موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

دراسات في السياسة الشرعية (1)


دراسات في السياسة الشرعية(1)
رضوان محمود نموس
هل الحكم أمر شرعي أو عقلي
يحاول العلمانيون ترديد القول بأن الحكم أمر دنيوي موكول إلى العقل وليس للشريعة دخل فيه.
ونحن نقول إن الخلافة ثبتت بالقرآن والسنة والإجماع والقواعد الأصولية واستنباط العلماء.
- أما من القرآن:
     قوله تعالى: ) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا % يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا % أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا % وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا % فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا % أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا % وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا % فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (([1])
وقال الله تعالى: ) إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (([2]).
- ووجه الاستدلال: أن الأمر بالحكم بالعدل, ووفق الكتاب الذي أنزل الله تعالى, ووفق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي سنها, والتي يثبت حكمها هنا بقوله تعالى ] لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ [ لا يكون إلا بعد وجود إمام. فعلم وجوب نصب الخليفة ليحكم بالعدل وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وكذلك الأمر بطاعة أولي الأمر لا يكون إلا بعد وجودهم. فعُلم وجوب نصب خليفة يلي أمر المسلمين.
وقال الله تعالى:) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (([3]).
وقال تعالى:)وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(([4]).
- ووجه الاستدلال: أن الأمر بقتال أنواع الكفار والمنافقين, سواء كان كفرهم أصلياً أو طارئاً كأشكال الردة لا بد له من إمام. كما قال المؤمنون من بني إسرائيل وأخبرنا الله بذلك فقال سبحانه:) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ( إلى قوله تعالى:) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ % فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ(([5]).
فوجب نصب الخليفة للقتال في سبيل الله, وردع الكفار ليكون الدين كله لله.
 وقال الله تعالى:)  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ % فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (([6]).
- ووجه الاستدلال: أن الذين لا ينتهون عن الربا الذي أباحه رواد عمارة وغيرهم من المرتدين يجب قتالهم, لأن الحرب من الله هي عقابه -أجارنا الله من ذلك- أما الحرب من الرسول صلى الله عليه وسلم: فبناءً على أن كل ما خوطب به الرسول صلى الله عليه وسلم هو خطاب لأمته ما لم يقم دليل اختصاصه به صلى الله عليه وسلم إذن فالحرب على مستبيحي الربا لصيانة أحكام الإسلام لا بد لها من إمام ؛ لذا وجب نصب الخليفة.
وقال الله تعالى:) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (.
وقال تعالى:] وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ  [.
وقال تعالى: ) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ % أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ % يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(([7]).
وقال تعالى:) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (([8])
وقال تعالى:)اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ولا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (([9])
وقال تعالى:) وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَالَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ (([10]).     
وقال تعالى: )وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا % وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا % إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (([11]).
- ووجه الاستدلال: أن الله أمرنا بالحكم بما أنزل الله, وحكم بالكفر على الذين لا يحكمون بما أنزل الله, ويحكمون وفق الأهواء وآراء الرجال, ووصف ذلك بالجاهلية, وتوعَّد الذين يركنون إلى الكفار بالنار ولو كان هذا الركون شيئاً قليلاً, ولو كان حتى من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكي يتأتَّى منع الركون للكافرين, وللحكم بما أنزل الله لابد من خليفة فوجب تنصيبه.
وقال تعالى:) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(([12]).
- ووجه الاستدلال: أن الطواغيت المتبوعة والمطاعة بغير طاعة الله فتحلل وتحرم من غير كتاب الله تنازع الله في الألوهية, ولا بد من الأخذ على أيديهم ومنعهم وقتالهم إذا أصروا, ولا يكون ذلك إلا بخليفة فوجب تنصيبه.
وقال تعالى: ) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب(ِ([13]).
فالله تعالى جعل نبيَّه داود u خليفة في الأرض, وأمره أن يحكم بين الناس بالحق, وأمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فقال الله تعالى: ) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( إلى قوله تعالى ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّه ُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِين (([14]).
- ووجه الاستدلال: أن الله تعالى أمر نبياً من أنبيائه بأن يكون خليفة في الأرض ويحكم بين الناس بالحق, ثم أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به. وما خاطب الله به رسوله صلى الله عليه وسلم هو خطاب للمؤمنين إذا لم تثبت الخصوصية. فالمؤمنون مخاطبون من الله بالحكم بإقامة خليفة في الأرض, والحكم بين الناس بالحق.
وقال تعالى: ) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ  الْفَاسِقُونَ (([15]).
- ووجه الاستدلال: أن الاستخلاف في الأرض, والتمكين للدين لا يكون إلا بخليفة فوجب تنصيبه. ووعد الله المؤمنين بالاستخلاف إذا تنزهوا عن الشرك فلم يُحَكِّموا إلا الله, لا في قليل ولا في كثير. 
ثم أنكر الله تعالى على الذين لا يتدبرون القرآن, ويطيعون الكفار, وينشرون آراءهم, ويحادون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه:) أفلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا % إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ % ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ % فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ % ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (([16]).
وقال تعالى: ) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مَِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ  (([17]).  
وقال تعالى:) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا َ% وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ % رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (([18])
وأما من السنة:
فعَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه خَمْسَ سِنِينَ فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِيَاءُ, كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ, وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي, وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الأوَّلِ فَالأوَّلِ, أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ, فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ }([19]).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{ إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا }([20]).
- ووجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم, ولكن خلافة, فأوصى المؤمنين بالوفاء بالبيعة للخليفة, وأن لا يسمحوا بتعدد الخلافة. فلو حاول أحد أخذ الخلافة مع وجود الخليفة فحكمه أن يقتل, حتى لا يكون في كل رقعة زنديق وأوباش يتبعونه, ثم تتفرق الأمة شذَر مذَر. ولا يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعة الخليفة وقتل مناوئه إلا إذا كان وجوده واجباً وحقاً.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: { مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ, وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ, وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي, وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي }([21]).
وعَنْه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: { مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ, وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ, وَمَنْ أَطَاعَ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي, وَمَنْ عَصَى الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي.. }([22]).
- ووجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر طاعة الأمير من طاعة الله سبحانه وتعالى, ولا يكون ذلك إلا إذا كانت الخلافة والإمارة مأمور بهما شرعاً.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  يَقُول: { مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ, وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً }([23]).
 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: { ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ... وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لا يُبَايِعُهُ إِلا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ }([24]).  
- ووجه الاستدلال: أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية, وأن من لم يفِ للأمير المبايَع له عذاب أليم, وهذا يعني أن البيعة للخليفة واجبة شرعاً إلى الحد الذي يصل به غير المبايِع إلى الميتة الجاهلية. فوجوب البيعة يقتضي وجوب وجود المُبَايَع وهو الخليفة.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {..ولا يَحِلُّ لِثَلاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلاةٍ إِلا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ  }([25]).
- ووجه الاستدلال: أنه إذا كان لا يحل لثلاثة في فلاة شرعاُ أن يبقوا دون أمير فمن باب أولى الأمة كلها.
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الإسْلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ }([26]).
- ووجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر الحكم عروة من عرى الإسلام, والذي يكون عروة من عرى الإسلام يجب التمسك به, والحفاظ عليه, ولا يكون ذلك إلا بخليفة, كما أعلم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن سيكون أناس يرتدون عن الدين, وينقضون عرى الإسلام, وأول الردة ستكون بنقض عروة الحكم.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: {...وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ  }([27]) .
- ووجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بوجود الأئمة, وأن هؤلاء الأئمة إذا حادوا عن حكم الله يكون بأسهم بينهم.
وقال مسلم في باب الإمارة: بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الإمارة. باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش. وروى بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الناس تبع لقريش في هذا الشأن, مسلمهم لمسلمهم, وكافرهم لكافرهم }.وعن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان }, وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: { لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً -ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي- فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: كلهم من قريش }([28]).                      
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: { قال لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان }([29]).  
وعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْد رضي الله عنهٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: { الْخِلافَةُ فِي قُرَيْشٍ }([30]).  
وعن وَهْبٍ الْجَزَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِك رضي الله عنهٍ: أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا مَا أُحَدِّثُهُ كُلَّ أَحَدٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ وَنَحْنُ فِيهِ فَقَالَ: { الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا, وَلَكُمْ عَلَيْهِمْ حَقًّا مِثْلَ ذَلِكَ مَا إِنِ اسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا, وَإِنْ عَاهَدُوا وَفَوْا, وَإِنْ حَكَمُوا عَدَلُوا. فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }([31]).
- ووجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجب على الأمة تعيين الخليفة فقط ؛ بل أرشدها إلى من يجب عليها أن تختار منهم الخليفة.
وعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه وَهُوَ مَرِيضٌ, قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال َ: دَعَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ, فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا {أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ }([32]).      
قال الحافظ في الفتح: وزاد في رواية الوليد بن عبادة عن أبيه " وأن نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ", ووقع في رواية حبان أبي النضر المذكورة " إلا أن يكون معصية لله بواحا " وعند أحمد من طريق عمير بن هانئ عن جنادة " ما لم يأمروك بإثم بواحا " وفي رواية إسماعيل بن عبيد عند أحمد والطبراني والحاكم من روايته عن أبيه عن عبادة "سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون, فلا طاعة لمن عصى الله " وعند أبي بكر بن أبي شيبة من طريق أزهر بن عبد الله عن عبادة رفعه " سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا تعرفون ويفعلون ما تنكرون فليس لأولئك عليكم طاعة "... ونقل ابن التين عن الداودي قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب, وإلا فالواجب الصبر. وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فاختلفوا في جواز الخروج عليه([33]).
وقال النووي في شرحه على مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان),... والمراد بالكفر هنا المعاصي, ومعنى عندكم من الله فيه برهان: أي: تعلمونه من دين الله تعالى. ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم, ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام, فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم, وقولوا بالحق حيث ما كنتم... قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر, وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل, قال: وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها, قال: وكذلك عند جمهورهم,..قال القاضي: فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية, وسقطت طاعته, ووجب على المسلمين القيام عليه, وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك, فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر, ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه, فإن تحققوا العجز لم يجب القيام, وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها, ويفر بدينه, قال: ولا تنعقد لفاسق ابتداء, فلو طرأ على الخليفة فسق قال بعضهم: يجب خلعه إلا أن تترتب عليه فتنة وحرب, وقال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق, ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك, بل يجب وعظه وتخويفه ; للأحاديث الواردة في ذلك قال القاضي: وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع, وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية, وبقيام جماعة عظيمة من التابعين والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث, وتأول هذا القائل قوله: ألا ننازع الأمر أهله في أئمة العدل, وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق, بل لما غير من الشرع وظاهر من الكفر ([34]).
- ووجه الاستدلال أن الأمر بطاعة الإمام ووجوب خلعه إن كفر, أو فسق وكان هناك استطاعة لا بد له قبل ذلك من وجود هذا الإمام فعلم وجوب نصب الخليفة.
 وعن الْحَارِثَ الأشْعَرِيَّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا فَقَالَ عِيسَى إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ فَقَالَ يَحْيَى أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ... قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلا أَنْ يَرْجِعَ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ قَالَ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ }([35]).    
- ووجه الاستدلال أن السمع والطاعة لابد أن تكون لخليفة أو أمير فوجب نصبه, وأن الجهاد لا بد أن يكون مع أمير, والجماعة بإمرة أمير أو خليفة فوجب نصبه. 
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ }([36])
قال الحافظ في الفتح:وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده, فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه([37]).
وقال النووي في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي الرواية الثانية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) قال أهل العربية:  (الرد) هنا بمعنى المردود, ومعناه: فهو باطل غير معتدٍّ به. وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام, وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات.
وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي}([38]).
قال في الفتح: (فمن رغب عن سنتي فليس مني) المراد بالسنة الطريقة لا التي تقابل الفرض, والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره, والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني([39]).
- ووجه الاستدلال: أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الراشدين تنصيب الإمام أو الخليفة, ومن يرغب عن هذا فليس من الرسول صلى الله عليه وسلم, والذي يقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مني فقد خاب وخسر وضلَّ ضلالاً بعيداً.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: { مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ }([40])
- ووجه الاستدلال أن حواريي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه y أخذوا بسنته, ونصبوا الخليفة, وبادروا إلى ذلك قبل دفنه صلى الله عليه وسلم والذي يريد أن يستن بسنته صلى الله عليه وسلم وسنة الراشدين فواجب عليه نصب الخليفة كما فعلوا, والذي لا يريد ذلك فهو من الخلوف الذين تجب مجاهدتهم.      
وعن حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: { تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ }([41]).
- ووجه الاستدلال فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوجود الخلافة على وجه المدح, وبشر أمته بأن الحكومات المرتدة ستزول, وتأتي الخلافة الراشدة مرة أخرى عندما يشاء الله, وتقوم العصبة المؤمنة بإخلاص العبودية لله فلا تخشى إلا الله, ولا تصغي إلا لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم,وتلقي بأقوال علماء الطواغيت -لا بأدلتهم- حيث يجب أن تلقى, وتعتبر أن الطواغيت ودولهم وجيوشهم وأجهزة أمنهم وأجهزة إعلامهم ومن يقدم الفتاوى لهم ومن يدور في فلكهم كلهم جميعاً كتلة واحدة لها حكم واحد. فإذا اتخذت العصبة المؤمنة هذا الموقف بجد وقوة فستقترب إن شاء الله خطوة كبيرة من نصر الله الذي وعد.


[1] - سورة النساء: 58 - 65.
[2] - سورة النساء: 105.
[3] - سورة البقرة: 193.
[4] - سورة الأنفال: 39.
[5] - سورة البقرة: 246 - 251.
[6] - سورة البقرة: 279.
[7] - سورة المائدة: 44- 49- 51.
[8] - سورة الأنعام: 114.
[9] - سورة الأعراف: 3.
[10] - سورة الرعد: 37.
[11] - سورة الإسراء: 73 - 75.
[12] - سورة التوبة: 31.
[13] - سورة ص:26.
[14] - سورة الأنعام: 84 - 90.
[15] - سورة النور: 55.
[16] - سورة محمد: 24- 28.
[17] - سورة المائدة: 33.
[18] - سورة الأحزاب: 66 - 68.
[19] - متفق عليه: رواه البخاري برقم (3455), ومسلم برقم (1842).
[20] - رواه مسلم: برقم (1853).
[21] - رواه مسلم برقم (1835).
[22] - رواه أحمد برقم (8788).
[23] - رواه مسلم برقم (1851).
[24] - رواه أحمد برقم (4086).
[25] - رواه أحمد برقم (6609).
[26] -  رواه أحمد برقم (21656).
[27] - رواه ابن ماجة برقم (4019).
[28] - رواه مسلم بأرقام (1818- 1820- 1821)
[29] - رواه البخاري برقم (7140).
[30] - رواه أحمد برقم (17201).
[31] - رواه أحمد (11898).
[32] - متفق عليه: رواه البخاري برقم (7056), ومسلم برقم (1709).
[33] - فتح الباري (13 / 8).
 [34]- شرح النووي على صحيح مسلم (12 / 229).
[35]- رواه الترمذي برقم (2863).
[36]- متفق عليه: رواه البخاري برقم (2499), ومسلم برقم (3242).
[37]- فتح الباري (5 / 302).
[38]- متفق عليه: رواه البخاري برقم (5063), ومسلم برقم (1401).
[39]- فتح الباري (9 / 105).
[40]- رواه مسلم برقم (50).
[41] - رواه أحمد برقم (17939).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.