سقوط الأخوان في منظومة الطغيان (22)
رضوان محمود نموس
الملاحظات وبعض الردود
51-
يقول محمد سعيد حوى ومن ورائه الإخوان في ص9 الفقرة الثالثة: (التواصل مع كل ألوان
الفكر الإسلامي المعتدل المقاوم بما فيه الشيعي).
يقول الكاتب: التواصل مع كل ألوان الفكر الإسلامي المعتدل
المقاوم بما فيه الشيعي، ونحتاج هنا إلى أن نعرف ماذا يقصد بالمعتدل، والمقاوم,
والمعتدل المقاوم, وكان قد دعا سابقاً إلى المقاومة السلمية والنزول إلى كنف
النظام النصيري. والسكوت حتى عن إبداء الملاحظات الخفيفة الناعمة أو التململ...الخ فما هو هذا الفكر المعتدل المقاوم. هل هو
المقاومة السلمية من خلال البيانات التي نهى عنها فيما بعد. ودعا إلى عدم انتقاد النظام. هل هو الفكر
الصوفي والموالد والذكر والحضرات وضرب الشيش والإلهام وعلمنة الإسلام وتقديم
المبرر والسند الديني للطواغيت ووو..كما أوصت مؤسسة راند, أم هو الفكر العصراني
المتأمرك من قبول الديمقراطية, والتعددية التي تزيد اللوحة السورية جمالاً,كما
يقولون. والتحاكم إلى الصندوق وقبول
المرتدين. وما هو الفكر الشيعي الذي يصفه بالاعتدال، هل تكفير الصحابة وآل البيت
من الاعتدال؟ هل اتهام أمهات المؤمنين بالزنا من الاعتدال؟ هل ادعاء علم الغيب من
الاعتدال؟ هل الاعتداء على خصائص الربوبية والألوهية من الاعتدال؟ أي اعتدال يجمعك
مع الشيعة؟ وأي اعتدال تقصد؟ وإذا كان هذا اعتدالاً فأين التطرف؟ ومن هم
المتطرفون؟ وكيف يجمع هذا الكلام مع التربية الجهادية الاستشهادية التي دعا إليها؟.
وهل الفكر الشيعي مقاوم لأمريكا أو عميل؟؛
كما يشاهد في أفغانستان والعراق وهل إيران تحضر مؤتمر لاهاي الآن لتأييد المجاهدين
في أفغانستان أم للتنسيق مع أمريكا ضد المجاهدين؟!
أي فكر معتدل يريد الكاتب، وما هي ضوابط هذا الفكر الذي وصفه
بالمعتدل؟ إننا بمفهوم القرآن والسنة النبوية الشريفة نرى أن الإسلام الذي أنزله
ربنا على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وكما فهمه الصحابة والسلف الصالح،
هو الوسطية الكاملة، والاعتدال الكامل، فالتمسك الصحيح بالقرآن والسنة هو الاعتدال
قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) والوسط ليس بمفهوم المنطقة
الوسطى بين الإيمان والكفر، فهذا الوسط كفر.
وهنالك مفهوم آخر للاعتدال طرحته الحضارة الغربية, ومن سار في
فلكها من المنهزمين الذين كان أجدادهم مسلمين، وهو تصوير الإسلام المعتدل بأنه ذلك
الإسلام الذي لا يؤمن بالجهاد, ولا بالولاء والبراء، ويدعو إلى المشترك الإنساني,
وإلى التعايش مع الآخر, وإلى الديمقراطية, وإلى فصل الديني عن السياسي, وإلى السير
وفق معايير الاعتدال الأمريكي.
والظاهر أن الكاتب يتبنى هذا الطرح، لأنه في كل كلامه يدندن
على هذا الاتجاه ويعزف على هذا الوتر.
وهذا الاعتدال المزعوم الذي تعزف له الأوتار لا يمثل في ظل
الضوابط الشرعية إلا خروجاً عن الجادة وسيراً بالاتجاه المعاكس، وحكماً على
الإشارة الحمراء بأنها خضراء.
52-
قال الكاتب ص9 الفقرة التالثة أيضاَ: ومحاورة الجميع من إسلاميين وعروبيين
وأحرار... والتحالف مع الدول الممانعة وحركات التحرر.
التحالف مع
الدول الممانعة. وكما هو معلوم فإن المقصود من دول الممانعة الآن بمصطلح
الغوغائيين وبمصطلح الكاتب وأمثاله سوريا وإيران. فإذا كان وحسب تعبير الكاتب أن
ليس له ولجماعته وزن، ويرى أن النظام يسعى إلى تفتيت ما بقي فكيف يتحالف وعلى أي
أساس يتحالف، وما هي الأهداف من هذا التحالف؟
ثم لنفرض أن له
وزناً. فهل يجوز التحالف مع المشركين. والتحالف هو التناصر. فعن عروة بن الزبير عن
عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنا لا نستعين بمشرك) . قال الشيخ
الألباني: صحيح.([1])
وفي صحيح مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدالله بن
نمير وأبو أسامة عن زكرياء عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جبير بن مطعم قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم
يزده الإسلام إلا شدة([2]).
ثم نسخت عهود وأحلاف الجاهلية قال تعالى: (بَرَاءَةٌ مِنْ
اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1)
فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ
مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنْ
اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ
بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ
الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ
أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا
لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ
فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة: ١ - ٥
وما هي أهداف هذا التحالف واستراتجيته؟ ومن سيقود التحالف
وإلى أين؟ والمتحالفون أقران، فهل ثقل الكاتب ومن يؤيده في رأيه يعادل ثقل إيران
في المنطقة مثلاً؟.
ثم التحالف هو ولاء
بين المتحالفين فهل يعلم الكاتب معنى الولاء والبراء ولمن يكون الولاء وممن يكون
البراء؟
لقد دعا الكاتب إلى موالاة النظام النصيري وغيره من خلال
النقاط الآتية:
·
الدعوة إلى العودة إلى
سوريا والعمل تحت حكم النظام والاعتراف به وأننا كنا مخطئين.
·
مراجعة كل المسلمات التي
تكفر أوتشكك أو تخون أو تدين النظام.
·
البحث عن المواقف المشتركة.
·
نفي الخيانة والطائفية
والعمالة عن النظام.
·
الدعوة إلى تصحيح المواقف
من النظام وكأننا نحن المجرمون المخطئون.
·
نفي تنسيق النظام مع أمريكا
وإسرائيل.
·
عدم انتقاد النظام في أي
شيء بل الثناء عليه.
·
المدافعة عن النظام بحجة
[أن الملاحظات التي عليه هي على سائر الأنظمة].
·
وأخيراً الدعوة إلى التحالف
مع النظام
وهذه النقاط في مجملها تُعَدُّ ولاءً للنظام.
وهذه دعوة تضاد وتصادم أمر الله عزَّ وجلَّ. فبينما يدعونا
الله تبارك وتعالى للبراء من الكفرة وعدم توليهم يدعونا الكاتب إلى موالاتهم
وموادتهم.
الولاء لغة:
قال في اللسان: الوَلايةُ والولاية النُّصرة. يقال:هم علـى
وَلايةٍ أَي: مـجتمعون فـي النُّصرة. قال ابن بري: وقرئ ما لكم من ولايَتِهم من
شيء بالفتح والكسر، وهي بمعنى النُّصْرة؛. التهذيب: قوله تعالـى: (وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) الأنفال: ٧٢ قال: و الوِلايةُ على الإِيمان واجبة، المؤمنون
بعضُهم أَولياء بعض.
قال ابن الأَعرابي: ابن العم مَوْلىً، وابن الأُخت مولى،
والجارُ والشريكُ والحَلِيف؛ وقال الجعدي:
مَوالِـيَ حِلْفٍ لا
مَوالـي قَرابةٍ ولكنْ
قَطِيناً يَسْأَلونَ الأَتاوِيا
يقول: هم حُلَفاء لا أَبناء عم؛..والحَلِيفُ عند العرب
مَوْلىً،..قال: وهو اسم يقع على جماعة كثـيرة فهو: الرَّبُّ والمالِك والسَّيِّدُ
والمُنْعِم والمُعْتِقُ والنَّاصِر والمُحِبُّ والتَّابع والجارُ وابن العَم
والحَلِـيفُ والعَقِـيدُ والصِّهْرُ والعَبْدُ والمُعْتَقُ والمُنْعَمُ عليه،
فمختصر الولاء لغة: { التناصر أو الحب أو التحالف أو الاتباع }
البراء لغة:
أَنا مِنكَ بَراء. جاء في التنزيل العزيز: (إِنَّنِي بَرَاءٌ
مِمَّا تَعْبُدُونَ) الزخرف:
٢٦. و تَبَرَّأْتُ من كذا وأَنا بَراءٌ مِنهُ وخَلاءٌ، لا يُثَنَّى
ولا يجمَع، لأَنه مصدَرٌ فـي الأَصْل، مِثل سَمِعَ سَمَاعاً، فإِذا قلت: أَنا
بَرِيءٌ مِنهُ وخَلِيٌّ منه ثنَّيت وجَمَعْت وأَنَّثْت. ولغةُ تميمٍ وغيرهم مِن
العَرَب: أَنا بَرِيءٌ. وفـي غيرِ موضعٍ من القرآن: إِني بَرِيءٌ... وفي التنزيل
العزيز: قال تعالى: (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) قال الأَزهري: والعَربُ تقول: نـحنُ مِنكَ
البَراءُ والـخَلاءُ، والواحِد والإثنان والجْمعُ مِنَ المذكرَّ والمؤَنث يُقال:
بَراءٌ لأَنهُ مصْدَر. ابنُ الأَعرابي: بَرِىءَ إِذا تَخَلَّصَ، و بَرِىءَ إِذا
تَنَزَّهَ وتباعَدَ.
ومختصر البراء لغة: {
هو التباعد والتخلص والتنزه والإنذار } أي: المجافاة وإبداء العداوة.
الولاء بالاصطلاح الشرعي:
قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ
الْمُنكَرِ) التوبة:
٧١ وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ
آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ) المائدة: ٥٦ وقال تعالى: (لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ
الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً
وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) آل عمران: ٢٨
وقال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ
جَمِيعاً) النساء: ١٣٩
قال سيد رحمه الله في الظلال: يحسن أن نبين أولاً معنى
الولاية التي ينهى الله الذين آمنوا أن تكون بينهم وبين اليهود والنصارى.. إنها
تعني التناصر والتحالف معهم، ولا تتعلق بمعنى اتباعهم في دينهم، فبعيد جداً أن
يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين إنما هو ولاء
التحالف والتناصر([3]).
وفي قوله تعالى: (فإنه منهم) قال: فإنه إذا كان اليهود
والنصارى بعضهم أولياء بعض فإنه لا يتولاهم إلا من هو منهم. والفرد الذي يتولاهم
من الصف الإسلامي يخلع نفسه من الصف، ويخلع عن نفسه صفة هذا الصف (الإسلام) وينضم
إلى الصف الآخر([4]).
فما يمكن أن يمنح المسلم ولاءه لليهود والنصارى ـ وبعضهم
أولياء بعض ـ ثم يبقى له إسلامه وإيمانه، وتبقى له عضويته في الصف المسلم، الذي
يتولى الله ورسوله والذين آمنوا أ- هـ.
[والولاء فرض وواجب بين المسلمين, وحرام ويخرج صاحبه من الملة
إذا والى المشركين, والبراء محرم بين المسلمين, بإطلاقه، وواجب بين المسلمين
والمشركين، فمن يوالي الكفار فهو كافر.]
بل الولاء للمؤمنين, والعداء للكافرين؛ أصل من أصول الإيمان,
ومن لوازم كلمة الإخلاص وشهادة التوحيد, التي من أجلها شهرت السيوف, وقسم الناس
إلى معسكرين, معسكر للجنة, ومعسكر للجحيم, وهي كلمة [لا إله إلا الله].
فهناك دائرتان لا غير؛ دائرة الإيمان, ودائرة الكفر, ومن أراد
أن يدخل دائرة الإيمان؛ فلا بد أن يخرج من دائرة الكفر, ويعاديها, ولا يقبل بأي
حال أن يضع الإنسان قدماً هنا وقدماً هناك, قال الله تعالى في محكم التنزيل:
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ
كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ
يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ
فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا
لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً) النساء: ٩١ وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ
اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ
فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا
وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ
مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ
اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة: ٢٣ – ٢٤
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: { فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ الأعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ
عزَّ وجلَّ؟قَالَ قَائِلٌ: الصَّلاةُ وَالزَّكَاةُ وَقَالَ قَائِلٌ: الْجِهَادُ
قَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الأعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ الْحُبُّ فِي اللَّهِ
وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ }([5]).
وقال البخاري: بَاب قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ
وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ... وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ
وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الإيمَانِ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ
فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عزَّ وجلَّ }([6]).
عَنْ أَبِي نُخَيْلَةَ الْبَجَلِيِّ قَالَ: قَالَ جَرِيرٌ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُبَايِعُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ
قَالَ: {أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ
الزَّكَاةَ وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ }([7]).
فمن عقد الولاء والبراء، والمحبة والمعاداة, في الله؛ فهو عبد
لله,.. ومن عقد الولاء والبراء, في غير الله U؛ فهو عبد لهذا الغير, أياً كان هذا
الغير,.. وسواء أقر بعبادته له من دون الله, أم أنه لم يقر.
قال الله تعالى في الحديث القدسي:{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلا
أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ }([8]).
وسنسوق الأدلة من القرآن والسنة وأقوال العلماء على كفر أولئك
الذين يوالون أعداء الله:
الدليل الأول: قال الله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ
الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى
اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ
الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِير) البقرة: ١٢٠
قال ابن كثير في تفسير الآية: [ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي
جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير: فيه تهديد, ووعيد شديد للأمة, عن
اتباع طرائق اليهود, والنصارى, بعد ما علموا من القرآن والسنة عياذاً بالله من
ذلك, فإن الخطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم , والأمر لأمته, وقد استدلَّ كثير
من الفقهاء, بقوله حتى تتبع ملتهم: حيث إفراد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة,
كقوله تعالى: لكم دينكم ولي دين]([9]).
وقال الشوكاني في تفسير الآية: [وفي هذه الآية من الوعيد
الشديد الذي ترجف له القلوب, وتتصدع منه الأفئدة, ما يوجب على أهل العلم؛
الحاملين لحجج الله سبحانه, والقائمين ببيان شرائعه, ترك الدهان لأهل البدع,
المتمذهبين بمذاهب السوء, التاركين للعمل بالكتاب والسنة, المؤثرين لمحض الرأي
عليهما, فإن غالب هؤلاء؛ وإن أظهر قبولاً وأبان من أخلاقه ليناً؛ لا يرضيه إلا
اتباع بدعته, والدخول في مداخله, والوقوع في حبائله, فإن فعل العالم ذلك بعد أن
علمه الله من العلم ما يستفيد به أن هدى الله هو ما في كتابه وسنة رسوله, لا ما هم
عليه من تلك البدع؛ التي هي ضلالة محضة, وجهالة بينة, ورأي منهار, وتقليد على شفا
جرف هار, فهو إذ ذاك ما له من الله من ولي ولا نصير, ومن كان كذلك, فهو مخذول لا
محالة, وهالك بلا شك ولا شبهة]([10]).
إذا كان هذا الوعيد برأي الشوكاني لمن يحاول إرضاء أهل البدع,
فكيف بمن يريد التحالف مع النصيريين والدخول تحت طاعاتهم وعلى وفق قوانينهم
وتشريعاتهم والتزامهم بالمنظمات الدولية مثل اليونيسكو واليونسيف والمحكمة الدولية
ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة, وكل تشريعات هذه المؤسسات يهودية
نصرانية؟
الدليل الثاني: قال الله تعالى: (لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ
الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) آل
عمران: ٢٨ قال القرطبي في تفسيره:[فيه مسألتان الأولى: قال
ابن عباس: نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار فيتخذوهم أولياء, ومثله (لا تتخذوا
بطانة من دونكم), وهناك يأتي هذا المعنى, ومعنى (فليس من الله في شيء), أي: فليس
من حزب الله, ولا من أوليائه في شيء]([11]).
وقال ابن كثير في تفسيره:[نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين؛
أن يوالوا الكافرين, وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين, ثم
توعد على ذلك, فقال: ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء, أي: ومن يرتكب نهي الله في
هذا فقد برئ من الله, ([12]).
فهذا الإمام ابن كثير يعلن أن الله يتبرأ ممن يتخذ المشركين
أولياء ولكن الكاتب يريد موالاة المشركين, والغمز من المسلمين. من خلال اللمز
بالمجاهدين والصحيحين والدعوة إلى شركيات مأتم الحسين.
الدليل الثالث:
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )المائدة:
٥١ قال القرطبي:[هذا الحكم باق
إلى يوم القيامة, في قطع المولاة وقد قال تعالى:
(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) وقال تعالى: في آل عمران (لا
تتخذوا بطانة من دونكم) وقد مضى القول فيه وقيل إن معنى (بعضهم أولياء بعض), أي:
في النصرة, ومن (يتولهم منكم فإنه منهم) شرط وجوابه أي لأنه قد خالف الله تعالى
ورسوله, كما خالفوا ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم, ووجبت له النار كما وجبت لهم
فصار منهم أي: من أصحابهم]([13]).
وقال البغوي:[(ومن يتولهم منكم), فيوافقهم, ويعينهم, (فإنه
منهم), (إن الله لا يهدي القوم الظالمين)]([14]).
الدليل الرابع:
قال الله تعالى: (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ
أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) المائدة:
٨٠ - ٨١
قال ابن كثير: [وقوله تعالى ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي
وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء. أي: لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسول والقرآن؛
لما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين]([15]).
وقال أبو السعود:[ ولو كانوا أي: الذين يتولون المشركين
يؤمنون بالله والنبي, أي نبيهم وما أنزل إليه من الكتاب, أو لو كان المنافقون
يؤمنون بالله ونبينا إيماناً صحيحاً؛ ما اتخذوهم أي: المشركين أو اليهود أولياء,
فإن الإيمان بما ذكر, وازع عن توليهم قطعاً, ولكن كثيراً منهم فاسقون, خارجون عن
الدين, والإيمان بالله, ونبيهم, وكتابهم, أو متمردون في النفاق, مفرطون فيه]([16]).
وقال البغوي: [ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي محمد صلى الله
عليه وسلم, وما أنزل إليه يعني القرآن, ما اتخذوهم يعني الكفار أولياء, ولكن
كثيراً منهم فاسقون. أي: خارجون عن أمر الله سبحانه وتعالى]([17]).
فنرى صيغة القرآن الكريم وأقوال المفسرين؛ استنكارية تعجبية
تطلق الأمر وكأنه من البدهيات المسلمات التي لا تحتاج إلى برهان وحوار عند
العقلاء, فالمؤمن بالله جل جلاله وبالرسول صلى الله عليه وسلم , لا يمكن أن يتخذ
الكفار أولياء, والعكس أن من يتخذهم أولياء لا يمكن أن يُعَدَّ من المؤمنين.
الدليل الخامس:
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ
عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)
التوبة 23
قال القرطبي:[قوله تعالى: ومن يتولهم منكم
فأولئك هم الظالمون قال ابن عباس: هو مشرك مثلهم]([18]).
فإذا كان الذي يتولى أبويه أو إخوانه من الكفار حكمه حكمهم في
الشرك؛ فكيف بمن يتولى النصيريين والبعثيين واللادينيين وآيات الشيعة الكفار؟! هل
قرأ هؤلاء الذين يريدون أن يتحالفوا مع النظام النصيري وغيره من الكفرة هذه
الآيات؟! نعم ولكن الله يقول: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ
أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ
تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
الأعراف: ١٧٦ وقال سبحانه وتعالى:
(أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ
يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) الجاثية: ٢٣
نحن لا نعتب على العوام ولكن هؤلاء الذين قرؤوا القرآن,
والحديث, وكتب الفقه والتفسير, ويحلون أسماءهم بلقب (دكتور) أو(داعية) أو (مفكر)
ماذا نقول لهم؟ أكل هذا خوف على الدنيا الزائلة؟! أيدمر الدين ويوالى الكفار ويحكم
بقوانين الكفر وتسلم البلاد والعباد للكفر. والشيطان يوحي لكم أن هذا أهون
الضررين؟!! أي ضرر أعظم من تدمير الدين.
مالكم كيف تحكمون.
ونشرت مجلة المجاهد
(الصادرة عن الإخوان المسلمين) العدد الحادي عشر ذي الحجة 1410 هـ ص5:
لا يجتمعان في قلب أبداً. للسباعي
لا يجتمع حب الله وموالاة الظالمين في قلب عالم أبداً.
لا يجتمع حب الدين وموالاة المفسدين في قلب داعية أبداً.
لا يجتمع حب الحق وموالاة المبطلين في قلب مخلص أبداً.
لا يجتمع حب الرسول وموالاة أعدائه في قلب مسلم أبداً.([19])
والأدلة في هذا الباب كثيرة وأكتفي هنا بما جاء خشية
الإطالة.
يتبع
0 التعليقات:
إرسال تعليق