أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (109)
وطه حسين عينه عمارة
رائداً للصحوة
رضوان
محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن طه حسين الذي عينه عمارة رائداً للصحوة الإسلامية
بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان
والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل.
عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله
لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما
نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
سابعاً فرعونية طه
حسين:
قد
مرَّ معنا قول جمال الدين: [ إنكم معاشر المصريين قد نشأتم في الاستعباد, وربيتم
في حجر الاستبداد, وتوالت عليكم قرون منذ زمن الملوك الرعاة حتى اليوم, وأنتم
تحملون عبء نير الفاتحين, وتعنون لوطأة الغزاة الظالمين تسومكم حكوماتكم الحَيف
والجور, وتنزل بكم الخسف والذلَّ, وأنتم صابرون؛ بل راضون, وتستنزف قوام حياتكم
-التي تجمعت بما يتحلب من عرق جباهكم- بالعصا والمقرعة والسوط, وأنتم صامتون. فلو
كان في عروقكم دم فيه كريات حيوية, وفي رؤوسكم أعصاب تتأثر فتثير النخوة والحمية
لما رضيتم بهذا الذل والمسكنة. تناوبتكم أيدي الرعاة, ثم اليونان والرومان والفرس,
ثم العرب والأكراد والمماليك, وكلهم يشق جلودكم بمبضع نهمه, وأنتم كالصخرة الملقاة
في الفلاة, لا حِسَّ لكم ولا صوت.انظروا أهرام مصر, وهياكل منفيس, وآثار طيبة,
ومشاهد سيوة, وحصون دمياط, فهي شاهدة بمنعة آبائكم وعزة أجدادكم.هُبُّوا من غفلتكم
! اصحوا من سكرتكم ! عِيشوا كباقي الأمم أحراراً سعداء ]([1]).
وفي
عام 1933 كتب طه حسين مقالاً في جريدة كوكب الشرق جاء فيه:
[ إن
المصريين قد خضعوا لضروب من البغض, وألوان من العدوان, جاءتهم من الفرس واليونان,
وجاءتهم من العرب والترك ]([2]).
فنلاحظ أن الأستاذ والتلميذ: اعتبرا العرب المسلمين محتلين استغلاليين,
مثلهم كمثل الفرس والرومان واليونان؛ بل لليونان والرومان عند طه مقام أسمى وأعزّ
من مقام العرب. وإذا اعتبروا الإسلام احتلالاً بفصائله العربية, أو الكردية, أو
التركية, فمن هم؟ وإلى من ينتسبون؟
أليس العرب المسلمون هم الذين أنقذوا مصر من حكم الرومان؟ أليس العرب
والأكراد المسلمون هم الذين دافعوا عن مصر ضد الصليبيين, ودولة الملاحدة الباطنية
الفاطمية؟ ولكنها
الماسونية تأمر تلاميذها, فينفذون بوعي منهم, أو بغير وعي, لا يملكون أن يقولوا:
لا أو أن ينبسوا ببنت شفه. لأنهم فقدوا القدرة على ذلك يوم فقدوا رجولتهم في الغرف
السوداء.
ويقول
طه: [ إن الفرعونية متأصِّلة في نفوس المصريين, وستبقى كذلك؛ بل يجب أن تبقى
وتقوى, والمصري فرعوني قبل أن يكون عربياً, ولا يطلب من مصر أن تتخلى عن
فرعونيتها, وإلا كان معنى ذلك: اهدمي يا مصر أبا الهول, والأهرام. وانسي نفسك,
واتبعينا, لا تطلبوا من مصر أكثر مما تستطيع أن تعطي. مصر لن تدخل في وحدة عربية,
سواء كانت العاصمة القاهرة أم دمشق أم بغداد. وأؤكد قول أحد الطلبة: لو وقف
الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه ]([3]).
وفي
تصريح آخر عام 1939: قال طه: [ مصر لن تدخل في وحدة عربية ولا اتحاد عربي, سواء
أكانت مساوية فيه للأمم الأخرى, أم مسيطرة عليها ]([4]).
وعلى أثر مقال طه في مجلة المكشوف قامت مظاهرات في دمشق, وجمع المتظاهرون
كتب طه حسين وأحرقوها. كما أنه [ ضم عبد الرحمن عزام, وأحمد الشقيري, وأسعد داغر
مجلس في ندوة الأهرام, وبعد الاستهجان استقر الرأي على أن يذهب الشقيري إلى طه
حسين ليناقشه في موقفه الفرعوني, وذهب الشقيري في الموعد المحدد إلى طه حسين,
وعندما راجعه الشقيري في أمر المقال أصرَّ طه حسين على أنه الحقُّ كل الحقّ ]([5]).
ويقول
طه عن مصر: [ وفي هذه الرقعة الضيقة من الصحراء تعيش مصر القديمة بوثنيتها
الفرعونية واليونانية والرومانية, وتعيش مصر القرون الوسطى بإسلامها الساذج,
ونصرانيتها الساذجة, وتعيش مصر الحديثة ببحثها عن العلم, وتقصيها للآثار, وأخذها
بأسباب الحضارة الحديثة عن أحسن وجه وأكمله, ويشرف على هذه الصور المختلفة لمصر في
عصورها المختلفة, وأطوارها المتباينة روح واحد خالد, لا يختلف, ولا يتغير, ولا
يضعف, ولا يدركه الفتور, وإنما هو دائماً يبعث فيما حوله, وفيمن حوله الحياة
والنشاط, والأمل, والثقة, واليقين, وهو روح مصر الخالدة ]([6]).
إن مصر المسلمة الساذجة -كما يسميها طه- أوقفت مع المسلمين في الشام موجات
التتار, وأنهتهم وإلى الأبد, كما أوقفت مع المسلمين في الشام الحملات الصليبية,
وأذلَّت فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والفاتيكان, ولقنتهم دروساً لن تُنسَى,
بينما مصر الحديثة في عهد طه ومدرسة الماسونية وأذيال الاستعمار من أبناء جلدتها
صارت خادمة للغرب ذليلة له, تتسوَّل قوَّتها, وتبيع كرامتها, وتمنح أرضها قواعد
للكفار, وما ذلك إلا لانتشار أفكار هذه النابتة الخبيثة من أمثال طه وتلاميذ مدرسة
الغرفة السوداء.
ويقول طه: [ إن الإسلام لم يخرج مصر عن عقليتها الأولى, ولم ينس المصريون
استقلالهم يوماً ما, ولم يفنوا شخصيتهم الوطنية في جيل من الأجيال الكثيرة التي
أغارت عليهم, وإنما احتفظوا بهذه الشخصية دائماً, وطالبوا بهذا الاستقلال دائماً ]([7]).
هذا
هو موقف طه حسين من الإسلام. فهو يرى أن الإسلام لم ولن ولا يجب أن يخرج مصر عن
شخصيتها الفرعونية الوثنية لأنه كما يزعم أن مصر تحتفظ بشخصيتها رغم كل الأعاصير.
ولكن هذا الطه يطالب مصر أن تفنى في أوربا فيقول كما مرَّ معنا:
[ ولكن السبيل..واضحة بينة ليس فيها عوج ولا
التواء, وهي واحدة فذة ليس لها تعدد, وهي أن نسير سيرة الأوربيين, ونسلك طريقهم...
خيرها وشرها, حلوها ومرها, وما يحب منها وما يكره, وما يحمد منها وما يعاب ]([8]).
ويقول في موضع آخر: [ أخاف أن نقصِّر في ذات أنفسنا, وعلينا من الأوربيين
عامة, ومن أصدقائنا الإنجليز خاصة رقباء يحصون علينا الكبيرة والصغيرة, ويحاسبوننا
على اليسير والعظيم. ولعلهم أن يكبروا من أغلاطنا ما نراه صغيراً, وأن يعظموا من
تقصيرنا ما نراه هيناً, وأن يقولوا: طالبوا بالاستقلال, وأتعبوا أنفسهم, وأتعبوا
الناس في المطالبة به حتى إذا انتهوا إليه لم يذوقوه, ولم يسيغوه, ولم يعرفوا كيف
ينتفعون به ]([9]).
فأين
الاحتفاظ بالشخصية ومقوماتها؟ وبالهوِيّة وخصوصيتها؟, أم أنه الاستخذاء والعمالة
والضعة والنذالة والذلة والهوان أمام أوربا, والانتفاخ أمام الإسلام؟. أم أنه كيد الليل
والنهار ينفِّذه الكفرة الأصليون عن طريق عملاء لهم أسماء المسلمين؟, ويروج لهم
طابور له أول وليس له آخر: من المأجورين, والقوَّادين, ودور الدعاية, والبغاء,
والصحافة, والرذيلة, ووزارات الإعلام والتضليل؟.
والعجيب
أن طه حسين ليس مصرياً على الحقيقة [ فمن المعلوم عن طه حسين أن أباه جاء إلى صعيد
مصر -مديرية المنيا- من المغرب العربي, وكان يعمل وزاناً في شركة يهودية للسكر ]([10]).
وكما
قال الدكتور الباحث عبد المجيد المحتسب: [ والطريف أن طه حسين مغربي الأصل, وقد
يكون أصله من البربر ]([11]).
[3] - مجلة المكشوف البيروتية عام 1938 - نقلاً عن محاكمة فكر طه حسين
لأنور الجندي ص / 333. وانظر طه حسين مفكراً - لعبد المجيد المحتسب, ص / 228.
0 التعليقات:
إرسال تعليق