سقوط الأخوان في منظومة الطغيان (23)
رضوان محمود نموس
الملاحظات وبعض الردود
53- قال محمد سعيد حوى ومن ورائه الإخوان ص9 الفقرة
الثالثة أيضاَ: وعدم السماح للاختلاف في التوجهات والعقائد الدينية الخاصة لكل فئة
أن تكون سببا في الفرقة السياسية والمواقف العملية).
فلا يسمح الكاتب للعقائد أن تكون سبباً للخلاف. فإذا كانت
العقيدة ليست سببا للخلاف فما هو السبب؟ إذا كان الإيمان والكفر ليسا سبباً للخلاف
فما هو السبب؟ إذا كان طلب الجنة وطلب جهنم ليسا سبباً للخلاف فما هو السبب؟ إذا
كانت عبادة الله وعبادة الأشخاص وعبادة الشيطان وعبادة الهوى ليست أسباباً للخلاف
فما هو السبب عند الكاتب؟ لست أدري ما يمكن أن يكون سبباً للاختلاف إذا كانت العقيدة
ليست سبباً؟
54-
قال الكاتب ص9 الفقرة الثالثة أيضاَ: والتعايش الإنساني والسعي لتحقيق الأهداف
المشتركة).
إن الدعوة إلى التعايش الإنساني والسعي إلى تحقيق الأهداف
المشتركة لا بد أن يبنى على ضوابط، فما هي الضوابط لذلك؟ هل هي الشريعة الإسلامية؟
إذا كان الجواب نعم، فما هو المشترك بين نظام تنص قوانينه على إعدام من ينتسب
لتنظيم وحركة الإخوان؟ وما هو المشترك بين جماعة ترفع شعار العلمانية وجماعة تقوم
على أسس دينية؟ وما هو المشترك بين من يؤله البشر وبين من يعتقد أن لا إله إلا
الله؟
وإذا كان الضابط ضابطاً غير الشريعة الإسلامية فهل نحن مدعوون
إلى التخلي عن ديننا ومدعوون لأن نصبح جماعة علمانية تلبس عباءة مكتوب عليها حلال.
إن دعوة الكاتب هذه دعوة عن غير فكر وروية، وترديد لشعارات عن غير نظر وتأمل، يدل
رنين عباراتها عن خواء معانيها من كل ما يتعلق بالعمل الإسلامي المنظم، بل هي
الماسونية بشكلها ومضمونها وَأَنسَنَتِهَا المزعومة.
وأختصر هنا مقالاً للكاتب الأستاذ الدكتور محمد يحيى نشر في
مجلة البيان قال فيه:
الإنسانية: يتسم هذا المصطلح بدرجة من الغموض والعمومية؛
لتوزُّعه بين مجالات عدة. لكننا طبعاً نهتم بالمجال الفلسفي الفكري منه.
أما في ميدان الفكر فكانت النزعة الإنسانية تعني الاحتفاء
بالبشر وشؤونهم الدنيوية في مقابل الانكباب السابق على الأمور الدينية والتحلق
حولها وإعلائها.
وجاءت حركة التنوير لتعمق تَوَجُّهَ العقلانية هذا، ولترسِّخ
النزعة الإنسانية بما وجهته إلى الدين المسيحي من ضربات قاصمة مست عقائده وهدمتها؛
مما جعل الساحة خالية من أي مصدر للقيم والتوجيه يمكن تسميته أو وصفه بالوحي
الإلهي،، ولم يتبقَّ إلا الإنسان وعقله مصدراً وحيداً للعناية والاهتمام، ولم يتبق
سوى الدنيا مجالاً وحيداً للاهتمام وبؤرة تتعلق بها الأفكار، وميداناً يسعى الجميع
لتحويله إلى جنة على الأرض بعد أن ضاع الإيمان بجنة في الآخرة.
وبهذا ارتبطت النزعة الإنسانية بالتدريج ليس فقط بالإقلال من
أهمية الدين ومكانته أو حتى بالعلمانية (الاتجاه الدنيوي)؛ وإنما أيضاً وفي نهاية
المطاف بالتوجه الإلحادي المفارق للدين. وليس من قبيل المصادفة أن جمعيات الملحدين
وروابطهم في الغرب أصبحت تعرف في العقود الأخيرة بروابط الإنسانيين في محاولة
لتجنب لفظ الإلحاد الذي ما زال يصدم المشاعر حتى في البلدان التي اعتمدت العلمانية
منذ عقود وسنين طويلة.
والنزعة الإنسانية عند طرحها في بلاد المسلمين في إطار عملية
النقل والترجمة تمر بعملية خداع وتمويه كبرى؛ فالذين يروِّجون لهذا المصطلح يوهمون
المتلقين بأنهم في الحقيقة ليسوا سوى مدافعين عن الإنسان والعقل، وهي أمور في صميم
جوهر الدين؛ أفلم يكرم الإسلام العقل والإنسان في آيات قرآنية عديدة؟
وهذه الخدعة تستخدم في تمرير العلمانية بحجة أن الاهتمام
بالدنيا وبالبشر الذي هو جوهر العلمانية (حسب المفهوم المموه لها) وهو أيضاً جوهر
الإسلام، وهذه الخدعة أو التمويه تستخدم ليس فقط لتسويغ النزعة الإنسانية في الفكر
الغربي (حسب تعريفها هنا فيما سبق) وإنما كذلك لتسويغ نزعات أخرى كالعقلانية (حسب
المفهوم المادي التشكيكي) والدنيوية ومما يتفرع عنهما، والمعنى الحقيقي للنزعة
الإنسانية في الفكر الغربي، الإعلاء المطلق لمفاهيم وتوجهات الدنيوية والعقلانية
المادية المتشككة، والإنسان المنفصل عن الوحي الإلهي وعن أي دين أو توجيه سماوي([1]).
54 - يقول الكاتب ص9 الفقرة 5 (رفع سقف المعارضة السياسية
السلمية من قبل قوى التحرر ضد أنظمتها المستبدة ولو أدى ذلك إلى السجون والشهادة
" ما دامت الحركة سلمية)
أقول: وقع الكاتب في هذه الفقرة بعدة طامات:
فحدد المعارضة بأنها سياسية سلمية.
ثم جعل المعارضة من قبل قوى التحرر.
أن تبقى المعارضة سلمية وشدد على سلميتها ولو أدى إلى السجن
والشهادة.
فعن المعارضة السلمية
أقول: فإما أن يكون الحاكم مسلماً, أو كافراً. ولا ثالث. مع إمكانية أن يكون ذلك
المسلم؛ ظالماً, أو فاسقاً؛ فإذا كان الحاكم مسلماً فالأصل السمع والطاعة بالمعروف
وضمن قاعدة (لا طاعة في معصية الله) ويناصح ويبين له الخطأ أو مخالفة الشرع, أما
إذا كان الأمر اجتهادياً ضمن ضوابط الاجتهاد الشرعي, فالأصل الطاعة. وهذا النوع من
الحكام ليس موجوداً في سوريا الآن. وأما إذا كان الحاكم كافراً كما هو الحال في سوريا
فالأصل عزله وقتاله إن كان هناك قدرة، أو الهجرة والإعداد بكلِّ صوره حسب القدرة
والاستطاعة (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ
الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ
دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) الأنفال: ٦٠ وتتوجب الهجرة على من خشيَ الفتنة
في دينه.
وهنا نرى أن الكاتب نسي دعواه العريضة إلى الجهاد والاستشهاد
والمقاومة؛ وانكفأ إلى مذهب غاندي بالمقاومة السلمية ورحم الله من قال:
هل لأن البعض ظنوا
شاهدوا اليوغا لديه |
صاحب العنزة ثائر
ونسوا عهر المقامر |
أو إلى مذهب جودت سعيد, وخالص جلبي وحنان اللحام في التنكب عن
طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ
عَلَى الظَّالِمِينَ) البقرة:
١٩٣ والدعوة لمذهب ابن آدم
الأول:قال تعالى: (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا
بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ) المائدة: ٢٨
أما قول الكاتب (من قبل قوى التحرر) فلا أدري لماذا يحرص
الكاتب على عدم استخدام المصطلحات الإسلامية والحرص على مصطلحات الكفار. ومن هي
قوى التحرر؟! هل هي في نيكاراغوا أو السلفادور أو التاميل......الخ.
نحن نتكلم على قضية محددة: وهي (سوريا ذلك البلد الإسلامي
الذي استولى عليه الكفار المرتدون) وكيف نحرر هذا البلد من ربقة الخضوع للحكومات
الكافرة. التي تحكم بغير ما أنزل الله، وتوالي أعداء الله , وتنشر الكفر بالبلاد,
وتفتن العباد.
والطريق في مثل هذا واضحة لاعوج فيها ولا أمت، وهي الإعداد
فالجهاد وليست المعارضة الغاندية أو مذهب جودت سعيد.
ثم إذا كانت الحكومة كافرة، وهي كذلك، فهل يجوز شرعاً إسلام
النفس أو الغير لها ليسجن أو يموت في السجون؟! من أجل المعارضة السلمية من قبل قوى
التحرر. وهل هذا يسمى شهادة؟! والشهادة كما عرفها لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ويعرفها المسلمون كافة هي (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا).
عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى
الله عليه وسلم، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ
فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً. فَرَفَعَ إِلَيْهِ
رَأْسَهُ فَقَالَ « مَنْ قَاتَلَ
لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ » ([2]).
لماذا هذه التناقضات في وريقات لا يبلغ عددهن العشر ورقات.
فأين اللقاء مع الشيعة والحزبيين والعروبيين على الجهاد. والدعوة إلى الاستشهاد؟!!
وكيف يجمع مع المقاومة السلمية ومذهب غاندي.
55
- يقول الكاتب ص9 في الفقرة السادسة (تقديم فكر متكامل متوازن شمولي).
أقول: أين الشمولية والكاتب يريد إبعاد الدين عن السياسة.
والسياسة هي تنظيم علاقات المجتمع داخلياً وخارجياً حرباً وسلماً ومالاً واجتماعاً
واقتصاداً وتعليماً وتربيةً وووو....الخ. وهو يريد إبعاد الدين عن هذا ثم يقول
شمولية. أي فصل وأي شمولية، هل شمولية وحدة الوجود؟ أم شمولية الحلول والاتحاد؟ أي
شمولية بعد الطرق والإلحاح مراراً وتكراراً على فصل الديني عن السياسي وأي تناقض.!
ثم يقول تقديم فكر. والأصل ليس استحداث فكر شمولي وتقديمه بل
الأصل العودة إلى الكتاب والسنة المصدر الخالد للتشريع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،
والذي ضمن الإجابة عن كل ما هو موجود وما يمكن أن يجد. وأي فكر شمولي يريد الكاتب
تقديمه غير الكتاب والسنة التي يحاول التشكيك بها، وأي قوى تحررية يريد أن يعمل
معها؟!
56- ثم يتابع في
الفقرة نفسها: (إجابات الإسلام
المعتمدة أساسا على القرآن وما لا خلاف على صحته في السنة).
وهنا نغمة القرآنيين أو الشيعة. لماذا على القرآن فقط؟ ولم
يقل ما صحَّ من السنة. إنما قال ما لا خلاف على صحته. فالسنة الصحيحة مبينة واضحة
عند أهل السنة، فلا يوجد أحاديث تذكر اختلف المحدثون من أهل الشأن والعلم في
صحتها، وبالتالي فليس القيد المطروح (ما لا خلاف على صحته) وبحسب السياق في ورقة
الكاتب، إلا أن يكون الخلاف بين السنة وغيرهم كالشيعة مثلاً، فإذا كان الأمر مع
هؤلاء وأمثالهم فلا لقاء أصلاً، فسنتهم غير سنة المسلمين، إذ يرون أقوال أئمتهم
كما مر معنا سنة، بل أقوال الأبواب في الغيبة الصغرى نقلاً عن الطفل الذي ذهب إلى
السرداب -كما زعموا- سنة، بل من رآه في المنام بعد أن أكل حامضاً وكلمه بحديث فهو
سنة، في حين يرون أن الصحابة الذين نقلوا السنة قد ارتدوا، وأن البخاري ومسلم ومن
دَوَّنَ السنة كذابون، إلى أي نتيجة نصل مع هؤلاء وأي –لا خلاف- يريده الكاتب.
يتبع
0 التعليقات:
إرسال تعليق