سلام الله عليك يا بلادي (34)
رضوان محمود نموس
سلام الله عليك يا بلادي: رغم النزف والجراح والحرائق التي تملأ البطاح؛ رغم القصف والتدمير والشر المستطير؛أراك يا بلادي عن سلوك طريق النصر تترددين، وبين الحق والباطل تتذبذبين،فتارة تنادين (يا رب العالمين) وأخرى تصيحين (يا مجلس الكافرين).
بلادي إن الطريق واضحة لا عوج فيها ولا أَمَت،فهبّي وطهري نفسك من أدران الجاهليات والوطنيات، والقوميات وسائر الوثنيات.
أخلصي التوحيد واصدقي مع الله يأتيك وعده، إنه لم يعرف طعم التوحيد من يصادق ويوادد الذين يشتمون الله صباح مساء؛ الذين يعلنون صداقتهم لأقوام يتهمون الله بأن له صاحبة وولدا {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)} [مريم: 88 - 95]
وآخرون قالوا إن الله حل في علي، وآخرون قالوا إن الله حل في الحاكم الفاطمي، وآخرون قالوا إن إبليس هو سيد الكون، وغيرهم قال ليس للدين مكان في دولتنا، ثم تجلسين يا بلادي مع هؤلاء، وتتصادقين معهم لتبني دولة المستقبل!
أي استهزاء بالله أبلغ من هذا! أي إعراض عن الله ومنهج الله أبلغ من شراكة أعداء الله ومصافاتهم لتأسيس دولة على الكفر والطغيان والشرك والعصيان.
اسمعي يا بلادي ماذا قال لك الله:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}
وقال الله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37)} [النحل: 35 - 38]
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة وأنت تنسِّقين وتتعاونين مع أعداء الله المشركين والكافرين به؟
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة عندما تختارين مرتداً ليقود سفينك؟
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة عندما ترفعين عقيرتك بشعارات جاهلية لإرضاء الكفر؟
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة عندما تطلبين النصر من هيئات الكفر والضلال؟
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة عندما ترفعين الصلبان في شوارعك محادة ومعاندة لله؟
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة عندما تعلنين أخوة أعداء الله ؟
فهل تعبدين الله العبادة الخالصة عندما تتبرأين من أنصار الله في جبهة النصرة وتحذرين منهم ليرضى عنك رأس الكفر؟؟
أما تعلمين يا بلادي ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمرو بن مرة عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أوثق عرى الإسلام الحب في الله ، والبغض في الله ))
إن خلائق من بنيك يا بلادي يحذرون من المجاهدين الذين جاؤوا لنصرة الإسلام، ليرفعوا راية لا إله إلا الله وليقدّموا دمائهم في سبيل الله؛ هذه الخلائق لا أدري تحت أي عنوان تقف؟
هل هم من المارينز المدهون بطلاء إسلامي؟
هل هم من الذين تنخلع قلوبهم خوفاً من أمريكا والغرب؟
هل هم من الذين يظنون أنهم يسعون ليرضى الكفر عنهم فإذا رضي ساعدهم في إزاحة الطاغوت؟ ولم يرفعوا رأساً بقوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ } [البقرة: 120]
هل هم من الببغاوت التي لا تفقه ما تقول ؟
كما وصفها أحمد شوقي حين قال:
أثَّر البهتان فيه *** وانطلى الزور عليه
ياله من ببغاء *** عقله في أذنيه
هل هم من المرتدين العلمانيين الذين يرغبون بأي كفر وبأي نتيجة إلا أن يأتي الإسلام؟
هل هم من الحمقى والمغفلين؟
هل هم من الذين ينعقون بما لا يفقهون؟
هل هم من الذين يثرثرون ويهرفون بما لا يعلمون؟
لقد وسعهم السكوت عن الشيوعيين والعلمانيين والنصارى والصابئة والدروز والإسماعيليين والنصيريين والبهائيين والقاديانيين والقوميين وعباد الشياطين ومجلس الوثنيين المرتدين، بل بعضهم شارك في هذا المجلس الرِدِّيّ الذي أسس على غير التقوى. وبعضهم سمى كتائب بأسماء كفرة هالكين أو طواغيت مجرمين.
ولكن أبت حميتهم ونفختهم وتعالمهم وحب الظهور إلا أن يحذروا من المجاهدين.
يا الله .. لقد قال ابن القيم رحمه الله عن أشباههم إن بعضهم يُحدِثُ من فمه ما هو أقذر مما يُحدِثُهُ دبره.
يا بلادي ما لم تعودي إلى الله خالص العودة، وتحققي التوحيد، وتتولي أنصار الله، وتعادي أعداء الله، وتقمعي العاقين، وتسيري على نهج النبي صلى الله عليه وسلم في صراع الكافرين، فالطريق طويل طويل، ومليء بالمطبات والعراقيل، وفيه ما فيه من المنزلقات والحفر، والساعة أدهى وأمر، ولكل أمر مستقر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق