موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

التحليل السياسي الأسبوعي


التحليل السياسي الأسبوعي
رضوان محمود نموس
إن أساس السياسة الناجحة هو العلم بحال من نتعامل معهم؛ والسعي لأن يكون هذا العلم مطابقاً للحقيقة، قائماً على اليقين لا على الشبهات والأوهام.
لذا كانت القاعدة العامة الهامة (العلم قبل العمل) وأصدق علم وأهمه هو ما أخبرنا به الله سبحانه وتعالى وما أخبرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهنا يأتي استخدام هذا العلم وفن تطبيقه، فالعلم شيء وفن تنزيل هذا العلم على الواقع شيء آخر، متعلق ومرتبط بالعلم، وهذا التنزيل يجب أن يتصف بالحكمة، والتعريف الأمثل للحكمة هو: (وضع الشيء في موضعه).
ولا يتأتى النجاح في تطبيق هذه القواعد إلا بكبح جماح الهوى وجعله تابعاً لا متبوعاً.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36]
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» ([1]).
فمن يود عدوه ويألفه ويصادقه راجياً نفعه فهو فاشل سياسياً، ضال عقدياً، منحرف أخلاقياً وسلوكياً.
وشر منه من يعادي إخوانه وأهله إرضاءً لهذا العدو، أو اتباعاً للهوى، وشر الأشرار الذي اجتمع فيه المرضان.
والناس في السياسة الإسلامية أحد اثنين، مسلم نواليه، أو كافر له أحكاك الكفار كل بحسب نوعه وصنفه، ولذا أكد تعالى أنه لا يستقيم الإيمان إلا بمعاداة الكفار قال الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 256]
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [التوبة: 23]
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّ عُرَى الْإِسْلَامِ أَوْثَقُ؟» ، قَالُوا: الصَّلَاةُ، قَالَ: «حَسَنَةٌ، وَمَا هِيَ بِهَا؟» قَالُوا: الزَّكَاةُ، قَالَ: «حَسَنَةٌ، وَمَا هِيَ بِهَا؟» قَالُوا: صِيَامُ رَمَضَانَ. قَالَ: «حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِهِ؟» قَالُوا: الْحَجُّ، قَالَ: «حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِهِ؟» قَالُوا: الْجِهَادُ، قَالَ: «حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِهِ؟» قَالَ: «إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ»([2])
وحتى يقع حبنا في موضعه وبغضنا في موضعه، أمرنا الله أن تستبين سبيل المجرمين ليكون بغضنا لهم عن علم بكفرهم وعداوتهم لنا قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ } [الأنعام: 55]
ورأفة من الله بنا كشف لنا أستارهم وأظهر عوارهم حتى لا يجادل عنهم مجادل ولا يدافع عنهم مماحل.
 قال الله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ } [البقرة: 105]
قال الله تعالى: { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } [الممتحنة: 2]
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران : 100]
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}[النساء : 101]
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران : 118]
وقال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة : 32 ]
وقال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } [هود: 112، 113]
وشتان بين من همه رضوان الناس وكيف يصل إليهم، وبين من همه الحقائق كيف تطبق على الوقائع! يختلف الصنفان اختلافاً جذرياً، العدو عدو لا يمكن أن يتغير ولو لان مرة أو اتفقت مصالحك مع مصالحه مرة، فهو عدو لا يؤمن، ولا يوجد عاقل له مسكة من عقل يأمن عدوه قط، فإذا أمن عدوه فقد أسلم نفسه لعدوه يسوقه كيف يشاء.
وفي إبليس نموذج واضح للأعداء إذ أقسم لأبوينا أن ينفعهما فأخرجهما من الجنة بمكره وغيره من الأعداء الكفرة الذين يسلكون طريقه ويتبعونه في نفس إستراتيجيته في عداوتنا فالعدو عدو، والإنسان العاقل يكون واضحاً في تعامله، ثمة أمور يمكن إرجاؤها، وثمة أمور لا تقبل الإرجاء ولا التأخير أبداً.
وَالْعَاقِلُ لَا يَأْمَنُ عَدُوَّهُ، وَلَوْ كَانَ حَقِيرًا. فَكَمْ مِنْ حَقِيرٍ أَرْدَى عَدُوَّهُ الْكَبِيرَ، ولا تقارب عدوك، فيجترئ عليك، وتذل نفسك، ويرغب عنك ناصرك.

والحازم لا يأمن عدوه على حال: إن كان بعيدًا لم يأمن مغاورته، وإن كان قريبًا لم يأمن مواثبته، وإن كان منكشفًا لم يأمن استطراده وكمينه، وإن رآه وحيدًا لم يأمن مكرَهُ.
وإنما الشقي من لا يعرف الأمور ولا أحوال الناس ولا خصائص أعدائه ومكرهم، وليس مع عداوة الجوهر والدين صلح، إلا ريثما يعود إلى العداوة، وليس صلح العدو بموثوق به ولا مركون إليه.
ولكن المسلمين وللأسف الشديد في غفلة عن أمر ربهم، وعن أعدائهم، فما يزال معظمهم مخدوعًا في أعداء الله.
وما يزال البعض من مدعي الإسلام، يفضون إلى أعداء الله بالمودة، ويأمنونهم على أسرار المسلمين، ويتخذون منهم بطانة، وأصحابا وأصدقاءً.
إن الآيات تبصرنا بأعدائنا الحقيقيين، الذين لا يخلصون لنا أبدا ولا تغسل أحقادهم مودة المسلمين لهم، لأنهم أعداء عقيدة لا ترجى مودتهم  يقول الشاعر:
كل العداوات قد ترجى مودتها ... إلا عداوة من عاداك في الدين
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بسكون الحقود، فإنما مثل الحقد في القلب ما لم يجد متحركاً مثل الجمر الكنون ما لم يجد حطباً. فلا يزال الحقد يتطلع إلى العلل كما تبتغي النار الحطب فإذا وجد علة استعر استعار النار فلا يطفئه ماء ولا كلام ولا لين ولا رفق..
وكثرة الأعوان إذا لم يكونوا نصحاء مجربين مضرة على العمل، فإن العمل ليس بذلك رجاؤه بل بصالح الأعوان وذوي الفضل، كالرجل الذي يحمل الحجر الثقيل فيثقله ولا يجد له ثمناً والرجل الذي يحمل الياقوت فلا يثقل عليه وهو قادر على بيعه بالكثير من المال.
ومن المعلوم من الواقع بالضرورة أن المجلس الأول للسوريين صنيعة فرنسية، والائتلاف صنيعة أمريكية.
فهل أمريكا الكافرة تريد مصلحتنا والله تعالى قال عنهم: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] فمن نصدق؟؟ أنصدق أمريكا الكافرة وعملاءها وأتباعها وأذنابها أم نصدق الله سبحانه وتعالى؟!!.
إن فرنسا وأمريكا صنعوا للسوريين قيادات خارجية في غالبها مرتدة كافرة، فعندما أسست فرنسا المجلس أوكلت قيادته إلى برهان غليون الشيوعي الملحد المحارب لله ورسوله والدين والمسلمين، وعندما فضح أمره رفض التخلي إلا لعبد الباسط سيدا الشيوعي الكردي، وعندما عدلوا اختاروا جورج صبرا الشيوعي النصراني. وليس عتبنا على فرنسا أو على الشيوعيين والنصارى وطوائف الردة والعلمانيين فهم عدو ظاهر علينا أن نتعامل معهم وفق كفرهم وعداوتهم ولكن عتبنا على المتأسلمين الذين كان دورهم دور الغاش المخادع للمسلمين بالترويج لهذا المجلس الكفري والذب عنه والمشاركة فيه.
ولأنانية أمريكا وعدم السماح لفرنسا وتركيا بأي دور أوجدت الائتلاف الذي يقوده رجل من أتباع غاندي، وهو شكل فقط والقائد الحقيقي رياض سيف العلماني الشيوعي المتأمرك وسهير الأتاسي اللعوب البعثية المتأمركة وكالسابق قام المتأسلمون بنفس الدور القذر.
وأمريكا لا تخفي دورها كما كانت تفعل فرنسا بل تعلن أنها هي التي أسست الائتلاف. والائتلاف يسير وفق التعليمات الأمريكية، وأمريكا لا تخفي عداءها أيضاً بل تعلن أهدافها وتتبجح بعدائها للدين.  
ونقول للذين لا يوقنون بآيات ربهم تعالوا واسمعوا ما تريده أمريكا.
فقد صرح بذلك فوكوياما الذي عبر عن هذا العداء والغرور الغربي تعبيراً واضحاً حين زعم أن التاريخ انتهى فيما يتعلق بمناهج الحياة ؛ فالناس كلهم سائرون نحو هذا النموذج الغربي الذي يراه النموذج الوحيد المناسب لعصرنا، والذي يسمى لذلك بالحداثة . فالإسلام الذي ما يزال يؤمن كثير من أهله بأنه بديل أصلح للناس من النموذج الغربي لا بد أن يكون حركة رجعية
تعرقل تقدم البشرية؛ فلا مناص من حربه وإيقافه عند حده.
وفي تقرير راند الصادر عن المقر الإقليمي للمؤسسة في (قطر) يقررون أنه يجب تطبيق إستراتيجية مواجهة شاملة مع الإسلام لإسقاطه من خلال:
1-            إعلان الحرب على الإرهاب ( يعني المجاهدين) .
2-           الضغط على الحكومات في هذا الاتجاه.
3-           دعم التيارات العلمانية والليبرالية والحداثية.
4-           التركيز والعمل على استقطاب إسلاميين وتشكيل تيار إسلام عصراني [ من خلال بناء شبكة معادية للإسلام تسمى شبكات مسلمة معتدلة لخدمة المصالح الإستراتيجية الأمريكية وكان أهم عناصر تلك الإستراتيجية ما يلي:
أ‌-               أن المعركة لن تحسم فقط بمقاومة الإرهاب وإنما المشكلة في الإسلام ذاته.
ب‌-         العمل على نقل الصراع إلى داخل العالم الإسلامي وبين المسلمين أنفسهم بدلاً من الصراع بين الإسلام والغرب.
ت‌-         العمل على تغيير الإسلام واحتوائه أو تهميش دوره وإعادته إلى المسجد ومنعه من التأثير على الأفراد إلا في مجالات العبادة الفردية فقط.
ث‌-         العمل على إعادة تفسير مبادئ الإسلام أو إعادة كتابته لكي يتواءم مع التغيرات العالمية كما تم من قبل مع النصرانية واليهودية.
ج‌-          العمل على استخدام الإسلام في مواجهة الإسلاميين وذلك بأن يتم استخدام وأن يتم التنقيب في التراث الإسلامي عن النصوص الشرعية التي يمكن أن يسهم استخدامها في تغيير الإسلام.
ح‌-          العمل على إحياء ودعم وتقوية العلمانيين في مواجهة التيار الإسلامي.
خ‌-          يجب أن يكون مفهوم الاعتدال وفقاً للتصور الأمريكي كمصطلح رئيسي في المواجهة الفكرية وأن أي مقاومة للاعتدال بالمفهوم الأمريكي هي تعبير عن التطرف والغلو الذي يجب مقاومته باسم القوانين الدولية.
تجدر الإشارة إلى أن التقرير قد حدد أحد عشر سؤالاً لاختبار المسلم الذي ينبغي أن يصنف على أنه مسلم معتدل وفق المفهوم الأمريكي، ويمكننا إيجاز أهم الأسئلة كما يلي:
1-           هل تؤمن بأن تبديل الأديان (الردة عن الإسلام) من الحقوق الفردية؟.
(الإجابة بنعم تعني مسلماً معتدلا وبلا تعني مسلما متطرفا)  
2-           هل تؤمن بأن على الدولة أن تفرض تطبيق الشريعة في الجزء الخاص بالتشريعات الجنائية؟.
(الإجابة بنعم تعني مسلماً متطرفا وبلا تعني مسلما معتدلا).
3-           هل تؤمن بإمكانية أن يتولى أحد الأفراد من الأقليات الدينية (مسيحي، يهودي، وثني، ملحد، ) مناصب سياسية عليا (رئاسة الدولة في دول ذات أغلبية مسلمة؟. 
(الإجابة بنعم تعني مسلماً معتدلا وبلا تعني مسلما متطرفا)]([3]).
فقادة الحضارة الغربية يريدون منا معاشر المسلمين أن نلبي لهم ثلاثة مطالب رئيسة بغض النظر عن التفريعات والشكل:
أولها : أن تكون العلمانية منهج حياتنا كما هي منهج حياتهم ، وأن لا يحتل الإسلام إلا مكاناً ضيقاً في إطارها .
ثانياً : العلمانية التي يريدون يجب أن تكون ليبرالية ديمقراطية في السياسة، رأسمالية حرة في الاقتصاد، إباحية في القيم، مصادقة وخاضعة ليهود في التعامل.
ثالثاً : أن تكون هذه العلمانية العربية أو « الإسلامية » أو الأخوانية خادمة لمصالح الدول
الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية ؛ وذلك لأن الدولة قد تحقق ذينك الشرطين السابقين لكنها تكون مع ذلك دولة قوية مستقلة منافسة للدول الغربية .
فالذي تحرص عليه الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة هو أن لا يكون لها في مجال القوة المادية منافس تمكنه قوته من الاستقلال عنها في مراعاة مصالحه . ومن هنا فإنهم ينظرون بكثير من القلق إلى دول مثل الصين و اليابان ، ويعملون على أن لا تكون أي منهما منافساً للغرب.
فالمطلب الثالث هذا هو أبو المطالب عندهم، وما الآخران إلا وسائل إليه، إن حققا غرضهما فبها، وإلا ضحي بهما في سبيله. أعني أن الديمقراطية مثلاً مطلوبة شريطة أن لا تؤدي إلى موقف معاد، أو منافس للولايات المتحدة. فإذا كانت كذلك استبدل بها نظام دكتاتوري يحقق التبعية .
وهم يسعون لتحقيق هذه الردة فينا أولاً بأن نتبع سبيلهم في الاستماع إلى نصائح يسدونها إلينا في الطريقة التي نفهم بها ديننا ونفسره. تأتي هذه النصائح أحياناً منهم مباشرة ، ولكنها تأتي في كثير من الأحيان عن طريق عملائهم الفكريين وطابورهم الخامس من شيوخ الوسطية والاعتدال الأمريكي وعلماء الطواغيت والقنوات الفضائية المتأمركة وقادة الأخوان في البلاد الإسلامية، الذين لا يملون من ترداد أنهم لن يطبقوا الشريعة، لن يغلقوا الخمارات ودور الدعارة، لن يأسلموا مناهج التعليم، وفي ذات الوقت يعلنون عن الأخوَّة مع المرتدين ورابط المواطنة، ويفاخرون بأنهم يضعون على قوائمهم الانتخابية نصارى ومرتدين.
ولذلك عمدت أمريكا إلى تقريب الإخوان المسلمين وإعادة النظر في الحكم عليهم لأنهم:
1- أقرب الجماعات السنية نحو الإسلام العصري أو الإسلام المدني الأمريكي المسخ المطلوب تعميمه وتبنبه.
2- التصريحات المتتالية لقادة الجماعة في كل مكان بأنهم لا يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية ولا ينوون إقامة الأحكام الشرعية.
3-  النوايا والتصرفات الحسنة تجاه الأهداف الأمريكية التي تقوم بها الجماعة نحو عدد من القضايا المقلقة للغرب، وعلى رأسها قضية الإرهاب ومشاركتهم الفاعلة في حرب أنصار الشريعة وإعلان براءتهم من الجهاد في حقبة الثمانينات وإنكارهم على المجاهدين وإدانة تصرفاتهم..الخ.
4-           تحالفهم مع العلمانيين والشيوعيين في ذات الوقت الذي يتهجمون فيه على المجاهدين ويحاربون التيارات السلفية.
5-           ما زال الشعب مخدوعاً بهم لإعلانهم الإسلام.
6-           تقرب زعماء الجماعة من القادة الغربيين وسفراء الدول الغربية في كثير من البلدان الإسلامية التي يوجد للجماعة ثقل فيها .
7-           التجربة التركية والعراقية المتمثلة في حزب الهاشمي ... أعطت برهاناً على صدق نوايا الجماعة واستعدادها لخدمة أمريكا وإنشاءها للصحوات لمحاربة القاعدة.
وهنا نقول لا بد من أحد أمرين بهدف إنهاء الحالة الرمادية بين المجاهدين والأطراف المتأسلمة في المجلس والائتلاف السائرة بركب أمريكا عدو الإسلام الأول.
الأول: محاورة الأخوان ومن على شاكلتهم لإعادتهم إلى الصف الإسلامي والوقوف حيث يطلب الدين أن يقفوا من موالاة للمسلمين ومعاداة للكافرين، والخروج من التحالفات مع العلمانيين والمرتدين، والعودة إلى الصف الإسلامي بشكل نهائي وصحيح.
وهذا المطلب من وجهة نظري دونه خرط القتاد؛ إلا أن يشاء الله لأن سيرتهم خلال العقود الثلاثة المنصرمة كلها تحالفات مع أهل الردة، هجوم على المجاهدين، خضوع لأمريكا والغرب، ولاء للطواغيت رغم كثرة الناصحين، ولكنهم يسيرون دون أن يأبهوا لأحد ظانين أن الأمر كله بيد أمريكا والغرب لذا فهم يأوون إلى الركن الشديد بمفهومهم.
نسوا الله فنسيهم وأعمى أبصارهم. قال الله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67]
الثاني: اعتبار قيادة الأخوان ومن على شاكلتهم في المجلس والائتلاف والهيئات والتنظيمات والمؤسسات الرديفة أنهم جزء من المشكلة وليسوا جزأً من الحل فهم يريدون حرف الجهاد الإسلامي في سوريا وتمكين الغرب الكافر من البلاد وتحقيق أهدافه بتدمير الإسلام.
 ولقد سمعت تبريرات من بعض قياداتهم والببغاوات المروجة أن قيادة الأخوان تضحك على أمريكا والغرب ولا بأس بأن يضحوا بالجهاديين لتحقيق أهدافهم.
فشبه ميؤس منهم أن يساهموا في حل إسلامي فلقد قرروا نهائياً الوقوف في صف الكفر الأمريكي سواء كان ذلك ولاءً محضاً أو ردة عن دين الله أو مخادعة للغرب أو هزيمة ساحقة بحيث يرون أنه لا مفر من السير بركب أمريكا أو أن مصلحة حزبهم تقتضي ذلك أو أي تبرير شيطاني آخر.
فالنتيجة واحدة هي وقوفهم مع الأعداء هذا الظاهر الذي يبنى عليه الحكم.
فيجب النظر إليهم ومعاملتهم على هذا الأساس دون الانزلاق لا سمح الله إلى الصدام المسلح معهم لجهل غالبهم بما يترتب على مواقفهم بل للجهل الغالب على هذا الحزب بأساسيات الدين ومعنى (لا إله إلا الله) ودرأً للمفسدة وتحملاً لأخف الضررين ولعدم حرف المعركة عن مسارها الحقيقي وتحقيق آمال الغرب بالتصارع الداخلي وإعطاء فرصة لهؤلاء الضالين علهم يراجعوا دينهم ونأمل أن يرزقهم الله ويهيئ لهم من يأخذ بأيديهم ويعيدهم إلى صف المسلمين.
بل علينا التواصل مع الصالحين من قواعد الأخوان وتبيين ضلال قيادتهم ودعوتهم إلى الحق والعودة إلى التمسك بالإسلام الصحيح. فعَنِ ابْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَ مُعَاذًا يُعَلِّمُ الدِّينَ قَالَ لَهُ: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»([4]).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَرَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَالدَّوَابُّ الَّتِي يَقْتَحِمْنَ فِي النَّارِ يَقْتَحِمْنَ فِيهَا فَإِذَا أَخَذَ بِحُجَزِهِمْ عَنِ النَّارِ وَهُمْ يَغْلِبُونَ فَيَقْتَحِمُونَ فِيهَا» ومن مظاهر سرعة تقحمهم واندفاعهم نحو مستنقع الضلال الشيطاني الآتي:
1-            صرح المجلس العسكري التابع للمجلس أن معركته القادمة مع المجاهدين المسلمين.
2-           صرح عدة مسؤولين من الصف الثاني منهم أنه يجب رصد الفاعلين في جبهة النصرة لاغتيالهم في الوقت المناسب.
3-           جرى عدة حالات أسر للمجاهدين القادمين من البلاد الإسلامية وغصب ما يحملون من أموال.
4-           قاموا باغتيال عدة قادة ميدانيين للمجاهدين.
5-           محاربتهم لقدوم أي مجاهد غير سوري.
6-           خذلان جبهة النصرة في أكثر من معركة.
7-           موافقة أمريكا على تخوفها من وجود جبهة النصرة وتسليحها.
8-           منع المال المجموع باسم الجهاد في سوريا عن أي كتيبة متعاطفة مع المجاهدين الحقيقيين.
وأقول موصياً نفسي وأخواني علينا بخير الأمور وهو الصبر والعمل بهدي الأنبياء إذ قالوا لأقوامهم: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12]
وقال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يونس: 108، 109]
وقال الله تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [النحل: 126 - 128]
وقال الله تعالى: قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10]


[1] - السنة لابن أبي عاصم (1/ 12) 15

[2] - مسند أحمد مخرجا (30/ 488) 18524
[3] نقلاً عن فخ الدولة المدنية للدكتور إسماعيل علي السهيلي ص/221-223
[4] - الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (1/ 484) 1375

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.