لا تكونوا أجراء
الطاغوت وعصابته(69)
رضوان
محمود نموس
يتابع الكاتب في هذه الحلقة حكم الاستعانة بالمشركين
حديث
استعارة السلاح من صفوان:
نقد تصحيح حديث صفوان
من تتبعنا للمصادر المعروفة لم نجد من صحح حديث
صفوان من العلماء السابقين باستثناء ما قاله الحاكم عن رواية جابر الأتي ذكرها وقد
مرت في الطرق التاسع [لكننا وجدنا البيهقي انفرد بقوله وبعض هذه الأخبار وإن كان
مرسلاً فإنه يقوى بشواهده مع ما تقدم من الموصول والله أعلم ]
ويعني بالأخبار رواياته التي ساقها في سننه
وأوردناها ضمن الطرق المختلفة وهي بالترتيب :
1_ حديث جابر من طريق يونس بن بكير عن ابن اسحق وقد
رواها الحاكم
2_ رواية شريك السابقة
3- رواية ابن أبي مليكة عن أمية بن صفوان
4_ رواية أبي الأحوص عن عبد العزيز عن عطاء عن ناس
من آل صفوان
5_ رواية جرير عن عبد العزيز عن أناس من آل عبد الله
بن صفوان
6_ رواية جعفر بن مجمد عن أبيه أن صفوان بن أمية
...الخ
ومن المتأخرين وجدنا الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه
الله يحكم بصحته معتمداً على أن له ثلاثة
طرق وهي :
1_ رواية شريك ( الثانية عند البيهقي )
2_ حديث جابر (الأولى عند البيهقي)
3_ رواية جعفر بن محمد( الأخيرة عند البيهقي)
وساق الشيخ الروايات على الشكل التالي قال : [من
طريق شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه "أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعاً يوم حنين فقال : أغصب يا محمد ؟ فقال:
لا , بل عارية مضمونة
قلت : وهذا إسناد ضعيف وله علتان :
الأولى جهالة أمية بن صفوان فإنه لم يوثقه أحد ولم
يروي عنه سوى عبد العزيز هذا .....الخ
والأخرى ضعف شريك وهو ابن عبد الله القاضي فإنه سيء
الحفظ وقد خولف في إسناده فرواه جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل عبد
الله بن صفوان ....أخرجه أبو داود والبيهقي
وخالفهما أبو الأحوص ثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء
عن ناس من آل صفوان قال: استعار النبي صلى الله عليه وسلم فذكر معناه .
أخرجه أبو داود والبيهقي أيضاً .
قلت : فالحديث مضطرب الإسناد لكن له شاهدان الأول عن
جابر بن عبد الله :
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى
حنين لما فرغ من فتح مكة ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية
فسأله أدراعاً مائة ...الخ " أخرجه الحاكم 3/ 48_49 والبيهقي من طريق ابن
اسحق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه وقال الحاكم :
صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .
وِأقول إنما هو حسن فقط للخلاف في ضبط وحفظ ابن اسحق
.
والآخر : عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم استعار من صفوان بن أمية سلاحاً في غزوة حنين فقال يا رسول الله أعارية مؤداة
قال عارية مؤداة .
أخرجه الحاكم وعنه البيهقي من طريق اسحق بن عبد
الواحد القرشي ثنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن عكرمة عنه . وقال الحاكم :
صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
قلت كلا , فإن القرشي هذا ضعيف جدا قال أبو العلي
الحافظ : متروك الحديث ولما حكا الذهبي في الميزان قول الخطيب فيه : " لا بأس
به " تعقبه بقوله : قلت بل هو واهن وقال في الضعفاء" متروك " .
وله شاهد ثالث من رواية جعفر بن محمد عن أبيه :
" أن صفوان بن أمية أعار رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحاً ....."
الحديث نحو رواية شريك أخرجه البيهقي وقال وبعض هذه الأخبار وإن كان مرسلا فإنه
يقوى بشاهده مع ما تقدم من الموصول وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق
الثلاث.] ([1])
كما سبق في الكلام عن اضطراب السند فقرة أ
حتى جرير ذكر الشيخ إحدى رواياته ونخن ذكرناهما كما
في الفقرة المشار إليها فهذا هو الشاهد الأول وهو أضعف مما ذكر الشيخ وأكثر
اضطراباً أما الشاهد الثاني وهو حديث جابر الذي أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق
أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن ابن اسحق إلى آخره فقد سبق أن نقلناها وما
قاله الشيخ عنها في الطريق التاسع وقد حسنها الشيخ كما سبق بالنظر إلى أن سندها من
ابن اسحق إلى الصحابي هو كذلك ولكنه لم يتعرض لمن رواها عن ابن اسحق نفسه أعني
أحمد بن عبد الجبار ويونس وهما ضعيفان كما بينا فالحديث ضعيف وليس حسناً ثم إن فيه
عدد الأدراع مائة درع وما يصلحها في حين أن في الشاهد الأول _ في رواية جرير _
أنها ما بين الثلاثين إلى الأربعين وقد نثلها الشيخ كما أن رواية جرير ليس فيها
إلا " بل عارية " وهنا "بل عارية مضمونة " وفرق بينهما في
الحكم ولأن رواية جرير تصلح أيضاً شاهداً لمن قال "مؤداة" فلماذا نجعلها
شاهداً لرواية "مضمونة" فحسب إذاً فلا تصلح هذه الرواية شاهداً لتلك
3_ والشاهد الثالث هو رواية جعفر بن محمد عن أبيه أن
صفوان بن أمية ...الحديث.
لم ينقده الشيخ الألباني بل اكتفى بقوله أخرجه
البيهقي ثم نقل كلام البيهقي السابق .
وهذه الرواية قال عنها ابن حزم هذا منقطع لأن
محمد بن علي لم يدرك صفوان ...إلى آخر
كلامه الذي سبق ذكره في الطريق الثالث هذا من جهة السند ومن جهة المتن نجد أن عدد
الأدراع في هذه الرواية ثمانون درعاً بخلاف ما في الشاهد الأول والثاني معاً ثم إن
ابن وهب رواها عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد في حين أن الروايات الأخرى ذكرت أنه
رواها عن ابن جريج عن عطاء وروايات الحديث عن عطاء مذكورة في كثير من الطرق عن
رواة عدة أما رواية جعفر هذه فلم يذكرها سوى البيهقي وقد وقع ما وقع للشيخ بسبب
تحسينه لرواية جابر الضعيفة ([2])
حديث يعلى بن أمية الصحيح
والآن نورد الحديث الصحيح في المسألة بطرقه وهو حديث
يعلى بن أمية رضي الله عنه
قال الإمام أحمد:[ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى
بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا
أَتَتْكَ رُسُلِي فَأَعْطِهِمْ أَوْ قَالَ فَادْفَعْ إِلَيْهِمْ ثَلاثِينَ دِرْعًا
وَثَلاثِينَ بَعِيرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْعَارِيَةُ
مُؤَدَّاةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَعَمْ ]([3]).فهذا
حديث صحيح كل رجاله من رجال الشيخين وهو أليق بالمستدرك. وقال محقق المسند: "
إسناده صحيح رجاله ثقات مشاهير وجاء في مسند أحمد تكملة تحقيق أحمد شاكر رحمه الله
برقم 17874
ورواه أبو داود قال:[حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
الْمُسْتَمِرِّ الْعُصْفُرِيُّ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ حَدَّثَنَا
هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ
يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا
أَتَتْكَ رُسُلِي فَأَعْطِهِمْ ثَلاثِينَ دِرْعًا وَثَلاثِينَ بَعِيرًا قَالَ
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَوَرٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَوَرٌ مُؤَدَّاةٌ قَالَ
بَلْ مُؤَدَّاةٌ قَالَ أَبو دَاود حَبَّانُ خَالُ هِلالٍ الرَّائِيّ]([4]).
ورواه الدارقطني قال:[ حدثنا الحسين بن إسماعيل نا
الفضل الأعرج نا نصر بن عطاء الواسطي نا همام عن قتادة عن عطاء عن صفوان بن يعلى
بن أمية عن أبيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ثم إذا أتتك رسلي فأعطهم كذا قال ثلاثين درعا أو قال ثلاثين
بعيرا قلت والعارية مؤداة قال نعم]([5]).
ورواه النسائي في الكبرى قال:[ حدثنا أبو عبد الرحمن
أحمد بن شعيب النسائي قال ثنا إبراهيم بن المستمر قال ثنا حبان بن هلال قال ثنا
همام بن يحيى قال ثنا قتادة عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إذا
أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعا
وثلاثين بعيرا فقلت يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة قال بل عارية
مؤداة]([6]).
ورواه ابن حبان في صحيحه قال:[ أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا بشر بن
خالد العسكري قال حدثنا حبان بن هلال قال حدثنا همام عن قتادة عن عطاء عن صفوان بن
يعلى بن أمية عن أبيه قال قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثم إذا أتتك
رسلي فأعطهم أو ادفع إليهم ثلاثين بعيرا
أو ثلاثين درعا قال قلت العارية مؤداة يا رسول الله قال نعم]([7]).
وفي موارد الظمأن: [ أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف
حدثنا بشر بن خالد العسكري حدثنا حبان بن هلال حدثنا همام عن قتادة عن عطاء عن
صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا أتتك رسلي
فأعطهم أو ادفع إليهم ثلاثين بعيرا أو ثلاثين درعا قال قلت العارية مؤداة
يا رسول الله قال نعم ]([8]).
وابن حزم في المحلى قال:[ وقد روينا من طريق أحمد بن
شعيب أنا إبراهيم بن المستمر نا حبان بن هلال نا همام بن يحيى نا قتادة عن عطاء بن
أبي رباح عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا فقلت يا رسول الله
أعارية مضمونة أم عارية مؤداة ؟ قال بل عارية مؤداة .
فهذا حديث حسن ليس في شيء مما روى في العارية خبر
يصح غيره وأما ما سواه فلا يساوي الاشتغال به وقد فرق فيه بين الضمان, ولأداء,
وأوجب في العارية الأداء بقط دون الضمان فبطل كل ما تعلقوا به من النصوص. ]([9]).
وحكمه كما قا لفهو حسن وليس صحيحاً لأن ابراهيم بن
المستمر صدوق يغرب أما بقية رجاله فثقات من رجال الشيخين. راجع التقريب والتهذيب
لكن ابن حبان رواه عن بشر بن خالد العسكري عن حبان ......إلى آخر السند والمتن
نحوه, وبشر قال عنه في التقريب ثقة يغرب وهو من رجال الشيخين وهبي التهذيب أنه
يغرب عن شعبة فقط
ورواه الدارقطني من طريق نصر بن عطاء الواسطي عن
همام ...الخ
والحاصل : أنه حديث صحيح لم يطعن فيه أحد ولعل سبب
الاضطراب في حديث صفوان بن أمية هو تشابه الأسماء فأن هذا مروي كما سبق عن صفوان
بن أمية والله أعلم
وبعد هذا الإيضاح الذي ليس ورائه شك ولا شبهة بدا
لنا أن سؤالاً قد يثار وهو : شواء أكان المستعار منه صفوان بن أمية أم يعلى بن
أمية أليس الحكم واحدا؟
والجواب كلا , أبداً فإن يعلى بن أمية رضي الله عنه
مسلم حال إعارته الدروع قولاً واحدا ً وهو أقدم إسلاماً وأشهر صحبة من صفوان بن
أمية رضي الله عنه وليسا بأخوين فإن يعلى تميمي الأصل قرشي , وصفوان قرشي جمحي
وقال الحافظ عن يعلى " صحابي مشهور"([10]).
وقال عن صفوان " صحابي من المؤلفة" وذكر في ترجمة يعلى في الإصابة أنه
شهد حنيناً والطائف وتبوك ورواية صفوان قليلة ويعلى أكثر منه روى له الجماعة رضي
الله عنهما .
[2]- وأخيراً فإن
للشيخ عذره وليس ثمة أدنى شك في الجهد الذي بذله في الإرواء عظيم وأن نفعه بالغ
ولو أنه سلك فيه منهج الإستقصاء التام لكل طرق الأحاديث وكل ما قاله العلماء فيها
لما تفرغ لسواه بل قد ينصرم العمر وما كفاه هذا فضلاً عن كون حديث صفوان هذا
فريداً حقا ولا أظن أن له ما يقاربه والله أعلم
[3]- مسند أحمد برقم
17490
[8]- موارد الظمآن ج:
1 ص: 285 برقم 1173
[10]- انظر ترجمته في
الإصابة 6/725 برقم 9365 والاستيعاب 2/767 برقم 2815 وترجمة ابنه صفوان في رجال
مسلم وتهذيب الكمال.
0 التعليقات:
إرسال تعليق