موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأربعاء، 15 فبراير 2012

الولاء والبراء(1)


الولاء والبراء(1)
رضوان محمود نموس
·      الولاء لغة:
قال في اللسان: الوَلايةُ والولاية النُّصرة. يقال:هم علـيَّ وَلايةٌ أَي مـجتمعون فـي النُّصرة. وقال سيبويه: الوَلاية، بالفتح، المصدر، والوِلاية، بالكسر، الاسم مثل الإِمارة والنِّقابة، لأَنه اسم لما توَلَّيته وقُمْت به فإِذا أَرادوا المصدر فتحوا. قال ابن بري: وقرئ ما لكم من ولايَتِهم من شيء بالفتح والكسر، وهي بمعنى النُّصْرة؛ قال أَبو الحسن: الكسر لغة وليست بذلك. التهذيب: قوله تعالـى: والذين آمَنُوا ولـم يُهاجِروا ما لكم من وِلايَتهم من شيء... قال: و الوِلايةُ على الإِيمان واجبة، المؤمنون بعضُهم أَولياء بعض.
قال أَبو منصور: جعل التولي ههنا بمعنى النَّصْر من الوَلِيّ، والمَوْلـى وهو الناصر... وقوله: اللهم والِ مَنْ والاه أَي أَحْبِبْ مَنْ أَحَبَّه وانْصُرْ من نصره. و المُوالاةُ على وجوه، قال ابن الأَعرابي: المُوالاةُ أَن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ويكون له في أَحدهما هَوىً فيوالِيه أَو يُحابيه، وقال الجعدي: مَوالِـيَ حِلْفٍ لا مَوالـي قَرابةٍ ولكنْ قَطِيناً يَسْأَلونَ الأَتاوِيا يقول: هم حُلَفاء لا أَبناء عم؛ ..والحَلِيفُ عند العرب مَوْلىً، ..قال: وهو اسم يقع على جماعة كثـيرة فهو: الرَّبُّ والمالِك والسَّيِّدُ والمُنْعِم والمُعْتِقُ والنَّاصِر والمُحِبُّ والتَّابع والجارُ وابن العَم والحَلِـيفُ والعَقِـيدُ والصِّهْرُ والعَبْدُ والمُعْتَقُ والمُنْعَمُ عليه، قال: وأَكثرها قد جاءَت فـي الحديث فيضاف كل واحد إِلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلُّ من وَلِيَ أَمراً أَو قام به فهو مَوْلاه و وَلِيُّه، قال: وقد تختلف مصادر هذه الأَسماءِ فالوَلايةُ بالفتـح فـي النسب والنُّصْرة والعِتْق، و الوِلايةُ بالكسر فـي الإِمارة، و الوَلاءُ فـي المُعْتَق، و المُوالاةُ من والى القومَ؛  وفي الحديث:من تَوَلَّى قوماً بغير إِذْنِ مَوالِيه أَي اتخذهم أَولياء له، قال: ظاهره يوهم أَنه شرط وليس شرطاً لأَنه لا يجوز له إِذا أَذِنُوا أَن يُواليَ غيرهم، وإِنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه والتنبيه على بطلانه والإِرشاد إِلى السبب فيه، وفي الحديث: من تَوَلَّى قوماً بغير إِذْنِ مَوالِيه أَي اتخذهم أَولياء له، قال: ظاهره يوهم أَنه شرط وليس شرطاً لأَنه لا يجوز له إِذا أَذِنُوا أَن يُواليَ غيرهم، وإِنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه والتنبيه على بطلانه والإِرشاد إِلى السبب فيه.
وقال الزبيدي في (تاج العروس): "هي المحبة بغض النظر عن درجة هذا الحب ومرتبته، فكل من أحببته وأعطيته ابتداءً من غير مكافأة فقد أوليته، وواليته، والمعنى أي أدنيته إلى نفسك ". وتأتي أيضاً بمعنى النصرة ، وتأتي كلمة ( أولياء ) بمعنى الخاصة والبطانة ، وأيضاً بمعنى الاتحاد والتجانس
فمختصر الولاء لغة: { التناصر أو الحب أو التحالف أو الود أو الاتباع }

·      البراء لغة:
أَبْرَأَ بَراءَةً، و بَرِئتُ إِليْكَ مِنْ فلانٍ أَبْرَأُ بَرَاءَةً، فليس فيها غير هذه اللغَةِ….وقولهُ عزَّ وجلَّ: بَراءَةٌ مِن اللَّهِ ورسولِه، قال: في رَفعِ بَرَاءَةٌ قولانِ: أَحدهُما علـى خَبرِ الابِتداءِ، المعنى: هذهِ الآياتُ بَرَاءَةٌ مِن اللَّهِ ورسولِهِ: والثاني بَرَاءَةٌ ابتداءٌ والخبرُ إِلـى الذينَ عاهَدْتُمْ. قال: وكِلا القَوْلَيْنِ حَسَنٌ. و أَبْرأْتُه مِمَّا لي عليْهِ و بَرَّأْتُهُ تَبْرِئةً، و بَرِىءَ مِنَ الأَمْرِ يَبْرأُ و يَبْرُؤُ، والأَخِير نادِرٌ، بَراءَةً، و بَراءً،..قالَ وكذلِكَ في الدَّينِ والعُيوبِ بَرِيءَ إِليكَ مِنْ حَقِّكَ بَراءَةً و بَراءً و بُروءاً و تبرُّؤاً، و أَبرَأَكَ مِنهُ و بَرَّأَكَ. وفي التنزيلِ العزيز: فبرَّأَهُ اللَّهُ مَّما قالوا. وأَنا بَرِيءٌ مِنْ ذلِكَ..أَهلُ الحجاز يقولون: أَنا مِنكَ بَراء. قال: وفي التنزيل العزيز: إِنَّني بَراءٌ ممَّا تَعْبُدون. وتَبَرَّأْتُ من كذا وأَنا بَراءٌ مِنهُ وخَلاءٌ، لا يُثَنَّى ولا يجمَع، لأَنه مصدَرٌ فـي الأَصْل، مِثل سَمِعَ سَمَاعاً، فإِذا قلت: أَنا بَرِيءٌ مِنهُ وخَلِيٌّ منه ثنَّيت وجَمَعْت وأَنَّثْت. ولغةُ تميمٍ وغيرهم مِن العَرَب: أَنا بَرِيءٌ. وفـي غيرِ موضعٍ من القرآن: إِني بَرِيءٌ... وفي التنزيل العزيز: إِنني بَراءٌ مما تعبدُون الأَزهري: والعَربُ تقول: نـحنُ مِنكَ البَراءُ والـخَلاءُ، والواحِد والاثنان والجْمعُ مِنَ المذكرَّ والمؤَنث يُقال: بَراءٌ لأَنهُ مصْدَر. ابنُ الأَعرابي: بَرِىءَ إِذا تَخَلَّصَ، و بَرِىءَ إِذا تَنَزَّهَ وتباعَدَ، و بَرِىءَ، إِذا أَعْذَرَ وأَنَذَرَ؛ ومنه قولهُ تعالى: بَراءَةٌ من اللَّهِ ورسولِه ؛ أَي إِعْذارٌ وإِنذارٌ.
 ومختصر البراء لغة: { هو التباعد والتخلص والتنزه والإنذار } أي المجافاة وإبداء العداوة.
·      الولاء بالاصطلاح الشرعي:
قال تعالى:{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } ([1]).
 وقال الله تعالى: :{ ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } ([2]).
وقال الله تعالى:  { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }([3]). 
وقال الله تعالى: {لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} ([4]).
وقال الله تعالى: { إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ([5]).
وقال الله تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} ([6]).
وقال الله تعالى:{ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}  ([7]).
قال سيد رحمه الله في الظلال: يحسن أن نبين أولاً معنى الولاية التي ينهى الله الذين آمنوا أن تكون بينهم وبين اليهود والنصارى .. إنها تعني التناصر والتحالف معهم، ولا تتعلق بمعنى اتباعهم في دينهم، فبعيد جداً أن يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين إنما هو ولاء التحالف والتناصر .
وفي قوله تعالى { فإنه منهم } قال: فإنه إذا كان اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض فإنه لا يتولاهم إلا من هو منهم . والفرد الذي يتولاهم من الصف الإسلامي يخلع نفسه من الصف، ويخلع عن نفسه صفة هذا الصف " الإسلام "وينضم إلى الصف الآخر.
فما يمكن أن يمنح المسلم ولاءه لليهود والنصارى ـ وبعضهم أولياء بعض ـ ثم يبقى له إسلامه وإيمانه، وتبقى له عضويته في الصف المسلم، الذي يتولى الله ورسوله والذين آمنوا أ- هـ.
فالولاء شرعاً له عدة معان منها{ التناصر والحب والتحالف والاتباع}
·      البراء شرعاً:
قال الله تعالى: {  إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأسْبَابُ } ([8]).
وقال  تعالى: { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} ([9]).
وقال الله تعالى: { بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } ([10]).
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} ([11]).
وقال الله تعالى: { وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ }([12]).
والبراء في الشرع له معان منها { العداء والتنزه والمجافاة }
حكم الولاء والبراء

 [والولاء فرض وواجب بين المسلمين, وحرام ويخرج صاحبه من الملة إذا والى المشركين, والبراء محرم بين المسلمين, بإطلاقه وواجب بين المسلمين والمشركين فمن يوالي الكفار فهو كافر.]

بل الولاء للمؤمنين, والعداء للكافرين؛ أصل من أصول الإيمان, ومن لوازم كلمة الإخلاص وشهادة التوحيد, التي من أجلها شهرت السيوف, وقسم الناس إلى معسكرين, معسكر للجنة, ومعسكر للجحيم, وهي كلمة [ لا إله إلا الله].

فهناك دائرتان لا غير؛ دائرة الإيمان, ودائرة الكفر, ومن أراد أن يدخل دائرة الإيمان؛ فلا بد أن يخرج من دائرة الكفر, ويعاديها, ولا يقبل بأي حال أن يضع الإنسان قدم هنا وقدم هناك, قال الله تعالى: {فَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} قال الله تعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا }([13]).

وقال تعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ % قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} ([14]).
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { فَقَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ الأعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَائِلٌ الصَّلاةُ وَالزَّكَاةُ وَقَالَ قَائِلٌ الْجِهَادُ قَالَ إِنَّ أَحَبَّ الأعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ }([15]).
وقال البخاري: بَاب قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) وَقَوْلُهُ ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) وَقَوْلُهُ ( أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ) وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ( فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى ( وَمَا زَادَهُمْ إلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإيمَانِ .
عن عَبْد ُاللَّهِ بْنُ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {آيَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ}([16]).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ }([17]).
عَنْ أَبِي نُخَيْلَةَ الْبَجَلِيِّ قَالَ قَالَ جَرِيرٌ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُبَايِعُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ: {أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ }([18]).
فمن عقد الولاء والبراء، والمحبة والمعاداة, في الله؛ فهو عبد لله, .. ومن عقد الولاء والبراء, في غير الله عز وجل ؛ فهو عبد لهذا الغير, أياً كان هذا الغير, .. وطن أو قبيلة أو قومية أو حزب أو جماعة أو غير ذلك. وسواء أقر بعبادته له من دون الله, أم أنه لم يقر.
قال الله تعالى في الحديث القدسي:{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ }([19]). 
وقال الإمام ابن تيمية:[ بل لا يجوز أن يحب شيء من الموجودات لذاته؛ إلا هو سبحانه وبحمده, فكل محبوب في العالم, إنما يجوز أن يحب لغيره لا لذاته, والرب تعالى هو الذي يجب أن يحب لنفسه, وهذا من معاني ألهيته, ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا, فإن محبة الشيء لذاته شرك, فلا يحب لذاته إلا الله, فإن ذلك من خصائص ألهيته, فلا يستحق ذلك إلا الله وحده, وكل محبوب سواه؛ إن لم يحب لأجله, أو لما يحب لأجله, فمحبته فاسدة, والله تعالى خلق في النفوس حب الغذاء, وحب النساء, لما في ذلك في حفظ الأبدان, وبقاء الإنسان, فإنه لولا حب الغذاء, لما أكل الناس ففسدت أبدانهم, ولولا حب النساء لما تزوجوا فانقطع النسل, والمقصود بوجود ذلك بقاء كل؛ منهم ليعبدوا الله وحده, ويكون هو المحبوب المعبود لذاته, الذي لا يستحق ذلك غيره, وإنما تحب الأنبياء والصالحون تبعا لمحبته, فإن من تمام حبه؛ حب ما يحبه, وهو يحب الأنبياء, والصالحين, ويحب الأعمال الصالحة, فحبها  لله, هو من تمام حبه, وأما الحب معه؛ فهو حب المشركين, الذين يحبون أندادهم كحب الله, فالمخلوق إذا أحب لله, كان حبه جاذبا إلى حب الله, وإذا تحاب الرجلان في الله, اجتمعا على ذلك, وتفرقا عليه, كان كل منهما جاذبا للآخر إلى حب الله.]([20]).
وقال الإمام ابن القيم: [فصل: والمحبوب قسمان: محبوب لنفسه, ومحبوب لغيره, لا بد أن ينتهي إلى المحبوب لنفسه, دفعا للتسلسل المحال, وكل ما سوى المحبوب الحق فهو محبوب لغيره, وليس شيء يحب لنفسه إلا الله وحده, وكل ما سواه مما يحب فإنما محبته تبع لمحبة الرب تبارك وتعالى, كمحبة ملائكته, وأنبيائه, وأوليائه, فإنها تبع لمحبتة سبحانه, وهي من لوازم محبته, فان محبة المحبوب؛ توجب محبة ما يحبه, وهذا موضع يجب الاعتناء به, فانه محل فرقان بين المحبة النافعة لغيره, والمحبة التي لا تنفع بل قد تضر.
فاعلم أنه لا يحب لذاته إلا من كان كماله من لوازم ذاته, وإلهيته وربوبيته وغناه من لوازم ذاته, وما سواه فإنما يبغض ويكره لمنافاته محابه ومضادته لها وبغضه وكراهته بحسب قوة هذه المنافاة وضعفها, فما كان أشد منافاة لمحابه, كان أشد كراهة من الأعيان والأوصاف والأفعال والإرادات وغيرها, فهذا ميزان عادل توزن به موافقة الرب, ومخالفته, وموالاته, ومعاداته, فإذا رأينا شخصا يحب ما يكرهه الرب تعالى, ويكره ما يحبه, علمنا أن فيه من معاداته بحسب ذلك, وإذا رأينا الشخص يحب ما يحبه الرب, ويكره ما يكرهه, وكلما كان الشيء أحب إلى الرب؛ كان أحب إليه وآثره عنده, وكلما كان أبغض إليه, كان أبغض إليه, وأبعد منه؛ علمنا أن فيه من موالاة الرب؛ بحسب ذلك .
فتمسك بهذا الأصل في نفسك, وفي غيرك, فالولاية عبارة عن موافقة الولي الحميد في محابه, ومساخطه, وليست بكثرة صوم ولا صلاة ولا تمزق ولا رياضة.]([21]).



[1]  - لتوبة:71.
[2] - المائدة:56.
[3] - البقرة 157
[4] - آل عمران 28
[5] - آل عمران  175
[6] - النساء 76
[7] - النساء 139
[8]  - البقرة 166
[9] - الأنعام 19
[10] - التوبة 1
[11] - التوبة 114
[12] - يونس 41
[13] - النساء 91
[14] - التوبة 23-24
[15] - مسند أحمد20796
[16] - البخاري 17
[17] - أبو داود 4977
[18] - 4177
[19] - مسلم 2985
[20] - مجموع الفتاوى 10/607
[21] - الجواب الكافي ص: 292

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.