تخريب البيوت
رضوان محمود نموس
قال محدثي بنوع من الحدة: هل رأيت أناساً يخربون بيوتهم بأيديهم؟
- رأيت وعلمت، فلقد قال تعالى عن اليهود :{يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار}.
- تلك أمّة ملعونة هي ومن صالحها ومكّن لها وأقرّها وسار على نهجها، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً.
- من تقصد إذن؟
- أقصد أناسا من المسلمين يخربون بيوتهم بالحزبية والعصبية والتمييع.
- رأيت أدهى من هذا وأمر. رأيت من يخربون عقول أبنائهم وحاضرهم ومستقبلهم عن سابق إصرار وتصميم، ومع ذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
- من هؤلاء؟
- أنا وأنت وسائر المسلمين.
- وكيف هذا؟
- اسمح لي قبل الإجابة أن نناقش بعض الأمور لنتفق عليها، ثم ننطلق للإجابة.
هل تخريب العقل أصعب أم تخريب الطوب، وهل تخريب دين الأمة ومعتقدها أخطر أم تخريب سكنها وخيامها.
- لا شك أن تخريب عقول الأمة ودينها ومعتقدها أصعب وأخطر وعواقبه أدهى وأمر.
- هل المدارس والجامعات التي تدرس النظريات الكونية، وتمجد الإلحاد، وتحلل الربا، وتزيّن الفواحش، وتحارب الفضيلة، وتدعوا إلى الرذيلة، وتقدس الطاغوت، وتسير وفق إرادته وحسب توجيهاته، ومن ورائها اليهود والماسونية، هل هذه المدارس تبني لنا أجيالاً حريصة على دينها ورفعتها أم أجيالاً علمانية مرتدة مخربة إلا من عصم الله وقليل ما هم ؟
- لا شك أنها تخرب، بل تخرج أجيالا من الزنادقة.
- إذا تخرجت هذه الأجيال المنحرفة الضالة التي يتزندق غالبها هل يدمّر مستقبل الأمة أم يبنى.
- لا شك أنه يدمر.
- عندما أرسل أبنائي وترسل أبنائك وغيرنا كذلك هل ندمّر مستقبل الأمة ونخرب بيوتنا بأيدينا أم نبنيها.
- وضعتني في زاوية حرجة وكأنك تطلب الإجابة نعم أو لا، وكلاهما مغالطة ولكن ألا يمكن مناقشة القضية بطريقة أخرى.
- ناقش كيفما تحب المهم أن نصل إلى الحقيقة.
- إذا لم أرسل أبنائي ولم ترسل أبناءك إلى المدرسة ألا يخرجوا جهلة يضرون أكثر مما يفيدون.
- أنا لم أقل لا نعلمهم ولكن قلت : إن ذهابهم إلى هذه المدارس يخرب عقولهم ويجعل من غالبهم أدوات تدمير.
- إذن أين نعلمهم؟
- تعليم العقيدة الصحيحة والحلال والحرام وحدود ما أنزل الله وما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يتم تعلمه من المدارس والجامعات والبعثات إلى دول الكفر.
- لا.
- هل هذا العلم أولى أم علم الاجتماع والإنجليزي والفلسفة والرسم والموسيقى أولى.
- لا شك أن تعليم الدين وما به نجاتنا في الدنيا والآخرة أولى ولكن لا غنى عن بعض العلوم الأخرى أيضاً.
- إذا كان الأولى لا يوجد في المدارس فكيف تسمي المدارس دور علم، ومن لم يدخلها يكون جاهلاً علماً أنه يمكن تحصيل الآخر.
- أعدتني إلى نفس الزاوية. ولكن إذا سحبنا أبناءنا فيتفرد الضالون والزنادقة بالوظائف الهامّة في الدولة والتصرف بأمورها.
- إن الوظائف في الدولة هي أداة من أدوات الطاغوت يسخرها كيف يشاء لتسير وفق نظامه وبوزالات في ماكينة الطاغوت فهل تريد من أبنائنا أن يكونوا أدوات ومساميراً جنوداً للطواغيت.
- لا، ولكن ما هو الحل؟
- ربما لا أملك حلاً جاهزاً، ولكن إلى متى نبقى مستسلمين للواقع المرير؟ فكّر أنت وأفكر أنا ويفكر غيرنا وربما نصل إلى حل. ولماذا لا نقوم بإنشاء مدارس خاصة نعلم فيها ما ينبغي.
- إذا لم تدرس مناهج الدول لا يعترف بمدارسك ولا يعترف بشهاداتها.
- ولماذا الحرص على الاعتراف بالشهادة، وهل نتعلم لنكون أدوات عند الدولة أو للعلم وللنجاة في الدنيا والآخرة، وهل تخرج علماء الإسلام من الثانويات و الجامعات.
- ليس الأمر بهذه السهولة التي تطرحها، إن المدارس تحتاج إلى تكلفة والناس غير قادرة على ذلك.
- إنها ضريبة الحرية والعيش بالإسلام، كما أنها ضريبة تخاذلنا لأننا سمحنا للطاغوت بالسيطرة على مقاليد الأمور، وعلينا أن ندفعها أو ندفع ما هو أكبر منها لإعادة الأمور إلى نصابها والتخلص من الطاغوت الذي خرب علينا كل شيء حتى طعامنا عندما يستورد لنا المحرمات ويدمغها بدمغة حلال. وإلا سنبقى ندفع ضريبة الذل.
- يبدو أنك تبسط الأمور أكثر من اللازم.
- هذا طرح وفكر أنت بحل وليفكر غيرنا علنا نجد حلاً، ولكن هل عدم وجود حل مرضي ومريح يبرر لنا أن نسير وفق توجيهات الطاغوت ونكون أداة من أدواته نخرب مستقبلنا بأيدينا.
- أعدتني إلى نفس النقطة ولكن لا بد من الصراحة والإجابة بلا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق