الرسالة الثانية إلى الأمة الإسلامية
لأسد الإسلام أسامة بن محمد بن لادن
(حقيقة الصراع) 17 شعبان 1422 هـ3 نوفمبر/تشرين الثاني 2001 م
للشيخ أبي عبد الله (رحمه الله)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أما بعد:
في غمرة الأحداث الهائلة، وبعد تلك الضربات العظيمة التي ضربت أميركا في أهم مقاتلها في نيويورك وواشنطن، ثارت ضجة إعلامية هائلة لم يسبق لها مثيل نقلت آراء الناس حول هذه الأحداث، فانقسم الناس إلى قسمين:
الأول: قسم يؤيد هذه الضربات ضد الجبروت الأميركي.
الثاني: وقسم آخر استنكر هذه الضربات.
وبعد ذلك بقليل بعد أن شنت الولايات المتحدة الأميركية تلك الحملة الظالمة على الإمارة الإسلامية في أفغانستان، انقسم الناس أيضا إلى قسمين:
الأول: قسم أيد هذه الحملات الظالمة.
الثاني: وقسم أنكرها ورفضها.
وهذه الأحداث العظام التي قسمت الناس إلى قسمين تهم المسلمين بدرجة كبيرة جدا حيث يترتب عليها من الأحكام الشيء الكثير، وهي ذات صلة قوية بالإسلام ونواقضه، لذا كان لابد على المسلمين أن يفهموا طبيعة هذا الصراع وحقيقة هذا الصراع؛ ليسهل عليهم أن يحددوا من أي الصفوف يكونون.
و بين يدي الحديث عن حقيقة الصراع، إن استطلاعات الرأي في العالم أظهرت أن 80% و زيادة من الغربيين من النصارى في أمريكا و غيرها، قد حزنوا على هذه الضربات التي أصابت أمريكا، و بالعكس فقد أظهرت الاستطلاعات موافقة السواد الأعظم من أبناء العالم الإسلامي و فرح هؤلاء لهذه الضربات لأنهم يعتقدون أنها من باب رد الفعل على ذلك الإجرام الهائل التي تمارسه إسرائيل و أمريكا في فلسطين و غيرها من بلاد الإسلام.
و بعد أن بدأت الضربات على أفغانستان تبادلت هذه الفئات المواقف؛ فالذين فرحوا بضرب أمريكا.. حزنوا عندما ضربت أفغانستان، والذين حزنوا لضرب أمريكا.. فرحوا عندما ضربت أفغانستان، وهذه الفئات تعد بمئات الملايين، فالغرب بأسرِه إلا ما ندر، مؤيد لهذه الحملة الظالمة الشرسة، التي لم يقم دليل على إثبات ما تم في أمريكا على أهل أفغانستان، و أهل أفغانستان لم يكن لهم أي شأن في هذا الأمر، و لكن الحملة متواصلة، تبيد القرويين و المدنيين من الأطفال و النساء و الأبرياء دون حق.
فيظهر بوضوح و جلاء من كلا الطرفين، حيث قامت مظاهرات عارمة في المشرق الإسلامي من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب من إندونيسيا والفليبين وبنغلاديش والهند وباكستان مروراً بالعالم العربي وانتهاء بنيجيريا وموريتانيا، فهذا يدل بوضوح على طبيعة هذه الحرب وعلى أن هذه الحرب هي حرب دينية في الأساس.
فأهل المشرق هم المسلمون، تجاوبوا وتعاطفوا مع المسلمين ضد أهل المغرب، و ضد أهل الغرب وهم الصليبيون، فالذين يحاولوا أن يغطوا هذه الحقيقة الواضحة الجلية التي أجمع العالم بأسره في تصرفاته على أنها حرب دينية، إنما هم يخادعون الأمة يريدون أن يصرفوها عن حقيقة هذا الصراع، وهذه الحقيقة مثبتة في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة رسولنا عليه الصلاة والسلام.
فلا يمكن بحال من الأحوال تناسي هذا العداء بيننا وبين الكفار فالعداء عقدي، فلابد من الولاء مع المؤمنين وأهل لا إله إلا الله ويجب التبرؤ من أهل الشرك والكفر والإلحاد (حسبي الله عليهم جميعا) قال سبحانه وتعالى {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم} [البقرة:120] فالمسألة مسألة ملة، مسألة عقيدة، لا كما يصورها بوش وبلير بأنها حرب ضد الإرهاب.
فقد ألقي القبض من قبل على كثير من اللصوص ينتمون إلى هذه الأمة لم يتحرك أحد، ولكن هذه الجماهير المتحركة من أقصى المشرق إلى المغرب لا تتحرك لأجل أسامة، وإنما تتحرك لأجل دينها لأنها تعلم أنها على الحق، وأنها تقاوم أشد وأشرس وأخطر وأعنف حملة صليبية على الإسلام منذ أن بعث محمد عليه الصلاة والسلام.
فبعد هذا الأمر الواضح البين الجلي لابد للمسلم أن يدري وأن يتعلم أين يقف من هذه الحرب.
فهذا بوش بعد أن تكلم الساسة الأميركيون وبعد أن طفحت الصحف والقنوات الأميركية بالحقد الصليبي الواضح، الظاهر، في هذه الحملة تعبئ على الإسلام وأهله لم يترك بوش المجال للظنون واجتهادات الصحف وإنما خرج على الملأ لينطق بوضوح أن هذه الحرب هي "الحرب الصليبية" تلفظ بهذه الكلمة أمام العالم أجمع ليؤكد هذه الحقيقة.
فأين يذهب أولئك الذين يزعمون أن هذه الحرب ضد الإرهاب وأي إرهاب هذا الذي يتحدثون عنه، في وقت تنحر الأمة منذ عشرات السنين ولا نسمع لهم صوت، ولا يتحرك منهم متحرك، فإذا قامت الضحية لتنتقم لأولئك الأطفال الأبرياء في فلسطين والعراق وجنوب السودان والصومال وفي كشمير وفي الفليبين، قام علماء السلاطين وقام المنافقون يدافعون عن الكفر الظاهر (حسبي الله عليهم أجمعين).
فالعوام قد فقهوا المسألة وهؤلاء مازالوا يجاملون هؤلاء الذين تواطؤوا مع الكفار على تخدير الأمة عن القيام بواجب الجهاد؛ لتكون كلمة الله هي العليا.
فالحق الذي لا لبس فيه أن بوش قد حمل الصليب ورفع رايته عالياً ووقف في أول الطابور، فكل من يقف خلف بوش في هذه الحملة فقد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام العشرة، التي أجمع أهل العلم على أن موالاة الكافرين ومظاهرة الكافرين على المؤمنين من نواقض الإسلام الكبرى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولننظر هل هذه الحرب التي قامت قبل أيام على أفغانستان هي مفردة، مستقلة، نادرة، أم أن هذه الحرب هي حلقة من سلسلة طويلة من الحروب الصليبية ضد العالم الإسلامي.
فمنذ الحرب العالمية الأولى التي انتهت قبل أكثر من 83 عاماً وسقط العالم الإسلامي بأسره تحت أعلام الصليب، تحت الحكومة البريطانية وتحت الحكومة الفرنسية وتحت الحكومة الإيطالية، تقاسموا هذا العالم بأسره وسقطت فلسطين تحت الإنجليز ومنذ ذلك التاريخ و إلى اليوم، أكثر من 83 عاماً، يُسام إخواننا وأبناؤنا وإخواننا في فلسطين سوء العذاب، وقد قُتِلَ منهم مئات الألوف، و سُجِنَ مئات الألوف، وعُوِقَ مئات الألوف.
ثم لننظر إلى الأحداث القريبة، فلننظر إلى الشيشان، أمة مسلمة تقَدَمَ عليها هذا الدب الروسي، صاحب العقيدة النصرانية الأرثوذكسية، أباد شعباً بأكمله، وشردوا إلى الجبال، وأكلتهم الثلوج و الفقر والأمراض، ولم يتحرك أحد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم حرب إبادة في البوسنة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، بل في قلب أوروبا، عدة سنوات يقتل إخواننا، وتنتهك أعراض نسائنا، ويذبح أطفالنا، في الملاذات الآمنة للأمم المتحدة وبعلم الأمم المتحدة وبتعاون الأمم المتحدة.
إن الذين يحيلون مآسينا اليوم، ويريدون أن يحلوها في الأمم المتحدة، إنما هم منافقون يخادعون الله ورسوله ويخادعون الذين آمنوا.
وهل مآسينا إلا من الأمم المتحدة، من الذي أصدر قرار التقسيم عام 1947 لفلسطين، أباح بلاد الإسلام لليهود، الأمم المتحدة في قرارها في 47.
أولاً: فهؤلاء الذين يزعمون بأنهم زعماء للعرب ومازالوا في الأمم المتحدة هم كفروا بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام.
وثانياً: الذين يحيلون الأمور إلى الشرعية الدولية هم كفروا بشرعية الكتاب الكريم وبسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
فهذه هي الأمم المتحدة التي عانينا منها ما عانينا فلا يذهب إليها مسلم بحال من الأحوال، ولا يذهب إليها عاقل وإنما هي أداة من أدوات الجريمة تذبح كل يوم ولا تحرك ساكنا.
إخواننا في كشمير منذ أكثر من 50 عاماً يسامون سوء العذاب، يذبحون ويقتلون ويعتدى على أعراضهم ودمائهم ودورهم، ولا تحرك ساكنا الأمم المتحدة.
واليوم بدون أن يثبت أي دليل تسوق الأمم المتحدة القرارات المؤيدة لأميركا الظالمة الجابرة المتجبرة على هؤلاء المستضعفين الذين خرجوا من حرب ضروس على يد الاتحاد السوفياتي.
ولننظر إلى حرب الشيشان الثانية التي مازالت قائمة إلى اليوم، شعب بأكمله تعاد عليه الحروب مرة أخرى من هذا الدب الروسي، وتتحرك الهيئات الإنسانية حتى الأميركية تطالب الرئيس كلينتون بأن يوقف الدعم عن روسيا، ولكن كلينتون يقول إن إيقاف الدعم عن روسيا لا يخدم المصالح الأميركية.
وبوتين قبل عام طالب الصليب وطالب اليهود بأن يقفوا معه ويقول لهم ينبغي عليكم أن تقفوا معنا وأن تشكرونا لأننا نقوم بحرب ضد الأصولية الإسلامية.
بكل هذا الوضوح يتكلم الأعداء وزعماء المنطقة يناورون ويستحون من أن ينصروا إخوانهم والأشد من أنهم يمنعون المسلمين من نصرة إخوانهم.
ولننظر إلى موقف الغرب وإلى موقف الأمم المتحدة في أحداث إندونيسيا عندما تحركوا لتقسيم أكبر دولة في العالم الإسلامي من حيث عدد السكان، هذا المجرم كوفي عنان يتكلم على الملأ ويضغط على حكومة إندونيسيا، ويقول لها أمامك 24 ساعة لقسم وفصل تيمور الشرقية عن إندونيسيا، وإلا سوف نضطر بإدخال قوات عسكرية لفصلها بالقوة، وكانت القوات الصليبية الأسترالية على الشواطئ الإندونيسية وفعلاً دخلت لفصل تيمور الشرقية جزء من بلاد العالم الإسلامي.
فينبغي أن ننظر إلى الأحداث لا على أنها حلقة مستقلة، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من المؤامرات، هي حرب إبادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
- في الصومال تحت حجة إعادة الأمل قتل 13 ألف من إخواننا.
- في جنوب السودان قتل مئات الألوف ولكن عندما ننتقل إلى فلسطين وإلى العراق فحدث ولا حرج.
- أكثر من مليون طفل قتلوا في العراق ومازال القتل مستمر.
- وأما ما يجري هذه الأيام في فلسطين فحسبي الله ونعم الوكيل. [هنا يبكي الشيخ كما يظهر في التشجيل الصوتي، ثم يتابع حديثه]
إن الذي يجري لا تحتمله أمة من الأمم، لا أقول من أمم البشر، بل من الكائنات الأخرى، من الحيوانات، لا يحتملون هذا الذي يجري.
حدثني من أثق به، أنه رأى جزارا ينحر بعيرا أمام بعير آخر، فما كان من البعير الآخر إلا أن سار واضطرب وهو يرى الدماء تخرج من أخيه البعير، فهاج وقضم هذا الرجل من يده وخلع يده منه وكسرها.
فكيف للأمهات المستضعفات في فلسطين أن يتحملن قتل أبنائهم أمام أعينهم من اليهود العتاولة الجلاوزة، بدعم أميركي بالطائرات الأميركية وبالدبابات الأميركية.
إن الذين يفرقون بين أميركا وإسرائيل هم أعداء حقيقيون للأمة، هم خونة، خانوا الله ورسوله، وخانوا أمتهم، وخانوا أمانتهم، يخدرون الأمة.
لا ينبغي بحال من الأحوال النظر إلى هذه المعارك على أنها معارك جزئية بل إنها جزء من حلقة من سلسلة عظيمة هي الحرب الصليبية الشديدة الشرسة الشنعاء، فينبغي على كل مسلم أن يقف تحت راية لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
و أذكركم بحديث رسولنا عليه الصلاة والسلام لابن عباس رضي الله عنه قال ”يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف“.
وأقول للمسلمين الذين بذلوا ما يستطيعون خلال هذه الأسابيع، أقول لهم ينبغي أن تواصلوا المسيرة، فإن وقوفكم معنا يشد من أزرنا ويشد من أزر إخوانكم في أفغانستان، وزيدوا من البذل في مكافحة هذا الإجرام العالمي الذي لم يسبق له مثيل.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وهبوا إلى نصرة دينكم، فإن الإسلام يناديكم:
واإسلاماه ...
واإسلاماه ...
واإسلاماه ...
ألا هل بلغت اللهم فاشهد،
ألا هل بلغت اللهم فاشهد،
ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو عبد الله - أَفْغَانسْتَانَ – خُرَاسَانَ