القوادة
السياسية
رضوان محمود نموس
القِوادة
وساطة الفحشاء والعهر, سواء كانت الفحشاء والعهر سياسياً أو إعلامياً أو فكرياً أو
جسدياً؛ وهو أقلها خطورة, فالأخير يجمع بين داعر وعاهرة والأول يضيع أمة أو أمما
في التيه والانحطاط والظلمات, بل ربما يصل إلى الكفر واللعنات.
ويمتاز
القوادون بالدهاء والمكر, حتى قيل هو أحيل من أمّ أبان القّوادة. إحدى عجائز
بغداد، والمكّارات منهنّ. أما المقادون والمقادات فيتميزون بالغفلة والبله وعدم
الاهتمام بالنتائج, أو اللامبالاة بالدين والعرض والقيم والأخلاق ولا تهمهم
الفضائح.
وحاشا حرمة
السامعين والقارئين عن سماع أخبار وأفعال هؤلاء, ولكن ما حيلة المضطر إلا ركوبها.
ولقد مكر
قوادوا السياسة بالأحداث والمغفلين, وساقوهم إلى سوق الدعارة السياسية, يلعب بهم
اللاعبون ويتلهى بهم اللاهون.
{وَقَدْ
مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ
لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]
{بَلْ
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ
يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد: 33]
لقد مكروا
مكرهم, وأوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً. وتعاونوا مع شياطين الجن والإنس من
الماسون والهيئات الدولية لسحب الأحداث والمفغلين إلى سوق الخنا السياسي؛ سوق
الموت. ليحرفوا المعركة عن مسارها بعد أن لاحت تباشير النصر, وبدأت راية الحق
بالارتفاع وراية الباطل بالنكوص.
بعد أن بدأت
المعركة تأخذ شكلها الطبيعي بين الإيمان والكفر, بين الحق والباطل, تلك المعركة
المحتومة.
لأنها تقوم على أساس التناقض الكامل بين القاعدة الأولى في دين الله؛ وهي أن يكون
الدين والأمر والحياة والممات لله, وبين أطماع المجرمين والهيئات الدولية وقوى
الكفر العالمي بأن يكون كل ما ذكر لهم وللشيطان.
معركة لا
مفر من خوضها ولا يمكن أن تتقى، ولا مفر للمؤمنين منها وأن يمضوا إلى النهاية فيها..
والله سبحانه يطمئن أولياءه, أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله قال الله تعالى: {اسْتِكْبَارًا
فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا
بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ
لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا }
[فاطر: 43]
وقال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]
لأن
المؤمنين لا يخوضون المعركة وحدهم فالله وليهم فيها، وهو حسبهم، وهو يرد على
الكائدين كيدهم: { وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا
بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام: 123]
والقوادون
سيحملون أوزارهم, وأوزار ضحاياهم ممن انقادوا إلى مرتع الضلال والعهر السياسي.
قال الله
تعالى: [لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ
أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ]
(النحل: 25) .
فَعَذَّبَ
اللَّهُ عَجُوزَ السُّوءِ الْقَوَّادَةَ بِمِثْلِ مَا عَذَّبَ قَوْمَ السُّوءِ
الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْخَبَائِثَ،
ولقد قيل: لكلِّ
ساقطةٍ لاقطة.
وهكذا التقط
الأخضر الإبراهيمي الساقطة السورية التي اختارتها أمريكا لهذا السقوط ممثلة (بمعاذ
الخطيب) ليقوده إلى سوق الدعارة, ومن رأى كيف كان الأخضر الإبراهيمي يسحب معاذ الخطيب
إلى حجرة صالحي وزير خارجية إيران, ثم إلى حجرة سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا,
ثم إلى حجرة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن, ثم إلى حجرة الممثلة العليا للمفوضية
الأوروبية كاثرين آشتون علم كيف تكون
القوادة.
فالقواد
الأخضر الإبراهيمي هو الذي دفع أحمد معاذ الخطيب إلى بالوعة الدعارة السياسية التي
ابتلعته وابتلعت معه كل من وافق على هذه الدعارة, كما ابتلعت وحدة صفوف
"الائتلاف السوري المعارض" المتهالكة.
الأخضر الإبراهيمي الذي قال في تصريحاته الأخيرة
إنه يبحث عن أي منفذ قد يؤدي إلى الحوار بين النظام والمعارضة؟
إن خبرة
الإبراهيمي في القوادة السياسية مكنته من وضع معاذ الخطيب في جيبه ليقدمه لكل من
يريد المتعة السياسية, أو يتلهى بحفل رؤية المغفلين. ودفع الخطيب ليقول ما كان
حلماً لنظام الزنادقة ولدولة المجوس وبقية أركان اللعبة الإجرامية, وما يتعوذ منه
كل عاقل أو شبه عاقل.
وإذا كان
الخطيب صادقاً بأن ما قاله مجرد "رأي شخصي ومبادرة حسن نية" كما يقول، فليقدم
استقالته ويذهب إلى بيته وهناك يمارس ما شاء من الدعارة السياسية, أما أن يمارس
البغاء السياسي واسمه رئيس الائتلاف فهذا مرفوض شرعاً وعرفاً وقانوناً.
ولما أن مكن
السادات رئيس مصر الهالك كارتر من زوجته يضمها ويشمها ويقبلها, ثم مكن جنرالات
يهود من أن يفعلوا ذلك مع ابنته اعترض محاموا مصر وقالوا ليستقل ثم يمكن من يشاء
من زوجه وابنته أما وهو رئيس لمصر فلا, فهذه كرامة مصر.
إنه عهر
سياسي أن يفعل الخطيب ما فعل, ومن المفترض أنه مؤتمن على دماء السوريين وثورتهم،
وخصوصاً أنه لم يراجع المجاهدين على الأرض؛ الذين يبذلون دماءهم رخيصة في سبيل
الله, والذين همهم الأول رفع راية لا إله إلا الله, بل حتى لم يستشر رفاقه في
موضوع بهذا الحجم, وربما يشكل انتحاراً سياسياً لمعارضة الخارج، أو فضيحة وخيانة جلحاء.
ثم أن
القواد لم يترك الخطيب بعد أن أوقعه في حمأة الرذيلة, بل ما زال يوصيه بتعاطي
الخنا السياسي, فلقد قدم الأخضر الإبراهيمي إلى أحمد معاذ الخطيب نصيحة من كلمتين:
"تمسّك بمبادرتك"
وينطبق على
الإبراهيمي قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النور: 19]
والمصيبة
الأدهى والأمر أن في الصف سماعون {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ
آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ
يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا
وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي
الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 41]
{وَفِيكُمْ
سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47]
ولقيد قيل
كثرة المساس تبلد الإحساس, فمن كثرة ما سمع الناس من أكاذيب أهل السياسة وقلة
التفاتهم إلى كتاب الله تبلد إحساسهم, وأصبحت ردة الفعل لا تتناسب مع جرمية الحدث,
مما يسهل تمرير الجريمة؛ وهنا مكمن الخطورة.
ثم أن سرعة
المبادرة لتأييد حفلة الدعارة السياسية وكثرة المهنئين, جعلت البعض يظن أنها زواج
شرعي سيحاط بالبركة ويكلل بإنجاب البنين والبنات الصالحات.
فبعد مباركة
أمريكا وفرنسا وأوربا والأمم الظالمة وأكابر مجرميها وجامعة الطواغيت العرب التي
ما نتج عنها خير منذ تأسيسها, وكانت دوماً تسهل القوادة السياسية والعهر والدعارة
بكل أنواعها ومشتقاتها وصنوفها.
ثم برز
الراعي ليضفي صلواته وقداساته وترنيماته بثيابه المخصصة لمثل حفلات الدعارة, فقالت
الأنباء: [ركز البطريرك الراعي على الإصلاح من الداخل وبالحوار، وهو ما فسّر بأنه
دعوة إلى إبقاء الرئيس الأسد والتحاور معه لتحقيق إصلاحات. أما في حديثه عن الحل
السياسي والإصلاح، فقد بدا الراعي متبنياً لوجهة نظر النظام بالكامل، عندما قال إن
الإصلاحات لا تفرض فرضاً من الخارج، بل تنبع من الداخل حسب حاجات كل بلد، وتتم
بالحوار والتعاون والتفاهم].
وإذا كان معاذ
الخطيب يظن أن ذلك زواجاً باركه البطريرك فهو واهم جداً, فرئيس النصيرية يفحص في
قدميه من الضحك على بلاهة الخطيب ويقول نعم هناك من هو أبله مني.
وما يدور في
القاهرة أشبه بحراك الجرارين فالإبراهيمي ونبيل العبري يدفعان بالخطيب ورياض سيف
واللعوب سهير والمصفقين إلى مزيد من التنازلات, وإجراء رقصات ستربتز لعل رئيس الزنادقة يقبل, وبالطبع ليس هذا حباً
بالزنادقة ورئيسهم, بل كرهاً بالإسلام الذي يتقدم يوماً بعد يوم, وجاءت نصائح من
القوادين تقول لأهل العهر السياسي طمئنوا إسرائيل, فانبرى الخطيب الذي انفجر عرق
الحياء عنده ليُدْلي بتصريحات مع صحيفة "يديعوت أحرونوت (الإسرائيلية)"،
ولـ "محرِّر الشؤون الأمنية" فيها رونين برجمان، الذي زعم أنَّه أجرى
هذا الحوار مع الخطيب في ألمانيا عند حضوره مؤتمر ميونخ الـ 49 للأمن.
ويقول إنَّ
نظام الحكم الجديد في سورية (أيْ الذي سيقوم بعد إطاحة نظام حكم بشار الأسد) لن
يعادي إسرائيل، أو يهاجمها، و "لا تقلقوا؛ سنسيطر على الأسلحة الكيميائية،
وسننقلها إلى أيدٍ أمينة، بعد انتهاء حكم بشار الأسد".
والحقيقة لا
أدري بالتأكيد هل معاذ الخطيب صاحب بله وغفلة استغلها الإبراهيمي القواد وأردى
الخطيب في هذه الحفرة, أم أن الخطيب عاهر سياسي محترف؟!
إلى الآن
وحسب المعطيات ما زلت أرجح الاحتمال الأول.
أما الطرف
الآخر وأعني نظام الزنادقة فيعيش حالة من النشوة والرعشة اللذيذة لدخول الخطيب إلى
غرف الدعارة السياسية وصالونات العهر والتآمر.
بالإضافة
للشعور بالنصر والنجاح في الاختراق بهذه السرعة إن لم يكن الأمر قد دبر بليل.
فهو ويراقب
ويتربص إفرازات ذلك الحراك على الضفة الأخرى دون أن ينتظر ما ستؤول إليه الأحداث
في صفوف المعارضة السورية, التي راهن على خلافاتها وانقساماتها وصراعاتها خلال
الفترة السابقة، ولم يدخر جهداً بكافة الوسائل والأساليب في اختراقها و تعميق تلك
الخلافات والتناقضات منعاً لتماسكها ووحدتها.
والفوز بجر
المعارضة إلى دوامة التفاوض والحوار ومن ثم المصالحة والمسامحة..وتناسي الماضي
والشهداء والدمار والإجرام النصيري.
ويقوم قواد
آخر اسمه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي بدعوة وزير خارجية نظام
الزنادقة وليد المعلم والداعر السياسي السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب إلى موسكو
في أواخر هذا الشهر.
وهل سيدخل
بوغدانوف الخطيب إلى حجرة المعلم أو العكس لست أدري ولكن سيسعى لوصل طرفي العهر
السياسي ببعضهما.
وستكون
موسكو (خان بنات الخطا) والحاضنة الأولى وفيها سيكون بداية شهر التآمر العملي على
الجهاد في سوريا.
وهنا أود أن
أوجه كلمات للأخوة المجاهدين.
قال الله
تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)
مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران:
196، 197]
{وَلَقَدْ
كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا
عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105]
فسيروا على
بركة الله ولا توقفوا جهادكم لا قبل النصر ولا بعده حتى ترفرف راية لا إله إلا
الله على جميع أرض الله عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: " زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا،
وَمَغَارِبَهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ، الْأَصْفَرَ أَوِ الْأَحْمَرَ،
وَالْأَبْيَضَ، يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَقِيلَ لِي: إِنَّ مُلْكَكَ
إِلَى حَيْثُ زُوِيَ لَكَ، سنن ابن ماجه (2/ 1304) 3952 -
وإنكم بإذن
الله أنتم المنصورون ولقد قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ
سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ
الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ
حَتَّى حِينٍ * وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ * أَفَبِعَذَابِنَا
يَسْتَعْجِلُونَ * فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ *
وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ * سُبْحَانَ
رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ *
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 171 - 182]
0 التعليقات:
إرسال تعليق