موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

سقوط الأخوان في منظومة الطغيان(2)


سقوط الأخوان في منظومة الطغيان(2)

رضوان محمود نموس

بعد التمهيد هذه هي دراسة الأخوان المقترحة كورقة عمل مستقبلية لهم
دراسة مقترحة:
هدف الدراسة: الدعوة إلى إعادة النظر في بعض المسلمات، ومن ثمة إعادة النظر في إستراتيجية التعامل مع النظام السوري، والدعوة إلى وضع إستراتيجية العودة بأي سبيل ممكن شرعا وسياسة، وبقطع النظر عما سيكون عليه موقف النظام إذا تمت المراجعة. والدعوة من ثم إلى دراسات شاملة لإحداث تغيير جذري في الجماعة في النظم. والتفكير، والقيادات، والإستراتيجيات، والوسائل، إلا أن هذه الدراسة محدودة في النظر في بعض المسلمات التي تمهد لما ذكر.
(ولا شك أن كل ما سيذكر إنما هو إشارات وملحوظات للدراسة)
الدراسة:
مما لا يخفى عليكم أن السياسة كلها متغيرات ولا مواقف مسبقة في السياسة (إلا ما كان مرتبطا بالعقائد والأصول وهي محدودة جداً)، وإن أي موقف سياسي لا بد أن يبنى على تصور صحيح وقويم ودقيق للموقف وامتلاك معطيات أولية سليمة، وإلا كان الموقف السياسي خاطئا.
ولقد درجنا في بعض أوساطنا الإسلامية على مسلمات تكاد تكون غير قابلة للنقاش؛ من مثل تفسير كل الحركات السياسية لجهات كثيرة، مثل إيران وحزب الله تفسيراً دينياً وبمعنى آخر الخلط بين ما هو سياسي وما هو ديني لتعميق الفتن والفرقة والإثارة، كما سأوضح، ومن هذه المسلمات إطلاق الاتهامات بالتخوين والتكفير لكل مخالف وخاصة نظام أسد وحزب الله وإيران ومن ثم بناء المواقف السياسية على ذلك (ولا تعني هذه الإشارة الدفاع عن أحد أو تبني أرائه).
·                  ومن هذه المسلمات تفسير بعض المواقف بالدوافع العرقية كالتخويف من المنطلقات الفارسية.
·                                    ومن هذه المسلمات التلويح بخطر التشيع في المنطقة وكأنه كابوس قادم يكاد يأكل الأخضر واليابس والتصوير أنه لو تم ذلك فإن عقائد الأمة والأمة كلها في مهب الريح.
·                  ومن المسلمات أننا إذا رأينا موقفاً إيجابياً للمخالف وخاصة إيران وسوريا وحزب الله فالتفسيرات المشككة في النوايا والأهداف جاهزة مباشرة كالقول إنها لتغطية خياناتهم أو لتحقيق مصالحه في التشييع أو الخداع أو مؤامرة أو للعب بالعواطف..... أو أنها أدوار أعطيت لهم.
·                                    ومن المسلمات أنه لا يجوز أن يكون تعاملنا مع النظام إلا بالعمل على إزالته وتغييره ولا لقاء، وأنه نظام طائفي علوي، كافر، بعثي، باطني، فاسد، عميل، خائن.
·                  ومن المسلمات –عند البعض- أنَّ خطر أمريكا وإسرائيل لا شيء إذا ما قورن بخطر الشيعة، ولا مانع عند البعض من التعاون مع إسرائيل وأمريكا في سبيل الوقوف في وجه التمدد الشيعي الفارسي.
هذه المسلمات –وغيرها مما يتصل بذلك- جعلت الجماعة وبعض أبنائها يتخذون مواقف محددة ومسبقة وسلبية تجاه كل ما يصدر مثلا عن سوريا وإيران أو حزب الله وتجدهم يخطئون حماس في مواقفها أو يشفقون من انخداعها.
والواقع أن كل هذه المسلمات لا بد من مراجعات عميقة لها، وقبل الدخول في التفاصيل أود أن أذكر بمواقف سياسية لبعض فصائل الحركة الإسلامية المعاصرة في مواقف شتى –ومن  غير أن أكون موافقا على كل موقف، لأن السياسة ليس لها وجه واحد-.
فمن هذه المواقف بإيجاز:
1.              قرار جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بحل نفسها عام 58 رغبة في إنجاح الوحدة مع مصر.
2.              استعداد إخوان مصر للقتال تحت راية جمال عبد الناصر والجيش المصري وتجميد كل خلاف عندما حدث العدوان عام 1956 وعام 1967. برغم ما فعله عبد الناصر.
3.                             ما زالت حماس في كل وقت تؤكد استعدادها للحوار مع عباس والسلطة برغم كل المواقف.
4.              وهذه حماس الجزائر تشارك في الحكم برغم من 200 ألف شهيد.
5.              وهذه حكومة السودان تسعى للاتفاق مع قوات قرنق والجنوب برغم كل الضحايا وبرغم معرفة من يمد جيش الجنوب، وكذا الحال في دارفور، ولا بد من حل في النهاية.
6.              وفي لبنان لما وصلت الأمور إلى كسر العظم واللاعودة فإذا بنا نجد الأعداء ينقلبون أصدقاء أو متحاورين.
7.                             وهذا ميشيل عون وصلت الأمور بينه وبين نظام أسد إلى القتال ليصبحوا أصدقاء.

8.              وهذا العراق نجد إخواننا يتحالفون مع أمريكا ثم مع الشيعة ويشاركون في الحكم. (برغم ما نقوله في الشيعة والأمريكان).
9.              وكم سعى عدد من قيادتنا لإيجاد توافق بين نظام صدام والإسلاميين سابقاً. وبين أطراف النزاع في فلسطين
10.       ونحن عام 1980 و 1981 رضينا أن نحاور الأسد بغية الوصول إلى مصالحة معه مع ما كنا نتهمه به وما زلنا.
11.       وإذا رجعنا ودرسنا موقف الإمام البنا وكيف كان يخاطب ملك مصر لرأينا عجبا.
ولا أريد هنا أن استشهد بصلح الحديبية ولا صلح عكا.
إنه آن لنا أن نصحح كثيراً من المواقف ونراجع كثيراً من المسلمات الخاطئة أو التي بنيت على فهم خاطئ أو تحليل خاطئ أو معلومات خاطئة.
وأساس التصحيح ينطلق من مبدأ عدم الخلط بين الموقف السياسي والموقف الديني.
نعم أنا مسلم مرجعيتي وعقيدتي الإسلام، لكن تفسير المواقف السياسية على أساس مذهب عقدي في كثير من الأحوال يؤدي إلى خلل خطير وفتنة ولا يكون صحيحاً، ومن شواهد ذلك:
كان بعضنا يرغب أن يهزم حزب الله في حربه مع إسرائيل لأنه شيعي، وندعي أن انتصاره سيؤدي إلى تشيع المنطقة، وننسى كل أعدائنا اليهود وظلمهم أو ندعي أنه يقف هذا الموقف ظاهرياً، وأن هناك مؤامرة، وأن العدو الأمريكي والصهيوني هو الذي يمكن لحزب الله لإحداث إضعاف لأهل السنة، وأنهم متفقون على ذلك. ما الذي يجعلنا نهرف بهذا الكلام السخيف، لأننا فسرنا مواقفه على أساس مذهبي وليس على أساس سياسي وهو الصواب.
فلو كان يقود المقاومة –سُنيّون- كنا سنؤيدهم، كحال غزة، أما أن يكون قادتها شيعة فهي خيانة ومؤامرة؟؟؟؟
وعلى هذا فلأن إيران دولة شيعية فإن كل ما يحدث بينها وبين أمريكا ما هو إلا مجرد مناورة ولعبة ومؤامرة على أهل السنة، أما لو كانت إيران سنية فالموقف مختلف.
وندعي أن إيران والشيعة هم سبب احتلال العراق وأفغانستان وأن موقفهم هذا لأنهم شيعة، وننسى أن الإخوان المسلمون في العراق كانوا متفاهمين مع الأمريكان قبل وبعد الاحتلال وأن كل الفصائل الأفغانية السنية المجاهدة سابقا أيدت الاحتلال وشاركت في حكومته عداءً منها لطالبان وكلهم سنة.
وعندما نتحدث عن القتل في العراق فلا تفسير له إلا لأنهم شيعة ونجعل الشيعة في سلة واحدة مع أن القتل له أسباب كثيرة، ومنها أن القاعدة والزرقاوي لهم يد كبيرة في القتل الجماعي للشيعة وأن كثيراً من القتل هو ثأر لمرحلة سابقة أو إثارة فتنة من قبل الأعداء وأن كثيراً من الشيعة متعاونون مع هيئة علماء المسلمين.
وعندما نتهم الشيعة بالخيانة والتعامل مع الأمريكان ننسى أن كثيرا من السنة يفعلون ذلك.
إذن العلة ليست أن هذا سني وهذا شيعي وهنا يأتي الخلط بين الديني والسياسي في غير مكانه.
إنه عندما تفسر المواقف السياسية تفسيراً دينياً مذهبياً نؤجج الصراع والحقد والفتنة ونخدم العدو الحقيقي الأمريكي والصهيوني، وهذا لا يعني عدم إدراكنا لعقائد الشيعة، ولا يعني عدم إدراكنا لوجود محاولات تشييع.
لكن المعالجة لا تكون بتعميق الفتنة وإثارة المذهبية وتفسير المواقف السياسية تفسيراً دينياً.
ولذا المطلوب:
ü             تفسير المواقف السياسية تفسيراً كما هي.
ü             الوقوف على المعلومات الصحيحة بشأن الآخرين.
ü             البحث عن القواسم المشتركة.
ü             البحث عن أسباب التعايش (ولا أقول التقارب، لأن التقارب يعني تقريب العقائد، وهذا غير ممكن) لكن التعايش بحيث تحتفظ كل فئة بخصوصياتها وعقائدها وتمارس الحياة العملية المشتركة بتعاون لمواجهة العدو المشترك والتناصر مع الحق، ويمارس كل إنسان عقائده وعباداته في دائرته الخاصة، وعندما نتعامل بوضوح فإن الخوف من التشييع إما إنه لن يكون موجوداً لأننا نحصن عقائد أمتنا باستمرار أو نصل إلى تفاهم مشترك كجزء من حالة التعاون لمواجهة العدو المشترك، وبالجملة لسنا نخشى على ملياري مسلم أن يتشيعوا.
ثم إن الثابت عملياً أن الذي يثير مسألة سني وشيعي ويسعى إلى تفسير المواقف السياسية تفسيراً دينياً هي الأجهزة المعادية لتفريق الأمة ولتحقيق عدة أهداف:
§                  إيجاد عداء داخلي وفرقة بين الأمة.
§                  إبقاء العرب في حالة رعب من إيران لاستغلالهم وابتزازهم وإضعافهم،
§                  تهيئة الأجواء للوقوف مع العدو الأمريكي  حال حصول عدوان على إيران.
§                  منع العرب من الإفادة من قوة إيران وبالتالي إبقاء الجميع في حالة ضعف ليصبح كل من يتواصل مع الآخر متهما.
والأعداء يستغلون الفكر السلفي أساساً لإثارة هذه الفتنة، ومرة أخرى إذا وجدنا تشييعا في مناطق ما (بناء جامعات، محطات فضائية) فهذا لضعفنا أولا وتقصيرنا.
إن القرضاوي قد لخص أنَّ المطلوب الكف عن شتم الصحابة وعدم التشييع في مناطق السنة، وهذا يساعد على التعايش والتعاون المشترك.
ومع ذلك فالتشييع شيء وتفسير المواقف السياسية دينيا شيء آخر، ثم إنَّ كثيرين يضخمون الخلاف مع الشيعة والواقع خلاف ذلك، (فعلى سبيل المثال لا يقر عموم الشيعة بتحريف المصحف وما يقال عن مصحف فاطمة ليس قرآنا) لقد كان كثيرون يرغبون بهزيمة حزب الله لمجرد أنه شيعي، وأنه على وفاق مع الأسد، ولو حصل هذا فمعنى ذلك أن المشروع الأمريكي الإسرائيلي قد انتصر في المنطقة.
السبب إذن التفسير الديني في غير محله للمواقف السياسية، ومع خصوصيات الموقف في القضية السورية وارتباطه بالقضايا السابقة التي ذكرت والإصرار على مسلمات معينة كالتخوين والتكفير، (وهنا لا يعني نفيها ولا إثباتها مع عدم نسيان الشؤون الأخرى من الفساد والاستبداد) جعلت البعض يقف مواقف جمدت الجماعة عن الحركة تماماً أو جعلت خطابها السياسي مضطرباً تارة أو متناقضاً تارة.
فهي تتحالف مع الحريري ومن معه وهي تعادي إسرائيل، وهي تعادي سوريا وحزب الله وهم يخالفون ويعادون إسرائيل! وهي تنتقد علناً سوريا إذا فاوضت إسرائيل وهي تتحالف مع من يقيم علاقات مع إسرائيل (وفي نفس الوقت تعادي من يحارب إسرائيل وتتحدث تارة عن استعداد الجماعة لمفاوضة إسرائيل إذا اقتضت المصلحة الفلسطينية ذلك).
جعلت الجماعة مستعدة للتفاهم مع أشد أعدائها ومع من هم متهمون مثل خدام وآخرين ولكن تضع حداً استراتيجياً دون التفاهم مع النظام.
نعم سيقول كثيرون إننا حاولنا منذ 1984-2005 ولم نجد إلا الازدراء والإهمال، إلى متى نستجدي.
وأقول: لا بد من تهيئة الأجواء والأسباب وخوض المعركة وفق أصولها الإعلامية والسياسية، فليس معقولاً أن أشتم النظام إعلامياً، وأقول: أريد مصالحته، ثم إنه ما وزني الآن سياسياً حتى يلتفت إلي... ثم إن للنظام سياسة هي أن تتآكل الجماعة فرداً فرداً بأن ينزل إلى سوريا أكبر عدد منهم منفردين أو أن تشيخ الجماعة في الخارج، ولا يريد أن يصدع رأسه بعودة الجماعة.
ثم إني لا أقول بالضرورة أني أريد مصالحة النظام، لكن المطلوب في نظري، هو تصحيح المواقف والمسلمات والمعالجات والخطابات السياسية والاستراتيجيات التي ربما تؤدي إلى مصالحة حقيقية... أو وضع خطة للعودة، فما هو المطلوب تصحيحه:
1.              العدو الحقيقي الجذري هو العدو الأمريكي والإسرائيلي، ومن وقف معهما في وجه حقنا، ولا يتقدم على هذا عداء، ومن ثم لا يجوز أن نقارن بين عدائنا لأمريكا وإسرائيل من جهة والشيعة من جهة أخرى، ومن ثم ليس صحيحا أن الشيعة أخطر، وليس صحيحاً أننا نواجه خطر التشييع بشكل واضح وخطير وإن كان موجوداً فلا يكون مواجهة بعض المخاطر بالعداء لهم والانحياز للمشروع الأمريكي.
2.              إعادة النظر في قولنا: إن نظام أسد (عميل، وباطني، ومنافق، وخائن، مع إقرارنا أنه علماني، وأنه يسير وفق المصالح السياسية وأنه ثمة فساد داخلي واستبداد ودماء) ومن ثم فمواقف أسد من حماس والقضية الفلسطينية صحيحة وصائبة ويجب الإشادة بها وليست نفاقاً أو لمصالح خاصة مؤقتة وليست باطنية، وشواهد ذلك كثيرة.
3.              ليس صحيحاً أن نظام الأسد مرتبط بعلاقات أمريكية وإسرائيلية سرية وأنه ينفذ مخططاً مشتركاً، وأنه أعطي هذا الدور، وأنه لو لا الغطاء الأمريكي والإسرائيلي لسقط منذ زمن، أو أنه يتخذ من مواقفه الظاهرة من فلسطين وسيلة لحماية نظامه وتخفيف الضغط على نفسه، بل الواقع على العكس إذ لو سار مع أمريكا وإسرائيل لخفف الضغط الدولي عن نفسه، أما داخلياً فهو قوي وليس بحاجة إلى شيء من كل هذا وكان يكفيه بعض القول، أما أن الموقف الأمريكي والإسرائيلي ما زال إيجابياً تجاه النظام، فنعم لأنهم يعلمون أنه لا بديل عنه إلا الفوضى أو الإسلاميين وهذا لا تريده إسرائيل.
4.              المواقف السياسية لسوريا كإغلاق جبهة الجولان أو حضور أنابولس هي مواقف سياسية قد يكون صاحب القرار مقتنعاً بصلاحيتها وليس بالضرورة خيانة.
5.              أي مفاوضات سورية إسرائيلية ليست بالضرورة خيانة، وهو نظام علماني يعترف بشرعية الأمم المتحدة، وإن كنا نخالف في هذا التوجه كمبدأ، مع أن بعض الفقهاء الإسلاميين يرون أن مواثيق الأمم المتحدة أشبه بالمعاهدات الدولية التي يؤخذ منها ما لا يعارض أصول الشريعة، ثم إن بعض تصريحاتنا اقتربت منه، وحماس لها خطاب محدد في هذا الشأن معروف قبول (التحرير المرحلي من غير اعتراف).
6.              ليس صحيحاً أن موقف إيران من أمريكا والعكس ليس إلا لمجرد المناورة أو أنهم متفقون على أهل السنة، بل هو خلاف حقيقي وعداء إستراتيجي ولكن الإيرانيون يحسنون المناورة مع الأعداء. وماذا في ذلك؟
7.              ليس صحيحاً أن حزب الله وسلاحه مؤامرة ضد أهل السنة، كما أنه ليس صحيحا أن مواقفه وخطابه وأفعاله مجرد مفرقعات أو مؤامرة أو خداع، أو أنه أعطي هذا الدور لأهداف أمريكية وصهيونية، ولو استطاعت إسرائيل نزع سلاحه لما قصرت وكل المشكلة لهذا.
لذا فالمطلوب:
§                  تصحيح هذه التصورات (إذا تم الاتفاق عليها) وتثقيف إخواننا وفق ما ورد في هذه الورقة.
§                  توجيه خطابنا الإعلامي والسياسي وفقها.
§                  تطوير مبادرة القيادة بتعليق أنشطة الجماعة في ظل ظروف غزة إلى خطاب إعلامي سياسي إستراتيجي يهدف إلى مصالحة وطنية شاملة مع تشجيع وتأييد كل المواقف السورية السليمة  والإعلان الدائم عن أهدافنا في المصالحة الوطنية والحوار الوطني وإزالة كل العقبات التي تحول دون ذلك، وإن إثارة الاتهامات للنظام حتى فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية علناً يفسد ذلك، لأنه سيجعله يقف سلبياً ونحن لا نملك أي وزن حقيقي.
ما هي البدائل إذا لم نفعل؟
§                  الاستمرار في المنافي بلا أمل ولا هدف.
§                  خطاب سياسي وإعلامي متناقض ومضطرب.
§                  تصنيفنا مع الأعداء والأمريكان.
§                  استمرار الاستقطاب من قبل أجهزة بعض الدول الأخرى.
§                  تقدم الموقف السوري الرسمي على الموقف الإسلامي.
§                  بناء سياستنا على تصورات خاطئة واتهامات لا أساس لها وهذا لا يجوز شرعاً.
ما المانع أن نصحح؟
إن الواجب الشرعي الدائم التناصح، والبحث عن الحق، والحق أحق أن يقال وأن يلتزم ولو غضب من غضب.
قد يقال الموانع:
·                  كون النظام السوري دموياً، فيجاب كم من أنظمة سالت الدماء بينها وبين شعبها ثم تصالحت وما من معارضة تستخدم السلاح ضد النظام إلا واجهت قوة غير عادية والدماء سالت بين الطرفين.
·                  كونه يصادر حقوق الإنسان، فيجاب فهذا جزء من السعي لحل الإشكالات داخليا وجزء من جهادنا السلمي مع تغير وسائل الصراع وهذا حال دول أكثر العالم، أين حقوق الإنسان للمعارضة الحقيقة في بلاد.....
·                  كونه غير ديمقراطي, فيجاب وأين الديمقراطية العربية وهذا كما قلت سابقاً جزء من المشكلة
·                  كونه غير مؤتمنٍ وباطنياً وغادراً، فيجاب ليس لنا خيار إلا أن نسعى في تصحيح الأوضاع.... وتحمل النتائج وهناك متغيرات كثيرة على أرض الواقع.
·                                    كونه لم يعط شيئاً من قبل، ومع كثرة المحاولات، نقول وكذا لن نصل إلى شيء بواقعنا، مع عدم جواز الاعتماد على التغيير الخارجي، وقد كنا من قبل نتحدث عن الحوار والمصالحة، لكننا نسوق بين يدي ذلك النقد اللاذع مع انقسام التوجه داخل الجماعة. مما يضعف موقف الجماعة ويشكك بأهدافها مع كون الخطاب السياسي لم يكن يخدم هذا التوجه. فما المانع أن يعاد النظر
الآن ثم إن الهدف هنا متعدد –بقطع النظر عن ردة فعل النظام- التصحيح والعودة.
§                                    كونه فاسداً داخلياً، وأقول هذا جزء من واقع العالم العربي وجزء من مهمة الإصلاح.
§                  كونه علوياً طائفياً، ونقول: إنها بلدنا ووطننا ولا تنازل... مع تحفظي كما قلت على كثير من الاتهامات كما أشرت من قبل.
هذا فيما يخص العلاقة مع النظام أما ما يخص الجوانب الأخرى فكلها تحتاج إلى دراسات معمقة.
ملحوظات:
v           سيقال إن بعض القياسات التي ذكر مثل علاقة حماس وعباس، أن عباس يرضى أن يحاور وأسد لا يرضى نقول: الفرق أن حماس لها وزن وقوة ونحن لا وزن لنا مما يقتضي معالجة منسجمة.
v           سيقال أين تذهب بالمتطرفين من الشيعة (بيان جبر وغيرهم من القتلة) أقول في كل ملة متطرفون (زرقاوي).
كجزء من العلاج لا بد من توضيح: موقف أهل السنة تجاه أهل البيت يقوم على أساس:
1.              تثقيف الأمة بأعلام البيت ومواقفهم، وإحياء بعض المناسبات كاستشهاد الحسين من غير غلو.
2.              النقد الدقيق للحديث، إذ قد تعتمد نصوص لا تصح وتفرق.
3.              اعتماد القرآن أساس وحدة الأمة.
وقد نكون في غنى هنا أن نؤكد أن هذا لا يمس بعقائدنا ووجوب الحفاظ عليها، وأن نحذر من كل عقيدة مخالفة (مع أن بعض ما نظنه عقائد أو مسلمات ليس كذلك كقضية المهدي وعصمة الصحيحين)، وأن نستمر في تحصين عقائد أهل السنة، وأنه بمقدار قوة أهل السنة في كل ميدان فإننا لا نخشى على عقائدنا في شيء، مع ضرورة إعادة النظر في بعض المواقف الصادرة عن أهل السنة، مثل قضية استشهاد الحسين، ووضع شأن أهل البيت كما أشرت. مع ضرورة أن نبقى دائما على حذر في فهم السياسيات والتصرفات في أي ميدان لأي جهة كان.
نعم قد يستغرب البعض بعض المواقف الواردة ولكن لتبسيط الأمور أقول:
إننا قد نعاني جداً من بعض أبناء أهل السنة أنفسهم، إذا قد نجد فيهم من يكفر بعض أبناء السنة ويحتكر الصواب لأدنى سبب أو اختلاف.
وبعضهم يوالي أصحاب المواقف غير السديدة لمجرد أنه يمثل ولاية سنية، وبعض أهل السنة أكثر سلبية تجاه قضية الجهاد بل أكثر عداء لها على سبيل المثال، وأبعد عن معالجة قضايا الأمة والتعامل معها بشكل صحيح.
فعندها ماذا سيفيدني أن أتحد مع أهل السنة في العقائد، ولكنهم عمليا سلبيون، خائفون معادون لأفكاري في الجهاد والسياسة وقضايا الصراع، مشككون بي، ومشككون بعقائدي. بينما كثير من الشيعة والحزبيين والعروبيين يخالفون في العقائد لكنهم متعاونون معي في القضايا المشتركة.
ثم كم نعاني من علمانيي أهل السنة الذي يدعون التدين فضلاً عن العصاة والفسقة والمنحلين أخلاقياً، أو الرافضين للدين أصلاً، فلا يعترفون بحكم شرعي ولا يقرون بحكم القرآن ويستخفون بكل ما هو شرعي، فمن نحن أقدر على التعامل معهم؛ أهؤلاء السنيون اللادينيون أم الشيعة إذا أحسنا الحوار والتفاهم والتواصل.
ومن هنا لا بد من إعادة النظر قي كل ما طرح.
وفيما يلي منهج وخطاب (أولي) مقترح تطبيقا لبعض ما ذكر.

بسم الله الرحمن الرحيم
إنه أمام شلال الدماء التي سالت في غزة وأمام العدوان الهمجي على المساجد والمدارس و المستشفيات والجامعات فيها.
وأمام المجازر الوحشية المنظمة البشعة التي استخدمت فيها أسلحة أمريكية محرمة دوليا  وخطيرة جدا ضد الأطفال والنساء والشيوخ وأمام الحصار المميت الظالم لشعب بأكمله و تدمير كل متطلبات الحياة الإنسانية وأمام ظلم العالم وصمت الهيئات الدولية عما يحدث لزمن طويل، وأمام تزوير التاريخ والحقيقة وتحميل الضحية المسؤولية وأمام ما نرى من سعي حسب الواقع في استئصال كل ما له علاقة بالحركات الإسلامية المعاصرة وإغلاق باب الحوار الحقيقي ومنع الشعوب العربية والإسلامية حقها في الحرية الحقيقية و الديمقراطية، والسكوت عما تتعرض له هذه الشعوب من استبداد الأنظمة في كثير من البلدان ومع ذلك فإن الإدارات الأمريكية تدعم ذلك وتدافع عن أولئك.
وأمام مشهد مليون وربع قتيل في العراق ومئات الآلاف في أفغانستان وعشرات الآلاف في الصومال ولبنان وفلسطين وكل ذلك بسبب السياسات الأمريكية السابقة ولمنع الشعوب من حقها في التحرر والاستقلال.
وأمام وجود صحوة إسلامية حقيقية وأمام توجه الشعوب إلى التحرر.
وأن التاريخ لن يرجع إلى الوراء.
وأمام فشل كل المشاريع الأمريكية في المنطقة.
وأمام تجذر حالة الحقد الشعبي والكراهية الشعبية لكل ما هو صهيوني ولكل ما له صلة بالإدارة الأمريكية.
وأمام المشاريع الاستعمارية لأمريكا وأوروبا في المنطقة التي تهدف إلى السيطرة على المنطقة إنساناً واقتصاداً وثروات وتمكين الصهيونية في المنطقة وسلب الأمة إرادتها وجعل كل الأنظمة تبعا لها واتباع مختلف الأساليب لتحقيق ذلك من إحداث الفتن والفرقة بين الشعوب وإضعاف قوى المنطقة ومنع قيام أي شكل من أشكال الحكم الديمقراطي تحت ذرائع واهية حتى أن أمريكا تدخلت عسكريا في أفغانستان والعراق والصومال كجزء من سياستها.
إن لذلك كله فإن الفكر الإسلامي يتجه نحو ترسيخ الاستراتيجيات التالية:
1.              تأكيد أن نهوض الأمة الإسلامية من جديد يعتمد أساسا على التربية الإيمانية القرآنية المطلقة وتحقيق أعمق معاني التزكية للنفس وإعدادها الكامل بأخلاقيات الجهاد والاستشهاد وأنه لا بد من اعتماد المسجد أساساً ومنطلقاً وإحياء رسالة المسجد مع اعتماد الإسلام عقيدة وشريعة ومنهجا شاملاً للحياة ومرجعية مطلقة.
2.              اعتبار قضية فلسطين هي القضية المحورية المركزية التي تجمع كل الأمة، والتصميم الكامل على تحرير كل فلسطين من نهرها إلى بحرها والإعداد الكامل لهذا الهدف، واعتبار قضية العداء المطلق لإسرائيل (وكل من يساندها أو يقف معها) هو أساس البوصلة السليمة وأنه لا ثقة بأي نظام يتحالف مع العدو الصهيوني أو الإدارات الأمريكية التي تساند العدو الصهيوني.
3.              التواصل مع كل ألوان الفكر الإسلامي المعتدل المقاوم بما فيه الشيعي على قاعدة نتعاون فيما اتفقنا عليه وتحتفظ كل فئة بخصوصياتها من غير سماح لفتنة أو إثارة مع تعظيم القواسم المشتركة والتعاون على الأهداف الكبرى ومحاورة الجميع من إسلاميين وعروبيين و أحرار والتحالف مع الدول الممانعة وحركات التحرر، والإفادة من تناقضات المصالح بين دول الشرق (الصين وروسيا) والغرب وعدم السماح للاختلاف في التوجهات والعقائد الدينية الخاصة لكل فئة أن تكون سببا في الفرقة السياسية والمواقف العملية والتعايش الإنساني والسعي لتحقيق الأهداف المشتركة.
4.              تحريك العمل الدعوي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في كل اتجاه والإفادة من كل التطورات العلمية في كل مجال.
5.              ورفع سقف المعارضات السياسية السلمية من قبل قوى التحرر ضد أنظمتها المستبدة. ولو أدى ذلك إلى السجون والشهادة (ما دامت الحركة سلمية) والإفادة من الإعلام بثورته في كل مجالاته. (هذا بالنسبة للحركات التي لا تعمل من الخارج) وكل حركة تقدر سياستها وفق أحوالها.
6.              تقديم فكر متكامل متوازن شمولي يتضمن إجابات الإسلام المعتمدة أساسا على القرآن وما لا خلاف على صحته في السنة في كل الشؤون سواء العمل السياسي، الشورى، المرأة، حقوق المواطنة لغير المسلمين.
7.              تهيئة الكوادر في كل المجالات والميادين.
والغاية الكلية من ذلك:
1.              السعي نحو إقامة الحكم الإسلامي.
2.              تحرير فلسطين.
3.              إفشال المشاريع الغربية في المنطقة العربية والإسلامية.
ولا يبعد أمام سياسات الغرب أن يتجه البعض إلى تأسيس وتعميق روح الثأر والانتقام والكراهية والحقد بسبب السياسات الغربية والصهيونية والأمريكية.
إن الواقع يؤكد أن إسرائيل وأمريكا فشلت فشلاً ذريعاً في مشاريعها في المنطقة –كما يريدان- وأن الواقع يؤكد أن أمريكا أعجز من أن تحقق شيئا لا في إيران ولا في سوريا ولا لبنان بل ولا في غزة كما أنهما لم يستطيعا أن يفعلا شيئا لنصرة حلفائهما في لبنان وهذا مصير كل من يعتمد على أمريكا وإسرائيل: الخيبة والفشل بإذن الله، وبالمقابل فإن آلة الجهاد وحركة وثقافة الاستشهاد قد غدت روحا في الأمة ورافعة عظيمة لحماية المشروع الإسلامي المستقبلي.
والواقع أن أمريكا ستزداد فشلاً في العراق وأفغانستان والصومال والمنطقة وستزداد خسائرها الاقتصادية والسياسية والبشرية، وستزداد صورتها سواداً، كما تزداد كراهية الشعوب لها والخطاب الذي يمكن أن يتوجه به للغرب عامة ولأمريكا خاصة أنها إذا أرادت حلا لها ولكل مشكلات المنطقة فلا بد من:
1.              سحب جميع قواتها من المنطقة في أفغانستان، وفي العراق....
2.              إلغاء جميع قواعدها العسكرية في المنطقة.
3.              فتح حوار جاد وصادق وحقيقي مع كل قوى التحرر الإسلامي ودول التحرر من إيران إلى سوريا إلى لبنان إلى حزب الله إلى حماس إلى الحركات الإسلامية ومنحها حقوقها كاملة ومنها حقها في التسلح للدفاع عن نفسها وحفظ حقوق المقاومة للرد على كل عدوان.
4.              الكف الحقيقي عن دعم إسرائيل في مواقفها كلها ورد الحقوق لأصحابها وحل القضية الفلسطينية جذرياً ولا مانع أن يكون اليهود جزء من سكان دولة فلسطين الحرة لهم حقوق المواطنة.
5.              مساعدة الشعوب المضطهدة بحق لاسترداد حريتها وحقوقها وكرامتها، ومواردها بل و مساعدة الفقيرة منها مساعدة حقيقة صادقة من غير ابتزاز أو استغلال سيء.
6.              اعتماد سياسة مصالح بمصالح من غير اعتداء على الخصوصيات والثقافات.
إنه من غير ذلك لن تضمن الشعوب الغربية مستقبلها وأمنها وسلامتها وإن ما يسمى بالإرهاب سيزداد وأن مصالح أمريكا ستبقى مهددة جدا وأن الكراهية بين الشعوب ستزداد وإذا ما أخذ بعين النظر ما ذكر فإن التفاهم أو الحوار والتواصل وتبادل المصالح وتحقيق الأمن هو ما سيسود العالم.
إن الضعيف لن يبقى ضعيفاً.
إن الأيام دول وإن العاقل من اعتبر بالتاريخ واتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
إن كثيرين يرون أن هذا اللون من الخطاب هو ما ينبغي أن يعتمد خاصة وأن أمريكا مسئولة مسؤولية جذرية عما يحدث.
يتبع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.