البيانوني
وخدمة الطاغوت
رضوان محمود نموس
كتب محمد أبو الفتح البيانوني على
صفحته في الفيس بوك كلاماً حول ما أسماه الفتنة التي ضربت أطنابها في سورية:
فاعتبر جهاد النصيريين الكفرة هو من
باب الفتنة، وهذا ليس جديداً عليه، فمنذ أن بدأ الجهاد وهو يعزف على هذا الوتر
بإصرار عجيب، وقد منع جماعته الصوفية جماعة (أبو ذر) من الاشتراك في الجهاد، بل
كان يتصل ويأمر أتباعه بالاتصال بأصدقائهم في محاولة لإقناعهم بأن ما يجري فتنة، وأن
من يسمون أنفسهم مجاهدين أو ثوار يتحملون هذه الدماء. والعجيب من
البيانوني أنه لا يعرف الفتنة!! فالفتنة هي القتال بين المسلمين وليس قتال
الكافرين والمرتدين!.
بل أنه حتى
قتال المسلمين يكون في بعض الحالات ليس بفتنة كقتال البغاة والخوارج والمفسدين في
الأرض، فالمفسدون لا يتحرج من قتالهم أحد، ولا يترتب عليه تمزيق صف المسلمين، بل
فيه حفظ وحدتهم وأمنهم، وكذا دفع الصائل.
وإنما قتال
الفتنة هو القتال الذي يقع بين المسلمين لعصبية جاهلية، أو قتال على ملك وسلطان
ونحو ذلك، فهذا هو قتال الفتنة الذي يحرم الدخول فيه، بل يجب فيه السعي في إصلاح
ذات بينهم، فإن فاءت إحدى الطائفتين وجب قتال من لم تفيء، حتى تفيء إلى أمر الله.
أما قتال
العدو الكافر وأهل الردة والزندقة فليس قتال فتنة، ولم يقل هذا القول أحد من علماء
سلف الأمة وخلفها إلا أن يكون قاله عملاء الطواغيت، بل الفتنة هي في تركه وعدم
مدافعته، بل ليس بعد الشرك بالله أعظم من الصد عن قتال المشركين.
قال ابن
حزم:" وَلَا إثْمَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ إثْمِ مَنْ نَهَى عَنْ
جِهَادِ الْكُفَّارِ وَأَمَرَ بِإِسْلَامِ حَرِيمِ الْمُسْلِمِينَ [إلَيْهِمْ]
مِنْ أَجْلِ فِسْقِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ لَا يُحَاسَبُ غَيْرُهُ بِفِسْقِهِ؟ " المحلى بالآثار (5/ 352)
وان كان بعض
العلماء يرى إذا كانت إحدى الطائفتين لديها العلم التام بأحكام الشرع، والأخرى
باغية أنه يجب القتال مع الطائفة العادلة العالمة، وحكموا بأن الأصوب القتال مع
علي بن أبي طالب في قتال الفتنة، وأن ذلك أولى من اعتزال القتال.
أما قتال من
امتنع عن تطبيق الشرائع كحكام بلاد الإسلام اليوم فهو فرض وواجب.
قال الإمام
ابن تيمية: [قتال الطَّائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظَّاهرة
المتواترة
(أجمع علماء
المسلمين على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛
فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله.
فلو قالوا:
نصلي ولا نزكي، أو: نصلي الخمس ولا نصلي الجمعة ولا الجماعة، أو: نقوم بمباني
الإسلام الخمس ولا نحرم دماء المسلمين وأموالهم، أو: لا نترك الربا ولا الخمر ولا
الميسر، أو: نتبع القرآن ولا نتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نعمل
بالأحاديث الثابتة عنه، أو: نعتقد أن اليهود والنصارى خير من جمهور المسلمين وأن
أهل القبلة قد كفروا بالله ورسوله ولم يبق منهم مؤمن إلا طائفة قليلة، أو قالوا:
إنا لا نجاهد الكفار مع المسلمين، أو غير ذلك من الأمور المخالفة لشريعة رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - وسنته وما عليه جماعة المسلمين؛ فإنه يجب جهاد هذه الطوائف
جميعها؛ كما جاهد المسلمون مانعي الزكاة، وجاهدوا الخوارج وأصنافهم، وجاهدوا
الخرمية والقرامطة والباطنية وغيرهم من أصناف أهل الأهواء والبدع الخارجين عن
شريعة الإسلام.
وذلك لأن الله تعالى يقول في كتابه: {وَقَاتِلوهُمْ حَتَّى لا تَكونَ
فِتْنَةٌ وَيَكونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ} ، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير
الله وجب قتالهم حتى يكون الدين كله لله، وقال تعالى: {فإنْ تابوا وأقاموا
الصَّلاةَ وآتوا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبيلَهُمْ} ؛ فلم يأمر بتخلية سبيلهم إلا
بعد التوبة من جميع أنواع الكفر، وبعد إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ] المنتخب من
كتب شيخ الإسلام (ص: 120)
فكيف إذا
أضافوا إلى الامتناع عن تطبيق الشرائع؛ مذهب النصيرية الزنادقة، والحرب على
الإسلام، وموالاة أعداء الله، والاجتهاد في نشر الكفر، وقتل المسلمين، وانتهاك
الحرمات، وسبي النساء، وسرقة الأموال، وهدم المساجد، ....الخ.
وأنقل بعضاً
من أقوال العلماء في هذا الشأن:
[فإنه يجب قتال الطائفة الممتنعة عن ذلك حتى
يكون الدين كله الله، ويلتزموا جميع شرائع الإسلام، وإن كانوا مع ذلك ناطقين
بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائع الإسلام، وإن ذلك مما اتفق عليه الفقهاء من سائر
الصحابة فمن بعدهم ] الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب (ص: 85)
[وجاء في التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل
العراق قال سعيد بن جبير قال عمر بن الخطاب: لو أن الناس تركوا الحج لقاتلناهم على
تركه كما نقاتل على الصلاة والزكاة. فهذا الكلام في قتال الطائفة الممتنعة عن شيء
من هذه الواجبات] توحيد الخلاق في جواب أهل العراق (ص: 96)
وجاء في الكلمات
النافعة في المكفرات الواقعة: [من امتنع عن شريعة من شرائع الإسلام كالصلوات الخمس
والصيام والزكاة أو الحج، أو ترك المحرمات كالزنا أو تحريم الدماء والأموال أو شرب
الخمر أو المسكرات أو غير ذلك، أنه يجب قتال الطائفة الممتنعة عن ذلك حتى يكون
الدين كله لله ويلتزموا جميع شرائع الإسلام، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين،
وملتزمين بعض شرائع الإسلام، وأن ذلك مما اتفق عليه الفقهاء من سائر الطوائف،
الصحابة فمن بعدهم، وأن ذلك عمل بالكتاب والسنة]. الكلمات النافعة في المكفرات
الواقعة (ص: 344)
وجاء في الموسوعة
العقدية - الدرر السنية [إجماع السلف على قتال الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع
الإسلام الظاهرة المتواترة، استناداً لقتال الصحابة لمانعي الزكاة رغم إقرارهم
بها، واعتمد شيخ الإسلام هذه القاعدة في فتواه الشهيرة عن التتار ووجوب قتالهم
كحال المرتدين] الموسوعة العقدية - الدرر السنية (6/ 277، بترقيم الشاملة آليا)
وحتى لا
يغتر مغتر بالبيانوني فأود تعريف العالم ليعلم الناس مكان هذا الأجير المتعالم.
آ- العالم في الاصطلاح: من
يعلم العلم من مصادره الأصلية وهي في الشرع الكتاب والسنة ومواقع الإجماع ولا يقلد
في ذلك أحداً.
وفي اللغة: جاء في لسان
العرب: قال الله عز وجل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ من عبادِه العُلَماء؛ فأَخبر عز
وجل أَن مِنْ عِبادِه مَنْ يَخْشاه، وأَنهم هم العُلَماء، وروى الأَزهري عن سعد بن
زيد عن أَبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى: وإِنه لذُو عِلْمٍ لِما
عَلَّمْناه، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه، فقلت: يا أَبا عبد الرحمن مِمَّن
سمعت هذا؟ قال: من ابن عُيَيْنَة، قلتُ: حَسْبي. وروي عن ابن مسعود أَنه قال: ليس
العلم بكثرة الحديث، ولكن العِلْم بالخَشْية؛ قال الأَزهري: ويؤيد ما قاله قولُ
الله عز وجل: إِنما يخشى اللَّهَ من عباده العُلَماءُ. وقال بعضهم: العالِمُ الذي
يَعْملُ بما يَعْلَم، قال: وهذا يؤيد قول ابن عيينة.
ولقد نبهنا الله تعالى عن
أمثال البيانوني الذين ينتحلوا صفة العلماء ويزوروا الدين فقال تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ
يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ }([1]).
وقال تعالى:{ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ
لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ([2]).
وقال تعالى:{ أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ
تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ
وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ([3]).
وقال الله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ
إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ
اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } ([4]).
وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ
فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا
يَشْتَرُون}([5]).
قال ابن كثير في تفسير هذه
الآية: [هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب ... وفي هذا تحذير للعلماء أن
يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم ويسلك بهم مسلكهم فعلى العلماء أن يبذلوا ما
بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئا فقد ورد في
الحديث المروي من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من سئل عن
علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار".
قال الله تعالى:{ وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ
الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِين % وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى
الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ
يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ %
سَاءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا
يَظْلِمُونَ } ([6]).
وقال ابن كثير:[ وأجمعوا
على أن بلعام بن باعورا أعان الجبارين بالدعاء على موسى... ذكر أهل الكتاب قصة
عرفوها في التوراة. واختلف في تعيين الذي أوتي الآيات. فقال ابن مسعود وابن عباس:
هو بلعام بن باعوراء، ويقال ناعم، من بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام، ...بعث
بلعام بن باعوراء إلى ملك مدين ليدعوه إلى الإيمان; فأعطاه وأقطعه فاتبع دينه وترك
دين موسى; ففيه نزلت هذه الآيات.
عن حذيفة بن اليمان رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن مما أتخوف عليكم رجل
قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله
انسلخ منه ونبذه وراء ظهره " هذا إسناد جيد - يا سبحان الله لكأن حذيفة رضي الله عنه بين
أظهرنا ويرى علماء الطواغيت.
وقال ابن الجوزي: [ومن
تلبيس إبليس على الفقهاء مخالطتهم الأمراء والسلاطين ومداهنتهم وترك الإنكار عليهم
مع القدرة على ذلك وربما رخصوا لهم فيما لا رخصة لهم فيه لينالوا من دنياهم عرضا
فيقع بذلك الفساد]([7]).
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ
الأسْلَمِيِّ قَال:َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {لا تَزُولُ
قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا
أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ
وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاهُ } قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ هُوَ بَصْرِيٌّ وَهُوَ
مَوْلَى أَبِي بَرْزَةَ وَأَبُو بَرْزَةَ اسْمُهُ نَضْلَةُ بْنُ عُبَيْدٍ.([8]).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ قَال:َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {لَمَّا وَقَعَتْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْمَعَاصِي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا
فَجَالَسُوهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ فَضَرَبَ اللَّهُ
قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَلَعَنَهُمْ { عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا
عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} قَالَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى
تَأْطُرُوهُمْ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا }([9]).
عن جابر رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام
جائر فأمره ونهاه فقتله صحيح الإسناد ولم يخرجاه}([10]).
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ
عُيَيْنَةَ قَالَ: [أَجْهَلُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ مَا يَعْلَمُ وَأَعْلَمُ
النَّاسِ مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَأَفْضَلُ النَّاسِ أَخْشَعَهُمْ لِلَّهِ] ([11]).
قال الإمام ابن
تيمية:[وإنما الواجب بيان ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وتبليغ ما جاءت به
الرسل عن الله والوفاء بميثاق الله الذي أخذه على العلماء فيجب أن يعلم ما جاءت به
الرسل ويؤمن به ويبلغه ويدعو إليه ويجاهد عليه ويزن جميع ما خاض الناس فيه من
أقوال وأعمال في الأصول والفروع الباطنة والظاهرة بكتاب الله وسنة رسوله غير
متبعين لهوى من عادة أو مذهب أو طريقة أو رئاسة:]([12]).
وقال النووي:[ إذ الحق لا يدفعه باطل الشبهات، والسنن الثابتة
لا يسقطها فاسد التأويلات، ومع كون هذه المسألة ليس فيها التباس فربما خفي حكمها
عن بعض الناس، ممّن قصر فهمه، وقل بأحكام الشرع علمه، وقد أوجب الله على العلماء
أن ينصحوا له فيما استحفظهم، ويبذلوا الجهد فيما قلدهم، وينهجوا للحق سبل نجاتهم،
ويكشفوا للعوام عن شبهاتهم، لاسيما فيما يعظم خطره، ويبين في الدين ضرره، ومن أعظم
الضرر إثبات قول يخالف مذهب السلف من أئمة المسلمين]([13]).
قال الإمام ابن حزم: [ إذ يقول الله تعالى على
لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ليبينه للناس ولا يكتمونه ومن لبس الحقائق فقد
كتمها]([14]).
·
تغيير الفتوى من أجل
الطواغيت!
[وقال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله:[ ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم
الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة
قال تعالى {آلمص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين
إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون } ولو ضرب وحبس و أوذي بأنواع الأذى ليدع ما علمه
من شرع الله ورسوله الذي يجب إتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقا لعذاب الله بل عليه
أن يصبر وإن أوذي في الله فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم قال الله تعالى:{
ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم
فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين... فعلى هذا أن يتبع ما علم من
سنة رسول الله ويأمر بذلك ويفتى به ويدعو إليه ولا يقلد الحاكم هذا كله باتفاق
المسلمين وإن ترك المسلم عالما كان أو غير عالم ما علم من أمر الله ورسوله لقول
غيره كان مستحقا للعذاب قال تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو
يصيبهم عذاب أليم.]([15]).
ولقد وصف العلماء أمثال
البيانوني قال الإمام ابن القيم: [ومنهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض
العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه
فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه
بكلامه وفرحه به فهو يُحدِثُ من فيه كلما تَحدَثَ ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن
سكت فأثقل من نصف الرحا العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض ] بدائع الفوائد ج: 2 ص: 499
وقال
الإمام ابن تيمية: [وهذا شأن المنافقين الذين يجادلون بكتاب الله تعالى كما في
الحديث موقوفا على عمر ومرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكما في حديث عبد
الملك بن عمير عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول إني أخاف عليكم ثلاثا وهي كائنة زلة العالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا
تفتح عليكم ورواه ابن أبي حاتم] ([16]).
وقال الإمام ابن القيم:
[ومنهم أشباه الذئاب ومنهم أشباه الثعالب التي يروغ كروغانها، وقد شبه الله تعالى
أهل الجهل والغي بالحمر تارة وبالكلب تارة وبالأنعام تارة، وتقوى هذه المشابهة
باطنا حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا يراه المتفرسون، ويظهر في الأعمال
ظهورا يراه كل أحد، ولا يزال يقوى حتى تعلو الصورة فنقلب له الصورة بإذن الله وهو
المسخ التام فيقلب الله سبحانه وتعالى الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان، كما
فعل باليهود وأشباههم ويفعل بقوم من هذه الأمة ويمسخهم قردة وخنازير، فسبحان الله
كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر، وقلب ممسوخ وقلب مخسوف به، وكم من مفتون بثناء
الناس عليه ومغرور بستر الله عليه، ومستدرج بنعم الله عليه، وكل هذه عقوبات وإهانة
ويظن الجاهل أنها كرامة ]([17]).
أما أبو الفتح البيانوني وهو أمير
جماعة أبو ذر الصوفية والتي كان أميرها أخوه أبو النصر صاحب الحسم، وبعد وفاته
تسلم القيادة أبو الفتح وكان متحالفاً مع الإخوان والبعثيين والشيوعيين ...الخ
فيما كان يسمى التحالف الوطني لتحرير سوريا، ولما أيقن عجز الأخوان عن فعل شيء رجع
إلى الطاغوت وأعلن توبته.
أبو الفتح جائني إلى بيشاور مع أبي
ناجي فتوح وكان يبارك الجهاد الأفغاني لأنه كان في ذاك الوقت يعمل في السعودية،
والسعودية تؤيد تبعاً للتأييد الأمريكي وأبو الفتح يؤيد حفاظاً على وظيفته، أما
الآن فهو في سوريا فلا بد من تأييد رئيس الزنادقة ثم وصف الجهاد فتنة .
هذا الكلام يترفع عن قوله صبيان الكتاب،
فكل من شم أدنى رائحة من الفقه يعلم أن الفتنة هي القتال بين المسلمين.
وهذا يعني أنه يرى بشار وحكومته مسلمين!
ومن لا يكفر حكومة بشار النصيرية كافر بإجماع العلماء. قال الإمام ابن
تيمية:[لَكِنْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ مُبَاحَةٌ.وَإِذَا أَظْهَرُوا
التَّوْبَةَ فَفِي قَبُولِهَا مِنْهُمْ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؛ فَمَنْ
قَبِلَ تَوْبَتَهُمْ إذَا الْتَزَمُوا شَرِيعَةَ الإِسْلامِ...وَلا رَيْبَ أَنَّ
جِهَادَ هَؤُلاءِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ
وَأَكْبَرِ الْوَاجِبَاتِ... وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَقُومَ فِي
ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبِ فَلا يَحِلُّ لأَحَدِ أَنْ
يَكْتُمَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ أَخْبَارِهِمْ؛ بَلْ يُفْشِيهَا وَيُظْهِرُهَا
لِيَعْرِفَ الْمُسْلِمُونَ حَقِيقَةَ حَالِهِمْ، وَلا يَحِلُّ لأَحَدِ أَنْ
يُعَاوِنَهُمْ عَلَى بَقَائِهِمْ فِي الْجُنْدِ والمستخدمين، وَلا يَحِلُّ لأَحَدِ
السُّكُوتُ عَنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ. وَلا
يَحِلُّ لأَحَدِ أَنَّ يَنْهَى عَنْ الْقِيَامِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ
وَرَسُولُهُ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَقَدْ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}
وَهَؤُلاءِ لا يَخْرُجُونَ عَنْ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ.
....وكُفْرُ هَؤُلاءِ مِمَّا لا
يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ؛ بَلْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ
مِثْلُهُمْ؛ لا هُمْ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ]([18]).
وقال الإمام عبد القاهر بن طاهر بن
محمد بن عبد الله البغدادي: [اعلموا أسعدكم الله ضَرَر الباطنية على فرق
الْمُسلمين أعظم من ضَرَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى والمجوس عَلَيْهِم، بل أعظم من
مضرَّة الدهرية وَسَائِر أَصْنَاف الْكَفَرَة عَلَيْهِم، بل أعظم من ضَرَر
الدَّجَّال الذي يظْهر فِي آخر الزَّمَان]([19]).
وقال الإمام طاهر بن محمد
الأسفراييني:[الباطنية لا يعدون من فرق الْمُسلمين فَإِنَّهُم فِي الْحَقِيقَة على
دين الْمَجُوس كَمَا شرحنا أديانهم فِي كتاب الأَوْسَط]([20]).
وقال في الاعتقاد القادري: [فالباطنية
مرتدون خارجون على الملة، وهم أكفر من اليهود والنصارى]([21]).
وقال الرازي:[فالفرقة الأولى الباطنية
اعْلَم أَن الْفساد اللازِم من هَؤُلاءِ على الدّين الحنيفي أَكثر من الْفساد
اللازِم عَلَيْهِ من جَمِيع الْكفَّار]([22]).
وقال القاضي عياض: [القائلون بإلهية
علي ويسمون النصيرية ولا شبهة في كفرهم إجماعا (وإطلاق اللّعنة) عليهم)]([23]).
وقال ابن بطوطة : [وأكثر أهل هذه
السواحل هم الطايفة النّصيرية الذين يعتقدون أن علي بن أبي طالب إله! وهم لا يصلون
ولا يتطهرون ولا يصومون،]([24]).
قال الإمام ابن تيمية:[وكذلك رؤوس
القرامطة والخرمية وأمثالهم لا ريب أنهم من أعظم المنافقين وهؤلاء لا يتنازع
المسلمون في كفرهم]. بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية (ص:
341)
قال الإمام الغزالي :«إن النصيريين
مرتدون في الدم ولمال والنكاح والذبيحة والواجب قتالهم، حتى يسلموا، أو يهلكوا» ([25])
اهـ.
وقال أحمد بن يحيى بن فضل الله القرشي : [فمنهم أهل غلو
مفرط وعتو زائد: ففيهم من أدى به الغلو إلى أن اتخذ عليا إلها وهم
النصيرية، وهم القائلون بألوهية علي، ..وهم طائفة ملعونة مرذولة، مجوسية المعتقد،
لا تحرم البنات ولا الأخوات ولا الأمهات؛ ويحكى عنهم في هذا حكايات، ولهم اعتقاد
في تعظيم الخمر، ويرون أنها من النور، ولهم قول في تعظيم النور مثل قول المجوس
أيضا أو يقاربه]([26]).
وقال ابن عابدين:
[حكم الدروز والتيامنة والنصيرية والإسماعيلية:
تنبيه يعلم مما هنا حكم الدروز والتيامنة فإنهم في البلاد الشامية يظهرون
الإسلام والصوم والصلاة؛ مع أنهم يعتقدون تناسخ الأرواح، وحل الخمر والزنا، وأن
الألوهية تظهر في شخص بعد شخص .... ونقل عن علماء المذاهب الأربعة أنه لا يحل
إقرارهم في ديار الإسلام بجزية ولا غيرها، ولا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم.]([27]).
وأفتى عبد الرحمن
أفندي العمادي ونص في فتاويه في كتاب السير على أن الدروز والتيامنة والنصيرية
والباطنية كلهم كفار ملاحدة زنادقة في حكم المرتدين. وعلى تقدير قبول توبتهم يعرض
عليهم الإِسْلام وإن يسلموا أو يقتلوا، ولا يجوز لولاة الأمور تركهم على ما هم
عليه أبداً ا هـــ]([28]).
قال القلقشندي: [فمنهم أهل غلو مفرط وعتو
زائد، ففيهم من أدى به الغلو إلى أن اتخذ عليا إلها وهم النصيرية]([29]).
وقال: القاضي الأحمد
نكري في دستور العلماء:[ النصيرية جماعة مضلة قالوا إن الله عز وجل حل في علي كرم الله
وجهه]([30]).
وقال ابن العبري في تاريخ مختصر الدول:
[ومن غلاة الشيعة النصيرية القائلون بأن الله تعالى ظهر بصورة علي ونطق بلسانه
مخبراً عما يتعلق بباطن الأسرار. وقوم منهم غلوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود
الخليقة وحكموا فيهم بأحكام إلاهية]([31]).
وقال الشهرستاني: [النصيرية
والإسحاقية: من جملة غلاة الشيعة. ولهم جماعة ينصرون مذهبهم، ويذبون عن أصحاب
مقالاتهم: وبينهم خلاف في كيفية إطلاق اسم الإلهية على الأئمة من أهل البيت.]([32]).
وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة: [فاعتبر عوام النصيرية والإسماعيلية والدرزية
والحاكمية والطرقية والعرباء وعبادهم البخشية والطوسية وعلماؤهم السحرة وعساكرهم
المشركون والقرامطة الذين هم أعظم الأمم إفسادا للدنيا]([33]).
وقال الإيجي في المواقف: [النصيرية
والإسحاقية من الشيعة قالوا ظهور الروحاني بالجسماني لا ينكر، ففي طرف الشر
كالشياطين، وفي طرف الخير كالملائكة، فلا يمتنع أن يظهر الله تعالى في صورة بعض
الكاملين، وأولى الخلق بذلك أشرفهم وأكملهم وهو العترة الطاهرة، وهو من يظهر فيه
العلم التام والقدرة التامة من الأئمة، ولم يتحاشوا عن إطلاق الآلهة على أئمتهم]([34]).
وقال ابن الأثير الجزري في اللباب:
[النصيرية ..طائفة من غلاة الشيعة يقال لهم النصيرية نسبوا إلى رجل اسمه نصير وكان
في جماعة قريبا من سبعة عشر نفسا كانوا يزعمون أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو
الله]([35]).
وقال ابن حجر في اللسان [حاشا عتاة
الروافض من أن يقولوا علي هو الله، فمن وصل إلى هذا فهو كافر لعين من أخوان
النصارى وهذه هي نحلة النصيرية]([36])
فالذي يقول أن قتال هؤلاء فتنة الأولى
له أن يذهب إلى الكتاب ليتعلم أو يغلق فمه عملاً بالقول المأثور لو أن الجهلة
سكتوا لأراحوا واستراحوا.
ثم أن هذا الجاهل يقيس الخليفة
(الواثق) على النصيري بشار ووالله إن هذا القياس يلزم منه إقامة الحد على
البيانوني كونه ساوى بين المؤمن والكافر.
وأقول في الختام لا تعجبوا
فالصوفية والشيعة والنصيرية من مجموعة ضلالية واحدة وإن اختلفوا في بعض الأمور.
فالصوفية
يعطون أقطابهم وأغواثهم وأبدالهم وأوتادهم ما هو لله.كما يفعل الشيعة والنصيرية.
فهم ينسبون إلى الجيلاني
أنه قال في محادثة مباشرة مع الله: [قال الغوث الأعظم المستوحش عن غير الله،
والمستأنس بالله، قال الله تعالى: يا غوث الأعظم قلت: لبيك يا رب الغوث، ثم قال
لي: يا غوث الأعظم، الإنسان سري وأنا سره، لو عرف الإنسان منزلته عندي لقال في كل
نفس من الأنفاس لمن الملك اليوم، ثم قال لي يا غوث الأعظم: ما أكل الإنسان شيئاً
وما شرب وما قام وما قعد وما نطق وما صمت وما فعل فعلاً وما توجه لشيء وما غاب عن
شيء إلا وأنا فيه ساكنه ومتحركه، ثم قال لي يا غوث الأعظم: جسم الإنسان ونفسه
وقلبه وروحه وسمعه وبصره ويده ورجله ولسانه وكل ذلك ظهرت له نفس بنفس لا هو إلا
أنا ولا أنا غيره.]([37]).
وقال شعراً:
نظرت بعين الفكر في حان حضرتي
** حبيباً تجلى للقلوب فحنت
سقاني بكأس من مدامة حبه
** فكان من الساقي خماري وسكرتي
ينادمني في كلِّ يوم وليلة
** وما زال يرعاني بعين المودة
ضريحي بيت الله من جاء زاره
** يهرول له يحظى بعز ورفعة
وسري سر الله سارٍ بخلقه
** فلذ بجنابي إن أردت مودتي
وأمري أمر الله إن قلت كن يكن
** وكل بأمر الله فاحكم بقدرتي
وشاهدت ما فوق السماوات كلها
** كذا العرش والكرسي في طي قبضتي
وقال النبهاني: [قال
الشعراني في كتاب الأجوبة المرضية وذكر الشيخ محيي الدين في باب الحج من الفتوحات
المكية: أن الكعبة كلمته، وكذلك الحجر الأسود، وأنها طافت به، ثم تلمذت له، وطلبت
منه ترقيتها إلى مقامات في طريق القوم، فرقاها لها وناشدها أشعاراً وناشدته
فراجعه، وحاشا أولياء الله أن يخبروا بخلاف الواقع والله أعلم].([39])
وقال: [محمد شمس الدين
الحنفي المصري الشاذلي، من أجلاء مشايخ مصر وسادات العارفين، وهو أحد أركان هذه
الطريق وصدور أوتادها وأكابر أئمتها وأعيان علمائها، وهو أحد من أظهره الله
تعالى إلى الوجود، وصرفه في الكون، وأنطقه بالمغيبات، وخرق له العوائد، وقلب
له الأعيان، وأظهر على يديه العجائب]([40]).
وقال: [سيدي علي بن وفا ما
تقول في رجل رحى الوجود بيده يدورها كيف شاء؟ فقال له سيدي محمد رضي الله عنه: فما
تقول فيمن يضع يده عليها فيمنعها أن تدور؟
فقال له سيدي علي: والله
كنا نتركها لك ونذهب عنها، فقال سيدي محمد رضي الله عنه لجماعة سيدي علي: ودعوا
صاحبكم فإنه ينتقل قريباً إلى الله تعالى، فكان الأمر كما قال.]([41]).
وقال: عبيد (أحد أصحاب
الشيخ حسين أبي علي) كان له خوارق مدهشة. ومن كراماته: أنه كان يأمر السحاب أن
يمطر فيمطر للوقت]([42]).
يقول أبو الحسن الشاذلي:
[كنتُ يوماً جالساً بين يديه (أي: بين يدي ابن مشيش)، وفي حجره ابن له صغير
يلاعبه، فخطر ببالي أن أسأله عن اسم الله الأعظم، قال: فقام إلي الولد ورمى بيده
في طَوْقي، وهزني وقال: يا أبا الحسن، أنت أردت أن تسأل الشيخ عن اسم الله الأعظم،
ليس الشأن أن تسأل عن اسم الله الأعظم! إنما الشأن أن تكون أنت هو اسم الله
الأعظم!؟!
- قال: فتبسم الشيخ وقال لي: جاوبك فلان
عني].([43]).
- إذن فالشأن أن تكون أنت هو اسم الله
الأعظم!!
- ورغم وضوح العبارة، فلا بأس من أن
نزيدها وضوحاً.
- اسم الله الأعظم عند القوم هو (الله).
يقول ابن عطاء الله
السكندري: إن هذا الاسم...أعني (الله) عز ذكره هو اسم الذات العلية...وهو أعظم
الأسماء([44]).
[ورأى بعض الفقراء الشيخ عبد الله بن
أبي جمرة المدفون بقرافة مصر رضي الله تعالى عنه، وهو جالس على كرسي، وعليه حلة
خضراء، والأنبياء كلهم واقفون بين يديه! فأشكل ذلك عليه، فعرضه على بعض العارفين،
فقال: وقوف الأنبياء إنما هو أدبٌ مع مَن ألبس الخِلعَة، فيكون ذلك من باب التعريف
للأحكام الشرعية،]([45])!!
يقول أبو الهدى الصيادي
الرفاعي: [بلغنا أن الإمام علياً رضي الله تعالى عنه كان يقول في خطبته على رؤوس
الأشهاد: أنا نقطة (بسم الله)، أنا جنب الله الذي فرطتم فيه، وأنا اللوح، وأنا
القلم، وأنا اللوح المحفوظ، وأنا العرش، وأنا الكرسي وأنا السماوات السبع
والأرضون.]([46]).
وقال علي الخواص: [لا يكمل
الرجل عندنا حتى يعلم حركات مريده في انتقاله في الأصلاب وهو نطفة، من يوم:
((أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)) [الأعراف:172]،
إلى استقراره في الجنة أو في النار]([47])...
فالصوفية كما مر معنا وبحسب
أقوالهم:
يكلمون الله مباشرة، بل
الأقطاب هم الله، والعرش والكرسي بأيديهم، والكعبة تتلمذ عليهم وتطوف بهم، ويميتون
ويحيون، ويتصرفون بالكون، ويعلمون الغيب، ورحى الوجود بأيديهم يديرونها كيفما
يشاؤن، وينظرون ويجيبون من اللوح المحفوظ. واسم الشيخ هو اسم الله الأعظم ، وعلي
عندهم هو الله، ومعهم (كن)، ويعلمون حركات المريد منذ أن استخرجه الله من صلب آدم
وأخذ عليه العهد إلى أن يكون نطفة إلى ما بعد القيامة. ويعزون ويذلون، ويرفعون
ويخفضون، بيدهم الملك، ويمكن لهم إلغاء يوم القيامة....الخ.
فما الفرق بينهم وبين من
يؤله علياً رضي الله عنه؟؟!!!.
[18]- مجموع الفتاوى
(35/ 162)
[19]- الفرق بين
الفرق (ص: 265) للإمام عبد القاهر البغدادي (المتوفى: 429هـ)
[20]- التبصير في
الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص: 22): طاهر بن محمد
الأسفراييني، أبو المظفر (المتوفى: 471هـ)
[22]- اعتقادات فرق
المسلمين والمشركين (ص: 76) المؤلف: أبو عبد الله الرازي (المتوفى: 606هـ)
[23] - شرح الشفا
للقاضي عياض (2/ 500)
[24] - رحلة ابن
بطوطة ط أكاديمية المملكة المغربية (1/ 291)
[25] انظر المختار
الإسلامي عدد (16) السنة الثانية 15/ 11/1400 هـ ص39.
[27]- حاشية ابن
عابدين ج: 4 ص: 244
[29] - صبح الأعشى في
صناعة الإنشا ج13/ص229
[30] - دستور العلماء
ج3/ص279
[31] - تاريخ مختصر
الدول - (ج 1 / ص 49)
[33] - الصواعق
المرسلة ج: 3 ص: 1120
[34] - المواقف3/44
[35] - اللباب في
تهذيب الأنساب ج3/ص312
[36] - لسان الميزان
ج1/ص371
[39] - جامع كرامات
الأولياء للنبهاني1/ 210
[40] - جامع كرامات
الأولياء للنبهاني1/261
[41] - جامع كرامات
الأولياء للنبهاني1/263
[42] جامع كرامات
الأولياء للنبهاني2/286
0 التعليقات:
إرسال تعليق