موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

السبت، 7 يناير 2012

في رحاب العلماء(12)


في رحاب العلماء(12)
رضوان محمود نموس
أيتها الأمم المستعبدة للشيخ أحمد شاكر([1])
يوشك أن تقع الواقعة ، وقد تكون هي  الحاسمة المدمرة ، على رأس الطغاة المستبدين المستكبرين ، فحذار أن تخدعوا عن أنفسكم وعن أممكم كما خدعتم من  قبل .
إنهما فريقان يتناحران ، ليس بهما إلا الاستبداد والطغيان ، وليس بهما إلا أن يستعبدكم الفريق المنتصر ، لا تصدقوا أن واحدا ً من هؤلاء أو هؤلاء يريد بكم الخير أو الحرية .
أيتها الأمم المستعبدة ، من العرب ، من أقصى العراق الى أقصى المغرب ، ومن المسلمين وغير المسلمين ، فيما يسمونه (( الشرق الأوسط )) و (( الشرق الأقصى ))  إنكم ضحية هؤلاء الفجرة ، وقد لبثتم في إسار الذل والاستبعاد بضع مئات من السنين ، ذاق هؤلاء الوحوش الأوربيون طعم الخيرات في  بلادكم ، ثم طردهم أبطال الإسلام في الحروب الصليبية من بلاد الإسلام وبلاد الشرق ، وعرفوا منكم ومن بلادكم معنى الحضارة وحقيقة الحرية فلم يستطيعوا صبرا ً عن مطامعهم وثاراتهم .
لا تخدعوا بما يزعمون من دفاع عن الحرية وعن الحضارة ، فإنما الحرية عندهم حرية أوربة ، وحرية الأوروبيين في أمريكا وغيرها .
وشاهد كم على ذلك ما فعلوا ويفعلون في أهل أمريكا الأصليين الى اليوم ، وما فعلوا ويفعلون في أهل أستراليا الأصليين إلى اليوم .
لا تخدعوا بما يسمونه (( الدفاع المشترك )) و (( المواقع الإستراتيجية )) ، فإنكم ترون بأعينكم وتسمعون بآذانكم ما يقولون في صحفهم ، وما يعلن به قادتهم وزعماؤهم ، وهم يصارحونكم بأنهم يأبون عليكم أن تقفوا موقف الحياد بينهم وبين خصمهم ، وبأنهم سيأخذونكم في صراعهم إلى جانبهم ، رضيتم أم أبيتم ، وبأنكم أنتم السياج القوي دونهم وبأنكم الخط الأول في دفاعهم أو هجومهم .
وثقوا بانه إذا تندر الناس يوما ً ما بأن الإنجليز قالوا في الحرب الماضية ( سنقاتل الى آخر جندي فرنسي ) فسيكون حقيقة واقعة أن الأمم التي تسمي نفسها (( الديمقراطية )) وقد ضموا اليهم أعدائهم السابقين من (( النازية )) و (( الفاشية )) ستقول في الصراع القادم سنقاتل الى آخر رجل أو امرأة أو طفل في الشرق الأوسط والشرق الأقصى ، وسيمتصون كل قطرة من دمائكم ، وسيأكلون كل ذرة من خيراتكم ، فإنهم لا يفقهون إلا أنكم خلقتم ردءا ً لهم أولا ً ثم غُنما ً لهم أخيرا  .
أيها الناس :
لا تخدعن بما في أيدي بعض أممكم من مظاهر الاستقلال ، فإنما هو استقلال زائف موقت ، سينقلب الى أشد ما لقيتم من قبل من ألوان الاستعباد ، إذا ما وقعت الواقعة ، وجاءت الطامة على رؤوس هؤلاء السادة ، وقد جربناهم في حربين سالفتين ، فما رأينا منهم إلا شرا ً ، وإلا استعلاء ً واستعبادا ً ، بل لا تزال أمم كثر منكم ترسف في أغلال العبودية وما حال المغربين الأدنى والأقصى منكم ببعيد .
ولا تنسوا أن هؤلاء الوحوش المتعصبين يكرهون اليهود بأكثر مما تكرهون أضعافا ً مضاعفة ، ولكنهم في سبيل إذلالكم ووضع أيديهم على أعناقكم ، وامتصاص خيراتكم ودمائكم جاؤوا بشذاذ الآفاق من مجرمي اليهود ووضعوهم في قلبكم ، قريبا ً من الحرمين ، وبين العراق والشام ومصر ، واصطنعوا لهم دولة يمدونها  بالمال والعتاد لتملك عليكم أمركم كله من كل ناحية ، وجعلوها دولة دينية زعموا في العصر الذي يدعون أن الدول الدينية لا بقاء لها ولا قرار .
ولا تظنوا أن الروس خير لكم منهم ، أو أنهم سينصرونكم أو يدعونكم أحرارا ً إذا ما ظفروا ، فكل هؤلاء وأولئك شر ٌ ، وكلهم عدو ، ولكنا نأبى أن ننصر عدوا ً على عدو ، ونأبى أن نكتب وثيقة استعبادنا بأيدينا ، لهؤلاء أو هؤلاء .
بل يجب أن نقاوم هؤلاء وهؤلاء ، بما استطعنا من مقاومة سلبية أو إيجابية ، فلا نمكن لواحد ٍ منهم في شبر من أرضنا ، ولا بحبة واحدة من قوتنا ، فمن فعل ذلك فهو خائن لامته ولبلاده ، ولسائر بلاد الشرق من آسيا وأفريقيا .
واعلموا أيها المسلمون خاصة أن من خاض منكم غمار الحرب القادمة ، مع هؤلاء أو هؤلاء ، ثم كتبت له الحياة ، كان حيا ً كميت ، وعاش عبدا ً ذليلا ً ، آثما ُ عاصيا ً ، حتى يسلمه أجله الى مصيره ، وإن كتب عليه القتل لم يكن شهيدا ً ، بل مات خارجا ً على دينه ، مخالفا ً عن أمر ربه ، عاصيا ً لرسوله ومصيره الى النار .
أيها الناس :
اعلموا (( أن أعرابيا ً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل  الله ))([2]) .
وأنه (( جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا ً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله فقال صلى الله عليه وسلم لا شيء فأعادها ثلاث مرات يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ثم قال إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ً ، وابتغي به وجهه ))([3]) أيها الناس : قد أنذرتكم فاحذروا .





[1] - أحمد شاكر: (1307-1377هـ) هو أحمد بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر من آل أبي علياء ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، المصري المحدث المشهور، أحد الأفذاذ القلائل الذين درسوا الحديث النبوي في العصر الحاضر دراسة وافية قائمة على الأصول التي اشتهر بها أئمة هذا العلم في القرون الأولى، ولقد تولى القضاء الشرعي في مصر أكثر من ثلاثين سنة فكانت له أحكام مشهورة في القضاء الشرعي قضى فيها باجتهاده غير مقلد، وكان اجتهاده في الأحكام مبنياً على سعة معرفته بالسنة النبوية التي اشتغل بدراستها منذ نشأته إلى أن لقي ربه.
وأبوه العلامة محمد شاكر وكيل الأزهر في عهده وهو من مديرية جرجا بصعيد مصر، وسماه أبوه "أبو الأشبال" أخذ العلم عن أبيه فقرأ عليه وعلى أخوته تفسير البغوي والنسفي وصحيح مسلم وسنن الترمذي وبعض صحيح البخاري وجمع الجوامع في الأصول وغير ذلك كثير.
ومن أعماله:
تحقيق الرسالة للإمام الشافعي، وشرح سنن الترمذي، شرح بعض سنن أبي داود، وتحقيق كتاب جماع العلم للشافعي، وشرح صحيح ابن حبان، وحقق مسند أحمد وحقق نصف تفسير الطبري مع أخيه محمود، وهذب وحقق تفسير ابن كثير، وحقق لباب الأدب لأسامة بن منقذ، والشعر والشعراء لابن قتيبة، والمفضليات للمفضل الضبي، والأصمعيات للأصعمي، وحقق الأحكام لابن حزم، وألف كتاب نظام الطلاق في الإسلام، وله محاضرات ومقالات جمع بعضها في كتاب كلمة حق.
[مختصراً عن مقدمة كتاب كلمة حق، والمقدمة لأخيه محمود شاكر رحمهما الله]

[2] - حديث صحيح رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة من حديث أبي موسى الأشعري.
[3] - رواه أحمد والنسائي من حديث أبي أمامة الباهلي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.