أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (20)
رضوان محمود نموس
نتابع في هذه الحلقة الرد على محمد عمارة فيما زعمه من أن الحكم والتشريع ليس من خصائص الدين وهو أمر عقلي والأمة هي المفوضة بالتشريع لنفسها عندما أنكر أن يكون للإسلام الحق في تنظيم الدولة أو التدخل في شؤونها عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي: [بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
14- قال السبكي عن شرع الديوان: [ ومن قبائحهم أنهم إذا اعتمدوا شيئاً مما جرت به عوائدهم القبيحة يقولون هذا شرع الديوان والديوان لا شرع له بل الشرع لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فهذا الكلام ينتهي إلى كفر ] ([1]).
15- قال الإمام ابن عبد البَر: [ إن الله لا يظلم مثقال ذرة ولا يكلف نفسا إلا وسعها وهو الرحمن الرحيم فمن رد على الله تعالى خبره في الوجهين أو في أحدهما كان عنادا وكفرا ] ([2]).
16- قال المرداوي([3]): [ نقل محمد بن منصور الطوسي من زعم أن في الصحابة خيراً من أبي بكر رضي الله عنه فولاه النبي صلى الله عليه وسلم فقد افترى عليه وكفر فإنه زعم بأن الله يقر المنكر بين أنبيائه في الناس فيكون ذلك سبب ضلالتهم... وذكر ابن حامد في أصوله كفر الخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة... وقال من رد موجبات القرآن كفر ومن رد ما تعلق بالأخبار والآحاد الثابتة فوجهان وأن غالب أصحابنا على كفره فيما يتعلق بالصفات وذكر ابن حامد في مكان آخر إن جحد أخبار الآحاد كفر كالمتواتر عندنا يوجب العلم والعمل ] ([4]).
18- قال الجصاص: [ وكذلك حكم من يأخذ أموال الناس من المتسلطين الظلمة وآخذي الضرائب واجب على كل المسلمين قتالهم وقتلهم إذا كانوا ممتنعين وهؤلاء أعظم جرما من آكلي الربا لانتهاكهم حرمة النهي وحرمة المسلمين جميعا وآكل الربا إنما انتهك حرمة الله تعالى في أخذ الربا ولم ينتهك لمن يعطيه ذلك حرمة لأنه أعطاه بطيبة نفسه...ثم قال: فمن رد الأمر - أي تحريم الربا- قوتل على الردة] ([5]).
19- قال علاء الدين أبو بكر الكاساني([6]): [ العبد لا يملك إنشاء الحكم من نفسه، قال الله تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِيْ حُكْمِهِ أَحَدَاً}وقال تبارك وتعالى: {إنِ الحُكْمَ إلاَّ لِلَّه} ولكنه يظهر حكم الله عز وجل المشروع في الحادثة ] ([7]).
20- قال أبو حيان الأندلسي([8]) في تفسير آية الربا: [ {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } ظاهره: فإن لم تتركوا ما بقي من الربا، وسمي الترك فعلاً، وإذا أمروا بترك ما بقي من الربا من ذلك فالأمر بترك إنشاء الربا على طريق الأولى والأحرى...: فيه دليل على أن من كفر بشريعة واحدة من شرائع الإسلام خرج من الملة كما لو كفر بجميعها ] ([9]).
21- قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: [ فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة ونحو ذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا والنفاق والردة مظنتها البدع والفجور كما ذكره الخلال في كتاب السنة بسنده إلى محمد بن سيرين أنه قال إن أسرع الناس ردة أهل الأهواء ... ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحدا بذنب بل يقال لا نكفرهم بكل ذنب ] ([10]).
وقال بحق الذي لا يحكم بما أنزل الله: [ فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب وأنه مخير فيه أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر ] ([11]).
22- قال أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي :
[ ثم اعلم أن البدعة هي عمل على غير مثل سبق قال في القاموس هي الحدث في الدين بعد الإكمال والبدعة أصغر من الكفر وأكبر من الفسق وكل بدعة تخالف دليلا يوجب العلم والعمل به فهي كفر ] ([12]).
23- قال الإمام محمد بن عبد الوهاب:
[ اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة، وعدَّ منها:
الثالثة: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً. الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر إجماعاً والدليل قوله تعالى: { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }.
السادس: من استهزأ بشيء من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: { قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }.
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم أو أنه يسعه الخروج من شريعته.
العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى: { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون } ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره ] ([13]).
وفي مجموعة التوحيد عدَّد الشيخ أنواع الطاغوت، فقال: [ الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله والدليل قوله تعالى:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ] ([14]).
24- وسئل الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: هل يجوز التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ فأجاب: [ لا يجوز ذلك ومن اعتقد حله فقد كفر وهو من أعظم المنكرات ويجب على كل مسلم الإنكار على من فعل ذلك ولا يستريب في هذا من له أدنى علم ] ([15]).
25- وقال الشوكاني رحمه الله وهو يعدد كبائر الخارجين عن الإسلام:
[ ومنها أنهم يحكمون ويتحاكمون إلى من يعرف الأحكام الطاغوتية منهم في جميع الأمور التي تنوبهم وتعرض لهم من غير إنكار ولا حياء من الله ولا من عباده ولا يخافون من أحد بل قد يحكمون بذلك بين من يقدرون على الوصول إليهم من الرعايا ومن كان قريباً منهم وهذا الأمر معلوم لكل أحد من الناس لا يقدر أحد إنكاره ودفعه وهو أشهر من نار على علم ولا شك ولا ريب أن هذا كفر بالله سبحانه وتعالى وبشريعته التي أمر بها على لسان رسوله واختارها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله بل كفر بجميع الشرائع من عند آدم عليه السلام إلى الآن وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية... فإن ترك من هو قادر على جهادهم فهو متعرض لنزول العقوبة مستحق لما أصابه فقد سلط الله على أهل الإسلام طوائف عقوبة لهم حيث لم ينتهوا عن المنكرات ولم يحرصوا على العمل بالشريعة المطهرة ] ([16]).
26- قال محمد صديق حسن خان القنوجي([17]): بعد ذكر قوله تعالى قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول [إن الإعراض عن إطاعة الله واتباع رسوله من شأن الكفار،... وقال تعالى: ] فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [.
والظاهر أن هذا شامل لكل فرد في كل حكم كما يؤيد ذلك قوله تعالى:] وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله [ وهذا في حياته صلى الله عليه وآله وسلم وأما بعد مماته فتحكيم الكتاب والسنة تحكيم الحاكم بما فيهما من الأئمة والقضاة... وفي هذا الوعيد الشديد ما تقشعر له الجلود وترجف الأفئدة... فضم إلى التحكيم أمرا آخر هو عدم وجود حرج في صدورهم، فلا يكون مجرد التحكيم والإذعان باللسان كافيا حتى يكون من صميم القلب عن رضاء خاطر واطمئنان خلد وطيبة نفس ثم لم يكتف بذلك بل ضم إليه المصدر المؤكد فقال ] تسليما [ فلا يثبت الإيمان لعبد حتى يقع منه التحكيم ثم لا يجد الحرج في صدره بما قضى عليه ويسلم لحكمه وشرعه تسليما لا يخالطه رد ولا تشوبه مخالفة ] ([18]).
- ثم قال عن الحكم بالقوانين الوضعية:-
[ وأما من رأى أن الحكم بالطاغوت والقضاء بالجبت أوفق بحال الخلق وأحسن في السياسة كحال الفقهاء الحاضرين في الزمن الخائضين في أنوع الفتن التاركين لما في الصحاح الستة القاضين بما في قوانين ملوك الديار ودساتير الصناديد من الكفار الأشرار مع تمكنهم من القضاء والإفتاء بما أنزل الله في كتابه العظيم وجاء به الرسول الكريم، فنعوذ بالله من حال أهل النار ] ([19]).
27- قال مصطفى صبري، شيخ الإسلام للدولة العثمانية في معرض رده على الدكتور محمد حسين هيكل : في قضية فصل السياسة عن الدين.
[وهنا أقول سلفا وباختصار إن معناه خروج حكومة المسلمين من ربقة الإسلام ورقابته عليها وخروج الأمة أيضا من ربقته باختيارها الحكومة الخارجة على الإسلام حكومة لها لا سيما الحكومة المستندة إلى البرلمان المستند إلى الأمة فمثل الفصل في تلك الحكومات كمثل المناداة بالردة حكومة وأمة وإذا كان في الأفراد أو على الأصح في بعضهم دين يعيش إلى أن ينقضي جيلهم يعيش محكوما للحكومة لا حاكما عليها كما كان قبل الفصل وهذا وحده كاف في أن يكون الفصل كفرا لا سيما إذا كان تنزيل الإسلام عن عرش حكمه بأيدي المسلمين أنفسهم لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه... وبالنظر إلى أن بلاد المسلمين تطلق في عرف الشرع على بلاد تحكم فيها قوانين الإسلام وإن عزل الدين عن التدخل في أمور الدولة يخرج تلك البلاد من عداد بلاد الإسلام ] ([20]).
ويقول في المجلد الرابع تحت عنوان " الباب الرابع في عدم جواز فصل الدين عن السياسة ": [لكن كيدهم في فصله عن السياسة أدهى وأشد من كل كيد في غيره، فهو ثورة حكومية على دين الشعب وشق عصا الطاعة منها أي الحكومة لأحكام الإسلام؛ بل ارتداد عنه من الحكومة أولاً, ومن الأمة ثانياً إن لم يكن بارتداد الداخلين في حوزة تلك الحكومة باعتبارهم أفراداً فباعتبارهم جماعة، وهو أقصر طريق إلى الكفر([21]) من ارتداد الأفراد؛ بل إنه يتضمن ارتداد الأفراد أيضاً لقبولهم الطاعة لتلك الحكومة المرتدة التي ادعت الاستقلال لنفسها بعد أن كانت خاضعة لحكم الإسلام عليها. وما الفرق بين أن تتولى الأمر في البلاد الإسلامية حكومة مرتدة عن الإسلام وبين أن تحتلها حكومة أجنبية عن الإسلام([22]).؛ بل المرتد أبعد عن الإسلام من غيره وأشد, وتأثيره الضار في دين الأمة أكثر, من حيث أن الحكومة الأجنبية لا تتدخل في شؤون الشعب الدينية, وتترك لهم جماعة فيما بينهم تتولى الفصل في تلك الشؤون, ومن حيث أن الأمة لا تزال تعتبر الحكومة المرتدة عن دينها من نفسها فترتد هي أيضاً معها تدريجياً, إن لم نقل بارتدادها معها دفعة باعتبارها مضطرة في طاعة الحكومة... أما مجاهرة الخروج عن رقابة الإسلام, ومحاولة عزله عن السياسة.. لأنه إعلان حرب من الحكومة على الإسلام... ثم يعتبر ذلك إعلاناً من الأمة أيضاً... لتمردها على متبوعها, وخروجها عن طاعته ] ([23]).
28- قال محمد زاهد الكوثري.(وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية)
: [ وأحكام الشرع هي ما فهمه الصحابة والتابعون وتابعوهم من كتاب الله وسنة رسوله على موجب اللسان العربي المبين وعمل الفقهاء إنما هو الفهم من الكتاب والسنة وليس لأحد سوى صاحب الشرع دخل في التشريع ومن عد الفقهاء كمشرعين وجعلهم أصحاب شأن في التشريع فقد جهل الشرع والفقه في آن واحد ] ([24]).
وقال: [ إن ولي الأمر لا شأن له في التحليل والتحريم كيف وقد قال فقهاء زماننا من قال لسلطان زماننا "عادل" فقد كفر حيث يكون اعتقد الظلم عدلا ]([25]).
وقال: [ فمن حاول نسخ حكم من أحكام الشرع بإقامة غيره مقامه حاول بعمله هذا أن يفضل عقله على علم الله سبحانه حيث عد رأيه أصلح من شرع الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... ومن ضاق صدره عن شرع المسلمين حيث يعده غير صالح للزمن الذي هو فيه لا يكون من الإسلام على شيء ] ([26]).
29- سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الوهاب عما يحكم به أهل البوادي وغيرهم هل يطلق عليه بذلك الكفر بعد التعريف ؟
فأجاب: [ من تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد التعريف فهو كافر - وأورد الآيات الدالة على ذلك - ] ([27]).
30- وقال محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ. في رسالته تحكيم القوانين: [ بسم الله الرحمن الرحيم. إنه من الكفر الأكبر المستبين، تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرد إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن من لم يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم، نفياً مؤكداً بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجير بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً } ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، بقوله جل شأنه {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت} والحرج: الضيق: بل لا بد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب.
ولم يكتف تعالى أيضاً هنا بهذين الأمرين،حتى يضموا إليهما التسليم وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم، بحيث يتخلون ها هنا من أي تعلق للنفس بهذا... ، ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتم تسليم، ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد، وهو قوله جل شأنه (تسليما) المبين أنه لا يكتفى ها هنا بالتسليم... بل لا بد من التسليم المطلق.
] ([28]).
31- قال حمد بن عتيق([29]): [ وضعوا قوانين ينفذونها في الرعية مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقد علم أن هذه كافية وحدها في إخراج من أتى بها من الإسلام ] ([30]).
32- قال عبد الرحمن الدوسري: عندما سئل عن الشرك، فعدد أشياء ثم قال:
[ وكذلك الاحتكام إلى غير حكم الله رغبة أو قبولاً لما أحله الأحبار والرهبان أو الرؤساء السياسيون أو الروحانيون كما ورد في حديث عدي بن حاتم المشهور حينما قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا لم نتخذهم أرباباً فقال له النبي صلى الله عليه وسلم { أوليس يحلوا لكم الحرام فتستحلوه ويحرموا عليكم الحلال فتحرموه وتطيعوهم بما يأمرون قال: بلى قال: فتلك عبادتهم }([31]).
[ وسئل: ما حكم من خضع لبعض الطواغيت واستسلم لتشريعاته مستحسناً لها؟
فأجاب: هو مخلّ بتوحيد الألوهية مناقض لملة إبراهيم عليه السلام ولا ينتفع مع استحسانه وقبوله وتنفيذه لمذاهب الطاغوت بشيء من أعماله ] ([32]).
وسئل رحمه الله ما حكم هذه المقالة (الدين لله والوطن للجميع) ؟
فأجاب: [ هذه المقالة صاغها الحاقدون على الإسلام الذين رموه بالطائفية بهذه الصيغة المزوقة إفكاً وتضليلاً ليبعدوا حكم الله ويفصلون عن جميع القضايا والشؤون بحجة الوطن الذي جعلوه نداً لله وفصلوا بسببه الدين عن الدولة وحصروه في أضيق نطاق فأعادوا بذلك الحكم القيصري والكسروي بألوان وأسماء جديدة والعبرة بالمعاني لا بالأسماء والألقاب فهي خطة شركية قلَّ من انتبه إليها ولا يجوز للمسلمين إقرارها أبداً...الخ ] ([33]).
33- قال عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ بعد سرد الآيات: [ فظهر بهذا أن الآية دلت على أن من أطاع غير الله ورسوله وأعرض عن الأخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله الله وأطاعه في معصية الله واتبعه فيما لم يأذن به الله فقد اتخذه رباً ومعبوداً وجعله لله شريكاً وذلك ينافي التوحيد الذي هو دين الله الذي دلت عليه كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، - ونقل أقوال ابن كثير في المسألة - ] ([34]).
34- قال أحمد عز الدين البيانوني: [ الحـكم بغير ما أنـزل الله كـفر قال تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ومن ذلك تعطيل الحدود الإسلامية وإبدالها بقوانين جزائية أخرى... الخ ] ([35]).
35- قال أحمد شاكر: [ وها هي ذي الآيات في هذه السورة، - سورة النساء - من الآية: 59 إلى آخر الآية: 65 - واضحة الدلالة، صريحة اللفظ، لا تحتاج إلى طول شرح، ولا تحتمل التلاعب بالتأويل، يأمرنا الله سبحانه فيها بطاعته وطاعة رسوله، وأولي الأمر منا، أي من المسلمين. ويأمرنا إذا تنازعنا في شيء واختلفنا أن نرده إلى حكم الله في كتابه وحكم رسوله في سنته. ويقول في ذلك: { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر }. فيرشدنا سبحانه وتعالى إلى أن طاعته وطاعة رسوله في شأن الناس كلهم، وفيما يعرض لهم من قضايا وخلاف ونزاع - شرط في الإيمان بالله واليوم الآخر... فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر ". ثم يرينا الله سبحانه حكمه في الذين يزعمون أنهم يؤمنون برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبما أنزل إليه، ثم يريدون { أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به }، فيحكم بأنهم منافقون، لأنهم إذا دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول، صدوا عنه صدودا. والنفاق شر أنواع الكفر. ثم يعلمنا الله سبحانه أنه لم يرسل رسله عبثا، وإنما أرسلهم ليطيعهم الناس بإذن الله. ثم يقسم ربنا تبارك وتعالى بنفسه الكريمة المقدسة: أن الناس لا يكونون مؤمنين حتى يحتكموا في شأنهم كله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وحتى يرضوا بحكمه طائعين خاضعين، لا يجدون في حكمه حرجا في أنفسهم، وحتى يسلموا في دخيلة قلوبهم إلى حكم الله ورسوله تسليما كاملا، لا ينافقون به المؤمنين، ولا يخضعون في قبوله لقوة حاكم أو غيره، بل يرضون به مهما يلقوا في ذلك من مشقة أو مؤنة. وأنهم إن لم يفعلوا لم يكونوا مؤمنين قط. بل دخلوا في عداد الكافرين والمنافقين.] ([36]).
36- قال محمود شاكر: [ اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة وبعد فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا ...في القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام... فهذا العمل إعراض عن حكم الله ورغبة عن دينه وإيثاراً لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القابل به والداعي إليه ]([37]).
[3] - علي بن سليمان بن أحمد المرداوي ثم الدمشقي: فقيه حنبلي, من العلماء. ولد في مردا (قرب نابلس) وانتقل في كبره إلى دمشق فتوفي فيها. من كتبه: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ـ ط" في اثني عشر جزءاً, اختصره في مجلد, و "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع ـ ط" و "تحرير المنقول ـ خ" في أصول الفقه, وشرحه "التحبير في شرح التحرير" مجلدان, و "الدر المنتقى المجموع في تصحيح الخلاف ـ خ".
[4]- الإنصاف للمرداوي (10/ 324).
[5]- أحكام القرآن للجصاص (2 / 192-193).
[6]- أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني علاء الدين: فقيه حنفي, من أهل حلب. له "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ـ ط" سبع مجلدات, فقه, و "السلطان المبين في أصول الدين". توفي في حلب.
[7] - بدائع الصنائع (7 / 179).
[8]- محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي الأندلسي الجياني, النّفْري, أثير الدين, أبو حيان:(654_745هـ) من كبار العلماء بالعربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات. ولد في إحدى جهات غرناطة, ورحل إلى مالقة. وتنقل إلى أن أقام بالقاهرة. وتوفي فيها, بعد أن كف بصره.
[9] - البحر المحيط.
[10]- شرح العقيدة الطحاوية (1 / 355).
[11]- شرح الطحاوية، الطبعة التاسعة، طبع المكتب الإسلامي، ص / 323 - 324.
[12]- عون المعبود (12 / 243).
[13] - الدرر السنية (1/91-92).
[14] - مجموعة التوحيد ص / 13.
[15] - الدرر السنية (10/252).
[16] - الرسائل السلفية - رسالة الدواء العاجل في دفع العدو الصائل ص / 34 - 35.
[17] - محمد صديق بن حسن خان القنوجي: (1248-1307هـ) أبو الطيب من رجال النهضة الإسلامية المجددين، ولد ونشأ في قنوج بالهند، وتعلم في دهلي وسافر إلى بهوبال، وتزوج بملكة بهوبال، ولقب "بنواب" عالي الجاه أمير الملك بهادر، ونواب تساوي بالتركي "الباشا" له نيف وستون مصنفاً .
[21] - ومن البلية أن الحركات التي تثار في الأزمنة الأخيرة وترمي إلى محاربة الإسلام في بلاده بأيدي أهله والتي لا شك أنه الكفر وأخبث أفانين الكفر يباح فعلها لفاعليها, ولا يباح تسميتها باسمها لمن عارض تلك الحركات, وحارب المحاربين, ثم إن محاربة الإسلام ومحاربة المحارب تجريان في مصر التي يقال عنها زعيمة العالم الإسلامي في أسلوب عجيب مبهم ناشئ من خبث نوايا المحاربين, ومن ضعف مركز المعارضين. (الهامش للشيخ مصطفى صبري).
[22] - وقد قلنا في مقدمة الكتاب إن مدار الفرق بين دار الإسلام ودار الحرب على القانون الجاري وأحكامه في تلك الديار، كما أن فصل الدين عن السياسة معناه أن لا تكون الحكومة مقيدة في قوانينها بقواعد الدين. (الهامش للشيخ مصطفى صبري)
[29] - حمد بن عتيق: (ت: 1301هـ) هو الإمام العلامة الورع الفهامة حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد بن حميضة، ولد في الأفلاج وأخذ العلم عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن وابنه الشيخ عبد اللطيف والشيخ علي بن حسين وغيرهم، له عشرة من الولد أخذوا عنه العلم، وأخذ عنه أيضاً الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ محمد بن عبد اللطيف والشيخ سليمان بن سحمان وغيرهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق