لا تكونوا أجراء
الطاغوت وعصابته(75)
رضوان محمود نموس
يتابع الكاتب سرد الأدلة على أحكام الجهاد
وقال ابن
مفلح في المبدع :[ أطلق أحمد والأصحاب أن الجهاد
أفضل الأعمال المتطوع بها قال أحمد لا أعلم شيئا من الفرائض أفضل من الجهاد
وذكر أكثر أصحابنا ثم العلم ثم الصلاة وعلى ما ذكره في الجهاد أنه أفضل الأعمال
المتطوع بها]([1]).
وقال:[ أن
سبيل الله حيث أطلق ينصرف إلى الجهاد ]([2]).
وقال:[
إلا أن يتعين عليه الجهاد فإنه يصير فرض عين وتركه معصية لكن يستحب للمدين أن
لا يتعرض لمظان القتل من المبارزة والوقوف في أول المقاتلة لأن فيه تغريرا بفوات
الحق قاله في الشرح فإنه لا طاعة لهما في ترك فريضة لأن الجهاد عبادة متعينة فلم
يعتبر إذن أحد كفروض الأعيان ]([3]).
وقال عمر
بن حسين الخرقي في مختصره:[ وإذا خوطب
بالجهاد فلا إذن لأبويه وكذلك
كل الفرائض لا طاعة لهما في تركها قال ويقاتل أهل الكتاب والمجوس ولا يدعون لأن الدعوة
قد بلغتهم ويدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا ويقاتل أهل الكتاب والمجوس حتى
يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ويقاتل من سواهم من الكفار حتى يسلموا
قال وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا المقل منهم والمكثر ]([4]).
وقال ابن قدامة
المقدسي في عمدة الفقه:[ ويجوز تبييت الكفار ورميهم بالمنجنيق وقتالهم قبل
دعائهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري ومسلم وغيرهما أغار على بني
المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم ]([5]).
وقال في الكافي:[ومتى تعين الجهاد فلا إذن
لأبويه لأنه صار فرض عين فلم يعتبر إذنهما فيه كالحج الواجب وكذلك كل الفرائض لا
طاعة لهما في تركه لان تركه معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الله ]([6]).
وقال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: [ فإن عقد - أي الإمام- الهدنة مطلقا لم يصح
لان إطلاقها يقتضى التأبيد وذلك لا يجوز ]([7]).
وقال
السيد الدمياطي في إعانة الطالبين:[ قوله ويتعين أي الجهاد أي يكون فرض عين
والملائم أن يقول وفرض عين الخ وقوله إذا دخلوا بلادنا أي بلدة من بلاد المسلمين
ومثل البلدة القرية وغيرها قوله كما يأتي أي في المتن في قوله وإن دخلوا بلدة لنا
تعين الخ .]([8]).
وقال
الشربيني في الإقناع:[ والحال الثاني من حال الكفار أن يدخلوا بلدة لنا مثلا فيلزم
أهلها الدفع بالممكن منهم ويكون الجهاد حينئذ فرض عين سواء أمكن تأهبهم لقتال
أم لم يمكن]([9]).
وقال
النووي في روضة الطالبين:[ الطرف الثاني في وجوب الجهاد قد يكون فرض كفاية وقد يتعين كما سيأتي إن شاء
الله تعالى وهل كان فرض كفاية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم فرض عين فيه
وجهان أصحهما فرض كفاية لقوله تعالى لا يستوي القاعدون الآية وأما اليوم فهو ضربان
أحدهما أن يكون الكفار مستقرين في بلدانهم فهو فرض كفاية فإن امتنع الجميع منه
أثموا وهل يعمهم الإثم أم يختص بالذين يدنوا إليه وجهان قلت الأصح أنه ليث كل من
لا عذر له كما سيأتي بيان الأعذار إن شاء الله تعالى والله أعلم وإن قام من فيه
كفاية سقط عن الباقين وتحصل الكفاية بشيئين:
أحدهما أن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من
بإزائهم من الكفار وينبغي أن يحتاط بإحكام الحصون وحفر الخنادق ونحوهما ويرتب في
كل ناحية أميرا كافيا يقلده الجهاد وأمور
المسلمين .
الثاني أن
يدخل الإمام دار الكفر غازيا بنفسه أو بجيش يؤمر عليهم من يصلح لذلك وأقله مرة
واحدة في كل سنة فإن زاد فهو أفضل ويستحب أن يبدأ بقتال من يلي دار الإسلام من
الكفار فإن كان الخوف من الأبعدين أكثر بدأ بهم ولا يجوز إخلاء سنة عن جهاد إلا
لضرورة بأن يكون في المسلمين ضعف وفي العدو كثرة ويخاف من ابتدائهم الاستئصال. أو
لعذر بأن يعز الزاد وعلف الدواب في الطريق فيؤخر إلى زوال ذلك أو ينتظر لحاق مدد
أو يتوقع إسلام قوم فيستميلهم بترك القتال هذا ما نص عليه الشافعي وجرى عليه الأصحاب رحمهم الله وقال الإمام:
المختار عندي في هذا مسلك الأصوليين فإنهم قالوا الجهاد دعوة قهرية
فيجب إقامته بحسب الإمكان حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم ولا يختص بمرة في السنة
ولا يعطل إذا أمكنت الزيادة وما ذكره الفقهاء حملوه على العادة الغالبة وهي أن
الأموال والعدد لا تتأتى لتجهيز الجنود في السنة أكثر من مرة ثم إن تمكن الإمام من
بث الأجناد للجهاد في جميع الأطراف فعل وإلا فيبدأ بالأهم فالأهم وينبغي له أن
يراعي النصفة بالمناوبة بين الأجناد
الضرب
الثاني: الجهاد الذي هو فرض عين فإذا
وطئ الكفار بلدة للمسلمين أو أطلوا عليها ونزلوا بابها قاصدين ولم يدخلوا صار
الجهاد فرض عين.
وللدفع
مرتبتان:
إحداهما أن يحتمل الحال اجتماعهم وتأهبهم
واستعدادهم للحرب فعلى كل واحد من الأغنياء والفقراء التأهب بما يقدر عليه وإذا لم
يمكنهم المقاومة إلا بموافقة العبيد وجب على العبيد الموافقة فينحل الحجر عن
العبيد حتى لا يراجعوا السادات وإن أمكنهم المقاومة موافقة العبيد فوجهان أصحهما
أن الحكم كذلك لتقوى القلوب وتعظم الشوكة وتشتد النكاية. والثاني لا ينحل الحجر
عنهم للاستغناء عنهم والنسوة إن لم تكن فيهن قوة دفاع لا يحضرن وإن كان فعلى ما
ذكرنا في العبيد ويجوز أن لا يحوج المزوجة إلى إذن الزوج كما لا يحوج إلى إذن
السيد ولا يجب في هذا النوع استئذان الوالدين وصاحب الدين .
المرتبة
الثانية أن يتغشاهم الكفار ولا يتمكنوا من اجتماع وتأهب فمن وقف عليه كافر أو كفار
وعلم أنه يقتل إن أخذ فعليه أن يتحرك ويدفع عن نفسه بما أمكن يستوي فيه الحر
والعبد والمرأة والأعمى والأعرج والمريض]([10]).
وقال
الكاساني في البدائع:[ وإن ضعف أهل ثغر عن
مقاومة الكفرة وخيف عليهم من العدو فعلى من وراءهم من المسلمين الأقرب فالأقرب أن
ينفروا إليهم وأن يمدوهم بالسلاح والكراع والمال لما ذكرنا أنه فرض على الناس كلهم
ممن هو من أهل الجهاد] ([11]).
وقال محمد
يوسف العبدري في التاج والإكليل:[ إن الجهاد
إذا أطلق لا يقع إلا على مجاهدة الكفار بالسيف وإنما يقاتل الكفار على
الدين ليدخلوا من الكفر إلى الإسلام... لا يجوز ترك الجهاد لهدنة....
وفي الكافي فرض على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو في كل سنة مرة ليدعوهم
إلى الإسلام ويرغبهم ويكف أذاهم ويظهر دين الله عليهم وفرض على الناس في أموالهم
وأنفسهم الخروج المذكور لا خروجهم كافة والنافلة منه إخراج طائفة بعد أخرى وبعث
السرايا وقت الغرة والفرصة ٍ]([12]).
وقال
الإمام ابن تيمية: [الفصل الثامن جهاد الكفار القتال الفاصل العقوبات التي جاءت بها الشريعة لمن عصى الله
ورسوله نوعان أحدهما عقوبة المقدور عليه من الواحد والعدد كما تقدم والثاني عقاب
الطائفة الممتنعة كالتي لا يقدر عليها إلا بقتال فاصل, هذا هو جهاد الكفار أعداء
الله ورسوله, فكل من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله
الذي بعثه به فلم يستجب له فإنه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وكان
الله لما بعث نبيه وأمره بدعوة الخلق إلى دينه لم يأذن له في قتل أحد على ذلك ولا
قتاله حتى هاجر إلى المدينة فأذن له وللمسلمين بقوله تعالى أذن للذين يقاتلون
بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن
يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد
يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن
مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله
عاقبة الأمور
ثم إنه
بعد ذلك أوجب عليهم القتال بقوله تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن
تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا
تعلمون وأكد الإيجاب وعظم أمر الجهاد في عامة السور المدنية وذم التاركين له
ووصفهم بالنفاق ومرض القلوب فقال تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم
وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب
إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي
القوم الفاسقين وقال تعالى إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا
وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون قال تعالى فإذا أنزلت
سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي
عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا
لهم فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وهذا كثير في القرآن
وكذلك تعظيمه وتعظيم أهله في سورة الصف التي يقول فيها يا أيها الذين آمنوا هل
أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله
بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري
من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من
الله وفتح قريب وبشر المؤمنين وكقوله تعالى أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد
الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبل الله لا يستوون عند الله والله لا
يهدي القوم الظالمين الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم
أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها
نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم وقوله تعالى من يرتد منكم عن
دينه فسوق يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين
يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع
عليم وقال تعالى ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا
يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله
لا يضيع اجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب
لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون فذكر ما يولده عن أعمالهم وما يباشرونه من
الأعمال والأمر بالجهاد وذكر فضائله في الكتاب والسنة أكثر من أن يحصر ولهذا كان
أفضل ما تطوع به.
وهذا باب
واسع لم يرد في ثواب الأعمال وفضلها مثل ما ورد فيه فهو ظاهر عند الاعتبار فإن نفع
الجهاد عام لفاعله ولغيره في الدين والدنيا ومشتمل على جميع أنواع العبادات
الباطنة والظاهرة فإنه مشتمل من محبة الله تعالى والإخلاص له والتوكل عليه وتسليم
النفس والمال له والصبر والزهد وذكر الله وسائر أنواع الأعمال على مالا يشتمل عليه
عمل آخر والقائم به من الشخص والأمة بين إحدى الحسنيين دائما إما النصر والظفر
وإما الشهادة والجنة ثم إن الخلق لا بد لهم من محيا وممات ففيه استعمال محياهم ومماتهم في غاية سعادتهم في الدنيا والآخرة
وفي تركه ذهاب السعادتين أو نقصهما فإن
من الناس من يرغب في الأعمال الشديدة في الدين أو الدنيا مع قلة منفعتها فالجهاد
أنفع فيهما من كل عمل شديد وقد يرغب في ترقية نفسه حتى يصادفه الموت فموت الشهيد أيسر من كل ميتة وهي أفضل الميتات وإذا كان
أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده
هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن منع هذا قوتل باتفاق
المسلمين وأما من لم يكن من أهل
الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن
ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله وإن كان بعضهم يرى
إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان لكونهم مالاً للمسلمين .]([13]).
وقال: [ فثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أنه يقاتل من خرج عن شريعة
الإسلام وإن تكلم بالشهادتين وقد اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة لو تركت السنة
الراتبة كركعتى الفجر هل يجوز قتالها على قولين فأما الواجبات والمحرمات الظاهرة
والمستفيضة فيقاتل عليها بالاتفاق حتى يلتزموا أن يقيموا الصلوات المكتوبات ويؤدوا
الزكاة ويصوموا شهر رمضان ويحجوا البيت ويلتزموا ترك المحرمات من نكاح الأخوات
وأكل الخبائث والاعتداء على المسلمين في النفوس والأموال ونحو ذلك وقتال هؤلاء
واجب ابتداءً بعد بلوغ دعوة النبي إليهم بما يقاتلون عليه فأما إذا بدؤوا المسلمين
فيتأكد قتالهم كما ذكرناه في قتال الممتنعين من المعتدين قطاع الطرق وأبلغ الجهاد
الواجب للكفار
والممتنعين عن بعض الشرائع كما نعى الزكاة والخوارج ونحوهم يجب ابتداء ودفعا فإذا
كان ابتداء فهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقين وكان الفضل
لمن قام به كما قال الله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر
الآية فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فانه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم
وعلى غير المقصودين لإعانتهم كما قال الله تعالى وإن استنصروكم في الدين فعليكم
النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق وكما أمر النبي بنصر المسلم وسواء كان الرجل
من المرتزقة للقتال أو لم يكن وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله مع
القلة والكثرة والمشي والركوب]([14]).
وقال:[ أو
قالوا إنا لا نجاهد الكفار مع المسلمين أو غير ذلك من الأمور المخالفة لشريعة رسول
الله وسنته وما عليه جماعة المسلمين فإنه يجب جهاد هذه الطوائف جميعها كما جاهد
المسلمون مانعي الزكاة وجاهدوا الخوارج وأصنافهم وجاهدوا الحزمية والقرامطة
والباطنية وغيرهم من أصناف أهل الأهواء والبدع الخارجين عن شريعة الإسلام وذلك لأن
الله تعالى يقول في كتابه وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإذا
كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب قتالهم حتى يكون الدين كله لله وقال
تعالى فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم فلم يأمر بتخلية سبيلهم
إلا بعد التوبة من جميع أنواع الكفر وبعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وقال تعالى
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم
تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله فقد أخبر تعالى أن الطائفة الممتنعة إذا لم
تنته عن الربا فقد حاربت الله ورسوله والربا آخر ما حرم الله في القرآن فما حرمه
قبله أوكد وقال تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض]([15]).
[وسئل رحمه الله عن أجناد يمتنعون عن قتال
التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرها معهم وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا الجواب
الحمد لله رب العالمين: قتال التتار الذين قدموا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب
والسنة فإن الله يقول في القرآن وقاتلوهم
حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله والدين هو الطاعة فإذا كان بعض الدين لله
وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى يا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا
فأذنوا بحرب من الله ورسوله وهذه الآية نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام
والتزموا الصلاة والصيام لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله أنهم محاربون له
ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا والربا هو آخر ما حرمه الله وهو مال يؤخذ برضا
صاحبه فإذا كان في هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم فكيف بمن يترك كثيرا من
شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة
الممتنعة إذا امتنعت
عن
بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين
وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم
بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن
استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم
الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون
الدين كله لله]([16]).
0 التعليقات:
إرسال تعليق