موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 30 يناير 2012

أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (18)


أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (18)
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن رأي محمد عمارة بدولة الإسلام والتشريع الإسلامي وكيف ينكر أن يكون للإسلام الحق في تنظيم الدولة أو التدخل في شؤونها عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر:  (الجزيرة نت) 3/11/2010

·               محمد عمارة ودولة الإسلام والتشريع الإسلامي:
ينكر محمد عمارة أن يكون للإسلام الحق في تنظيم أمور المسلمين الدنيوية، ويحاول أن يقصر الإسلام على الاعتقاد بوجود الله، فهو يقرر أن اليهود والنصارى والمسلمين كلهم مؤمنون، ويركز على فصل الدين عن الدولة، فيقول تعليقاً على دعوة الحركات الإسلامية لتطبيق شريعة الله مستنكراً ذلك: [ وما دامت هذه الحركات تنادي بتجريد الجماهير المسلمة من حقها في التشريع لحياتها الدنيا والتقنين لواقعها بزعم أن ذلك أمر قد فرغت منه السماء، فإنها لا بد وأن تكون رغم الشعارات والدعاوى بمثابة القيد الجديد الذي يزيد الداء استفحالاً والجرح عمقاً والبلوى عموماً، والأخطر أن ذلك يتمّ باسم قدس الأقداس في حياتنا، باسم الدين ] ([1]).
ويقول: [ وبعد أن رأينا رأي الإسلام الذي ينكر صبغ السلطة السياسية ومؤسسات المجتمع بالصبغة الدينية الخالصة، ويرفض النظرية القائلة بوحدة السلطتين الدينية والزمنية، ولأسباب عديدة، على رأسها وفي مقدمتها أنه ينكر وجود السلطة الدينية في السياسية من أساسها ] ([2]).
ويصف اليهود الذين كانوا في عهد أنبيائهم وهم في الحقيقة مسلمون، فيقول عنهم وهم في حالة الإسلام: [ وامتازوا عن العبرانيين مثلاً الذين كانوا يعاملون كخراف ضالة، يحكمها ملوك أنبياء تعينهم السماء، ولا شأن لهذه الخراف الضالة في شؤون الحكم وأمور التشريع ] ([3]).
ويقول عن دعاة الإسلام الذي يدعون لتطبيق شرع الله: [ فهل يريد الدعاة الجدد للسلطة الدينية بين المسلمين المعاصرين وهم قلة والحمد لله أن نرث اليوم مواريث تلك الأمم القديمة، وأن نرثها ونحييها وحدنا بعد أن اتضحت سيئاتها وانكشفت عوراتها، حتى لقد رفضتها البشرية المستنيرة جمعاء؟! وألا تراهم بذلك يريدون لأمتنا التخلف بدلاً من التقدم، والأغلال بدلاً من الانطلاق والانعتاق؟! وكأنما الإنسان المسلم في حاجة إلى المزيد من القيود والأغلال ] ([4]).
ويقول عن الإسلام: [ فهو خاتم الرسالات ورسوله خاتم الرسل، لأن البشرية قد بلغت عنده وبه مرحلة النضج وسن الرشد، ومن ثم فلقد أصبحت أمور دنياها موكلة إلى عقلها ولم تعد أمراً سماوياً ] ([5]).

ثم يقول: [ ففي طفولة الإنسانية وقصورها كانت شؤونها السياسية موكلة إلى الأنبياء، فكانوا أنبياء وحكاماً وكان الحكم السياسي والنبوة مزيجاً متحداً، أي كانت السلطة السياسية سلطة دينية في ذات الوقت، ويتضح ذلك من تاريخ أنبياء بني إسرائيل، أما في الإسلام وإعلاء شأن العقل وسيادة سلطانه، فإن التمييز بين السلطتين أصبح واحداً من إنجازات الإسلام الكبرى على درب تطور الإنسان، كما أصبح واحداً من علامات النضج والرشد لهذه الإنسانية ] ([6]).
ويقول: [ إن إرادة الشعب الغير مكره والغير مسلوب حريته قولاً وعملاً، هي قانون ذلك الشعب الذي يجب على كل حاكم أن يكون خادماً له أميناً على تنفيذه ] ([7]).
ويبتهج ويفرح لقول محمد عبده، وينقله قائلاً: [ أصل من أصول الإسلام وما أجله من أصل، قلب السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها ] ([8]).
وعندما يتعرض لآيات الحكم بما أنزل الله، يقول: [ وفيما يتعلق بالآيات التي نحن بصدد الحديث عنها فإن إجماع أئمة المسلمين وعلماء تفسير القرآن قد أطبق على أنها قد نزلت في أهل الكتاب، وفي اليهود على وجه التحديد ] ([9]).
ثم يقول: [ إن الكتاب الذي تتحدث عنه الآيات طالبة الحكم بما فيه كشرط لعدم الكفر وعدم الظلم وعدم الفسق، ليس القرآن كما يتوهم دعاة نظرية الحاكمية لله، وإنما هو التوراة أو الإنجيل ] ([10]).
أما النقطة الأولى:
 فنحن نسأل المفكر محمد عمارة: هل الحدود, والتجارة والمعاملات, والزواج والطلاق, والمزارعة والمضاربة, ووجوب طاعة ولي الأمر بالمعروف, وتحريم ما حرم من المآكل والمشروبات، هل هذه أمور دنيا أم عبادات؟ أظن أن المفكرينات يعلمون جميعاً أن هذه الأشياء لا تدخل تحت ما اصطلح عليه عبادات: مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج وما شابه، ومع ذلك فللدين حكم فيها, ولا يجوز لأحد أن يخرج على حكم الدين، ومن يرفض حكم الدين في تحريم الربا فيقنن له أو يعطي التراخيص لفتح البنوك الربوية فلا شك في كفره، ومن يرخص بفتح دور الدعارة أو حانات الخمور فهو مستحل لاشك في كفره, ومن يستحل زواج المسلمة من الكتابي أو الكافر فلا شك في كفره، ومن يحرم التجارة لا شك في كفره، والله عز وجل أنزل قرآناً وأوحى إلى نبيه أن يعلمنا السنة لننفذ تعاليم القرآن والسنة، ومن أعرض عن تنفيذ أوامر الله واخترع أحكاماً لتنظيم دنياه بعيداً عن القرآن والسنة وإجماع الأمة فهو مشرع من دون الله كافر خارج من الملة، ومن يطعه في كفره هذا فهو كافر مثله وهذا ليس رأينا بل هو كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى: { كان الناس أمة واحدة فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ  الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ }([11]).
وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا % أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا }([12]).
وقال تعالى: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }([13]).
وقال الله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }([14]).
وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}([15]).
وقال الله تعالى:{  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ % وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إلى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ % وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ % أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }([16]).
وقال الله تعالى:{  إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }([17]).
وقال الله تعالى:{ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا % وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً % إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }([18]).
والآيات كثيرة جداً، ولعل في هذا كفاية لمن أراد الهداية ومعرفة الحق.
وأما الأحاديث فكثيرة منها:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى }([19]).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: [ جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ, فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي, فَقُلْتُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ, فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا, فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا, فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ, فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إلا أَنْ يَكُونَ الْوَلاءُ لَهُمْ, فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ فَإِنَّمَا الْولاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ, فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ, ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ.. مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ. مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ, قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ, وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ, وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ] ([20]).
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ  رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا, وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ, وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ }([21]).
وأما أقوال الأئمة فهي أكثر من أن تحصى، وسيأتي بعضها في مكانه إن شاء الله.
أما النقطة الثانية:
 وهي قوله: إن إجماع أئمة المسلمين وعلماء تفسير القرآن قد أطبق على أنها أي آيات الحاكمية نزلت في أهل الكتاب, وفي اليهود على وجه التحديد.
فهل هذا صحيح حقاً أم أنه الكذب والبهتان والافتراء عينه؟!
وإليك أقوال علماء التفسير وغيرهم في تفسير هذه الآية:
1.                قال الحسن البصري في تفسيره "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، إنها عامة في اليهود وفي هذه الأمة.
2.                وقال الصنعاني  في تفسير القرآن: حدثنا عبد الرزاق حدثنا الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: نزلت هؤلاء الآيات في بني إسرائيل ورضي لهذه الأمة بها، وقال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "، قال: هي كفر.
3.                وذكر الماوردي في ذلك عدة أقوال منها: أنها نزلت في أهل الكتاب وحكمها عام في جميع الناس وهذا قول الحسن وإبراهيم.
4.                قال الطبري: وقال بعضهم عنى الكافرين أهل الإسلام، وبالظالمين اليهود وبالفاسقين النصارى. وقال ذلك الشعبي، وساق تسعة أسانيد إلى الشعبي بهذا القول،..وقال قِسم: المراد بهذه الآيات جميع الناس ومن هؤلاء: ما رواه الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل، ورُضِيَ لهذه الأمة بها.
وممن قال إنها عامة: عبد الله بن مسعود وابن عباس، قال ابن مسعود والحسن: هي عامّة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار، وسئل حذيفة عن هذه الآيات، فقال: نعم هي فيكم. وقيل الكافرون للمسلمين، وهو اختيار ابن عباس وجابر بن زيد وابن أبي زائدة وابن شبرمة والشعبي. وهذا اختيار أبي بكر بن العربي،
5.                                وأما ابن كثير: فقد نقل قول عبد الرزاق عن الثوري عن الشعبي "ومن لم يحكم بما أنزل الله" قال: للمسلمين، وقد حكى الإمام أبو نصر الصباغ رحمه الله في كتابه الشامل إجماع العلماء على الاحتجاج بهذه الآية على ما دلت عليه. وقال أيضاً: واستدل كثير ممن ذهب من الأصوليين والفقهاء إلى أن شرع من قبلنا هو شرع لنا إذا حكي مقرراً ولم ينسخ، كما هو المشهور عن الجمهور، وكما حكاه الشيخ أبو إسحاق الإسفراييني عن نص الشافعي وأكثر الأصحاب بهذه الآية حيث كان الحكم عندنا على وفقها في الجنايات عند جميع الأئمة. وقال الحسن البصري هي عليهم وعلى الناس عامة.
6.                وقال الزمخشري في الكشاف: وعن الشعبي هذا في أهل الإسلام، وقال ابن مسعود هو عام في اليهود وغيرهم.
7.                وذكر ابن الجوزي في زاد المسير في تفسير هذه الآيات أقوالاً منها: أنها نزلت في المسلمين. روى سعيد بن جبير عن ابن عباس نحو هذا المعنى.
- أنها عامة في اليهود وفي هذه الأمة، قاله ابن مسعود والحسن والنخعي والسدي.
8.                وقال الرازي في تفسيره: وذكر بعض المتكلمين أن هذه الآية نزلت في اليهود لتكون مختصة بهم، وهذا ضعيف لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
9.                وقال ابن عطية الأندلسي([22]) في المحرر الوجيز: قالت جماعة عظيمة من أهل العلم: الآية تناولت كل من لم يحكم بما أنزل الله.
10.            وقال السيوطي في الدر المنثور: عن إبراهيم النخعي قوله: نزلت الآيات في بني إسرائيل ورضي لهذه الأمة بها.وعن الحسن قال: نزلت في اليهود وهي علينا واجبة.
11.            وذكر القاسمي في محاسن التأويل: " ومن لم يحكم بما أنزل الله" أي كائناً من كان دون المخاطبين خاصة فإنهم مندرجون فيه اندراجاً أولياً.
12.            وقال ناصر السعدي  في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: الحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر.
ومنها: أنه أراد بالكافرين أهل الإسلام وهذا قول الشعبي.
13.            وقال الشنقيطي في أضواء البيان: الظاهر المتبادر من سياق الآيات أن آية "فأولئك هم الكافرون" نازلة في المسلمين، لأنه تعالى قال قبلها مخاطباً مسلمي هذه الأمة "فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً"، ثم قال "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، فالخطاب للمسلمين كما هو ظاهر متبادر من سياق الآية.
14.            وأما رشيد رضا -وهو تلميذ محمد عبده الذي يعشقه المفكر محمد عمارة-، فيقول في تفسير المنار:{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } أي وكل من رغب عن الحكم بما أنزل الله من أحكام الحق والعدل فلم يحكم بها لمخالفتها لهواه أو لمنفعته الدنيوية, فأولئك هم الكافرون بهذه الآيات، لأن الإيمان الصحيح يستلزم الإذعان، والإذعان يستلزم العمل([23])..ثم يقول: وأخرج عبد بن حميد عن حكيم بن جبير أنه سأل سيعد بن جبير عن قوله تعالى ومن لم يحكم.. ومن لم يحكم.. ومن لم يحكم.
قال:فقلت زعم قوم أنها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا، قال اقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال: لا. نزلت علينا. ثم لقيت مقسماً مولى ابن عباس فسألته عن هؤلاء الآيات التي في المائدة. قلت زعم قوم أنها نـزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا، قال: إنه نزل على بني إسرائيل ونزل علينا وما نزل علينا وعليهم فهو لنا ولهم.
ثم يعلق رشيد رضا فيقول: وقد استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا بالحكم بها بعض ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام من غير تأويل يعتقدون صحته فإنه يصدق عليهم ما قاله تعالى في الآيات الثلاث أو في بعضها كلٌ بحسب حاله، فمن أعرض عن الحكم بحدّ السرقة أو القذف أو الزنا غير مذعن له، لاستقباحه إياه وتفضيل غيره من أوضاع البشر فهو كافر قطعاً.
وقد تجاوزنا عمّا ذكره كثير من العلماء خشية الإطالة  وكان استشهادنا برشيد رضا وهو لا يبلغ منزلة الذين لم نستشهد بأقوالهم، لأنه من نفس المدرسة، أي مدرسة محمد عبده التي يحاول أن ينتمي إليها محمد عمارة.
 وبعد هذه الأقوال.. نتساءل هل كان المفكر الإسلامي صادقاً في دعواه أم كاذباً؟!


[1] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص / 12 - 13.
[2] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية،، ص / 16.
[3] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية،, ص / 7.
[4] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص / 81.
[5] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ، ص / 65.
[6] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ، ص / 65.
[7] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ، ص / 186.
[8] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ، ص / 27.
[9] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ، ص / 43.
[10] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ص / 44.
[11] - سورة البقرة: 213.
[12] - سورة النساء: 59، 60.
[13] - سورة النساء: 65.
[14] - سورة النساء: 105.
[15] - سورة النساء: 115.
[16] - سورة المائدة: 47 - 50.
[17] - سورة يوسف: 40.
[18] - سورة الإسراء: 73 - 75.
[19] - رواه البخاري برقم (7280).
[20] - رواه البخاري برقم (2168).
[21] - رواه أحمد برقم (21656).
[22] - ابن عطية: (481-542هـ) هو عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي من محارب قيس الغرناطي أبو محمد مفسر فقيه عارف بالأحكام والحدي كان يكثر الغزوات، له المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.
[23] - تفسير المنار (6 / 399 - 400.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.