رؤية دعوة أهل السنة
والجماعة حول تطبيق الشريعة
موقع الشيخ عبد
المجيد الشاذلي
ترتبط
قضية التشريع ارتباطًا وثيقًا بـ لا إله إلا الله ولا يمكن أن ينفصل هذا الارتباط
في أي حال من الأحوال، لأن شهادة أن لا إله إلا الله معناها إفراد الله سبحانه
وتعالى بالألوهية وأن الله عز وجل هو المشرع وهو الحَكم، وشهادة أن محمدًا رسول
الله معناها التصديق والالتزام بما أُرسل به .
1-
فحقيقة الاسلام وجوهره أن لا نعبد إلا الله وألا نعبده إلا بما شرع.
والتشريع في الإسلام
لا يكون إلا لله، ومن زعم لنفسه الحق في التشريع بغير سلطان من الله، فقد تجاوز حد
العبودية، وتطاول إلى مقام الألوهية، وجعل نفسه نداً لله تعالى، فالمشرع هو الله
وحده، ولا تشريع إلا ما شرعه سبحانه، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين
ما لم يأذن به الله} فالتشريع المطلق حق خالص لله وحده لا ينازعه في ذلك أحد كما
قال تعالى: {ولا يشرك في حُكْمه أحداً}، وقال سبحانه: {إن الحكم إلا لله أمر ألا
تعبدوا إلا إياه} ، ولذلك أوجبت الشريعة التحاكم إلى الشرع وجعلته شرط الإيمان،
قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله
واليوم الآخر}، وقال سبحانه: {وما اختلفتم فيه من شيئ فحكمه إلى الله} ، فالشرع
المنّزل من عند الله تعالى، وهو الكتاب والسنة،الذي بعث الله به رسوله، ليس لأحد
من الخلق الخروج عنه، ولا يخرج عنه إلا راد لحكم الله.
فالاسلام هو
الاستسلام والخضوع والانقياد والاذعان لأمر الله بلا شريك، وهو قبول شرع الله ورفض
شرع ما سواه.
2-
إننا نطالب بتعديل المادة الثانية من الدستور لتصبح: الشريعة الإسلامية هي مصدر
التشريع، بحذف كلمتي "مبادئ" و "المصدر الرئيسي"
للأسباب التالية:
-
أن كلمة المبادئ عبارة عن قواعد عامة لا يستطيع أصحابها تحديد معناها ولا أين تقع
في قواعد الشريعة.
-
أن كلمة المبادئ لا تعني الشريعة الإسلامية وإنما تستوي الشريعة الإسلامية مع الشريعة
المسيحية واليهودية مع تجارب الدول الأخرى مع اقتراحات فقهاء القانون كل هذا يستوي
في أنه لا إلزام لشيء من هذا طالما لم يصدر بإرادة المشرع الوضعي.
-
هذه المادة خطاب للمُشرع وليس للقاضي بمعني أنها لو كانت خطابًا للقاضي لكان له
سلطة النظر في مدى تطابق المادة مع الشريعة ولكن المادة خطاب للمُشرع وليس للقاضي
الحق في أن يقضي بحُكم الشرع.
والمصادر الرسمية
للقانون بحسب درجاتها هي :
1- التشريع ( القانون
) ، 2- العرف ، 3- مبادئ الشريعة الإسلامية ، 4- مبادئ القانون الطبيعي ، 5-قواعد
العدالة ، فالتشريع ( القانون الوضعي ) هو المصدر الأساسي من ناحية الأهمية في حين
أن باقي المصادر ثانوية لا يلجأ إليها القاضي إلا إذا سكت التشريع عن حكم النزاع ،
فالشريعة الإسلامية ليست مصدرًا إلزاميًا وإنما أحد المصادر المادية في المرتبة
الثالثة فالقضاة في المحاكم الوضعية لا يملكون إلا أن يطبقوا القوانين الوضعية
المكتوبة بين أيديهم ولو حكموا بغيرها فمصير أحكامهم هو البطلان.
- 3 إننا
نوضح لأمتنا أن التعديلات التي تمت بالدستور فيما يخص وضع الشريعة، بالنص على
المبادئ أو بتفسيرها، كل هذا لم يغير أحد أمرين رئيسيين:
الأول: انها لم تصرف حق
التشريع لله تعالى وحده بل نصت على أنه أحد المصادر، وأن ثمة مصادر أخرى.
والثاني: أنها لم
تغير في درجة إلزامية الشريعة؛ فمن ناحية الإلزام تأتي في الدرجة الثالثة
الالزامية بعد القانون الوضعي والعرف، والشريعة بالنسبة للقانون مصدر مادي لا
إلزام له، كما أوضحنا.
4-
إن تطبيق الشريعة يوفر العدالة المطلقة لجميع المواطنين بصرف النظر عن عقائدهم
وأجناسهم وألوانهم ومواطنهم.
5-
إننا إذ ندعو لتطبيق الشريعة لا ندعو إلى تطبيق الحدود وحسب بل ندعو إلى النظام
الشامل في الحياة نظامًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا فالإسلام دين شامل
"اليوم أكملت لكم دينكم" فالإسلام دين واقعي حركي شامل ولا يمكنه أن
يعمل في بيئة تجتزئ منه بعضه فتقبل ما تشاء منه وترفض ما تشاء بداعية الهوى؛
فالإسلام عقيدة وجدانية تنبثق منها شريعة قانونية ويقوم عليها نظام اجتماعي.
6-
إن الإسلام خطاب جاد لينقذ البشرية من وحل التيه ومستنقع الظلام فهو عقيدة وشريعة
وهوية وصبغة.
عقيدة تشهد لله
بالوحدانية في خلقه وأمره، وشريعة تطاع وتتبع، وهوية تجمع الأمة، وصبغة تصبغ
المجتمع " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ".
7-
إننا ومن منطلق عقدي نرفض أي دستور لا ينص صراحة على إلغاء كافة القوانين المصادمة
للشريعة والمخالفة لها.
ونرفض أي دستور لا
ينص صراحة على منع تشريع أي قوانين جديدة في الحاضر أو المستقبل تصادم أو تخالف
الشريعة الإسلامية.
بل ونرفض أي
دستور لا يرد الأمر لصاحب الأمر سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.
ونأمل أن يصل الحق
للناس وأن تنحاز الأمة بقلبها النابض المتمثل في الحركة الإسلامية إلى موقف عقدي
لا يتزحزح ، بل وموقف واضح يعرف الواقع ويعرف الإسلام وينحاز إليه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق