الحائط الواطئ الذي يجوز لكل واحد أن يقفز من فوقه؟!، ما الذي جعل
الإسلام بهذا الشكل؟! لماذا لا تؤخذ الأمور على أن هذا استعمار ثقافي وكان ينبغي
بعد أن حررنا أنفسنا من الاستعمار السياسي أن نحرر أنفسنا من الاستعمار الثقافي ] ([6]).
0 التعليقات:
إرسال تعليق