الاستعانة بالمشركين (3)
رضوان محمود نموس
إن النصر من الأمور المتعلقة بالله عز وجل ولا يجوز طلب النصر والاستنصار إلا من الله عز وجل لأنه لا يستطيع أحد أن ينصر غير الله. وطلب النصر من المشركين لا يجوز بل هو خلل في العقيدة.
قال الله تعالى ((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ))[آل عمران:126] وقال الله تعالى (( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ))[آل عمران:160]
وقال الله تعالى (( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ))[البقرة:107]
وقال الله تعالى (وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) [النساء:123] وقال الله تعالى ((وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ))[النساء:173]
وقال الله تعالى (( إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ))[التوبة:116]
وقال الله تعالى (( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ ))[هود:113]
وقال الله تعالى ((وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ )) [العنكبوت:22] وقال الله تعالى ((وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ))[الأحزاب:17]((َ وقال الله تعالى (مَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ))[الشورى:31]
فهذه الآيات تتضافر وتتحد لتشكل قاعدة كلية ومفهوماً أساساً وركناً ركيناً في التوحيد الاعتقادي والعملي والسلوك التعبدي والسياسي للجماعة المسلمة ووضعت حدوداً عالية حول هذا المفهوم وهو أن النصر من الله وحده فلا تلتفتوا إلى أحد سواه كائناً من كان فكيف بأن يكون هذا الأحد كافراً مشركاً عدواً لله ولرسوله وللمسلمين.
الحقيقة المرة أن المرء لا يكاد يتوهم أن سيخرج من المسلمين الذين يقرأون القرآن من يقول بالاستعانة ولكنها الفتن أعاذنا الله وسائر المسلمين منها.
فالناصر هو الله وجاءت الآيات بأداة الحصر (إلا) وما النصر إلا من عند الله .وكل الآيات التي مرت تفيد حصرية النصر من الله.
وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) آل عمران
وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} . [الأنفال:10]
قال الطبري :[وما النصر إلا من عند الله"، يقول: وما تنصرون على عدوكم، أيها المؤمنون، إلا أن ينصركم الله عليهم، لا بشدة بأسكم وقواكم، بل بنصر الله لكم، لأن ذلك بيده وإليه، ينصر من يشاء من خلقه "إن الله عزيز حكيم" يقول: إن الله الذي ينصركم، وبيده نصرُ من يشاء من خلقه "عزيز"، لا يقهره شيء، ولا يغلبه غالب، بل يقهر كل شيء ويغلبه، لأنه خلقه "حكيم"، يقول: حكيم في تدبيره ونصره من نصر، وخذلانه من خذل من خلقه، لا يدخل تدبيره وهن ولا خَلل]([1]).
وقال أبو حيان الأندلسي:[ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ حَصَرَ كَيْنُونَةَ النَّصْرِ فِي جِهَتِهِ، لا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ تَكْثِيرِ الْمُقَاتِلَةِ، وَلَا مِنْ إِمْدَادِ الْمَلَائِكَةِ]([2]).
وقال مقاتل: [وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يَقُولُ النصر لَيْسَ بقلة العدد وَلا بكثرته وَلَكِن النصر من عِنْد اللَّه الْعَزِيزِ يعني المنيع في ملكه]([3]).
ويقول ابن المنذر[{وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ} سلطاني وقدرتي، وذلك أن الفوز والحكم إلي، لا إِلَى أحد من خلقي]([4]).
ويقول ابن أبي حاتم: [وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ: الأَمْرُ عِنْدِي إِلا بِسُلْطَانِي وَقُدْرَتِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِزَّ وَالْحُكْمَ إِلَيَّ، لا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي]([5]).
ويقول السمرقندي: [وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، يعني: ليس النصر بقلة العدد ولا بكثرة العدد، ولكن النصر من عند الله. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]([6]).
ويقول الواحدي: [فلا تجزع من كثرة العدو {وما النصر إلاَّ مِنْ عند الله} لأنَّ مَن لم ينصره الله فهو مخذولٌ وإنْ كثرت أنصاره]([7]).
ويقول البغوي: [فَإِنَّ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْتَعِينُوا بِهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ، لأنَّ الْعِزَّ وَالْحُكْمَ لَهُ.]([8]).
وقال ابن عطية: [ وقوله وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ توقيف على أن الأمر كله لله وأن تكسب المرء لا يغني]([9]).
وقال البيضاوي: [وكثرة العدد والأهب ونحوهما وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها]([10]).
وقال الخازن: وَلِتَطْمَئِنَّ أي ولتسكن قُلُوبُكُمْ بِهِ أي فلا تجزع من كثرة عدوكم وقلة عددكم وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني لا تحيلوا النصر على الملائكة والجند وكثرة العدد، فإن النصر من عند الله لا من عند غيره والغرض أن يكون توكلهم على الله لا على الملائكة الذين أمدوا بهم وفيه تنبيه على الإعراض عن الأسباب والإقبال على مسبب الأسباب الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ يعني فاستعينوا به وتوكلوا عليه لأن العز وهو كمال القدرة والقوة والحكم وهو كمال العلم فلا تخفى عليه مصالح عباده]([11])
وقال أيضاً [وقوله تعالى: وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني أن الله هو ينصركم أيها المؤمنون فثقوا بنصره ولا تتكلوا على قوتكم وشدة بأسكم وفيه تنبيه على أن الواجب على العبد المسلم أن لا يتوكل إلا على الله تعالى في جميع أحواله ولا يثق بغيره فإن الله تعالى بيده النصر والإعانة إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ يعني أنه تعالى قوي منيع لا يقهره شيء ولا يغلبه غالب بل هو يقهر كل شيء ويغلبه حَكِيمٌ يعني في تدبيره ونصره ينصر من يشاء ويخذل من يشاء من عباده]([12]).
وقال الشوكاني: [وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ، فَلَا تَنْفَعُ كَثْرَةُ الْمُقَاتَلَةِ وَوُجُودُ الْعُدَّةِ]([13]).
ويقول سيد في الظلال: [ومع عظمة هذا الأمر ودلالته على قيمة هذه العصبة وقيمة هذا الدين في ميزان الله إلا أن الله سبحانه لا يدع المسلمين يفهمون أن هناك سبباً ينشئ نتيجة، إنما يرد الأمر كله إليه- سبحانه- تصحيحاً لعقيدة المسلم وتصوره. فهذه الاستجابة، وهذا المدد، وهذا الإخبار به ... كل ذلك لم يكن إلا بشرى، ولتطمئن به القلوب. أما النصر فلم يكن إلا من عند الله ولا يكون.. هذه هي الحقيقة الاعتقادية التي يقررها السياق القرآني هنا، حتى لا يتعلق قلب المسلم بسبب من الأسباب أصلاً]([14]).
ويقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن [وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فأخبر أن النصر من عند الله لا من عند غيره، لتنيب القلوب إليه، فتعتمد في مهماتها عليه]([15]).
وقال ابن الوزير: [وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وما أعظم اغترار الجُهَّال بالأسباب، ونسبة التأثير إليها دون ربِّ الأرباب، فهي على الحقيقة للغافلين أعظم حجاب، ومن أبياتٍ كنت قلتها في ذلك:
حَجَبْتَ مَنْ شئت بالأسباب عنك فما.. يراكَ إلاَّ بصيرُ القلب ذو حَالِ]([16]).
فنرى كيف إجماع المفسرين على أن النصر من اختصاص الله عز وجل وليس من أحد سواه وليس لأحد به قدرة وقوة ولذا قال تعالى:((فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ))[البقرة:249]
[فإن نصر الله لا يكون إلا لمن يطلب النصرة من الله وحده، ولن ينصر الله من يستنصر بغير الله كما قال تعالى: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). وإذا كان الاستنصار بغير المؤمنين يترتب عليه هذا فهل تريدون أيها المؤمنون أن تجعلوا لله تعالى سبيلا بينا واضحا يخذلكم بسببه بعد النصرة، ويعاقبكم عليه بعد الإيمان، ويذهب شوكتكم؛ لا يسوغ ذلك منكم، فاحذروه، اللهم اجعل ولاءنا لك، ولا تجعل نصرتنا من غيرك]([17]).
وحتى لا تزيغ قلوب ولا تيأس أنفس أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه هو جل جلاله أعلم بأعدائنا وعلينا أن نكتفي به ولياً وناصراً ولا تتوه أعيننا هنا وهناك بحثاً وتوسلاً عمن ينصرنا من العبيد ما علينا إلا أن نخلص التوجه لله ولا نعبد إلا إياه ولا نتجه إلا إليه قال الله تعالى: (( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ))[النساء:45]
قال الواحدي: [{والله أعلم بأعدائكم} فهو يُعْلِمكم ما هم عليه {وَكَفَى بِاللَّهِ ولياً وكفى بالله نصيراً} أَيْ: إنَّ ولايته ونصرته إيَّاكم تُغنيكم عن غيره من اليهود ومن جرى مجراهم]([18]).
وقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ: اكتفوا بِاللَّه وليا واكتفوا بِهِ نَصِيرًا؛ لتَكون " الْبَاء " فِي موضعهَا، وَقَالَ غَيره: الْبَاء صلَة، وَتَقْدِيره: وَكفى الله وليا وَكفى الله نَصِيرًا]([19]).
قال الراغب [قوله: (كَفَى بِاللَّهِ) وذلك لتحرِّي الاختصار فيه، وتقدير الكلام: يريدون أن تضلوا السبيل. وإذا أرادوا ذلك فهم أعداؤكم، والله أعلم منكم بعداوتهم لكم. وهو تعالى وليكم ونصيركم، فإذن الواجبُ عليكم أن تتركوا موالاتهم، واستنصارهم، وتَسْتكْفوا بولاية الله ونصرته، وكفى به وليا ونصيرًا]([20]).
قال البغوي: [وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ، مِنْكُمْ، فَلا تَسْتَنْصِحُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ، وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً، [مَعْنَاهُ] اكْتَفُوا بِاللَّهِ وَلِيًّا وَاكْتَفُوا بِاللَّهِ نَصِيرًا]([21]).
قال الزمخشري: [بل يحبون أن يضل معهم غيرهم. وقرئ: أن يضلوا، بالياء بفتح الضاد وكسرها وَاللَّهُ أَعْلَمُ منكم بِأَعْدائِكُمْ وقد أخبركم بعداوة هؤلاء، وأطلعكم على أحوالهم وما يريدون بكم فاحذروهم ولا تستنصحوهم في أموركم ولا تستشيروهم وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً فثقوا بولايته ونصرته دونهم. أو لا تبالوا بهم، فإن اللَّه ينصركم عليهم ويكفيكم مكرهم]([22]).
وقال البقاعي: {وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً} [النساء: 45] إشارة إلى أن مقصود المنافقين من مشايعة أهل الكتاب ومتابعتهم إنما هو الولاية والنصرة، وأنهم قد ضيعوا منيتهم فاستنصروا بمن لا نصرة له، وتركوا من ليست النصرة إلا له]([23]).
وقال القاسمي: [وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (45)
وَاللَّهُ أَعْلَمُ أي منكم بِأَعْدائِكُمْ أي وقد أخبركم بعداوتهم لكم، وما يريدون بكم، فاحذروهم. ولا تستنصحوهم في أموركم، ولا تستشيروهم وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا يلي أموركم وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً ينصركم. أي: فثقوا بولايته ونصرته دونهم. ولا تتولوا غيره. أو: ولا تبالوا بهم وبما يسومونكم من السوء. فإنه تعالى يكفيكم مكرهم وشرهم. ففيه وعد ووعيد]([24]).
وقال المراغي: [وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً) فهو الذي يرشدكم إلى ما فيه خيركم وفلاحكم، وهو الذي ينصركم على أعدائكم بتوفيقكم لصالح العمل والهداية لأسباب النصر من الاجتماع والتعاون وسائر الوسائل التي تؤدى إلى القوة، فلا تطلبوا الولاية من غيره ولا النصرة من سواه، وعليكم باتباع السنن التي وضعها فى هذه الحياة، ومنها عدم الاستعانة بالأعداء الذين لا يعملون إلا لمصالحهم الخاصة كاليهود وغيرهم]([25]).
وقال شمس الدين الأفغاني [أما النصر (فهو أخص من المعونة، لاختصاصه بدفع الضر) .
والاستنصار: استفعال، وهو طلب النصر من الغير، يقال: (استنصره على عدوه: سأله أن ينصره عليه) . قلت: لقد سبق في ضوء نصوص علماء الحنفية أن الشرك، منه طلب النصر والمعونة من غير الله]([26]).
ثم يؤكد المولى عز وجل فيقول لعباده: (( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ))[البقرة:107]
قال البيضاوي: [وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ لما منعهم عن الاستغفار للمشركين وإن كانوا أولي قربى وتضمن ذلك وجوب التبرؤ عنهم رأساً، بين لهم أن الله مالك كل موجود ومتولي أمره والغالب عليه ولا يتأتى لهم ولاية ولا نصرة إلا منه، ليتوجهوا بشراشرهم إليه ويتبرؤوا مما عداه حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه]([27]).
وقال الخازن: [وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ يعني أنه تعالى هو وليكم وناصركم ليس لكم غيره يمنعكم من عدوكم وينصركم عليهم]([28]).
وقال ابن كثير: [وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هَذَا تَحْرِيضٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَمُلُوكِ الْكُفْرِ، وَأَنْ (5) يَثِقُوا بِنَصْرِ اللَّهِ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ، وَلَمْ يَرْهَبُوا مِنْ أَعْدَائِهِ فَإِنَّهُ لا وَلِيَّ لَهُمْ مِنْ دون الله، ولا نصير لهم]([29]).
وقال القطان: {إِنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} .
إن الله وحده مالكُ السماوات والأرض وما فيها، وهو المتصرِّف فيهما بالإحياء والإماتة، وليس لكن سوى الله من وليّ يتولى أمركم، ولا نصير ينصركم]([30]).
فتبين لنا من هذا العرض الموجز لآيات القرآن الكريك وكلام الله العظيم وأقوال المفسرين بأنه لا يجوز ولا ينبغي أن يستنصر المسلمون بالكافرين بل عليهم التوجه لله فقط والاكتفاء بالله فقط والثقة بالله فقط ومن لا يثق بالله ولا يكتفي بنصر الله فلا نصره الله وبين لنا المفسرون أن الاستنصار بالكافرين هي سمة المنافقين ودأبهم نعوذ بالله من الخذلان وعلى ربنا التكلان.
[2] - البحر المحيط في التفسير (3/ 336)
[4] - تفسير ابن المنذر (1/ 371)
[7] - الوجيز للواحدي (ص: 230)
[11] - تفسير الخازن = لباب التأويل في معاني التنزيل (1/ 294)
[12] - تفسير الخازن = لباب التأويل في معاني التنزيل (2/ 297)
[13] - فتح القدير للشوكاني (1/ 433)
[14] - في ظلال القرآن (3/ 1483)
[16] - العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (6/ 49)
[17] - زهرة التفاسير (4/ 1921): المؤلف: محمد بن سعيد بن سالم القحطاني
[18] - الوجيز للواحدي (ص: 267)
[21] - تفسير البغوي - إحياء التراث (1 / 641)
[22] - تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1 / 516)
[23] - نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (5 / 411)
[24] - تفسير القاسمي = محاسن التأويل (3 / 138)
[25] - تفسير المراغي (5 / 52)
[26] - جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (3/ 1390)
[27] - تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل (3/ 100)
[28] - تفسير الخازن = لباب التأويل في معاني التنزيل (2/ 414)
[29] - تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 227)
[30] - تيسير التفسير للقطان (2/ 172،)
1 التعليقات:
Subject at the top thank you.
إرسال تعليق