العلمانية
رضوان محمود نموس
العلمانية هي مذهب وضعي كفري يريد عزل الله وأحكامه وكتبه ورسله عن خلق الله ويزعم هذا المذهب أن لا حاجة للإنسان بالله واسم العلمانية ترجمة مزورة للاسم الغربي [Secularism] والمعنى الحقيقي هو [ اللادينية].
والعلمانية كما عرفتها موسوعة السياسة هي: [ مفهوم سياسي اجتماعي نشأ إبان عصور التنوير والنهضة في أوروبا، ورأى أن من شأن الدين أن يعنى بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم، ونادى بفصل الدين عن الدولة، وبتنظيم العلاقات الاجتماعية على أسس إنسانية تقوم على معاملة الفرد على أنه مواطن ذو حقوق وواجبات، وبالتالي إخضاع المؤسسات والحياة السياسية لإرادة البشر وممارستهم لحقوقهم وفق ما يرون وما يحقق مصالحهم وسعادتهم الإنسانية.
وبهذا تكون العلمانية قد فصلت بين الممارسة الدينية التي اعتبرتها ممارسة شخصية والممارسة السياسية التي نظرت إليها كممارسة اجتماعية..
والواقع هو أن هذا المفهوم التجديدي الهام انطلق من نظرة أوسع وأشمل، هي النظرة الإنسانية التي مجدت الإنسان كمحور للكون ونظرت إليه على أنه سيد نفسه وحر الإرادة ونادت بالعقلانية كوسيلة للتنظيم الاجتماعي ولتسخير كافة الإمكانيات لتحقيق حاجات الإنسان وسعادته، وبالديمقراطية كأساس لعلاقة الفرد بالدولة والمجتمع ] ([1]). وقال في "موسوعة المورد": [ العلمانية Secularism: النزوع إلى الاهتمام بشؤون الحياة الدنيا، وقد يقصد بالمصطلح أحياناً العلمنة أي نزع الصفة الدينية أو سلطان رجال الدين عن نشاط من النشاطات أو مؤسسة من المؤسسات.... وأياً ما كان فإن العلمانية لم تتخذ شكلاً فلسفياً نظامياً إلا في منتصف القرن التاسع عشر، وفي رأس مسلماتها حرية الفكر وحرية كل امرئ في مناقشة جميع المسائل الجوهرية من مثل وجود الله ] ([2]). وأول من ترجم كلمة Secularism إلى لفظ علماني بدلاً من لفظ (لا ديني) ذراً للرماد في العيون هو القبطي المصري (لويس بقطر)([3]) والذي كان ماسونياً وعميلاً للفرنسيين يقول في قاموس عربي فرنسي وضعه سنة 1828،. وجاء في المصطلحات السياسية الشائعة: [ علمانية: مفهوم سياسي اجتماعي ينادي بفصل الدين عن الدولة، واعتبار الدين ممارسة شخصية تنظم علاقة الشخص بربه، وأن الممارسة السياسية ممارسة اجتماعية لا يتدخل فيها الدين ] ([4]). وفي قاموس المورد Secularism: عدم المبالاة بالدين، أو بالاعتبارات الدينية.
وقال الشيخ سفر الحوالي في كتابه العلمانـية: [ لفـظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (Secularism) الإنجليزية أو (Secularite) بالفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ العلم ومشتقاته، فالعلم بالإنجليزية والفرنسية معناه (Science) والمذهب العلمي تطلق عليه كلمة Scientism)) والنسبة إلى العلم هي ((Scientific أو (Scientifique) بالفرنسية.
والترجمة الصحيحة للكلمة هي (اللادينية، أو الدنيوية)، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب بل بمعنى أخص، وهو مالا صلة له بالدين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد.
وتتضح الترجمة من التعريف الذي تورده المعاجم ودوائر المعارف الأجنبية للكلمة.
وتقول دائرة المعارف البريطانية مادة Secularism: هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها، وظلّ الاتجاه إلى Secularism يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين.
ويقول قاموس العالم الجديد لوبستر شرحاً للمادة نفسها:
الروح الدنيوية أو الاتجاهات الدنيوية ونحو ذلك، وعلى الخصوص نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال الإيمان والعبادة, والاعتقاد بأن الدين والشؤون الكنسية لا دخل لها في شؤون الدولة، وخاصة التربية العامة.
ويقول معجم أكسفورد شرحاً للكلمة Secular: دنيوي أو مادي ليس دينياً ولا روحياً مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنسية، والرأي الذي يقول إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية.
ويقول المعجم الدولي الثالث الجديد، مادة Secularism: اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص يقوم على مبدأ أن الدين أو الاعتبارات الدينية يجب أن لا تتدخل في الحكومة أو استبعاد هذه الاعتبارات استبعاداً مقصوداً، فهي تعني مثلاً السياسة اللادينية البحتة في الحكومة ] ([5]). تعريف محمد عمارة للعلمانية:
يقول عمارة: [ هكذا نشأت العلمانية, في سياق التنوير الوضعي الغربي, لتمثل عزلاً للسماء عن الأرض, وتحرير الاجتماع البشري من ضوابط وحدود الشريعة الإلهية, وحصراً لمرجعية تدبير العالم في الإنسان, باعتباره "السيد" في تدبير عالمه ودنياه، فهي ثمرة عقلانية التنوير الوضعي, الذي أحل العقل والتجربة محل الله والدين، وهي قد أقامت مع الدين -في تدبير العالم- قطيعة معرفية وبعبارة واحد من دعاة التنوير الغربي (فلم يعد الإنسان يخضع إلا لعقله في أيديولوجيا التنوير التي أقامت القطيعة الأبستمولوجية (المعرفية) الكبرى التي تفصل بين عصرين من الروح البشرية عصر الخلاصة اللاهوتية للقديس توما الأكويني وعصر الموسوعة لفلاسفة التنوير فراح الأمل بمملكة الله ينزاح لكي يخلي المكان لتقدم عصر العقل وهيمنته وراح نظام النعمة الإلهية ينمحي ويتلاشى أمام نظام الطبيعة وأصبح حكم الله خاضعاً لحكم الوعي البشري الذي يطلق الحكم الأخير باسم الحرية. إنها عزل السماء عن الأرض, والدين عن الدنيا, وإحلال الإنسان في تدبير العمران البشري محل الله ] ([6]).