موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

وثيقة الأخوان دراسة تحليلية شرعية(2) ما هي الدولة المدنية


وثيقة الأخوان دراسة تحليلية شرعية(2)
ما هي الدولة المدنية
رضوان محمود نموس
عدد غير قليل ممن كانوا يحسبون ضمن الدعاة إلى الله؛ تحولوا بفعل ضعف التربية, وهشاشة العقيدة, والهزيمة النفسية, إلى دعاة على أبواب جهنم, ومطية للشيطان, فتخلوا عن الدعوة إلى تحكيم شرع الله, وسيادة حكم الله, وتحولوا إلى حمير لبناء هيكل العلمانية الكافرة المحادّة لله جل جلاله وللرسول صلى الله عليه وسلم, ولم يقفوا في الصراع بين المنهج الإسلامي والمنهج الكفري العلماني على الحياد؛ بل تطوعوا في جيش العلمانية والمذاهب الباطلة التي تحارب الإسلام, وأصبحوا يدبجون المقالات في الدعوة إلى الدولة المدنية التعددية, والتي هي العلمانية الكافرة, وسفحوا كرامتهم ودينهم على  مذبح التحالف البروتستنتي الصهيوني الماسوني ليفوزوا برضاه واضعين رضى الله وراءهم ظهريا.
حتى غدوا يضيقون زرعاً بالطرح الإسلامي, ومفاهيم الولاء والبراء وحاكمية الله وإعلاء كلمة الله, وحكم المرتد وما شابه مما يؤذي أسماعهم التي ألفت موسيقى العلمانية والخطاب الغربي الكافر.
بل وصل ضيقهم إلى عدم تحمل النصوص الشرعية من القرآن والسنة؛ ويواجهون كل من يعترض على انحرافهم بفيتوا خطير (هذه سياسة). فأصبحوا علمانيين في الشعور واللاشعور.
وينظرون إلى الواثقين بنصر الله وتأييده والمؤمنين بالغيب نظرة السذاجة والتخلف ويتغيظون على المجاهدين لأنهم يشوهون (الفون) الخلفية لمنظر المسلمين الوسطيين بين الكفر والإيمان بنظرهم ويلقون الوعود لسيدهم القابع في البيت الأسود بأنهم سيقاتلون هؤلاء الإرهابيين إذا مكنهم من السلطة خسئ الطالب والمطلوب منه.
لقد تحول الإسلام عندهم من منهج يقود الدنيا إلى الخير؛ إلى تراث؛ منهم من يحتفي به, ومنهم من لا يأبه له. وفي كلا الحالتين ليس للدين عندهم دور في صياغة نهضة الأمة وقيادتها إلى ما تصبوا إليه من العيش وفق منهج الله.
ومن هؤلاء الأخوان المسلمين الذين أصدروا وثيقة عهدهم وميثاقهم المشؤم والذي نرد عليه تباعاً وسنرد في هذه الحلقة على تبنيهم للدولة المدنية
فهم يريدون ومن خلال البند الأول:
1-           دولة مدنية.
2-           دولة حديثة.
3-           تقوم على دستور منبثق عن إرادة أبناء الشعب السوريّ،
4-           قائم على توافقية وطنية
5-           تضعه جمعية تأسيسية منتخَبة انتخاباً حراً نزيها
6-           يحمي الحقوقَ الأساسية للأفراد والجماعات
وكل بند من هذه البنود يحتاج إلى رد مستقل قائم بذاته وسنبدأ بإذن الله بالرد على البند الأول وهو . يلتزم الإخوان المسلمون بالعمل على أن تكون سورية المستقبل:
دولة مدنية:

فما هي الدولة المدنية:
 [الدولة المدنية هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والفكر. هناك عدة مبادئ ينبغي توافرها في الدولة المدنية والتي إن نقص أحدها فلا تتحقق شروط تلك الدولة أهمها أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث أنها تضمن حقوق جميع المواطنين،
من مبادئ الدولة المدنية الثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة، كذلك مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن،
 من أهم مبادئها أن تتأسس على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات
ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أنها لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. ..إن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية،]([1])
والدولة المدنية هي البعيدة عن أي تأثير ديني.([2]).
[ بروز مفهوم (الحضارة) أو (المدنية) على أنه عكس مفهوم (الدينية)، ومن هذا التصور ظهرت عبارات: الدولة المدنية، والقانون المدني، والثقافة المدنية، في مقابل: الدولة الدينية، والقانون الديني، والثقافة الدينية، وهكذا انتقلت (اللادينية) إلى مجتمعاتنا عبر (المدنية)]([3])

وقال شحاتة محمد صقر في كتابه حتى لا تخدعنا الشعارات تحت عنوان
مفهوم الدولة المدنية
 [منذ عهد الاستعمار الحديث الذي حل بربوع المسلمين، الذي سموه زورا وبهتانا بعصر التنوير، بدأت تطرق آذاننا ألفاظ لمسميات لم نسمع بها من قبل ذلك نحن ولا آباؤنا، من ذلك كلمة «الدولة المدنية» التي يبشر القائلون بها والداعون إليها، بأن كل أزمات المسلمين في العصر الحاضر من الاستبداد السياسي إلى التخلف التقني، إلى الفقر والبطالة وتدني الخدمات، أن كل ذلك سيزول بمجرد أن تتحول دولنا إلى دول مدنية، ولما كانت المنافع المعلقة على هذا التحول منافع كبيرة يحرص كل إنسان يريد الخير لأمته ومجتمعه على الحصول إليها، كان لا بد لنا من معرفة مدلول هذا اللفظ حقيقة قبل قبوله والدعوة إليه، حتى لا نذهب إليه ثم يتبين لنا ما فيه من الفساد العريض، لكن بعد أن يكون فات القطار، فماذا تعني الدولة المدنية؟..
الدولة المدنية في التراث الإسلامي:
بالتقليب في كتبنا السابقة التي تحدثت عن الأحكام السلطانية أو السياسة الشرعية لا نجد لهذا المصطلح وجودا مع أن مفرداته «الدولة» و «المدنية» هي من مفردات لغتنا، مما يتبين معه أن المصطلح مستورد من بيئة غير بيئتنا ـ وهذا في حد ذاته ليس عيبًا، لو كان لا يحمل مضمونا مخالفا لما هو مقرر في ديننا ـ وعليه فإن محاولة البحث عنه في تراثنا لن تُجْدِي شيئًا، وعلينا أن نبحث عن معناه في البيئة التي ورَّدته إلينا ثم ننظر في معناه في تلك البيئة هل يناسبنا فنقبله أم يتعارض مع ديننا فنرفضه؟.
الدولة المدنية في الثقافة الغربية:
هذا مفهوم مترجم ومعرب من الثقافة الغربية الحديثة ويقصد به: «الدولة التي تستقل بشئونها عن هيمنة وتدخل الكنيسة، فالدولة المدنية هي التي تضع قوانينها حسب المصالح والانتخابات والأجهزة والتي في نفس الوقت لا يخضع لتدخلات الكنيسة» والكنيسة في الغرب كانت هي راعية الدين والممثلة له، فاستقلال الدولة المدنية عن تدخل الكنيسة ووضعها للقوانين حسب المصالح، معناه عند القوم استقلالها عن الدين وهو ما يعني أن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية.
فمن الناحية التاريخية إذا رجعنا إلى أصل اصطلاحها الغربي، نجد أن للدولة المدنية مفهوما فلسفيًا سياسيًا، مناقضًا للدولة الدينية (الثيوقراطية)، والتي يتأرجح مفهومها (نظريا) بين حكم رجال الدين وتحكيم الدين نفسه في السياسة، بغض النظر عن طبيعة من يحكم به! ويتمثل مفهومها عمليا بتنحية الدين عن السياسية مطلقا، باعتبار الدين هو مجموعة قوانين إلهية مميزة للدولة الدينية.
فكانت الدولة المدنية بمبدئها الرافض لتدخل الدين في السياسة دولة علمانية. وأنها تمثل عبر التاريخ سواء في الشرق أو الغرب عند دعاتها إطارا سياسيا للعلمانية قابلا لتوظيف أي اتجاه فلسفي إيديولوجي في الحياة بشرط تنحية الدين عن السياسية.
فالحكومة المدنية في الفضاء المعرفي الغربي تعني تنظيم المجتمع وحكمه بالتوافق بين أبنائه بعيدا عن أي سلطة أخرى سواء دينية أو غيرها، أي إن شرط (العلمانية) أساسي في تلك الحكومات]([4]).
وجاء في كتاب العلمانية - الليبرالية - الديمقراطية - الدولة المدنية في ميزان الإسلام [لا يقوم النظام الديمقراطي بداية إلا في دولة مدنية أو نستطيع أن نقول بعبارة أخرى: إن الدولة الديمقراطية هي بالضرورة دولة مدنية.
فما هي الدولة المدنية؟ الدولة المدنية هي دولة تقوم على أساس المواطنة المتساوية، بمعنى أن كل مواطن في الدولة يتساوى مع كل مواطن آخر فيها.
المواطنون في الدولة المدنية سواء في الحقوق والواجبات لا تفرقة بينهم لأي سبب من الأسباب طالما كانوا يحملون جنسية الدولة أي طالما كانوا مواطنين في الدولة، والدولة المدنية على هذا النحو لا يمكن أن تكون دولة دينية .. لأن الدولة الدينية تفرق بين المواطنين على أساس الانتماء الديني]([5]).
يقول دكتور/ أحمد كمال أبو المجد والحاصل أن الدولة المدنية ترتكز على دعائم ثلاثة وهي:
* العلمانية أو اللادينية  Secularism .
*  القومية أو الوطنية  Nationalism .
*  الديمقراطية أو حكم الشعب  Democracy .
فالدولة المدنية الحديثة دولة علمانية، والعلمانية تعني فصل الدين عن الحياة، وعدم الالتزام بالعقيدة الدينية أو الهدي السماوي .
وجاء في مقال لعلاء الأسواني بعنوان هل تسمح الدولة المدنية بتطبيق الشريعة؟ [الدولة المدنية الديمقراطية: هي الدولة التي تكون فيها السيادة للشعب والسلطة للأمة.دولة القانون والمؤسسات التي يستوي فيها المواطنون جميعا أمام القانون بغض النظر عن أديانهم.
أما الشيخ المحلاوى فقد أعلن بوضوح أن «من يطالبون بالدولة المدنية في مصر كفرة وعبدة الطاغوت».. لا أكثر ولا أقل]([6]).
وتحت عنوان ماذا تعني الدولة المدنية كتب أحمد زايد:[ وأخيرا، فإن الدولة المدنية لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة ..إن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية, فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، حول مصطلح الدولة المدنية]([7]).
وكتب الشيخ ياسر برهامي حول مصطلح: "الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية"! وما يراد به 
السؤال: ما رأي فضيلتكم بما صرَّح به مؤخرًا المتحدث باسم "الإخوان المسلمين" في هذا الشأن.. وهذا نص المقولة: "كما أن الإسلام يتعاون مع كل الحضارات والشعوب، ومِن أهم قيم الإسلام: الحرية، والمساواة، والعدالة، والتعاون، موضحًا أن الإخوان ضد الدولة الدينية؛ لأن الإسلام ضدها، بينما هم مع الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية

فما هي الدولة المدنية ذات الشرعية الإسلامية؟ وهل هذا ما قصدتموه في "بيان الهيئة الشرعية"، و"توصيات المؤتمر السلفي الأخير"، والذي مفاده: "إن الأمة لن تسمح بالمساس بالمادة الدستورية التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، واحترام مرجعية الشريعة الإسلامية وأنها المصدر الرئيسي للتشريع"؟
أرجو التوضيح حتى لا يلتبس عليَّ الأمر.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فاصطلاح: "الدولة المدنية" نشأ في الغرب لترسيخ فصل الدين عن الدولة، فالـ"دولة المدنية" لا تعني أنها "غير عسكرية" كما يظن البعض، بل تعني أنها: "لا دينية"، ولا دخل للدين -أي دين- في توجيه شئونها ومبادئها.
وبالتالي.. فتعبير: "دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية" كلام متناقض.. معناه: "دولة لا دينية ذات مرجعية دينية إسلامية"! فهل هذا إلا تناقض؟!
ولا يجوز لقائله أن يقول: "إنما قصدت أنها غير عسكرية"! إذ ليس هذا هو المعنى المقصود من الاصطلاح وهل يصح -مثلاً- أن نقول: "دولة عِلمَانية ذات مرجعية إسلامية"،! أم سينادي علينا الجميع بالجهل أو التلاعب بالألفاظ؟! لأن العِلمَانية هي: "فصل الدين عن الحياة.. وعن الدولة بالأخص"! فلابد أن نكون واضحين في تحديد هويتنا، ولن يقبل الغرب -إذا كان غرضهم إرضاء الغرب، وأظنه كذلك- مجرد ألفاظ لا حقيقة لها.]([8]).

الدولة المدنية صورة للصراع بين النظرية الغربية والمُحْكَمات الإسلامية
وقال محمد بن شاكر الشريف في مقال له بعنوان      * الدولة المدنية في التراث الإسلامي :
[بالتقليب في كتبنا السابقة التي تحدثت عن الأحكام السلطانية أو السياسة
الشرعية لا نجد لهذا المصطلح وجوداً مع أن مفرداته : « الدولة » و «المدنية»
هي من مفردات لغتنا ، مما يتبين معه أن المصطلح مستورد من بيئة غير بيئتنا
وهذا في حد ذاته ليس عيباً ، لو أنه كان لا يحمل مضموناً مخالفاً لما هو مقرر في ديننا وعليه فإن محاولة البحث عنه في تراثنا لن تجدي شيئاً ، وعلينا أن نبحث عن معناه في البيئة التي ورَّدته إلينا ، ثم ننظر في معناه في تلك البيئة : هل يناسبنا فنقبله ، أم يتعارض مع ديننا فنرفضه ؟
وإذا كان كثير ممن كتب في السياسة الشرعية يقتصرون في كلامهم على ما
يتعلق بالدولة في ديار الإسلام ، ولا يتعدون ذلك إلى تفسير تنوع الدول ، فإننا نجد ابن خلدون رحمه الله تعالى يقدم تفسيراً في ذلك حيث يبين أنه نظراً لاختلاف الإرادات والمقاصد بين الناس وملوكهم ؛ فقد يجر ذلك إلى هرج وتقاتل ، فكان لا بد للتغلب على هذا الاحتمال من « أن يُرجَع في ذلك إلى قوانين سياسية مفروضة يسلمها الكافة ، وينقادون إلى أحكامها كما كان ذلك للفرس وغيرهم من الأمم ، وإذا خلت الدولة من مثل هذه السياسة لم يستتب أمرها ، ولا يتم استيلاؤها { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ } (الأحزاب : 38) » ثم يبين أنواع السلطة في الدولة
فيقول : « فإذا كانت هذه القوانين مفروضة من العقلاء وأكابر الدولة وبُصَرَائها كانت سياسة عقلية ، وإذا كانت مفروضة من الله بشارع يقررها ويشرِّعها كانت سياسة دينية نافعة في الحياة الدنيا وفي الآخرة » . فهو يفرق هنا بين سياسة عقلية وهي الأشبه بما يدعونه الدولة المدنية ، وبين سياسة دينية ، ثم يقدم رحمه الله تعالى
أصول التنوع الكامل للدول فيقول : « إن الملك الطبيعي هو حمل الكافة على مقتضى الغَرَض والشهوة ، والسياسي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار ، والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأُخروية والدنيوية الراجعة إليها ؛ إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة؛ فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به »([9])
 فكانت الدولة عنده ثلاثة أنواع :
- دولة قائمة على حمل الناس على مقتضى الغرض والشهوة ، وهي ما يمكن أن نطلق عليه : ( الدولة المستبدة ) أو ( الديكتاتورية ) .
- ودولة قائمة على حمل الناس على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح
الدنيوية ودفع المضار ، وهي ما يمكن أن نطلق عليه ( الدولة المدنية ) .
- ودولة قائمة على حمل الناس على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم
الأخروية والدنيوية الراجعة إليها ، وهو ما يمكن أن نطلق عليه ( الدولة الإسلامية ) أو ( الشرعية ) .
* الدولة المدنية في الثقافة الغربية :
      الدولة المدنية : « هذا مفهوم مترجم ومعرب من الثقافة الغربية الحديثة، ويقصد به الدولة التي تستقل بشؤونها عن هيمنة وتدخل الكنيسة؛ فالدولة المدنية هي التي تضع قوانينها حسب المصالح والانتخابات والأجهزة والتي في نفس الوقت لا تخضع لتدخلات الكنيسة »([10])
والكنيسة في الغرب كانت هي راعية الدين والممثلة له ؛ فاستقلال الدولة المدنية عن تدخل الكنيسة ووضعها للقوانين حسب المصالح ، معناه عند القوم استقلالها عن الدين ، وهو ما يعني أن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية]([11]) .
      ويقول إدريس أبو الحسن: « فمن الناحية التاريخية إذا رجعنا إلى أصل اصطلاحها الغربي، نجد أن للدولة المدنية مفهوماً فلسفياً سياسياً ، مناقضاً للدولة الدينية( الثيوقراطية ) ، والتي يتأرجح مفهومها ( نظرياً ) بين حكم رجال الدين ، وتحكيم الدين نفسه في السياسة ؛ بغضِّ النظر عن طبيعة من يحكم به ! ويتمثل مفهومها عملياً بتنحية الدين عن السياسة مطلقاً ؛ باعتبار الدين هو مجموعة قوانين إلهية مميزة للدولة الدينية ... فكانت الدولة المدنية بمبدئها الرافض لتدخل الدين في السياسة دولة علمانية .. وأنها تمثل عبر التاريخ سواء في الشرق أو الغرب عند دعاتها إطاراً سياسياً للعلمانية قابلاً لتوظيف أي اتجاه فلسفي إيديولوجي في الحياة؛ بشرط تنحية الدين عن السياسة]([12]).
ويقول سليمان الضحيان [الحكومة المدنية في الفضاء المعرفي الغربي تعني تنظيم المجتمع وحكمه بالتوافق بين أبنائه بعيداً عن أي سلطة أخرى سواء دينية أو غيرها ، أي إن شرط ( العلمانية ) أساسي في تلك الحكومات]([13]).
ويقول وحيد عبد المجيد: [والدولة المدنية هي الدولة التي تقوم على المواطنة وتعدد الأديان والمذاهب وسيادة القانون]([14]).
ويقول سامي اليامي: [ في الدولة المدنية يضع الإنسان قوانينه التي تنظم حياته لكونه أعرف بأمور دنياه]([15]).
فالدولة المدنية في فهمه تعني استقلال الإنسان بوضع التشريعات التي تحكم أمور الحياة ،
ويقول خالد يونس خالد: [ لا يمكن بناء الدولة المدنية في ظل الدولة المذهبية أو الدينية المجردة من العلمانية ؛ لأن العقيدة ، أية عقيدة كانت]([16]).
ويقول الشيخ سعد البريك [هذا الاصطلاح ( الدولة المدنية ) هو مطاطي ينكمش في أحسن حالاته ليحاكي الغرب في كثير من مناهجه السياسية في الحكم مع الحفاظ على بعض الخصوصيات ، ويتمدد حتى يصل إلى أصل استعماله دولة علمانية صرفة]([17])
ويقول: د : عبد الله الصبيح [ومن وصف الدولة الإسلامية بأنها دولة مدنية وقع في خطأ ... ذلك أن الدولة المدنية الحديثة تنكر حق الله في التشريع ، وتجعله حقاً مختصاً بالناس ، وهذا بخلاف الدولة الإسلامية ، بل إن هذا يخرجها عن كونها إسلامية ، ويُسمّى هذا النوع من الحكم في الإسلام بحكم الطاغوت . وكل حكم سوى حكم الله هو طاغوت]([18]).
فالدولة المدنية إذن هي دولة يستقل الشعب فيها بالتشريع لشؤونه من دون الله ويتحاكم إلى ما يقرره هو واضعاً كتاب الله وسنة رسوله ص وراءه ظهريا والشعب بطوائفه من المرتدين وعبدة الشياطين والكفار الأصليين والمنحدرين من ذراري المسلمين يتواضعون على صيغة ترضي الجميع ولن يرضى الكفار إلا بالكفر ويسايرهم المنحدرون فيوافقون على دولة مدنية تزويراً للمعنى فما الدولة المدنية إلا دولة كافرة تشرع من دون الله وتحكم بغير ما أنزل الله.
والله عز وجل أنزل قرآناً وأوحى إلى نبيه أن يعلمنا السنة لننفذ تعاليم القرآن والسنة، ومن أعرض عن تنفيذ أوامر الله واخترع أحكاماً لتنظيم دنياه بعيداً عن القرآن والسنة وإجماع الأمة فهو مشرع من دون الله كافر خارج من الملة، ومن يرضى بهذا أو يعلن قبوله به فهو كافر ومن يطعه في كفره هذا فهو كافر مثله وهذا ليس رأينا بل هو كلام الله جل جلاله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: { كان الناس أمة واحدة فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ  الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ }([19]).
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا % أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا }([20]).
وقال الله تعالى: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }([21]).
وقال الله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }([22]).
وقال الله تعالى: {  وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }([23]).
وقال الله تعالى:{  وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ % وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إلى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ % وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ % أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }([24]).
وقال الله تعالى:{  إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }([25]).
وقال الله تعالى:{ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا % وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً % إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }([26]).
والآيات كثيرة جداً، ولعل في هذا كفاية لمن أراد الهداية ومعرفة الحق.
وأما الأحاديث فكثيرة منها:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى}([27]).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: [ جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ, فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي, فَقُلْتُ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ, فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا, فَقَالَتْ لَهُمْ فَأَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهَا, فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ, فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إلا أَنْ يَكُونَ الْوَلاءُ لَهُمْ, فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ فَإِنَّمَا الْولاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ, فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ, ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ.. مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ. مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ, قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ, وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ, وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ] ([28]).
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ  رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا, وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ, وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ }([29]).
وإفراد الله بالحكم ركن من أركان التوحيد
فكما أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت فهو الحَكَم, وكما أنه يكفر من يقول إن فلاناً يخلق مع الله, فكذلك يكفر من يقول إن لفلان الحق في الحكم مع الله. والآيات التي تثبت أن الحكم لله وحده كثيرة جداً؛ بل إن القرآن كله يقرِّر هذه الحقيقة الأساس وهو أن الحكم لله.
قال تعالى:{ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِين َ}([30]).
 قال تعالى: { إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ أَمَرَ ألا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }([31]).
وقال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}([32]).
وقال تعالى:{ وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }([33]).
 وقال تعالى:{ وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }([34]).
وقال تعالى: { ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ  لِلَّهِ  الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}([35]).
وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا % وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا % فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا %  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَولا بَلِيغًا % وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا % فلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }([36]).
وقال الله تعالى: { فلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ولا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ %..... وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُون َ% أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ % يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين }َ([37]).
وقال تعالى:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }([38]).
وقال الله تعالى: { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }([39]).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: { مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ }([40]).
  والدلالة فيه أن الذين يفعلون ما لا يؤمرون به من قبل الرسل ويخالفون الرسل يُجَاهَدُون, ومن لا يُجَاهِدهم ولا حتى بقلبه ينتفي عنه الإيمان, فانتفاء الإيمان عن من يخالفون الرسل من باب أولى.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ لا يؤمن أحدكم حتى يكون  هواه  تبعاً لما جئت به}([41]).
ولقد نقل عدد كبير من العلماء الإجماع على كفر من حكم بغير ما أنزل الله.
قال ابن تيمية: [ والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه, أو حرم الحلال المجمع عليه, أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً باتفاق الفقهاء ] ([42]).
وقال: [ إن من أسقط الأمر والنهي الذي بعث الله به رسله فهو كافر باتفاق المسلمين واليهود والنصارى ] ([43]).
وقال ابن كثير: [ فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ] ([44]).
وقال ابن عبد البَر: [ وقد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئا أنزله الله وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله  أنه كافر ] ([45]).
وقال محمد بن المرتضى اليماني([46])،: [ وثانيهما إجماع الأمة على تكفير من خالف الدين المعلوم بالضرورة والحكم بردته إن كان قد دخل فيه ] ([47]).
وقال محمد أنور شاه الكشميري: [ وثانيهما إجماع الأمة على تكفير من خالف الدين المعلوم بالضرورة والحكم بردته ] ([48]).
وقال الشيخ عبد الله القلقيلي([49]) في الفتاوى الأردنية: [ من المجمع عليه بين المسلمين أن من استحل محرماً علمت حرمته بالضرورة من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين فقد كفر، يستتاب فإن تاب وإلا كان حكم القتل الذي هو حكم المرتد، وإن هذا هو حكم من استحل المحرمات وإن لم يفعلها ]([50]).
وقال ابن باز: [ أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب حكم المرتد اتضح له ما ذكرنا ]([51]).
 فلينظر الإخوان المسمين في أي وهدة سقطوا وأسقطوا أتباعهم وأي دين زوروا وعلى ربهم ورسولهم وأمتهم وأتباعهم كذبوا وأقولها صريحة إن دعوتهم وإصرارهم على قبول الدولة المدنية هي ردة عن دين الله والتحاق بأهل الردة والكفر عافانا الله من ذلك.


[1] - من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
[2] - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم (3/ 258، بترقيم الشاملة آليا)
[3] - مجلة البيان (146/ 128) خالد أبو الفتوح
[4] - شريعة الله لا شريعة البشر (ص: 94وما بعدها) الكتاب: شريعة الله لا شريعة البشر المؤلف: شحاتة محمد صقر
[5] - العلمانية - الليبرالية - الديمقراطية - الدولة المدنية في ميزان الإسلام (ص: 28) جمع وترتيب: اللجنة العلمية بجمعية الترتيل تحت إشراف: الشيخ محمد عبد العزيز أبو النجا، الخبير بمجمع فقهاء الشريعة وعضو الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة قدم له: الأستاذ الدكتور محمد نعيم محمد هاني الساعي، أستاذ الفقه وأصوله وعضو مجمع فقهاء الشريعة وعضو لجنته الدائمة للإفتاء
[6] - هل تسمح الدولة المدنية بتطبيق الشريعة؟بقلم   علاء الأسوانى    ١٤/ ٦/ ٢٠١١ المصري اليوم  
[9] - مقدمة ابن خلدون ، ص 169 170 ، ط دار الشعب  
[10] - د : محمد عابد الجابري ، جريدة الوطن الأحد 16/4/1427 العدد (2053) .
[11] - محمد بن شاكر الشريف مجلة البيان (229/ 5)
[12] = إدريس أبو الحسن ، عضو منظمة كُتِّاب بلا حدود ، موقع مجلة العصر .
[13] - د : سليمان الضحيان ، جريدة الوطن الإثنين 24 ربيع الآخر 1427هـ الموافق 22 مايو 2006
[14] - وحيد عبد المجيد ، موقع جريدة الغد 91666 .
[15] - موقع تنوير
www.kwtanweer.com/articles/readarticle.php?articleID=879.
[16] - خالد يونس خالد ، موقع تنوير471
http://www.kwtanweer.com/articles/readarticle.php?articleID
[17] - الشيخ سعد البريك ، على موقع الشيخ .
[18] - د : عبد الله الصبيح ، من مقال على موقع الإسلام اليوم ، وانظر جريدة الوطن بتاريخ 25/4/1427 العدد ( 2062 ) .
[19] - سورة البقرة: 213.
[20] - سورة النساء: 59، 60.
[21] - سورة النساء: 65.
[22] - سورة النساء: 105.
[23] - سورة النساء: 115.
[24] - سورة المائدة: 47 - 50.
[25] - سورة يوسف: 40.
[26] - سورة الإسراء: 73 - 75.
[27] - رواه البخاري برقم (7280).
[28] - رواه البخاري برقم (2168).
[29] - رواه أحمد برقم (21656).
[30]- سورة الأنعام: 57.
[31]- سورة يوسف: 40
[32]- سورة يوسف: 67.
 -[33]سورة القصص: 70.
[34]- سورة القصص: 88.
[35]- سورة غافر: 12.
[36]- سورة النساء: 60 -  65.
[37]- سورة المائدة: 44 – 51.
[38]- سورة النور: 63.
[39]- سورة الأنعام: 131.
[40]- رواه مسلم برقم (50).
[41] - حديث حسن صحيح رواه البغوي في شرح السنة برقم (104).
[42] - مجموع الفتاوى (3/267).
[43] - مجموع الفتاوى (8/ 106).
[44] - البداية والنهاية (13/ 119) - أحداث سنة 624 هـ عند ترجمة جنكيز خان.
[45]  - التمهيد لابن عبد البر (4 / 226).
[46]  - محمد بن المرتضى اليماني: (ت: 732هـ)هو العلامة محمد بن المرتضى بن المفضل الحسني، أخذ عن أبيه وعمه إبراهيم واتصل بالإمام محمد بن أبي القاسم، من مؤلفاته: إيثار الحق على الخلق.
[47] - إيثار الحق ص /116.
[48]- إكفار الملحدين. ص/ 81.
[49]- عبد الله القلقيلي:  هو مفتي الأردن في وقته، له كتاب باسم الفتاوى الأردنية في الجهاد، كتبه سنة 1381هـ، وطبعه المكتب الإسلامية.
[50]- الفتاوى الأردنية ص / 77-78.
[51]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة تأليف ابن باز (2 / 330).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.