موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأحد، 1 أبريل 2012

‏ إضاءة 6 خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ


إضاءة 6
خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ
رضوان محمود نموس
إن العقيدة هي أساس هذا الدين العظيم. فهي القدرة المحركة الفاعلة التي تصنع في مُعْتَقِدِهَا الأعاجيب, هي التي حولت أعراب الصحراء إلى قادة أمم عجزت الدنيا عن إنجاب أمثالهم إن أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد وأبا عبيدة والزبير والقعقاع والمثنى وغيرهم ممن يعجز عنه الإحصاء رضي الله عنهم أجمعين هم نتاج العقيدة الإسلامية الصحيحة وليسوا نتاج العرب ولا الصحراء ولا البادية ولا الحاضرة.
هذه العقيدة التي جمعت الناس على أساس الإيمان ولا شيء غيره الإيمان الذي يفاصل فيه الرجل بينه وبين أبيه وأهله من أجل الدين.
(( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ))[التوبة:24]
الإيمان الذي يجعل جهاد الأعداء من أهم أسسه ولو كانوا من كانوا, العقيدة التي نطقت على لسان محيصة فقال لأخيه والله لو أمرني بقتلك لقتلتك. وذلك
[لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التي قتل فيها ابن الأشرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه} فخافت اليهود, فلم يطلع عظيم من عظائمهم ولم ينطقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت ابن الأشرف, وكان ابن سنينة من يهود بني حارثة وكان حليفاً لحويصة بن مسعود, فعدا محيصة على ابن سنينة فقتله, فجعل حويصة يضرب محيصة وكان أسن منه يقول: أي عدو الله أقتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله, فقال محيصة: والله لو أمرني بقتلك الذي أمرني بقتله لقتلتك, قال والله لو أمرك محمداً أن تقتلني لقتلتني؟ قال نعم, قال حويصة: والله إن ديناً يبلغ هذا الدين معجب!, فأسلم حويصة يومئذ, فقال محيصة:
يلوم ابن أمي لو أمرت بقتله **  لطبقت ذافره بأبيض قاضب
حسام كلون الملح أخلص صقله ** متى ما تصوبه فليس بكاذب
وما سرني أني قتلتك طائعاً ** ولو أن لي ما بين بصرى ومأرب]
المغازي للواقدي 1/ 190 – 192
أولئك الذين أخذوا الدين بقوة كما أمر الله.
قال الله تعالى: ((خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))[البقرة:63]
وقال الله تعالى: (( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ))[الأعراف:145]
وقال الله تعالى: (( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ))[مريم:12]
فالعقيدة تؤخذ بجد وقوة وليس بتحريف ولعب وتأويل وتمطيط حتى يضيع شكلها ولونها.
 يجب أن يكون للعقيدة مكانتها وجديتها في النفوس يجب أن نتفاعل معها بقوة حتى تمدنا بالقوى العظمى فالعقيدة لا تعرف الرخاوة، والتمييع والترهل والتفلت والدوران والتمطط.

فالممططين للعقيدة يريدون أن يجعلوها تتسع للشرك والوثنيات القديمة والحديثة.  
فلذا نرى أن الله تعالى حذر من الإدهان في الدين قال الله تعالى (( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ))[القلم:9]
فعلينا أن نبين ديننا بعز وشموخ وإباء ولا ندهن فيه رضي من رضي وغضب من غضب
وإنما يحصل هذا بإعلان الدين كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم رضي الناس أم غضبوا فإيثار مرضاة الله على مرضاتهم، والغضب لله والغيرة إذا انتهكت محارمه دليل على سلامة العقيدة وإذا عدمت الحياة في القلب تبعها انعدام الغيرة والتعظيم والغضب لله فتساوى عند هؤلاء الناس الخبيث والطيب، والكفر والإيمان وساروا على مذهب أم كلثوم ( كل الناس حلوين) فأي خير يبقى بعد هذا؟
إن المداهن الذي يطلب رضا الخلق، أخبث حالا من الزاني والسارق وشارب الخمر.
قال ابن القيم رحمه الله: [ولله تبارك وتعالى على عبده نوعان من الحقوق لا ينفك عنهما أحدهما أمره ونهيه اللذين هما محض حقه عليه والثاني شكر نعمه التي أنعم بها عليه فهو سبحانه يطالبه بشكر نعمه وبالقيام بأمره فمشهد الواجب عليه لا يزال يشهده تقصيره وتفريطه وأنه محتاج إلى عفو الله ومغفرته فإن لم يداركه بذلك هلك وكلما كان أفقه في دين الله كان شهوده للواجب عليه أتم, وشهوده لتقصيره أعظم, وليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله وأكثر الديانين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس
وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والنصيحة لله ورسوله وعباده ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلا عن أن يريدوا فعلها وفضلا عن أن يفعلوها وأقل الناس دينا وأمقتهم إلى الله من ترك هذه الواجبات وان زهد في الدنيا جميعها وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويمعره لله ويغضب لحرماته ويبذل عرضه في نصرة دينه وأصحاب الكبائر أحسن حالا عند الله من هؤلاء وقد ذكر أبو عمر وغيره أن الله تعالى أمر ملكا من الملائكة أن يخسف بقرية فقال يا رب إن فيهم فلانا العابد الزاهد قال به فابدأ إنه لم يتمعر وجهه في يوم قط] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص: 146)     
ثم يقول الشيخ حمد بن عتيق [معلقا على كلام ابن القيم رحمهما الله جميعا: لو قدر أن رجلا يصوم النهار ويقوم الليل، ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع ذلك لا يغضب ولا يتمعر وجهه، ويحمر لله غضبا عند رؤية المنكر وأهله، فهذا من أبغض الناس عند الله وأقلهم شأنا، نظرا لعدم تحمله الأذى في سبيل الدعوة إلى الله] انظر الدرر السنية (7/ 38، 39).
فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق فلو علم المداهن الساكت أنه من أبغض الخلق إلى الله وهو في تلك الحالة، لتكلم بالخير وصدع بالحق، ولو علم طالب رضا الخلق بترك الإنكار عليهم، أنه لن يناله من ذلك إلا غضب الله عليه، ومن يغضب الله عليه يغضب الناس عليه، كما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» سنن الترمذي (4/ 34).
فالمداهنة سبب للغضب والعذاب في الدنيا والآخرة يقول الشاعر:
وثمود لو لم يداهنوا في ربهم ... لم تدم ناقتهم بسيف قدار 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.