الأجوبة الشرعية على الأسئلة الشامية(5)
رضوان محمود نموس
الأسئلة:
- ما هو حكم العلماء الذين يقدمون الفتاوى لهم ويبررون أعمالهم؟
- هل يجوز هدر دم كافة العساكر في الشوارع والطرقات واستهداف الحواجز وباصات نقل المجندين؟
- هل يجوز استهداف مخافر الشرطة؟
- إذا كانت العملية الجهادية قد تعرض مدنيين عزل لخطر الموت أو الإصابة هل يجوز تنفيذها؟
- هل يجوز للمدنيين حمل السلاح والجهاد أم هو محصور بالمنشقين؟ وهل هناك حالة خاصة للمطلوبين؟
- هل يجوز الإجهاز على الجرحى من المخابرات وغيرهم؟
أقول وبالله التوفيق :
أولاً بخصوص من يطلق عليهم العض علماء:
العالم في الاصطلاح: من يعلم العلم من مصادره الأصلية وهي في الشرع الكتاب والسنة ومواقع الإجماع ولا يقلد في ذلك أحداً.
وفي اللغة: جاء في لسان العرب: قال الله عز وجل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ من عبادِه العُلَماء؛ فأَخبر عز وجل أَن مِنْ عِبادِه مَنْ يَخْشاه، وأَنهم هم العُلَماء، وروى الأَزهري عن سعد بن زيد عن أَبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى: وإِنه لذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناه، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه، فقلت: يا أَبا عبد الرحمن مِمَّن سمعت هذا؟ قال: من ابن عُيَيْنَة، قلتُ: حَسْبي. وروي عن ابن مسعود أَنه قال: ليس العلم بكثرة الحديث، ولكن العِلْم بالخَشْية؛ قال الأَزهري: ويؤيد ما قاله قولُ الله عز وجل: إِنما يخشى اللَّهَ من عباده العُلَماءُ. وقال بعضهم: العالِمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم، قال: وهذا يؤيد قول ابن عيينة.
الموظف: قال في لسان العرب وظف وظف: الوَظِيفةُ من كل شيء: ما يُقدَّر له فـي كل يوم من رِزق أَو طعام أَو علَف أَو شَراب، وجمعها الوَظائف والوُظُف. و وَظَف الشيءَ علـى نفسه و وَظَّفَه توظِيفاً: أَلزمها إِياه،
الأجير: كما جاء تعريفه في لسان العرب أُجور. و الإِجارَة: من أَجَر يَأْجِرُ، وهو ما أَعطيت من أَجْر في عمل... وأَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فهو مأْجور، وآجره يؤجره إِيجاراً و مؤاجَرَةً، وكلِّ حسَنٌ من كلام العرب؛ و آجرت عبدي أُوجِرُه إِيجاراً، فهو مُؤْجَرٌ. وأَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ وفـي التنزيل: يا أيها النبـي إِنا أَحللنا لك أَزواجك اللاتـي آتـيت أُجورهنّ. وآجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها بأَجْرٍ، و آجر الإِنسانَ واستأْجره. والأَجيرُ: المستأْجَرُ، وجمعه أُجَراءُ. والاسم منه: الإِجارةُ، و الأُجْرَةُ: الكراء، تقول: استأْجرتُ الرجلَ، فهو يأْجُرُنـي ثمانـيَ حِجَجٍ أَي يصير أَجيري. و أْتَجَر علـيه بكذا.
وبعد هذه التعاريف علينا أن نفرق بين العالم والموظف والأجير فنأخذ بقول الأول إذا كان موافقاً للكتاب والسنة والإجماع ونطرح ما سوى ذلك. أما الموظف والأجير فليسوا من زمرة العلماء أبتداء.
قال الإمام ابن تيمية:[وإنما الواجب بيان ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وتبليغ ما جاءت به الرسل عن الله والوفاء بميثاق الله الذي أخذه على العلماء فيجب أن يعلم ما جاءت به الرسل ويؤمن به ويبلغه ويدعو إليه ويجاهد عليه ويزن جميع ما خاض الناس فيه من أقوال وأعمال في الأصول والفروع الباطنة والظاهرة بكتاب الله وسنة رسوله غير متبعين لهوى من عادة أو مذهب أو طريقة أو رئاسة:]([1]).
وقال رحمه الله:[ والرسول هو الواسطة والسفير بينهم وبين الله عز وجل فهو الذي يبلغهم أمر الله ونهيه ووعده ووعيده وتحليله وتحريمه فالحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله والدين ما شرعه الله ورسوله وليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرعه الرسول وهو الشرع الذي يجب على ولاة الأمر إلزام الناس به ويجب على المجاهدين الجهاد عليه ويجب على كل واحد إتباعه ونصره. ... ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة قال تعالى )آلمص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ( ولو ضرب وحبس و أوذي بأنواع الأذى ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب إتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقا لعذاب الله بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم قال الله تعالى:) ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين وقال تعالى: ) ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منك والصابرين ونبلو أخباركم ( وقال تعالى: ) أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ( وهذا إذا كان الحاكم قد حكم في مسألة اجتهادية قد تنازع فيها الصحابة والتابعون فحكم الحاكم بقول بعضهم وعند بعضهم سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تخالف ما حكم به فعلى هذا أن يتبع ما علم من سنة رسول الله ويأمر بذلك ويفتى به ويدعو إليه ولا يقلد الحاكم هذا كله باتفاق المسلمين وإن ترك المسلم عالما كان أو غير عالم ما علم من أمر الله ورسوله لقول غيره كان مستحقا للعذاب قال تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.]([2]).
وعدد أئمة الدعوة النجدية في الدرر السنية ثلاثة أمور توجب جهاد من اتصف بها منها " الأمر الثالث: مما يوجب الجهاد لمن اتصف به مظاهرة المشركين، وإعانتهم على المسلمين بيد أو بلسان أو بقلب أو بمال، فهذا كفر مخرج من الإسلام، فمن أعان المشركين على المسلمين، وأمد المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختياراً منه فقد كفر " ([3]).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في فتاوى إسلامية " " أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الإسلام لقول الله عز وجل } ومن يتولهم منكم فإنه منهم {([4]).
و قال أيضاً في ( فتاوى ابن باز )" وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال سبحانه وتعالى } يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم {([5]).
فتبين لنا أن من يسمون علماء ممن يبررون للحاكم المرتد وحكومته هم من طائفة الردة وحكمهم حكم الحاكم المرتد ولا علاقة لهم بالعلم والفتوى.
وأما السؤال:
- هل يجوز هدر دم كافة العساكر في الشوارع والطرقات واستهداف الحواجز وباصات نقل المجندين؟
- هل يجوز استهداف مخافر الشرطة؟
إن حكم المذكورين هو نفس حكم الطاغوت يقتلوا أينما كانوا وحيثما حلوا إلا إن أعلنوا توبتهم قبل أن نقدر عليهم . ولقد مر التفصيل في ذلك عند الكلام عن الطائفة الممتنعة في الحلقة الثانية.
أما السؤال: - إذا كانت العملية الجهادية قد تعرض مدنيين عزل لخطر الموت أو الإصابة هل يجوز تنفيذها؟
وهذا ما اصطلح عليه في كتب الشريعة ب(التترس)
إن تقسيم الناس إلى مدنيين عزل وغير ذلك ليس هو التوصيف الشرعي . فعندما يقوم جهاد أو حرب يكون حكم الطائفة المحاربة واحد سواء من يحمل السلاح أو من يرصد الناس أو من يجمع الضرائب والأموال..الخ والتوصيف الشرعي هل هؤلاء من المسلمين أو من الطائفة الممتنعة والممتنعة عن تطبيق الشرائع أو من المجاهدين فحكم رجال الحكومة والنصيريين هو واحد يقتلون أينما كانوا أما من كان من المسلمين وتترس به الكفار أي الحكومة وحزبها وجيشها وميليشياتها وما شابه ففي الأمر تفصيل.
1- فالعملية الجهادية إذا كان سيذهب ضحيتها أناس مسلمون وهي ليست عملية ضرورية جداً يترتب عليه نصر للمسلمين أو نكاية كبيرة بالمشركين تقربهم من الهزيمة فلا يجوز الإقدام عليها .
2- أما إن كان في تعطيل العملية فوات النصر أو إلحاق الهزيمة بالمسلمين فيجوز ذلك أي يجوز عملها حتى لو راح ضحيتها بعض المسلمين.
3- ولقد فصل العلماء في ذلك وأنقل أهم الأقوال في المسألة:
التترس:
قال الإمام ابن تيمية: [وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَيْشَ الْكُفَّارِ إذَا تَتَرَّسُوا بِمَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ وَخِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يُقَاتَلُوا، وَإِنْ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَتَرَّسُوا بِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ الْمُفْضِي إلَى قَتْلِ هَؤُلاءِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَهَؤُلاءِ الْمُسْلِمُونَ إذَا قُتِلُوا كَانُوا شُهَدَاءَ وَلا يُتْرَكُ الْجِهَادُ الْوَاجِبُ لأجْلِ مَنْ يُقْتَلُ شَهِيدًا، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا قَاتَلُوا الْكُفَّارَ فَمَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ شَهِيدًا، وَمَنْ قُتِلَ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ لا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ لأجْلِ مَصْلَحَةِ الإسْلامِ كَانَ شَهِيدًا.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يَغْزُو هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ بِبَيْدَاءَ مِنْ الأرْضِ إذْ خُسِفَ بِهِمْ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِيهِمْ الْمُكْرَهُ فَقَالَ: يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» . فَإِذَا كَانَ الْعَذَابُ الَّذِي يُنْزِلُهُ اللَّهُ بِالْجَيْشِ الَّذِي يَغْزُو الْمُسْلِمِينَ يُنْزِلُهُ بِالْمُكْرَهِ، فَكَيْفَ بِالْعَذَابِ الَّذِي يُعَذِّبُهُمْ اللَّهُ بِهِ أَوْ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ]([6]).
وقال محمد بن أصبغ، القرطبي [وكذلك عنده: لو تَتَرَّسوا بالمسلمين، رُموا -أيضاً-. قال: ويُقصد بذلك من فيها من الكفار، فإن أصابوا في ذلك مسلماً فلا دية ولا كفارة]( [7])
قال الإمام الجصاص: [قال أبوحنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد والثوري : لا بأس برمي حصون المشركين ، وإن كان فيها أسارى وأطفال من المسلمين ، ولا بأس بأن يحرقوا الحصون ويقصدوا به المشركين ، وكذلك إن تترس الكفار بأطفال المسلمين رمي المشركون]([8]).
وقال ابن نجيم: [مِنْهَا: جَوَازُ الرَّمْيِ إلَى كُفَّارٍ تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ]([9]).
وقال الإمام الكاساني الحنفي: [ولا بأس برميهم بالنبال وإن علموا أن فيهم مسلمين من الأسارى أو التجار ...إذ حصون الكفرة قلما تخلو من مسلم أسير أو تاجر ...وكذا إذا تترسوا بأطفال المسلمين ، فلا بأس بالرمي إليهم]([10]).
وقال المرداوي الحنبلي :قَوْلُهُ (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ، إلا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَرْمِيَهُمْ، وَيَقْصِدُ الْكُفَّارَ)([11]).
وقال الصنعاني [ِذا تترس الْكفَّار بِالْمُسْلِمين وقصدونا جَازَ لنا قتل من تترسوا بِهِ لمصْلحَة وَهِي أَن يسلم أَكثر مِنْهُم من الْمُسلمين وَقد دعت الضَّرُورَة إِلَيْهِ وَهِي المدافعة عَن أَرْوَاح الْمُسلمين فَجَاز قَتلهمْ]([12]).
وقال الشوكاني [ِمَسْأَلَةِ التُّرْسِ؛ وَهِيَ مَا إِذَا تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا رَمَيْنَا قَتَلْنَا مُسْلِمًا مِنْ دُونِ جَرِيمَةٍ مِنْهُ، وَلَوْ تَرَكْنَا الرَّمْيَ لَسَلَّطْنَا الْكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَقْتُلُونَهُمْ، ثُمَّ يَقْتُلُونَ الأسَارَى الَّذِينَ تترسوا بهم، فحفظ المسلمين بقتل مَنْ تَتَرَّسُوا بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَقْرَبُ إِلَى مَقْصُودِ الشَّرْعِ؛ لأنَّا نَقْطَعُ أَنَّ "الشَّارِعَ" يَقْصِدُ تَقْلِيلَ الْقَتْلِ، كَمَا يَقْصِدُ حَسْمَهُ عِنْدَ الإمْكَانِ، فَحَيْثُ لَمْ نَقْدِرْ عَلَى الْحَسْمِ، فَقَدْ قَدَرْنَا عَلَى التَّقْلِيلِ، وَكَانَ هَذَا الْتِفَاتًا إِلَى مَصْلَحَةٍ، عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ كَوْنُهَا مَقْصُودَةً لِلشَّرْعِ، لا بِدَلِيلٍ وَاحِدٍ، بَلْ بِأَدِلَّةٍ خَارِجَةٍ عَنِ الْحَصْرِ]([13]).
وقال: محمد أنور بن شاه الكشميري [إن الكفار إذا تترسوا بالمسلمين وقت الحرب فللمجاهدين أن يرموهم]([14])
وأود أن أقول قبل الانتقال لما بعده ينبغي على المجاهدين إعطاء تعليمات عامة للشعب تتضمن وجوب البعد عن مراكز العدو مثل مخافرهم وثكنات جيشهم وتجمعاتهم وما شابه.
كما ينبغي دراسة كل عملية بدقة وعدم التساهل في دماء المسلمين وأن لا يقدم على مثل هذه العمليات إلا بعد الدراسة الكاملة وكونها ضرورية ولا يستغنى عنها.
أما السؤال :
- هل يجوز للمدنيين حمل السلاح والجهاد أم هو محصور بالمنشقين؟ وهل هناك حالة خاصة للمطلوبين؟
فأقول القضية ليست في دائرة الجواز أو عدمه ولكن واجب على جميع القادرين حمل السلاح والدفاع عن الإسلام وأهله فحكم الدولة كما مر معنا دولة كافرة مرتدة هي وجميع من يساندها صائلة على الشعب والمسلمين فالجهاد في هذه الحالة فرض عين على كل قادر.
قال ابن قدامة في الكافي:[ فصل ويتعين الجهاد في موضعين أحدهما إذا التقى الزحفان تعين الجهاد على من حضر لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا) وقوله تعالى (إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار) الثاني إذا نزل الكفار ببلد المسلمين... ومتى تعين الجهاد فلا إذن لأبويه لأنه صار فرض عين فلم يعتبر إذنهما فيه كالحج الواجب وكذلك كل الفرائض لا طاعة لهما في تركه لان تركه معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الله]([15]).
وقال في كشاف القناع: [ولأنه إذا حضر العدو صار الجهاد فرض عين فلا يجوز التخلف عنه ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم وصادفهم سلمة بن الأكوع خارج المدينة تبعهم وقاتلهم إذن فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال خير رجالتنا سلمة بن الأكوع وأعطاه سهم فارس وراجل ]([16]).
وقال الشربيني [الحال الثاني من حالي الكفار وهو ما تضمنه قوله يدخلون بلدة لنا أو ينزلون على جزائر أو جبل في دار الإسلام ولو بعيدا عن البلد فيلزم أهلها الدفع بالممكن منهم ويكون الجهاد حينئذ فرض عين]([17]).
وقال الإمام ابن القيم:[ متى استنفر الجيش لزم كل واحد منهم الخروج معه وهذا أحد المواضع الثلاثة التي يصير فيها الجهاد فرض عين. والثاني إذا حضر العدو البلد. والثالث إذا حضر بين الصفين ]([18]).
وقال الكاساني: [ فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد فهو فرض عين يفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه لقوله سبحانه وتعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وثِقَالاً} ([19]).
وقال ابن عابدين:[ وإياك أن تتوهم أنَّ فرضيته – أي الجهاد - تسقط عن أهل الهند بقيام أهل الروم مثلاً، بل يفرض على الأَقْرب فالأَقْرب من العدو إلى أن تقع الكفاية، فلو لم تقع إلاَّ بكل الناس فرض عيناً كصلاة وصوم،]([20]).
وقال في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: [والحال الثاني من حال الكفار أن يدخلوا بلدة لنا مثلاً فيلزم أهلها الدفع بالممكن منهم. ويكون الجهاد حينئذ فرض عين سواء أمكن تأهبهم لقتال أم لم يمكن:]([21]).
وقال الإمام ابن تيمية:[وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا]([22]).
وقال:[ فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فانه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم وعلى غير المقصودين لإعانتهم]([23]).
أما السؤال الأخير: - هل يجوز الإجهاز على الجرحى من المخابرات وغيرهم؟
فأقول وبالله التوفيق إن الطائفة المرتدة كحال الحكومة النصيرية ومن يواليها تقتل كلها رجالاً ونساءً وجرحاهم يجهز عليهم وإنما نهي عن التذفيف على الجرحى في حال قتال البغاة أو الفتنة إي الطرفان من المسلمين ففي هذه الحالة هناك خلاف هل يجهز على الجرحى أم لا؟ فمن قائل لا يجهز على الجريح لأن المطلوب كف أذاه وليس قتله, ومن مفصل أنه إذا كان للبغاة فئة ينحازون إليها فيجهز على الجرحى وإن لم يكن فلا. أما في حال المرتدين فالمطلوب قتلهم حتى لو لم يقاتلونا فكيف وقد هاجمونا وقتلونا رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً والإجهاز على جرحى الكفار عليه الإجماع .
فعن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ " كَانَ مَعَ أَبِيهِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَحَمَلَ، فَجَعَلَ يُجِيزُ عَلَى جَرْحَاهُمْ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَلا أَعْلَمُ يَثْبُتُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خِلافُ هَذَا،([24]).
[6] - الفتاوى الكبرى لابن تيمية (3 / 558)
[7] - الإنجاد في أبواب الجهاد (ص: 237)
[11] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (4 / 129)
[12] - إجابة السائل شرح بغية الآمل (ص: 206)
[13] - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني (2 / 185)
[18]- زاد المعاد ج: 3 ص: 558
[19]- بدائع الصنائع 7\171
[20]- الدر المختار 4/217
[24] - السنن الكبرى للبيهقي (9 / 158)
1 التعليقات:
مشكور اخي عل توضيح
إرسال تعليق