أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (14)
رضوان محمود نموس
نتحدث في هذه الحلقة عن رأي محمد عمارة بالفرق الضالة وكيف أنه معجب بها كلها على تناقضها وكيف يزور الحقائق ويتناقض حتى مع نفسه هذا الذي وصفه القرضاوي [بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
· محمد عمارة وحزب البعث القومي:
قال محمد عمارة: [ لقد جمعتني علاقة صداقة واحترام ومودة مع عدد كبير من مفكري حزب البعث العربي الاشتراكي ومثقفيه ومناضليه ]([1]).
وقال: [ لقد كنت منذ منتصف عقد الخمسينات على مقربة من فكر البعث أعرف ملامحه العامة وقسماته الرئيسية وتوجهاته المحورية... لم يكن فكر هذا المشروع غريباً عني,... ولا أنا بالرافض له والمعادي لوجوده في الساحة العربية ]([2]).
وقال: [ فموقعي من فكر البعث وأدبيات المشروع الذي صاغه ميشيل عفلق قد أعان على أن أكتشف من حقائق موقفه إزاء الإسلام ]([3]).
وقال: [ لقد تميزت علاقة حزب البعث بالإسلام...فإنه بنظر الكثيرين هو المعبر بالدرجة الأولى وفي الأساس عن سُنَّة العراق ]([4]).
وقال: [ ومن الناس من يؤمن بالإسلام ديناً فيه العقيدة والشريعة اللتان صنعتا الحضارة لكنهم لا يستدعون منه في مشروعهم الحضاري ودعوتهم للنهضة في سبيل البعث لا يستدعون ولا يتبنون غير الإسلام الحضارة وذلك دون كفر منهم بالعقيدة أو جحد للشريعة ولكن بدعوى أن العقيدة خصيصة تخص العابد المطيع وحده فهي شأن خاص بينما الحضارة هي إطار عام... يرى هؤلاء مع إيمانهم بكامل الإسلام أن المرجعية المطلوبة للمشروع النهضوي من الإسلام هي مرجعية الإسلام الحضاري وليست مرجعية كامل الإسلام ]([5]).
وقال: [ فالتقدمية التي يصنف البعث نفسه كواحد من حركاتها لها في مفهومه تميز خاص.. لأنها انطلاقاً من معاناة الواقع المعاصر تستلهم تراث الإسلام فتجدده, بنظرة مستقبلية وتصل الحاضر والمستقبل بروحه, محققة التواصل الحضاري لمسيرة الأمة ومسقطة ذلك الانقطاع الحضاري الذي أحدثه الجمود والانحطاط ]([6]).
وقال:[ تلك هي الرؤية..وهذا هو الفكر وبهما ولهما تميزت صيغة البعث وتمييز مشروعه عن حركات التقليد للتراث.. وعن الحركات الشيوعية التي استبدلت تراث الماركسية بتراث الإسلام.. وعن الحركات الليبرالية التي اتخذت من ليبرالية الغرب تراثاً لها ]([7]).
وقال: [ وإذا كانت كتابات البعث وكذلك الكثير من ممارساته لم تدع للغموض مجالاً فيما يعنيه بوحدة الأمة العربية التي جعلها همه الأكبر حتى لقد هندس تنظيمه الحزبي وفقاً لفلسفتها ]([8]).
- فمحمد عمارة إذن قريب من البعث ومتقرب إليه, ويعرف فكره ومفكريه, ونضاله ومناضليه, وبعد هذه المعرفة والتعرف, والقرب والاقتراب, فهو معه وله لا يرفضه ولا يرفضُّ عنه.
- والبعث في نظر عمارة وأهل الشقاق يعبِّر عن أهل السُّنة في العراق.
- كما أن البعث في نظر هؤلاء النابتة ذات الأفكار المتهافتة, يؤمن بالله ولا يتبنى غير الإسلام في مشروعه الحضاري - زعموا -.
- ويدَّعون أن الإسلام هو المرجعية الحضارية للحركة النهضوية للزمرة البعثية.
- وبزعمه وهؤلاء الملاحدة أن زمرة البعث تستلهم تراث الإسلام فتجدده.
- وهو تجديد ليس كتجديد حركات التقليد -أي المسلمين- فهو تجديد كفريٌّ.
- والبعث لم يدع مجالاً للتشكيك في دعوته الوحدوية.
ولو أردنا أن نرد على مغالطات عمارة وإفكه, وضلاله وبُهته, لَلَزِم لكل فقرة من هذا الدجل كتاب مستقل, وإذا حسب عمارة -لسوء ظنه بالناس- أن الناس لا تقرأ, فمن فاضح الجهل, وسيئ الظن والفعل, أن يحسب أن الناس لا ترى ولا تسمع, ولا تعاني ولا تتوجع. ويبدو أن عمارة رجل مستهتر لا يبالي ما يقال فيه, يركب العار ويقارف الموبقات, ويغشى المهلكات, ويبرز صفحته للخزي, ويطرح نفسه في الفضائح, ولا يتقي الذم. إن رشَّ الملح على جراح المجروحين, والتشفي من المظلومين والمضطهدين, والضحك لأنات الثكالى وحسرات الأيامى, ومدح الذين أبادوا مدناً بسكانها, ومساجداً بعمَّارها: فِعْلةٌ ستبقى وَسْم ذمٍّ على الأبد, وستبقى عاراً وأحدوثة سوءٍ في الغابرين, ومعرة لا يُنزَل بكنفها, وسُبَّة باقية في الأعقاب.
إن كل من رزقه الله قليلاً من البصر أو البصيرة يعلم أن حزب البعث كان حرباً على الإسلام والمسلمين, وطعناً في رسالة ربِّ العالمين منذ أن تخلَّق هذا الحزب في رحم الصليبية الحاقدة, وانضم إلى صفوفه الزنادقة المارقة, وأبناء الفرق الباطنية والمرتدين من الذين كان أجدادهم من أتباع الديانة الإسلامية, فلم يترك هذا الحزب الملعون داعياً إلى الله إلا وقتله أو سجنه إن لم يفرَّ هذا الداعي بدينه.
ألم يسمع عمارة بحلبجة وكركوك, والموصل وبغداد, والفالوجة وسامراء؟! وهل سمع عمارة بقصر النهاية؟! الذي أنسى الناس قصص "أبو زعبل" و"ليمان طرة" و"السجن الحربي" تلك السجون التي أقامتها النظم العلمانية -اللادينية- في ديار المسلمين ومنعت في ذات الوقت مساجد الله أن تعمر وسعت في خرابها.
لا أطالب عمارة برؤية ما يجري الآن في سوريا على أيدي البعث لأنه كتب كتابه قبل هذا ولكن .
ألم يسمع عن دمشق وحلب, وحمص وحماة, وحوران والدير, وتَدْمُر وما أدراك ما تَدمر؟!. تَدْمُر التي حفروا فيها أخاديد للشباب الطاهر الذي يقول ربي الله, والتي كان يُعدم فيها كل صباح كوكبة من خيرة شباب الإسلام قرباناً لإرضاء الصهيونية والماسونية, تَدْمُر التي ابتلعت سجونها مائة ألف سجين.
وهل سمع عمارة بتصريح الأمين العام لحزب بعث العراق بأنه لا ينتمي إلى أي مجموعة دينية, لأن ذلك يعني انتماؤه إلى جزء من شعب العراق بينما هو ينتمي إلى العراق؟!.
ألم يسمع عمارة بالشاعر العراقي التقدمي يمدح قيادة البعث السوري فيقول:
منا الإله ومنا الواحد الأحد** منا النبي ومنا السيد السند([9]).
هل سمع عمارة بما كتبه ابراهيم خلاص في مجلة جيش الشعب العدد(794) عندما قال :[استنجدت الأمة العربية بالإله فتشت عن القيم القديمة في الإسلام وبعض النظم المعروفة في القرون الوسطى كل ذلك لم يجد فتيلاً . شمرت أمة العرب عن ساعديها ونظرت بعيداً لترى طفلها الوليد يقترب شيئاً فشيئاً هذا الوليد ليس إلا الإنسان العربي الاشتراكي المتمرد على جميع القيم ....! إن الطريق الوحيد لتشييد حضارة العرب وبناء المجتمع العربي هو خلق الإنسان الاشتراكي العربي الجديد الذي يؤمن أن الله والأديان والإقطاع والرأسمال والمتخمين وكل القيم التي سادت المجتمع السابق ليسن إلا دمىً محنطة في متاحف التاريخ]
هل سمع عمارة هتاف بعثيي العراق وسوريا وهم يهتفون:
آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني
أو وهم يرددون :
حط المشمش عا التفاح دين محمد ولى وراح
أو حين يغضبون على حطين لأن قائدها كردي فيقولون :
الله يلعن حطين الي جابت صلاح الدين
وهل سمع عمارة زكي الأرسوزي حين قال : (لقد جنى الإسلام على الفطرة العربية بتحويل العرب عن روح الجاهلية إلى رسالته العالمية)
وهل سمع عمارة شفيق كمال وهو يقول لصدام:
تبارك وجهك الوضاء فينا كوجه الله ينضح بالجلال
وهل سمعه وهو يصف البعث بقوله:
هو القدر الواحد الأوحد هو البعث والبعث لا ينضب
هو المبتدا ما له منـتـهى سماء من الشـرق لا تغرب
هو الزورق المنتقى للفرات وتحـتار أيهـما أعـذب
والبعث يستلهم تراث "حمورابي",و "جلجامش", وليس تراث الإسلام. اقرأ أدبيات الحزب ونشراته جيداً يا دكتور اقرأ مجلة (المناضل) التي يتدفق منها الكفر حتى تضبط ما يخطه بنانك. وأما الوحدة التي تتكلم عنها فكأنك تعيش وراء جبل قاف([10]). فالبعث كما يعلم كل الناس والدكتور على الأقل منهم. حَكَمَ قطرين عربيين هما سوريا والعراق, والخلاف بين هذين القطرين كان على أشد ما يكون الخلاف بين الأعداء؛ انظر ما كتب بالصفحة رقم (9) من "جواز السفر السوري " تحت عنوان" البلاد التي يحق لحامله السفر إليها (كل بلاد العالم عدا العراق), والعراق يعامل السوريين بالمثل. فعن أي وحدة يتكلم الدكتور عمارة؟!
راجع التاريخ القريب يا دكتور! لتعلم كم مرة حشدوا القوات ضد بعضهم, وكم مرة اكتشفوا المؤامرات ضد بعضهم, وكم مرة أخرجوا المواد المتفجرة والأفخاخ من سفارات بعضهم, -عندما يكون هناك سفارات-. وعلى مرأى من الدبلوماسيين العرب والأجانب.. ومَن فجر سفارة العراق في لبنان؟ ومن اغتال الأمين العام لحزب بعث العراق في لبنان؟ ولماذا ولمن كتب الشاعر الهالك نزار قباني قصيدته (أبو لهب)؟ ومن قام بتفجير الحافلات في دمشق؟ ومن.. ومن.. ومن.. الخ.
راجع خطب وتصريحات المسؤولين في كلا البعثين تجد ما يندى له جبين أبي جهل وأبي لهب؛ بل جبين صاحبات الرايات في جاهلية العرب.
وهنا نذكر عمارة ببعض أفكار البعث:
قال صدام حسين : عندما نتحدث عن الدين والتراث باعتزاز يجب أن نفهم أن فلسفتنا ليست التراث ولا الدين بحد ذاتيهما، إن فلسفتنا هي: ما تعبر عنها منطلقاتنا الفكرية وسياستنا المتصلة بها، وإن من الأمور المركزية في مجتمعنا والمؤثرة في خلقنا وتراثنا وتقاليدنا هو الماضي بكل ما يحمل من عوامل الحياة وتقاليدها وقوانينها، وكذلك الدين.. ولكن عقيدتنا ليست حصيلة جمع كل ما يحمله الماضي والدين، وإنما هي نظرة شمولية متطورة للحياة وحل شمولي لاختناقاتها وعقدها لدفعها إلى أمام على طريق التطور الثوري وعندما وجدت عقيدتنا جرت صياغتها بالشكل الذي تكون فيه مترشحة عن واقع أمتنا ومتقدمة عليه في نفس الوقت ([11]).
وقال صدام حسين : إننا لا نريد أن نحشر عقيدتنا وتحليلاتنا الفكرية والسياسية حشرا دينيا معتمدين على استشهادات وأساسيات التحليل الديني.
ولكننا أردنا الإشارة إلى ذلك من أجل تأكيد أهمية مراعاة تطور الحياة وشروطها، وعلى هذا الأساس فإن عقيدتنا البعثية ليست نسخة من ولا نسخا لأي تحليل أو منطلق ديني... إنها عقيدة الحياة للعرب وتحمل روح دعوتهم إلى الخير والعدل والعطاء والتضحية والتقدم بما في ذلك روح الدعوة الإسلامية ولكن بصيغ جديدة ومن منطلقات جديدة وبحلقات مفتوحة للاجتهاد والتطور المستمرين، ولذلك فيه، وبالرغم من أنها تحمل روح العرب في الإسلام، ليست عقيدة دينية([12]).
وقال صدام حسين : فلندع الجميع يمارسون طقوسهم الدينية الاعتيادية وفق اختياراتهم من دون أن نتدخل في شؤونهم، وشرطنا الأساس في ذلك هو أن يبتعدوا في ممارساتهم تلك عن التناقض أو التصادم مع سياستنا في تغيير وبناء المجتمع وفق اختيارات حزب البعث العربي الاشتراكي، محذرين إياهم من أن استخدامهم الدين غطاء للسياسة أو غطاء للوصول إلى حالة من التناقض والتصادم بين الثورة في منهجها وأهدافها وبين الممارسات الدينية، لا يمكن أن يكون إلا في خدمة الاستعمار الجديد وأهدافه، وإن نشاطا من هذا النوع لا يمكن إلا أن يقع تحت طائلة العقاب الصارم والقبضة الحديدية للثورة ([13]).
وقال صدام حسين : ففي الوقت الذي نرفض فيه الإلحاد يجب أن لا نتحول إلى رجال دين في التعامل مع هذا الموضوع، ونحول الدولة وأجهزتها باتجاه تأدية الطقوس والمهام الدينية التفصيلية([14]).
وقال صدام حسين : ونؤكد على أننا نعتقد بأن نظريتنا هي النظرية الصائبة لحياة العرب في الوقع الحاضر، مع إبقاء باب الاجتهاد مفتوحا، لأجل ألا تتحول نظريتنا إلى مذهبية جامدة، فننغلق عليها ونقتل روح المبادرة والاجتهاد، وبالتالي نقتل عملية التطور أو نؤخرها كما حدث لبعض الحركات السياسية والاجتماعية الموجودة الآن، أو التي ظهرت واندثرت منذ وقت طويل، فنحن إذن أمة، ولكي لا تبدو هذه الأمة وكأنها خلقت بالإسلام، بما يقوي منطق الرجعية الدينية المتخلفة، ويما يعني أننا يجب أن نكون حزبا دينيا، ونحن لسنا كذلك فيجب أن ندعم نظريتنا بالتاريخ القديم مؤكدين أن تاريخ الأمة العربية يمتد إلى عصور سحيقة في القدم، وأن كل الحضارات الأساسية التي نشأت في الوطن العربي إنما هي تعبير عن شخصية أبناء الأمة الذين نبعوا من أصل المنبع الواحد([15]).
وقال صدام حسين : فنحن لا ننسخ الماضي، ولا نستنسخ عن الماضي، وإنما نستلهم روحه بصيغة جديدة من التطور، يعبر حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي عنها تعبيرا صميمياً وأصيلا ومقتدرا، منها الثورة على الواقع الفاسد، ومنها الخلق، ومنها العدل، ومنها الإيمان، وأمور أخرى عديدة وشاملة، مع إعطاء الحق والحرية للإنسان في أن يؤمن بما يريد من الأديان، ويعبر عما يؤمن به في المسألة الدينية والشعائر والواجبات وفق الطريقة التي يقتنع بها([16]).
وقال صدام حسين : فحين يتحدث الغيبي السلفي بالاتجاه الإسلامي التقليدي (القديم) الذي يصور العرب بأنهم أمة متفسخة، متصورا أنه بذلك إنما يقوي الدعوة الإسلامية ويوفر أسس ومستلزمات مشروعيتها الدنيوية، إنما يرتكب خطأ كبيرا، ونرى ذلك في الكثير من الكتابات والأفلام العربية وغير العربية وبما يوحي بأن العرب أمة متفسخة إلى الحد الذي اختار الله الرسالة لكي تنزل على أكثر أمة على الأرض تفسخا، وأكثر أمة فيها الظلم والتردي من أجل إصلاحها... في حين أن المنطق والواقع يقول: إن الأمية يجب أن تواجهها صعوبات كبيرة وضائقة غير اعتيادية لكي تجعلها تثور، وحتى تثور وتكون لها رسالة ودور إنساني شامل يجب أن تكون للأمة مكونات داخلية حية تجعلها قادرة على حمل الرسالة وتأدية دورها. وأن تكون الحالة المرفوضة بصيغة الثورة عليها هي حالة عارضة وخارجة على طبيعتها، فتثور الأمة متمردة على ذلك كما حصل في ثورة الإسلام([17]).
وقال صدام حسين : إن نظرية حزبنا نظرية حية ومتفاعلة ونجد فيها دائما ما هو جديد، والجدة في عقيدتنا هي كجدة الحياة في تطورها. وبذلك فإن باب الحلقات المفتوحة في الاستزادة وتعميق الاجتهادات ضمن المنطلقات العامة لتفسير تاريخنا والظواهر الأخرى يجب أن لا تغلق([18]).
وقال صدام حسين : لماذا يجب أن يراعى هذا المبدأ – الديمقراطية- ولماذا يلح عله رغم أن الأعلى، أحيانا في بعض مفاصل الدولية ، أكفأ –من ناحية التقييم الفردي- من الكثير من العاملين معه؟ الجواب على ذلك هو، أن المسألة الديمقراطية تفهم على أنها مسألة حياة شمولية، وهي ليست واجبا فقط، وإنما هي حق كذلك. وعلى هذا ننطلق من اعتبار أن كل إنسان من موقعه مطلوب منه أن يفهم الحياة بشموليتها([19]).
وقال صدام حسين : فمن أجل أن لا ندع الأب والأم هما اللذان يسيطران على البيت بالتخلف، يجب أن نجعل الصغير يشع في البيت لطرد التخلف، لأن بعض الآباء قد (أفلتوا منا) لأسباب وعوامل كثيرة، ولكن الابن الصغير ما زال بين أيدينا، ويجب أن نحوله على مركز إشعاع فاعل داخل العائلة، طوال الساعات التي يمضيها معها، لتغيير حالها نحو الأفضل، ونبعده عن الاقتباس الضار([20]).
وقال صدام حسين : عليكم بتطويق الكبار عن طريق أبنائهم، بالإضافة إلى الروافد والوسائل الأخرى، علموا الطالب والتلميذ أن يعترض على والديه، إذا سمعهما يتحدثان في أسرار الدولة، وأن ينبههما إلى أن هذا غير صحيح، علموهم أن يوجهوا النقد إلى آبائهم وأمهاتهم، وباحترام إذا سمعوهم يتحدون عن أسرار منظماتهم الحزبية، عليكم أن تضعوا في كل زاوية ابنا للثورة، وعينا أمينة([21]).
وقال صدام حسين : إن تقديم بعض الخسائر، لا يكون مطلوبا كجزء من التضحية والنضال في ظروف العمل السري فحسب وإنما علينا أن نقدم بعض الخسائر على طريق التطور والبناء في العمل الإيجابي، كذلك فأول امرأة عراقية رفعت الحجاب كانت أول ضحية من أجل كل النساء العراقيات وأول عاملة دخلت المعمل هي أو ضحية من أجل كل العاملات، وكذلك أو طبيبة وأول محامية، وأول ثوري صميم... والخ ([22]).
وقال صدام حسين : إن الممارسة الديمقراطية يجب أن تكون جزءا من نهجنا بشكل دائم، لأنها ركن أساس في عقيدة حزبنا ، حزب البعث العربي الاشتراكي ، التي تقوم على أساس اعتبار الإنسان قيمة عليا، وليس القيمة العليا، لأن حاصل القيمة العليا ليس الإنسان وحده ككيان مستقل، وإنما هو كل الأهداف المركزية المتفاعلة، والتي يسعى حزبنا إليها([23]).
وقال صدام حسين : فعندما نبني نظريتنا في العمل المعبر عن منطلقاتنا الفكرية، لا بد أن ترد في أذهاننا تجربة الشيوعية الدولية... وعندنا تبرز أمامنا، في محاكمة الأمور... الماركسية كقاعدة فلسفية للشيوعية، وأننا نعرف أن الشواهد العملية الحية للماركسية في التطبيق لم تظهر إلا بعد ثورة أكتوبر، عندما ظهرت (الماركسية-اللينينية)، والتي عمرها الآن في التجربة 59 عاما. إذن فالفكر الماركسي لم يعد فكرا بالتصور فقط، لأن التصور قد ارتبط بالحركة اليومية للمجتمع بعد ثورة أكتوبر، فغدت الحركية اليومية للمجتمع فكرا مضافا ينضح من التجربة، أي تفاعل الواقع، في حركته، مع الفكر المتصور من موقعه، باعتبار أن العلاقة بين الاثنين هي علاقة جدلية ([24]).
وقال صدام حسين : أقول: إن طريقنا هو طريق عربي، بمعنى الخصوصية الوطنية والقومية، واشتراكيتنا ثورية، وتستقي من الفكر الإنساني العالمي الثوري، بصيغة التفاعل، وبما يحصن خصوصيتها الوطنية والقومية، ويفتح الأبواب واسعة، في الوقت نفسه، للتفاعل ضمن الفكر الإنساني، كعطاء للإنسانية عموما([25]).
وقال صدام حسين : إن الحديث بصوت عال عن الاشتراكية لن يخيف الإمبرياليين وأعوانهم، ما لم تكن هناك قوانين فعلية موضوعة موضع التنفيذ، لتغير المجتمع تغييرا ثوريا واشتراكيا([26]).
وقال صدام حسين : البعثي بعثي، فلا هو سني ولا هو شيعي ([27]).
وقال صدام حسين : ومن بين هذه الدروس البليغة التي استنبطها حزبنا هو أن لا يرى في أن بعث الأمة يتحقق بمجرد التعامل بنصوص تاريخها، وتراثها وإنما لا بد من فهم معانيها المركزية بالدرجة الأساس وهكذا يفهم الحزب المسألة ويقول الحزب أن الله سبحانه وتعالى اعتمد التعاقب بالأديان لكي يقول للإنسان إني أنا ربك اعتمدت الحسابات الموضوعية في الأرض فكيف تتجاهلها؟ ومن أهم هذه الحسابات هو حساب مقدار استيعاب الإنسان للأحكام السماوية في كل مرحة من المراحل وإمكاناته واقتداره في تنفيذ الرسالة في الأرض أي الحساب الدقيق لإمكانات الإنسان العقلية وتطورها وإمكاناته الإرادية ودقة فعلها، ولذلك اختار العرب اختيارا. إذ أن حسابات الله سبحانه وتعالى أوصلته إلى أن العرب خير من يستطيع أن يوصل رسالاته إلى أبعد نقطة في الأرض وليس عندنا أي تفسير آخر لمعنى أن تكون كل الرسالات السماوية في هذه المنطقة([28]).
وقال صدام حسين : قد يقول بعضكم لماذا لا نأخذ القرآن الكريم والسنة النبوية ونطبق أحكامهما بكل التفاصيل طالما أن اعتزازكم بهما يصل إلى هذا الحد؟ والجواب واضح... في تصورنا، وأن هذا التصور مستنبط أيضا من التاريخ، إن الله سبحانه وتعالى لم يأت بدين واحد وكفى، رغم أن الدين الإسلامي هو خاتم الأديان السماوية، ولو جاء الله سبحانه وتعالى بدين واحد لكانت الدروس المستنبطة لشؤون الحياة قد أخذت مجرى آخر، ولو كان لأحكام الدين الإسلامي تفسير واحد واجتهاد واحد من شعبنا لاختلف دورنا من خلال استخدام السلطة في الأرض عما هو عليه الآن، هل الحكمة الإلهية، حاشا وكفى، انعدمت في تعاقب الأديان وأن المسألة مجرد حسابات دين بعد دين ودين أفضل من دين يولد عن مجرى واحد لدين سبقه ويكون متطورا عنه أم أن المسألة أعمق وأبعد من هذا التصور؟ إن ظروف الإنسان وحسابات مستلزمات تطبيق الأحكام في الأرض واستيعاب الدين وأداء الدين وإيصال الدين إلى عامة البشرية هي الأساس في حسابات الإله وتقديره لأحكامه.
لذلك فإن دور الإنسان مهم واجتهاده الواسع في شؤون الحياة وتطويرها لم تلغه الديانات السماوية وكان هامش إرادة الإنسان وفعله في الأرض المستوحى من عقيدة السماء واضحا في هذا المثال، وإلا لماذا لم يأت الله بالدين الإسلامي منذ عهد سيدنا إبراهيم ويقول الله سبحانه وتعالى هذا ديني فأطيعوا؟
لقد بدأ الاجتهاد وتشعب في تطبيق الدين الواحد، بالإضافة إلى الاختلافات بين الأديان وتحول المسلمون إلى مذاهب وفرق لذلك فالعودة إلى التعامل بالنصوص الدينية والاجتهاد فيها من خلال طريقها سيقودنا إلى اجتهاد متميز بين واحد وآخر وكذلك سيقودنا إلى أن نجتهد بمسائل دينية تختلف أو تتفق مع هذا المذهب دون غيره ومع هذه الفرقة دون غيرها إن لم تأت بمذهب جديد كما هو الحال عندما نشأت المذاهب والفرق حيث غالبا ما كانت تظهر من خلال ظروف الاجتهاد الديني التي كانت تبحث في دور ومدى تطبيقات السلطة عندما تحشر السلطة في هذا الميدان وإذا ما حشرنا في هذا المسلك الخطير سنحترب على الاختلاف في الاجتهادات الدينية لأغراض الحياة اليومية من خلال السلطة، وسيكون الاحتراب قاسيا في الصراع بين عقيدتين أو أكثر كلاهما يستند إلى أحكام السماء وستكون الفرقة والتمزق للشعب الواحد معروفة النتائج، وفي حسابنا الذي هو حساب حزب البعث العربي الاشتراكي، إن نتائج الفرقة ونتائج الاصطراع من شأنها أن تلحق الأذى بالإنسانية وجوهر الدين أكثر مما تفيدهما بكثير.
ولذلك فإن حزب البعث العربي الاشتراكي قال: نحن نستوحي من قيم السماء دروسها المركزية وجوهرها الأساسي ونترك للشعب فيما عدا ذلك حرية ممارسة الطقوس الدينية بالاتجاه الذي يختار به دينه ومذهبه([29]).
وقال صدام حسين : الناس الذين يدعون إلى العودة إلى الطريق السلفي في التعامل مع المسألة الدينية يريدون لمجتمعكم التمزق والتناحر والاقتتال وضياع الجوهر الإنساني الأساسي للرسالة السماوية إن كان بالنوايا أو بالنتيجة([30]).
وقال صدام حسين : سوف لن نحشر السلطة في تفاصيل طقوس الإيمان وخصوصيته بما يجعل السلطة تصطرع مع الشعب في اختيار طقوسه وفي التعبير عنها([31]).
وقال صدام حسين : إننا نعتقد ونؤمن، واعتقد أن إيماننا ضمن الحالة الطبيعية للحياة بأنه في الوقت الذي يقود القانون الحياة فهو أيضا ابن الحياة... ولأنه قانون وضعي فهو من صناعة الإنسان، ولأنه كذلك فهو خاضع للاجتهاد طبقا لمؤثرات هذا الاجتهاد وبموجب هذا فلا بد أن تفعل كل مرحة من المراحل فعلها في بلورة هذا أو ذاك من القوانين إن كان في اعتباراتها وجوانبها المادية أو في اعتباراتها وجوانبها الروحية والمعنوية([32]).
وجاء في موضوعات مادة الثقافة القومية والاشتراكية لمرحلة الصفوف الرابعة جامعة الموصل:
وعلى هذا الأساس أصبحت القومية العربية في مفهوم البعث :
"مرادفة لحياة الشعب العربي ومشاكله السياسية والاقتصادية والفكرية، وأصبحت تعني في وقت واحد الثورة على التخلف والظلم الاجتماعي، والثورة على التجزئة وفي سبيل توحيد الوطن العربي والثورة على أمراض المجتمع وعصبياته وامتهان كرامة الفرد والمجموع، وفي سبيل الديمقراطية والقيم الإنسانية... فإذا كانت القومية شيئا أساسيا فهي كالدين في حياة البشر، كما تؤكد فكرة البعث.([33])
وقالوا أيضاً: [وبالرغم من أن البعث العربي حركة قومية "تتوجه إلى العرب كافة على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وتقدس حرية الاعتقاد وتنظر إلى الأديان نظرة مساواة في التقديس والاحترام، فإن مفهوم البعث للقومية هو الذي جعله ( يرى في الإسلام ناحية قومية لها مكانتها الخطير في تكوين التاريخ العربي والقومية العربية، وهكذا استطاع مفهوم البعث للقومية العربية) أن ينقذها من مفهومين منحرفين، مفهوم القومية المجردة الذي يفرض عليها الاصطناع والفقر، ومفهوم القومية الدينية الذي يقضي عليها بالتناقض والتلاشي، لذلك فإن العلمانية التي يطلبها البعث للدولة هي التي بتحريرها الدين من ظروف السياسة وملابساتها، تسمح له بأن ينطلق في مجاله الحر في حياة الفرد والمجتمع([34]).
وقالوا أيضاً: مع بداية مرحلة الأربعينيات، بدأت ملامح ظاهرة بارزة في حياة العرب المعاصرة، هي ظاهرة تبلور الفكر العربي الثوري حول منطلقات أيديولوجية ثورية جديدة، فقد جاءت الأيديولوجية العربية الثورية المتمثلة في نظرية (الوحدة والحرية والاشتراكية) تعبر عن نظرة جديدة أصيلة وحديثة إلى الواقع العربي وإلى المستقبل العربي، تجاوزت من خلالها تجاوزا كليل –لا جزئيا- ونوعيا- لا كميا- وجدليا- لا صوريا- ما كان يحفل به المجتمع العربية من تصورات ونزعات وتيارات فكرية.
ومن هنا فقد جاءت فكرة البعث تجاوزا لكافة الاتجاهات والتيارات السائدة في الوطن العربي آنذاك، من دينية غير علمية، ومن قومية غير تقدمية، ومن تقدمية غير وحدوية، ومن أممية غير قومية، فقدمت لمشكلات أمتنا العربية حلا جذريا في الوحدة ذات المضمون الاشتراكي الديمقراطي، وأعطت للقومية العربية طابعها الإنساني التقدمي، وللاشتراكية إطارها الوحدوي الديمقراطي، وللديمقراطية مضامينها الاجتماعية والشعبية ، كما أعطت لمعارك التحرر القومي آفاقها العالمية وارتباطها الوثيق بحركات التحرر والشعوب([35]).
[1]- التيار القومي الإسلامي, ص / 11.الطبعة اللأولى 1997 دار الشروق.
[2]- المصدر السابق, ص / 21.
[3]- المصدر السابق, ص / 23.
[9] - من قصيدة ألقاها الجواهري بدمشق عام 1978في ذكرى السادس من تشرين عندما هزموا وضللوا وسموا الهزيمة نصراً
[10] - جبل قاف: هو جبل وهمي يتحدث عنه الصوفيون المخرفون على أنه جبل يحيط بالأرض جميعها وترتكز عليه السماء.
[35]- (موضوعات مادة الثقافة القومية والاشتراكية لمرحلة الصفوف الرابعة جامعة الموصل) ص 123)
0 التعليقات:
إرسال تعليق