أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (102)
وطه حسين عينه عمارة
رائداً للصحوة
رضوان
محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن طه حسين الذي عينه عمارة رائداً للصحوة الإسلامية
بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان
والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل.
عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله
لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما
نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
طـه
حسـين
(1889
– 1973م)
ترجمة
مختصرة:
ولد
طه بن حسين بن علي بن سلامة في قرية (الكيلو), إقليم (المنيا) عام 1889م, ودخل
كتَّاب القرية, ثم دخل الأزهر عام 1902م, وبقي حتى 1908م, وأخفق في النجاح حيث كان
همه أثناء الدراسة الصلة بالأجانب ومشاكسة العلماء.
ويقول
الدكتور محمد غلاب والأستاذ حسن الشقرا: (إن التاريخ يسجل بالخط العريض أن الدكتور
تقدم لامتحان الشهادة النهائية (العالية) ظناً منه أنه على شيء من العلم, فلما جاء
أمام لجنة الامتحان وسئل ونوقش أخفق إخفاقاً لم يشهد له التاريخ مثيلاً, فنكص على
عقبيه وخرج لا يلوي على شيء, ولا يزال الذين تقدم للامتحان بين أيديهم أحياء
يرزقون, ومن ذلك الوقت أخذ يحارب الأزهر)([1]).
وأقام
علاقات مع علي عبد الرازق وأخيه مصطفى عبد الرازق. وتعرَّف على رجال حزب الأمة من
أمثال آل عبد الرازق وأحمد لطفي السيد وعبد العزيز فهمي المؤمنين بضرورة التعاون
مع الإنجليز, وعبث مقاومتهم وحمق المقاومين, هذه النماذج التي كوَّنها الاستعمار
وأعطاها مقاليد الأمة. وكان هذا التيار معادياً للتيار المقاوم الذي يقوده مصطفى
كامل والحزب الوطني.
ثم حضر طه بعض دروس محمد عبده, ونتيجة لفشله في الأزهر التحق بالجامعة
وتبنَّاه تيار العملاء, وكتب في (السُّفور) التي أصدرها خلال الحرب الأولى مجموعة
من المستغربين, منهم مصطفى عبد الرازق, ومحمد حسين هيكل, ومنصور فهمي, وسافر إلى
فرنسا, وعندما ركب في الباخرة ألقى عمامته في البحر, وهناك افتتن بكل شيء, وتزوج
من الفرنسية (سوزان), ويقال إنه تنصر, والتحق بالمحفل الماسوني هناك. وقد تأثر
بكتابات المستشرقين وخاصة (كازنوفا), وقدم رسالة الدكتوراه عن ابن خلدون. ولما رجع
إلى مصر التحق بحزب الدستوريين الأحرار الذي كان قد صنعه الإنجليز, وعيِّن أستاذا
في الجامعة, وكتب كتباً تهجَّم فيها على الإسلام منها كتاب (في الشعر الجاهلي)
الذي أثار ضجَّة كبيرة, وحكم عدد كبير من العلماء على طه بالرِّدة, وفي تلك
المرحلة كان يكتب ويترجم القصص المكشوفة التي تدمِّر الخلق والحياء.
يقول
أنور الجندي:[ وفي أدبنا العربي جرت دائماً مقاومة الفن الرخيص, وقد حاول الكثيرون
نقل فنون هذا الأدب الغربي, بالإضافة إلى بعث آثار المجون وشعره في الأدب العربي,
أمثال أبي نواس ووالبة الخليع, وقد عُني طه حسين بذلك في ترجماته للقصص المكشوفة
الفرنسية, وبعث آثار شعراء المجون في أحاديث الأربعاء ]([2]).
[
وبعد سنة 1926م صار طه حسين رئيس تحرير جريدة الاتحاد, لسان حزب الاتحاد الذي
أنشأه الملك فؤاد, وكان هذا الحزب الجديد الناشئ في كنف رئيس الديوان الملكي
بالنيابة ]([3]).
وفي
فترة التمهيد لاحتلال فلسطين قامت مجموعة يهودية في مصر تموِّلها الجالية اليهودية
بإصدار مجلة "الكاتب المصري". [
وكان طه حسين رئيس تحرير مجلة الكاتب المصري ما بين 1945-1948]([4]).
ومنذ
عام 1934م انضم إلى حزب الوفد وأصبح كاتباً في صحفهم, ونقل إلى وزارة التعليم, ثم
مديراً لجامعة الإسكندرية, ثم أعيد لوزارة التعليم, حتى أصبح وزيراً في آخر حكومة
وفدية, إلى أن قامت ثورة 23 يوليو. فأصبح ثورياً.
وعيِّن
في مجمع اللغة العربية, ورئيساً للّجنة الثقافية في الجامعة العربية. إلى أن هلك
عام 1973م.
·
أقوال محمد عمارة في طه
حسين:
يقول عمارة: [ فالجمود والتقليد السائدان في الدراسات الإسلامية بالأزهر
الذي طلب طه حسين العلم فيه كان مبعث القلق, وأحيانا الغضب, بل اليأس والقنوط لدى
دعاة التجديد والإصلاح من علماء الإسلام في ذلك الحين, وإذا كان هذا الغضب واليأس
قد بلغا بالإمام محمد عبده إلى الحدِّ الذي قال فيه: (إن بقاء الأزهر متداعياً على
حاله في هذا العصر محال. فهو إما أن يعمّر وإما أن يتم خرابه)... إذا كان هذه هو
حال الإمام مع منبع وصورة العلم الإسلامي فما بالنا بحال (المجاور) طه حسين؟!
-ثم يقول عمارة-: لهذه الأسباب ولغيرها مما
ماثلها اندفع طه حسين على طريق " الاجتهاد " يتلمَّس لأمته
نموذجاً لنهضتها من وهدة التخلُّف والجمود ]([5]).
ثم
يقول:[ ففي كتابه (في الشعر الجاهلي)-الذي أثار أولى معاركه الفكرية- نزع طه حسين القدسية عن القرآن الكريم, وتعامل
معه كما يتعامل الباحث -الملتزم بالشكِّ الديكارتي- مع "نص بشري" وتجاهل
قدسية القرآن كوحي إلهي... ولذلك لم يجد طه حسين تناقضاً بين قوله عن "ثبوت
النص القرآني -... ونص القرآن ثابت لا سبيل إلى الشكِّ فيه- واعتماده على القرآن
في معرفة حال العصر الجاهلي... لم يجد تناقضاً بين هذه الأوصاف التي أضفاها على
القرآن- لأنها من الأوصاف التي توصف بها النصوص غير المقدَّسة- وبين التشكيك في
عقائد إسلامية جاء النص عليها صراحة في القرآن الكريم فرفض تصديق إخبار القرآن عما
أخبر به حول:
أ-
علاقة الإسلام بملّة إبراهيم عليه السلام,
والحنيفية, والحنفاء, وهي علاقة تحدثت عنها آيات محكَمة في القرآن الكريم.
ب-
وقصة بناء الكعبة, ورفع قواعدها بواسطة إبراهيم
وإسماعيل عليهما السلام, وهي ثابتة في أكثر من موضع بالقرآن الكريم.
ج-
وأخبار الرحلة الحجازية
لإبراهيم عليه السلام, وما لها من علاقة بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم. لقد نزع
طه حسين القدسية عن القرآن الكريم وتعامل معه- بالشك الديكارتي- كما يتعامل الديكارتيون مع النصوص البشرية غير
المقدسة .([6])]([7]).
وينقل
عمارة عن طه حسين قوله: [ " لقد انتهيت إلى رفض قدر كبير من الشعر الجاهلي, وفي
إطار ذلك المسعى شكَّكتُ في بعض المعتقدات التي لا تمسُّ الدين, وإن كانت قد ذُكرت
في القرآن, أو في الأحاديث النبوية " ]([8]).
[
أما العمل الفكري الثاني للدكتور طه حسين والذي تبنَّى فيه أغلب مقولات "
التنوير -الغربي- العلماني " فهو كتابه (مستقبل الثقافة في مصر).
ففي
هذا الكتاب:
أ- ينظر طه حسين إلى الإسلام نظرة التنويريين الغربيين العلمانيين إلى
النصرانية باعتبارها مجرد رسالة روحية لا علاقة لها بسياسة المجتمع وتدبير العمران
فيقول: " إن السياسة شيء والدين شيء آخر, وإن وحدة الدين ووحدة اللغة لا
تصلحان أساساً للوحدة السياسية, ولا قواماً لتكوين الدولة "([9]).
ب- ثم يمضي ممُعِناً على طريق المماثلة بيننا وبين الغرب الحضاري, حتى
يبرر استدعاء مقولات " التنوير -الغربي- العلماني " لتكون سبيلاً لإخراجنا
من تخلفنا الحضاري, كما كانت السبيل لإخراج أوربا من عصورها المظلمة.. يمضي ممعناً
على هذا الطريق, فيردّد في الثلاثينيات ما قال به سلامة موسى في العشرينيات, من
أننا في الثقافة والفكر والعقل والحضارة, " فرنجة ".. فمقوماتنا
الحضارية هي نفس مقومات الحضارة الغربية -حضارة الإغريق والرومان- من أدب وفلسفة,
وفن وسياسة وفقه. فالعقل الشرقي هو عقل يوناني منذ القدم.. وحتى بعد أن
جاء الإسلام والقرآن ظل العقل الشرقي يونانياً رومانياً أوربياً, لأن القرآن مجرد
مصدِّق للإنجيل, الذي لم يغيِّر يونانية العقل الأوربي, فلا مجال لحديث عن تغيير
القرآن ليونانية عقلنا الشرقي!! ]([10]).
ثم
يقول عمارة عن طه حسين: [ وهو يعود في عقد الأربعينيات إلى ترديد هذه الدعوى..
فيقول:" إن الحضارة الغربية والحضارة الفرنسية تقومان على أساس واحد هو في
نهاية الأمر الحضارة اليونانية اللاتينية وهو في نهاية الأمر الحضارة الكلاسيكية([11]).
ثم
يدعو إلى أن يقبل الإسلام في النهضة الإسلامية المنشودة الحضارة الأوربية كما قبل
المسلمون الأوائل الحضارة اليونانية فيقول: " إن الإسلام تقبَّل الحضارة
اليونانية فلم لا يتقبل الحضارة الأوربية؟ "([12]).
ثم
ينتهي إلى نتائج المنهاج الذي ينظر " للذات الحضارية " بعيون مناهج
" الآخر الحضاري " فيعلن: " إن السبيل واضحة بينة مستقيمة ليس فيها
عوج ولا التواء, وهي واحدة فذَّة ليس فيها تعدد, وهي: أن نسير سيرة الأوربيين,
ونسلك طريقهم, لنكون لهم أنداداً, ولنكون لهم شركاء في الحضارة, خيرها وشرها,
حلوها ومرها, ما يحب منها وما يكره, ما يحمد منها وما يعاب..)([13])]([14]).
ويرى
محمد عمارة أن طه حسين تجاوز بتقدميته آراء محمد عبده, فينقل لنا أقوال طه حسين
فيقول: [ " لا شك أن الشيخ محمد عبده هزَّ العالم الإسلامي بأسره, وأيقظ
العقل الشرقي, وعلَّم الشرقيين أن يحبوا حرية الفكر. ولا ريب أيضاً في أنه أتاح
لكثير من المسلمين أن يتطلعوا بأمل راسخ إلى يوم يتحقق فيه التوفيق بين العلم
والدين, بين التقاليد الشرقية والحضارة الغربية.. ولكن العالم الإسلامي أصابه
التغيّر منذ ذلك العهد.. ولم يعد محمد عبده مواكباً للعصر.. لقد صارت أفكار محمد
عبده بشأن العلم والدين بالية. فهي ليست بالأفكار التي مضى عليها زمن طويل, ولكنها
لم تعد تتواءم مع انطلاق الشرقيين إلى الحرية الكبرى. وقليل هم المسلمون الذين
يهتمون بالتوفيق بين إيمانهم والمعارف التي حصَّلوها, وهم يندفعون بابتهاج نحو
الحضارة الغربية, ويتخذونها مثلاً أعلى"([15])..."
لقد صار المتمسكون بآراء محمد عبده وقاسم أمين يعدُّون محافظين, بل ويدرجون أحيانا
بين المتخلفين"([16])
]([17]).
ثم
يعلِّق عمارة: [ لكن الرجل قد ذهب هذا المذهب الخاطئ مجتهداً يبحث لأمته عن سبل
النهوض, ولم يكن سيئ النية بحال من الأحوال ]([18]).
وينقل عن طه أيضاً: [ "لقد التزمنا أمام
أوربا أن نذهب مذهبها في الحكم, ونسير سيرتها في الإدارة, ونسلك طريقها في
التشريع, التزمنا هذا كله أمام أوربا, فلو أننا همَمْنا الآن أن نعود أدراجنا, وأن
نحيي النظم العتيقة لما وجدنا إلى ذلك سبيلاً,
ولوجدنا أمامنا عقاباً لا تجتاز ولا تذلل, عقاباً نقيمها نحن لأننا حِراص
على التقدم والرقي, وعقاباً تقيمها أوربا لأننا عاهدناها على أن نسايرها ونجاريها
في طريق الحضارة الحديثة" ([19]) ]([20]).
0 التعليقات:
إرسال تعليق