سبيل النجاة
رضوان محمود نموس
قال الله تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50]
وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]
وقال الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } [الأعراف: 96 - 99].
إن تاريخ الأمم وقصص القرآن يقول: إن الأمة التي تكثر معاصيها وتطغى لابد وأن تهلك، أو تعذب وتعاقب,ولاينجو إلا من آمن بالله تعالى، بل إن المؤمن إن لم ينه عن المنكر ويخوض مع الخائضين ويدهن في دينه فقد يهلكه ذلك المنكر والخوض والإدهان.
لقد كان في الأمم الهالكة عبرة لنا ولقد قص الله لنا خبرهم لنعتبر ونأخذ الدروس.
قال الله تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 110، 111]
إن غالب الأمم التي هلكت انتكست فطرتها وانقلبت المعايير عندها فأصبح الحق باطلاً والمنكر معروفًا.
فقوم لوط.. اختاروا طريق الشهوات ونكسوا فطرتهم وأصبح العفاف عندهم جريمة تستوجب النفي، ألم يقولوا {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}.
وقوم شعيب عندما نهاهم نبيهم عن تطفيف الكيل وقال لهم: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [هود: 84، 85]قالوا له كما أخبرنا الله عز وجل:{قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } [هود: 87]
ولقد مر زمن على سوريا ينكر فيها المعروف ويرحب بالمنكر، ويستهزأ بالدين واللحى والمرأة المتجلببة، بل ويشتم الله في الأسواق والطرقات, وظنوا أنهم بمنأى عن الله, فمهدوا بذلك الطريق لفرعون النصيريين, وقالوا أسوأ مما قال فرعون عندما قال لعنه الله {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} وفي سوريا هم قالوا: [ يا الله حلَّك حلَّك .. يقعد حافظ محلك ]
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا} [الكهف: 5] فسلط الله عليهم بذنوبهم هذه الطائفة المرتدة الزنديقة, وحل بنا ما نسمع ونرى وللأسف الشديد وحتى الآن ورغم التضحيات الجسام والمصائب الهائلة وعودة قسم كبير من أبناء الأمة إلى ربها إلا أنه لا زال الشوط بعيدا, ولن تتفرج الكرب ويعود الأمن إلا بالعودة إلى الله وبإخلاص العبودية له وباجتناب مناهيه.قال الله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (54) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) } [النور: 54 - 56]
وقال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51]
ومن لا يعتبر فالسنن الإلهية لا تتغير ولا تتبدل.
قال الله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا (62) } [الأحزاب: 60 - 62]
ومما لا خلاف عليه أن سبب ما حل بنا من بلاء، وتسلط الأعداء وانتهاك الأعراض وتدمير المقدسات إنما هو بسبب مخالفة المنهج الرباني والطريق النبوي.
قال الله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 165]
لقد غدا الكثير من أبناء الأمة, وممن وضعوا أنفسهم فيها موضع الريادة
يستحيون من دينهم ويخفون به, ويزورنه ولا يصدعون بالحق, بل يجاهرون بمخالفة أمر الله والصد عن سبيل الله.
فهاهم ينادون بالدولة المدنية, الديمقراطية, الحديثة, برابط المواطنة, وبأخوة الزنادقة والمرتدين, وتحكيم الصندوق بالتشريع واختيار الإمام حتى جعلوا الصندوق إلهاً.
ولهذا السبب طمع الكفار فينا لما رأوا انهزامنا دون قتال، بل دون حتى اعتراض أو مجادلة أو مناقشة؛ بل رأوا البدار بالخضوع, والدعوة للوصاية, فأصبحوا يقررون لنا كيف نبني دولتنا, وما هو ممنوع علينا, وما هو مسموح لنا, ولا تسمع من أهل الزعامة إلا التأمين والاستحسان لما يلقي الكافرون من القول.
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)} [محمد: 25 - 28]
وافقوا على تعطيل الشريعة الإسلامية ليحل محلها شريعة الصندوق وافقوا على حل رابطة العقيدة ليحل محلها رابطة مواطنة الصندوق.؟
هاجموا المجاهدين ورحبوا بتدخل الكافرين حتى ينساهم الله وتقبل بهم أمريكا. قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) } [التوبة: 65 - 68]
وافقوا على التنازل عن حكم الله لحكم الصندوق حتى لا يقال (متطرفون)
وافقوا على قبول يهود وأغضبوا رب العالمين ليرضوا الكافرين.
تنازلوا عن الإسلام لتتسع الدولة لأهل الكفر والطغيان.
ومازالوا يتوسلون ويقدمون التنازلات ليحظوا بالقبول من أمريكا وملل الكفر تاركين رضا الله وراءهم ظهريا.{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوامِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ العَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ لَوْ
كَانُوا يَعْلَمُونَ} (العنكبوت: 41) .
وأتوجه للمخلصين من أبناء أمتي وهم ليسوا قليل بإذن الله وأقول لهم:
لا تأبهوا للمزورين وأتباع الشياطين فلن يضروكم شيئاً بإذن الله.
قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ (46)} [الحجر: 39 - 46]
وإن النصر قريب والتمكين يأتي عند أقصى حالات الضعف والصعود يبدأ من أخر شوط النزول.
فأصحاب موسى (عليه الصلاة والسلام) : بدأ التمكين لهم وهم في أشد حالاتالاستضعاف: يُذبحُ أبناؤهم وتُسْتَحْيَا نساؤهم، وكان فرعون في أعلى حالاتالجبروت والإفساد: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِيالأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: 4، 6]
هكذا نتعلم من كتاب ربنا: أن أقصى نقطة استضعاف هي أول نقطة تمكين.
بشرط أن تكون حالة الفئة المستضعفة في أعلى نقطة إخلاص وارتباط بالله ولجوء إليه وتمسك به وصرف النظر عما سواه، وبعد ذلك تظهر الأسباب التي ينبغي على الطائفة المؤمنة السعي إليهاواستغلالها ... وهذا ما وعاه المؤمنون من أصحاب طالوت بعد الذل الذيكان بسبب ذنوب ومعاصي وتمرد بني إسرائيل على أمر الله: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة: 249 - 252]
وأعود وأذكر أن من السذاجة أن ننتظر من أعدائنا أن يحنوا علينا ويرفقوابنا، مهما صحنا يا أمم متحدة يا جامعة العرب يا مجلس الأمن فهم أعداء لنا, ومن العبث الاستنصار بالعدو.
بل إن مكرهم وتحالفهم وتكالبهم لا يقلق المؤمن حقيقة الإيمان{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } [الأحزاب: 22] {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران: 173]
ولكن الذي يقلق حقّاً هو تردي حالنا؛ بالابتعاد عن الله، والانهزامية والغثائية، وعدم الوعي وتمكن حب الدنيا والوهن من قلوبنا، وتفشي السلبية والعجز بيننا، وتسليم رقابنا لأناس لا يعرفون الله ونزعم أن هذا من الحرص على الائتلاف, وننسى أن نتآلف مع الحق, فالائتلاف مع الباطل فرقة وتشرذم عن الحق, والسير مع الكتاب والسنة هو الحق وهو الجماعة وهو الوحدة والتآلف. فأن تكون مع الله هو القوة وليس التآلف مع أتباع الشيطان إلا الضعف والهوان والخسران. وما سبب ذلك إلا الإحباط واليأس الذي يجب أن يكون أبعد شيء عن نفوسنا؛ فكيف نيأس ونقنط والله معنا إن كنا معه.قال الله تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ} [الحجر: 56]
وقال الله تعالى: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]
وإذا كانت قوى الكفر تملك مقدرات البطش العسكري، والهيمنة السياسية، فإن الله معنا ولن يترنا أعمالنا وهو الذي وعدنا بالنصر وهو أصدق الواعدين وهو العزيز القدير.
إنه وعد الله ... ولكن هل ارتفعنا بأنفسنا وبإيماننا وإخلاصنا إلى المستوى الذي نستحق فيه نصر الله؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق