موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأربعاء، 20 مارس 2013

أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (107)


أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (107)
وطه حسين عينه عمارة رائداً للصحوة
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن طه حسين الذي عينه عمارة رائداً للصحوة الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر:  (الجزيرة نت) 3/11/2010

 خامساً محاولة النيل من العلماء والمفسرين والمحدثين:
وبعد أن حاول طه النيل من القرآن والسّنة والنبي صلى الله عليه وسلم, ونبينا صلى الله عليه وسلم أسمى وأعلى من أن يَنال من شسع نعله صلى الله عليه وسلم فأر مثل طه, فشسع نعلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم من ملء الأرض من أمثال طه وأساتذته ومحبِّيه ومريديه ومحمد عمارة ورواده. أقول بعد هذا وبعد محاولته النيل من الصحابة: يحاول طه النيل من المفسرين والمحدثين, ويعلن طه أن الشعر الجاهلي في كثرته الكاثرة موضوع, ولو أن الأمر بقي في دائرة الشعر لهان الخطب, إنما هو اتهام للرعيل الأول من المفسرين والمحدِّثين بالكذب والوضع فيقول:
[ ولا أضعف عن أن أعلن إليك, وإلى غيرك من القراء: أن ما تقرأه عليّ على أنه شعر امرئ القيس, أو طرفة, أو ابن كلثوم, أو عنترة ليس من هؤلاء الناس من شيء, وإنما هو نحل الرواة, أو اختلاق الأعراب, أو صنعة النحاة, أو تكلف القصاص, أو اختراع المفسرين والمحدثين ]([1]).
ويقول: [ فسينتهي بنا هذا البحث إلى أن هذا الشعر الذي يُنسب إلى امرئ القيس, أو إلى الأعشى, أو إلى غيرهما من الشعراء الجاهليين لا يمكن من الوجهة اللغوية والفنية أن يكون لهؤلاء الشعراء, ولا أن يكون قد قيل وأذيع قبل أن يظهر القرآن. نعم ! وسينتهي بنا هذا البحث إلى نتيجة غريبة, وهي أنه لا ينبغي أن يستشهد بهذا الشعر على تفسير القرآن وتأويل الحديث...أريد أن أقول: إن هذه الأشعار لا تثبت شيئاً, ولا تدل على شيء, ولا ينبغي أن تتخذ وسيلة إلى ما اتخذت إليه من علم القرآن والحديث, فهي إنما تكلفت, واخترعت اختراعاً؛ ليستشهد بها العلماء على ما كانوا يريدون أن يستشهدوا عليه ]([2]).
فطه بهذا قد رمى العلماء, والنحاة, والمفسرين, والمحدِّثين, وشرَّاح الحديث, واللُّغويين بالكذب والوضع, وهو الأحق بهذا الوصف وأجدر ولو كان طه في عهد من كتبوا الكتب في الرجال والجرح والتعديل لكتبوا أمام اسمه: إنه رجس أخبث وأنجس وأوكس وأدنس من روث حمار الدجال.

إن المحدِّثين هم الذين نقلوا لنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم الذين زكَّتهم الأمة وعلماء الجرح والتعديل والأئمة. فإذا كان كل هؤلاء كذبة وضاعين, إضافة إلى أن الصحابة -في نظره- أصحاب أهواء ومصالح فيعني هذا: أن هذا الدين الذي وصل إلينا عن طريق هؤلاء الكرام دين مشكوك فيه.
وهذا الذي يرمي إليه طه وأساتذته ومدرسته الماسونية, ورفاقه في حزب الدستوريين, ورواد الغرفة السوداء ومن مهَّد لهم, ومن يعمل عندهم سمساراً لترويج بضاعتهم. وهذا هو الكفر والردة بعينها؛ بل هو حرب معلنة على الإسلام يجب على المسلمين مواجهتها والقضاء عليها. وهؤلاء أسوأ حالاً من كعب بن الأشرف, وابن أبي الحقيق وأمثالهما.حيث إن أولئك كانوا كفرة مستعلنين بكفرهم, بينما هؤلاء يدَّعون الإسلام؛ بل ويكتبون في السيرة, ويفعلون أضعاف ما كان يفعل أولئك لإضعاف الإسلام. أضف إلى ذلك أن هناك من ينصِّب نفسه دلاّلاً على هذا الكفر, يريد أن يغلِّفه بثوب جديد, ويقدم صاحبه ليس كتائب؛ بل كمجدد, وباعث نهضة.

أرأيتم مثل هذا التضليل؟ ! نعم. هذا الذي يريده محمد عمارة, ومن يمهِّد له, ويساعده ويلمِّعه, ويسمح له بنشر غثائه ثم يقوم طه بحزم أمره فيقول:

[ نعم يجب حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى عواطفنا القومية, وكل مشخصاتها, وأن ننسى عواطفنا الدينية, وكل ما يتصل بها ]([3]).
فإذا نسينا الإسلام والعروبة كما يريد طه. فماذا بقي؟
لم يبق إلا الكفر والاستغراب, وتعليمات الماسونية والصهيونية. والأهم من ذلك يبقى على الأقل عند طه تعليمات سادته من المستشرقين. لقد خاب وسيخيب فأل طه وحزبه, فلن ينسى المسلمون عواطفهم نحو دينهم, ولن ينسوا انتماءهم إلى هذا الدين, ولا إلى العروبة, وستبقى هذه الأمة والصالحون من أرض الكنانة شوكة في عيون المدرسة الماسونية وحزب طه, وجميع الذين باعوا أنفسهم بثمن بخس للدوائر الكفرية.
ويستمر طه في نفس السياق فيقول: [ أليس من الحق أن نتصور أن هؤلاء القصَّاص لم يكونوا يتحدَّثون إلى الناس فحسب؛ وإنما كان كل واحد منهم يشرف على طائفة غير قليلة من الرواة والملفِّقين, ومن النظَّام والمنسقين, حتى إذا استقام لهم مقدار من تلفيق أولئك, وتنسيق هؤلاء طبعوه بطابعهم, ونفخوا فيه من روحهم, وأذاعوه بين الناس...وأنت تدهش إذا رأيت هذه الكثرة الشعرية التي تنبث فيما بقي لنا من آثار القصاص, فلديك من سيرة ابن هشام وحدها دواوين من الشعر نظم بعضها حول غزوة بدر, وبعضها حول غزوة أحد, وبعضها في غير هاتين الغزوتين من المواقف والوقائع, وأضيف بعضه إلى حمزة, وبعضه إلى علي, وبعضه إلى حسان, وبعضه إلى كعب بن مالك ]([4]).
   فطه يظن أن ابن إسحاق والواقدي وابن هشام وغيرهم من السلف مثلَه ومثلَ علي عبد الرازق, وأحمد لطفي السيد, ومحمد حسين هيكل, يجتمعون في أوكار الاستشراق, فيأتي الأستاذ الأعظم المستشرق كازانوفا أو مارجليوث, أو غيره فيلقي عليهم تعليماته, ثم يذهبون صباحاً, فذاك يكتب في مجلة, وآخر في جريدة, وآخر يدَّعي تأليف كتاب, ورابع يلقي محاضرة من نفثات المستشرقين. وسيأتي قريباً -إن شاء الله- ما نثبت به أن جلَّ ما ادَّعى طه كتابته وتأليفه ما هو إلا حواشٍ على متون المستشرقين, كما فعل صديقه علي عبد الرازق أحد زوار الغرفة السوداء, وأوكار المستشرقين. ولكن الحق سيبقى, والباطل سيزول, وستبقى سيرة ابن هشام وسيرة ابن إسحاق, ومغازي الواقدي شموعاً تضيء الطريق, وسيجرف سيل التاريخ كتب طه وأمثاله إلى مزابله, ومرمى قمامته.  
ويتابع طه حملته على رموز الإسلام إلى أن يصل إلى الأزهر فيتكلم عن مناهج دراسة الأدب, ويثني ثناءً كبيراً على طريقة المستشرقين, ثم يقول:
[ كان بين هذين المذهبين مذهب ثالث مشوَّه رديء, كله شرٌّ, والخير كل الخير في أن يصرف عنه الأساتذة والطلاب صرفاً, وهو هذا المذهب الذي كان قائماً في مدرسة القضاء ودار العلوم ]([5]).
وبعد هذا الوصف لمنهج دار العلوم يقول: [ وعرف الأزهر الشريف شيئاً غريباً يقال له: أدب اللغة, هو شرٌّ ألف مرّة ومرّة مما عرفته دار العلوم, ومدرسة القضاء, وما رأيك في أدب يدرسه قوم لا صلة بينهم وبين الأدب, يقلِّدون فيه تقليداً, كما يقلِّدون في الفقه ]([6]).
ثم يريد صرف الطلبة ومحبِّي الأدب عن دار العلوم والأزهر إلى وسيلة إبليس آنذاك, وهي الصحافة التابعة للمحفل, والتي تنشر قمامة أوربا وفسقها وعهرها وفجورها, وباللغة العامِّية فيقول: [ فإذا شئت أن تلتمس الأدب العربي الذي لا يخلو من حياة وقوة ونشاط فالتمسه في الصحف اليومية وفي المجلات ]([7]).
ثم يدعو لإغلاق دار العلوم؛ لأن دار العلوم لا تأخذ بمناهج الأوربيين فيقول: [ أما أنا فأرى أن هذه الآثار تدل على أن هؤلاء الناس قد أفلسوا, وعلى أنهم أقصر باعاً, وأضيق ذراعاً من أن ينهضوا للغة العربية بحاجتها في بلد كمصر. نعم ! أفلسوا وأفلس معهم معهدهم العلمي الذي أنشئ لضرورة, ويجب أن يزول بعد أن زالت هذه الضرورة. أفلسوا, ولا بد لوزارة المعارف إذا كانت تقدِّر حاجة اللغة العربية من أن تلغي دار العلوم ]([8]).
فهو إذن يريد إلغاء دار العلوم تحقيقاً لرغبة المحفل؛ لأنه يجد في دار العلوم والأزهر ما يحفظ على الأمة لغتها -ولو بقدر ما- فلا بد من إزالته كخطوة في تدمير اللغة, والتي تشكل بدورها خطوة في تدمير الدين. وليكن طه حسين رأس حربة الكفر في هذا المجال.
وماذا ينقم طه من الأزهر ودار العلوم؟ !.
إنه يقول: [ إن مدرسة دار العلوم لا تعرف من الأدب الأوربي, ومن الحياة الأوربية إلا صوراً مشوهة, إن لم تضر فلن تنفع, وكيف تتصور أستاذاً للأدب العربي لم يُلِمّ, ولا يُنتظر أن يُلِمَّ بلغة أجنبية, ولا بأدب أجنبي.. وكيف تتصور أستاذاً للأدب العربي لا يُلِمّ, ولا ينتظر منه أن يُلِمّ بما انتهى إليه الفرنج من النتائج العلمية المختلفة حين درسوا تاريخ الشرق وآدابه ولغاته المختلفة؟ ! وإنما يُلتمس العلم عند هؤلاء الناس, ولابد من التماسه عندهم ]([9]).
ثم هناك مبرر آخر عند طه لإلغاء دار العلوم والأزهر. وهو أن أساتذة هذين المعهدين لا يقرأون التوراة والأناجيل فيقول: [ وهل هناك سبيل إلى أن يدرس الأدب العربي دون أن تفهم التوراة والأناجيل؟ وكيف السبيل إلى درس الأدب العربي إذا لم تدرس اللغة اليونانية واللاتينية وآدابهما؟ ولم نتبين مقدار ما كان لحضارة اليونان والرومان من تأثير في أدبنا وفلسفتنا وعلمنا...وهل تظن أن من شيوخ الأدب في مصر من قرأ إلياذة هوميروس وإينيادة فرجيل, فضلاً عن تمثيل الممثلين وغناء المغنين ]([10]).
ثم يقرر أن دراسة الأدب الأجنبي [ لا يستطيع أن يستغني عنه كل إنسان يريد أن يعيش عيشة راقية في بيئة راقية ]([11]).
وعندما يتكلم عن الأدب الأجنبي يتكلم بلفظ (آيات), ومعلوم أن مصطلح (آية) مختص بالقرآن الكريم. ولم يستخدم في تاريخنا إلا لهذا, ولكن طه يقول:
[ وكيف السبيل إلى درس الأدب العربي إذا كان الطالب يجهل كما يجهل طلابنا وشيوخنا آيات الأدب الأجنبي قديمه وحديثه, هذه الآيات التي أثرت في حياة الإنسانية كلها...ولقد يكون من العسير أن تجد في مصر شيخاً من شيوخ الأدب قد قرأ هوميروس, أو سوفوكل, أو أرسطوفان, فضلاً عن شكسبير, أو تلستوي, أو إبسن, ذلك عسير إن لم يكن مستحيلاً ]([12]).
إذن فهو لهذا ناقم على الأزهر ودار العلوم, لأنهم لم يدرُسوا ولم يدرِّسوا التوراة والأناجيل وهوميروس و و...وغيره من معبودي طه حسين, ولم يتهودوا أويتنصروا, أويكفروا كما كفر. لذا فهو ناقم أشدَّ النقمة.
ثم يتهكم بشيخ الأزهر فيقول:[ ثم شيخ الأزهر, وما شيخ الأزهر؟: إن له بركات ظاهرة, وأخرى خفيَّة. إن له مساعي واضحة, وأخرى غامضة. إنه يستطيع أن يقرأ العِدِّية الكبرى, ومن ورائها الدعاء المشهور. إن له عند الأولياء وسائل ]([13]).
ويقول: [ ما دامت الأيام السود قد جعلت رأي الشيخ الظواهري فوق العلم وفوق الحرية والدستور والقانون؛ فمن الحق على هذا (البابا) أن لا يحكم رعاياه البائسين حكم قراقوش. وأن لا يقضي في أمر حتى يفهم ويتبصر, وأنا أعلم أن عمامة الشيخ تضيق بفهم هذه الكتب العلمية الخالصة التي يطبعها في مصر جماعة من المصريين والأجانب الشرقيين والغربيين ]([14]).
وبعد أن ألغيت المحاكم الشرعية اعتبر طه أن هذه الخطوة الأولى, وكتب أربع مقالات أسماها (الخطوة الثانية), يطالب فيها بإلغاء الأزهر. وكان المقال الأول بجريدة الجمهورية21/10/1955م, دعا فيه إلى توحيد التعليم على الأساس المدني, وجعل الأزهر كلية لاهوتية للدراسات الدينية, ثم أردفه بمقال آخر2/11/1955, وثالثٍ 6/11/1955, ورابعٍ 27/11/1955م.



[1] - في الأدب الجاهلي, ص / 65.
[2] - المصدر السابق، ص / 67.
[3] - المصدر السابق, ص / 68.
[4] - المصدر السابق, ص / 152.
[5] - المصدر السابق, ص/ 7.
[6] - المصدر السابق, ص / 11.
[7] - المصدر السابق, ص / 12.
[8] - المصدر السابق, ص / 16.
[9] - المصدر السابق, ص / 16.
[10] - المصدر السابق, ص / 17.
[11] - المصدر السابق, ص / 18.
[12] - المصدر السابق, ص / 19.
[13] - مجلة الوادي 21 نوفمبر 1934.
[14] - السياسة - 28 / 6 / 1932.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.