موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأحد، 8 أبريل 2012

حمير الهيكل (4)


حمير الهيكل (4)

رضوان محمود نموس

بيّنا في الحلقات السابقة كيف خرقت الماسونية الكنيسة وتمكنت من تسخير بعض قياداتها، وإنشاء المذهب البروتستانتي ليكون خدماً ليهود، وكيف كان مارتن لوثر يصرح أنه وأتباعه تبع ليهود، وفي هذه الحلقة نبين دور بلفور في خدمة يهود.
ولكن كيف تشكلت صهيونية بلفور المسيحية؟
تقول ابنة أخته ومؤرخة حياته السيدة بلانش دوغاديل: لقد تأثر بلفور منذ نعومة أظفاره بدراسة التوراة في الكنيسة، وكان كلما اشتدّ عوده زاد إعجابه بالفلسفة اليهودية، وكان دائماً يتحدث باهتمام عن ذلك. وما زلت أذكر أنني في طفولتي اقتبست منه الفكرة القائلة بأن المسيحية وحضارتها مدينتان بالشيء الكثير لليهودية، لكنهما سددتا هذا الدَّيْن في أبشع صورة.
وقد كانت أطروحات "شعب الله المختار وحقه في أرض الميعاد وتحقيق النبوءة بتجميع اليهود في دولة إسرائيل في فلسطين من أبرز معتقدات بلفور التوراتية التي ورثها في طفولته وتربى عليها في نشأته في إحدى الكنائس الإنجليزية الأسكوتلندية" كما يقول دونالد واغتر.
ويلفت النظر أن بلفور لم ير في اليهود مجرد " أداة لتحقيق العصر الألفي المسيحي " بل أصرّ على اعتبارهم منفيين يعيشون بعيداً عن وطنهم، فخالجته الفكرة القائلة بوجوب إعادة وطنهم القديم إليهم. ومما يذكر عنه أنه حينما اجتمع في عام 1906م مع الزعيم الصهيوني اليهودي وايزمان 1952,1874م في فندق مانشستر أكد له على ضرورة أن تقدم المسيحية كل قدراتها إلى اليهود لتحقيق فرصة العودة إلى وطنهم.
وكان بلفور من السياسيين البريطانيين المطّلعين على التاريخ اليهودي، وقد اعتبر أن تحطيم الرومان مملكة اليهود القديمة كان أحد أعظم الأخطاء في التاريخ، ويقول عنه بيتر غروز، أحد كبار الصحفيين في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية الذي عمل في لجنة التخطيط في وزارة الخارجية في عهد إدارة الرئيس كارتر، والذي يشغل حاليا منصب مدير دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك:" لقد كان بلفور أكثر فهماً من هرتزل لطموحات الصهيونية ".

وهو يقول على لسان بلفور:" إذا كان لا بد من إيجاد وطن للشعب اليهودي فإنه من العبث البحث عن أي مكان غير فلسطين ".
كما يذكر أن بلفور أعلن صراحة إثر مغادرته واشنطن في أيار مايو 1917م:" أنا صهيوني ".  وذلك بعد أن وضع الخطوط النهائية للوعد المسمى باسمه وإثر اجتماعه مع الرئيس الأمريكي ويلسون ولقائه القاضي الصهيوني اليهودي لويس برانديز.
تردد الكاتبة شريف التصريح وتضيف أن "بلفور ولويد جورج كان كلاهما يعترف بأنه صهيوني" فلويد جورج كانت له صلات مبكرة مع هرتزل منذ عام 1903م حتى قبل لقائه مع وايزمان عام 1915م، وحديثه وإعجابه بعبقريته الكيميائية إذ يعترف بأن الأسيتون، وهو اختراع وايزمان الكيميائي قد حوله إلى الصهيوينة. وهذا القول هو جزء من المقولة الخاطئة والقائلة بأن وعد بلفور جاء مكافأة لوايزمان على ما قدمه من خدمات لجهود إنكلترا الحربية بعد أن عمل وايزمان ككيميائي في وزارة الذخيرة الإنجليزية.
واضح أن إنكلترا كانت تدرك ما لفلسطين من أهمية استراتيجية في توطيد مصالحها في المشرق العربي. إلا أن الخلفية الدينية المؤمنة بقصص العهد القديم وتفسيراته العبرية لكل من لويد جورج رئيس الوزراء، وآرثر بلفور وزير خارجيته، كان لهما أثر كبير في تحريك مواقفهما السياسية ودفعهما نحو إصدار الوعد الذي كان أول اعتراف دولي بالصهيونية السياسية وبمشروعها إقامة دولة لليهود في فلسطين.
وتكمن أهمية وعد بلفور من وجهة نظر صهيونية سياسية في اعترافه بوجود شعب يهودي على شكل أمَّة. وقد تم الاعتراف الدولي بذلك بعد تجسيد الوعد في عملية الانتداب الإنجليزي على فلسطين وإدماجه بها، وبعد إقراره في مؤتمر سان ريمو عام 1920م، وضمان عصبة الأمم المتحدة له في عام 1922م. لقد تبنى وعد بلفور من وجهة نظر الأهداف الصهيونية حين أنكر وجود شعب فلسطين العربي الذي لم يشر إليه الوعد إلا بالطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين. ومن ناحية أخرى التقى هذا الوعد مع تفسيرات الصهيونية المسيحية وقناعاتها منذ حركة الإصلاح الديني البروتستانتي، بأن فلسطين ليست بلداً عربياً بل هي وطن يهود. فقد جاء الوعد خالياً من ذكر عروبة الأرض والسكان العرب فيها. ولم يعن سوى أن مستقبل فلسطين سيكون دولة لليهود. وبهذا الوعد تكون الصهيونية المسيحية الأوربية قد جسّدت أطروحاتها الدينية عملياً، بادئة مرحلة جديدة من التعاون الوثيق بينها وبين المصالح الإمبريالية الغربية.
وقد انتقلت الصهيونية المسيحية منذ بداياتها الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية فالبيوريتانيون (التطهيريون) هم مؤسسو الولايات المتحدة الأمريكية وكان تطور النظام العالمي يتجه باستمرار نحو إحداث تغييرات في مواقع القوى العظمى ومراكز الإدارة الدولية) ]([1]) .
والبروتستانتية هي أكثر الطوائف الدينية عددا في الولايات المتحدة الأمريكية وتضم أكثر من مائتين طائفة مثل المنهجيين والمشيفيين والأسقفيين والمعمدانيين... الخ. يجمعهم شيء واحد هو حب اليهود والعمل لأجلهم واعتبار التوراة هي الأصل.
[ ويمثل الخط العام البروتستانتي الذي يضم كنائس التنمية والطبقة العليا في المجتمع الأمريكي، وتسمى كنائس البروتستانت الإنكلوسكسون البيض والتي تختصر بكلمة واسب (WASP) وهي أهم الكنائس تأثيرا في صياغة السياسة الأمريكية ]([2]) .
ويقول أنور الجندي:[ فإن البروتستانتية تختلف عن ذلك وتؤمن بالأسطورة اليهودية في الشعب المختار وقد استطاع اليهود احتواءهم وتوجيههم إلى هذا عن طريق نشر الكتاب المقدس جامعاً للعهد القديم والعهد الجديد وما يتصل بتدريس هذه المعاني في مختلف معاهد البلاد التي تدين بالبروتستانتية، وقد استطاع اليهود بتفسيراتهم المضللة التي قدموها إلى الغرب المسيحي تحويل هذه الأسطورة إلى حقيقة، ومع أن المسيحية كانت منذ بدايتها دحضاً صريحاً لكل آمال اليهود قائلة:"هوذا بيتكم يترك لكم خرابا" فإننا نجد أن المسيحية قد تحولت إلى أكبر مساند عنيد لتحقيق آمال اليهود ومطامعهم. خضعت البروتستانت أولاً ثم هانحن نرى أن الكاثوليكية قد خضعت في السنوات الأخيرة حين أعلنت تبرئة اليهود من دم المسيح، وسمحت للمسيحيين بالانضمام إلى محافل الماسونية]([3]) .
وجاء في كتاب المؤامرة الخفية:[ إن المذهب البروتستانتي الذي أنشأه لوثر في ألمانيا وما لفّ لفّه من مذاهب خرجت على الكثلكة والأرثوذكسية تعترف بالعهد القديم وهذه المذاهب حين ربطت العهد الجديد (الإنجيل) بالعهد القديم (التوراة) إنما تهودت بطريق غير مباشر، وأنصارها يعلمون أو لا يعلمون، والقديم كما يلقن الماسون عميانهم آصل وأصدق من الجديد، ولذلك فيهودية البروتستانتي ومن لف لفه آصل وأصدق من يهودية اليهودي لأن اليهودي يبقى طول عمره تلمودي لا توراتي، لا يؤمن إلا بما جاء في التلمود من تفاهات، ويقدم أقوال الحاخامات والأحبار على أقوال التوراة لأن القضايا بالنسبة له ليست قضايا نصوص، أما المسيحيون المتهوِّدون أو اليهود المتمسِّحون فإنهم يؤمنون بالتوراة قبل الإنجيل هذا إذا كان فيهم من يؤمن بالإنجيل ]([4]).
وإذا أخذنا مثلاً الكتاب المقدس طبعة عام 1983م وجدنا العهد القديم: التوراة تشكل منه 1358 صفحة, بينما إنجيل متَّى 53 صفحة, ومرقص 33 صفحة, ولوقا 55 صفحة, ويوحنا 43 صفحة, علما أن ما بالأناجيل هو مكرر فإذا اخترنا أكبرها وهو لوقاكان 55 صفحة مقابل التوراة 1358 صفحة. أما رسائل بولس وأعمال الرسل وهي من صنع بولس اليهودي فهي 205 صفحات, فصار المجموع 1563 صفحة ثقافة وتعاليم يهودية مقابل 55 صفحة تعاليم منسوبة للمسيح. إذا علمنا هذا علمنا أي جناية جناها البروتستانت في تهويد المسيحيين باعتمادهم وجمعهم التوراة مع الإنجيل, واعتبارهما الكتاب المقدس للبروتستانت.وإذا علمنا هذا فلا نستغرب هذا الاندفاع من البروتستانت في تحقيق أحلام اليهود.



[1] - البعد الديني في السياسة الأمريكية,نقولات متفرقة, (ص / 20–34).
[2]- المصدر السابق, (ص / 53).
[3]- المخططات التلمودية , (ص / 62 –63).
[4]- القوى الخفية لليهودية العالمية, داود عبد العفو سنقرط, (ص / 74 –75).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.