أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (111)
وطه حسين عينه عمارة
رائداً للصحوة
رضوان
محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن طه حسين الذي عينه عمارة رائداً للصحوة الإسلامية
بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان
والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل.
عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله
لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما
نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
تاسعاً: انتهازية طه
حسين:
لم يكن طه صاحب فكر حرٍّ, وعقيدة صحيحة يوماً
ما, لأن الفكر الحرّ والعقيدة الصحيحة تتطلب أن يكون الإنسان حراً, لا يشعر
بالعبودية إلا لله, وطه كان عبداً لكل من كان قوياً, فلذلك كان يغيِّر انتماءه
بحسب القوة والضعف. فهو تارة مع الأحرار الدستوريين, وأخرى مع حزب الاتحاد, وثالثة
مع سعد في حزب الوفد, ورابعة مع الملك, وخامسة مع ثورة يوليو, ودائماً مع الغرب.
وهو
في كل الحالات يمارس الكفر والزندقة. ويعادي الإيمان والتدين والفضيلة. ويشيع
الكفر والعمالة والفاحشة والرذيلة. وهو يفعل أفعاله عن سابق إصرار وتصميم. ومع ذلك
يسمى اسماً مزوَّرا (عميد الأدب العربي ورائد من رواد النهضة) .
فطه
قد ابتدأ حياته في هذه المهنة بحزب الأمة مع أستاذه أحمد لطفي السيد, ثم انضم معه
إلى حزب الأحرار الدستوريين, الذي تشكل على رفاة حزب الأمة. ودافع عن علي عبد
الرازق وكتابه المشؤوم (الإسلام وأصول الحكم), كما دافع الدستوريون عنه, وعن كتابه
المشؤوم الآخر (في الشعر الجاهلي). وكان يكتب ما يمليه عليه عبد الخالق ثروت باشا,
ومحمد محمود باشا.
وحزب الأحرار كما هو شأن حزب الأمة أنشأهما الإنجليز بقيادة كرومر, كما
سيأتي لاحقاً إن شاء الله. وهاجم طه الوفدَ وسعدَ زغلول بأكثر من ثلاثين مقال من
عناوينها (طاغية, دجالون, الأقطاب, أنصاف الأقطاب, أنصاف الأبطال...) وقد كتب
سكرتيره (ألبير برزان) عن كيفية مجيء التعليمات لطه. وكيف كان يكتب([1]).
وكتب
طه في السياسة مقالاً بعنوان [ ضعاف: سعد وأصحابه ضعاف يخافون الحق, ويفزعون منه,
ويذعرون من النقد, ويضطربون له. ضعاف لا يستطيعون أن ينهضوا للحجة بالحجة, ولا
يستطيعون أن يقرعوا الدليل بالدليل ].
وكتب
مقالاً آخر بعنوان: بغاة: [ بغاة وأقسم لقد بغى سعد وأصحابه على إخوانهم, فأسرفوا
في البغي, وأقسم لقد طغى سعد وأصحابه على إخوانهم, فأسرفوا الطغيان, وأقسم لقد حق
على كل مصري أن ينهض لهذه الطائفة الباغية الطاغية فيردها إلى طورها وينزلها
منزلها ]([2]).
ولما
كان العقاد من حزب الوفد هاجمه هجوماً شنيعاً فقال:
[ ذلك لأن الأستاذ عباس محمود العقاد من أصحاب الألوان السياسية الظاهرة.
وأي لون سياسي ! وأي ظهور ! هو سعديّ مغرق في السعدية, وهو كاتب من كتَّاب البلاغ,
وإذاً فعاداتنا وآدابنا السياسية تقتضي أن نسلك معه طريقاً غير الطريق التي نسلكها
مع المحايدين...فأنا أمقت المذهب السياسي للأستاذ عباس العقاد مقتاً شديداً
وأزدريه ازدراءً, ولا أقرأ للأستاذ العقاد فصلاً من هذه الفصول السياسية التي
يكتبها في البلاغ. ولن أقرأ منها فصلاً؛ بل لم أقرأ من فصولها الأدبية فصلاً في
البلاغ. ولولا أنها جمعت في كتاب وانفصلت عن هذا السخف السياسي المنكر الذي تنشره
هذه الصحيفة السخيفة لما قرأتها ولا نظرت فيها, ولكني رأيت أمامي كتاباً في الأدب
فنظرت فيه, وقرأت بعض فصوله, ورأيت أنه خليق أن ينقد...وسيكون هذا النقض وهذا
الإنصاف في جريدة السياسة التي تخاصم السعديين, وتزدري سياستهم, لأن للسياسة إلى جانب
مذهبها السياسي الحزبي مذهباً آخر تقدِّسه, وتجدّ في تقديسه, ولا يفهمه غيرها من
الصحف, وهو حرية الرأي مهما يكن صاحبه, ومهما يكن لونه السياسي ]([3]).
ثم
ترك جريدة السياسة وحزب الأحرار إلى جريدة حزب الاتحاد, الذي أنشأه الملك فؤاد,
وفي العدد الأول من الجريدة قال طه:
[
مساكين سعد وأصحابه لأنهم يدورون في دائرة عرفها الناس, وأصبحوا لا يخفى عليهم من
أمرهم شيء. مساكين لأنهم لا يعرضون لفنٍّ من فنون الحيلة إلا سمعوا الناس يصيحون
بهم من كل وجه: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. وأمر سعد لا يقف عند هذا الحد فهو
ذليل, ولكنه متكبر, وهو يلجأ إلى العرش, ولكنه يناهض العرش.. ]([4]).
ثم
لم يلبث طه حسين أن ترك حزب الاتحاد, ورجع ثانية إلى حزب الأحرار الدستوريين, ثم
تركهم إلى حزب الوفد, وكتب في جريدتهم "كوكب الشرق" مقالاً عن سعد
بعنوان (عظيم) قال فيه:
[
رحم الله سعداً. لقد أيقظ مصر ثم عاهدها على أنه سيحول بينها وبين النوم عن الحق,
ولقد وفَّى لها بعهده حياً, وهو يوفي لها بوعده ميتاً, ولقد جعل نفسه, وجعل أمته
غصّة للمستعمرين لا يبرأون منها؛ إلا أن يعترفوا بالحق لأصحاب الحق, ويؤمنوا
بالاستقلال لهؤلاء الذين أقسموا وبرُّوا أن لن يرضوا إلا بالاستقلال ]([5]).
وقال
رئيس الوفد مصطفى النحاس: [ إني لمغتبط باشتراك النابغة الكبير الدكتور طه حسين في
تحرير الشرق على المبدأ الوفديّ الذي دلَّت الحوادث على أنه مبدأ الحق ودين الأمة
]([6]).
وقالت جريدة الشعب: [ سؤال لابد منه, إنه كان بين الدكتور طه وصاحب الكوكب
خلاف في الرأي, وخلاف في المذهب, وكان يهزأ بصاحبه ويسخر منه, حتى كان صاحب الكوكب
إمعاناً في هذا وذاك لا يدعو الدكتور طه الذي يشيد الآن بمناقبه إلا بالشيخ
بقدونس, والشيخ سلاطة, وكان هذا لا يجد في السخرية أبلغ من إهماله وإغفاله, لأنه
يرى نفسه أكبر من أن يتدلى إلى مجاراته فهل هوى الدكتور إلى تيارات الكوكب وصاحبه,
وطاب له ذلك الهوى ولذَّ له الانحدار, أو نرى الكوكب صعد إلى حيث كان يرى الدكتور
لنفسه ولرأيه ومذهبه. لقد حارب الدكتور طه الوفد لما كان الوفد وفداً, واليوم
يحارب تحت لوائه بعد أن أصبح عصابة. فهنيئاً له هذا الموقف ]([7]).
وقالت
جريدة الاتحاد: [ نحن نعاهد الدكتور طه على أننا لن نرى فيما يكتبه في عهده الوفدي
إلا أنه رجل موتور, يريد أن يشفي غيظه, وينفث سموم أحقاده, إلا أنه طالب قوت
يلتمسه في الجامعة, فإذا استعصى عليه فليطمع في مناصرة أصحابه الدستوريين, فإن لم يحدث
ذلك عندهم فلا بأس أن ينضم إلى صفوف خصومهم, ولا بأس أن يكون وفدياً... ولن نسأل
أنفسنا كيف يستطيع الدكتور أن يحلِّل اليوم ما حرَّمه بالأمس؟ وكيف يجعل الأبيض
أسود؟...فإن صحَّ أن للكرامة مراتب مختلفة فهل يقول لنا الدكتور طه أين موضع هذا
كله من الكرامة ]([8]).
وتحدث
الدكتور محمد غلاب في مجلة النهضة الفكرية فقال:[ إن ماضيك يا دكتور أشبه شيء
بشعور غواني باريس التي تعطيه السيدة في كل يوم لون الفستان الذي تلبسه. أقول: لو
أن الشبان الناشئين تأملوا في كل هذا, ورجعوا إلى ما كتبه الدكتور طه في جريدة
السياسة تشهيراً بسعد زغلول حين كان الدكتور دستورياً, وما طعن به عليه, ورفع به
قدر صدقي باشا في جريدة الاتحاد حين كان الدكتور اتحادياً, وما يكتبه اليوم في
جريدة الكوكب بعد أن أصبح وفدياً. لو تأمل الشبان في كل هذا لقذفوا الصحف على
الأرض وداسوها بأقدام ثائرة مهتاجة غيورة على الشرف والنزاهة ]([9]).
وهاجم
طه جريدة السياسة التي كان يمتدحها فقال:
[
كان المعقول أن تسلك السياسة مسلك الأهرام فتعرف للوفد بلاءه, وتؤكد لما أكدت
الأهرام أن الوفد لم يكن يستطيع بحال من الأحوال أن ينزل على ما يريد الإنجليز.
أمَّا ألا يكون الوفد قد كسب هذه الأشياء فمن الحق على السياسة أن تبين ذلك للوفد
من غير غضب ولا سخط. ألا توافقني السياسة أنها تبحث عن خصومة في غير إبانها,
وتلتمس خلافاً لم يأن له الوقت بعد ]([10]).
ثم
هاجمها في مقال آخر في اليوم التالي, وردت عليه السياسة مبينة التواءه, وتذبذبه.
-
أما تزلفه للقصر الملكي فحدِّث عنه ولا حرج.
فيقول عن الملك فؤاد: [ إن مثال صاحب الجلالة قد طبع في نفوس رعيته جميعاً
فليس يخلو منه إلا قلب مريض, أو نفس مقفلة...ثم يقول عن الملك فاروق: أقبلتَ على
مصر فأقبلتْ عليها الدنيا, ونهضتَ بملكها فتمتْ لها عزتُها, ودبرتَ أمرها فانجلتْ
عنها الغمرات, وانجابتْ عنها الخطوب. لله أنتم آل البيت العلوي الكريم ! ما أعظم
فضلكم على الحياة العقلية في مصر...وها أنت يا مولاي قد أقبلتَ فبعثتَ فيها من
قوتك قوة, ومن جلالك جلالاً, ورفعت ذكرها في آفاق الشرق والغرب, فكيف السبيل لها
أن تنهض بشكرك؟ وأين الوسيلة لها أن تؤدِّي بعض حقك؟... فالمصريون مجمعون على حب
مليكهم, لأنهم يرون فيه صورة بارعة لمصرهم الخالدة, ورمزاً كريماً لوطنهم العظيم,
وهم يرون في شخصه العظيم واسمه الكريم أمنية صدقت, وأملاً تحقق ]([11]).
ثم
جاءت الثورة فأصبح ثورياً ناصرياً تقدميّاً.
هكذا
أُمر........ وهكذا نَفَّذ......... وهكذا كانت أخلاقه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق