سلام الله عليك يا بلادي (32)
رضوان محمود نموس
سلام الله عليك يا بلادي وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعافيك {أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا}
لقد طال مرضك يا بلادي وتآمر عليك أدعياء الطب ، وغشوا العقار والدواء فزادوا الداء أدواء.
إن الأساة لتعرف الداء الذي *** ترك المريض تذيبه الآلام
ولربما غش الطبيب عليلهُ *** ليعود فيه الداء وهو عقام
وإذا النفوس تعددت أهواؤها *** شقيت بها الكتاب والأقلام
فكيف الشفاء إذا كان الطبيب هو الداء، والدواء هو البلاء، والعقار هو الشقاء.
كيف الشفاء إذا خان الطبيب وتآمر الرقيب.
كيف الشفاء إذا فسد المصلحون، وضل الهادون، وتاه الحداة، وذل الأباة، طال مرضك يا بلادي ولم يكن ليطول لو لجأت إلى الطبيب الأصيل، والمداوي الجليل، والكتاب الدليل, وسنة الخليل، الذي جعله الله أسوة لك، وقدوة، قال تعالى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} وقال إبراهيم عليه السلام لما وصفه تعالى. {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} وقال تعالى: { ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } وقال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا}.
مئة عام ويعبث بك المزورون الذين يزعمون أنهم أطباء، ويقدمون لك كل مغشوش وتالف وكل ما هو للهدي مخالف، ولو سلكت الطريق القويم والصراط المستقيم وطلبت الشفاء من الله والتجأت إليه حق الالتجاء، وأعرضت عن أصنام وأبالسة الأرض وتعلقت برب السماء لذهبت الأدواء وأنصرف البلاء، وفني الشقاء، وكنت في زمرة السعداء.
مئة سنة وأنت في آلامك تتخبطين، ويعبث بك المرتدون، ويزينون لك السم الزعاف لتشربيه وتكون القاضية، وتحلين بالهاوية، وما أدراك ما هيه ، نار حامية.
ويراودونك على رمي البلسم الشافي والدواء الكافي، ولولا رحمة ربك لكنت من الهالكين.
ولما أن بدأت تدب بك الحياة من جديد وشعرت بالنبض في الوريد، طعنك الأخوان، الطعنة النجلاء، ومكنوا الكفر من ظهورهم ليحملوا عليها كل عقار هالك, وسم فاتك؛ يستغلون حسن ظنك بهم وحدبك عليهم.
فاحذري يا بلادي من سماسرة الدجل وأرباب الحيل، وعباد هبل، فلقد ظهر سوء فعلهم, وفدن رأيهم, وعقم تدبيرهم, وشؤم جمعهم, وسخف عقلهم, وضعف بصيرتهم، ولؤم طبعهم.
فلا للدين يحمون, ولا على البلاد يحرصون, ولا لأهلهم يصونون, ولا للذمة يرعون, ولا لعقيدة الإسلام يعملون.
باعوا أنفسهم بثمن بخس للشيطان, وتعاقدوا معه على تزوير دين الرحمن, وحرب أهل العقيدة والجهاد، ووعدهم إبليس وجنده بالتمكين لهم في البلاد، فصدقوه لضعف الإيمان، ولاتباع الهوى الفتان، والتهافت على الحطام، وعدم المبالاة بالإسلام.
ونسوا أن الشيطان وحزبه عندما يرون المجاهدين سيقولون للإخوان وأصحابهم من بني علمان، وطوائف الردة والصلبان، (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[إبراهيم:22] (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:]48. فلا تلتفتي إليهم فإنهم من جند إبليس وقائدهم خسيس. وتابعهم تعيس.
وهبي من نومك الطويل واتركي الأحلام، وامتشقي الحسام، واعقدي الصلح مع أسود الجهاد، وحماة الدين والبلاد، فصاحبهم لا يضام، ومجدهم لا يرام، وحبلهم موصول برب الأنام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق