مؤسسة الأزهر(2)
رضوان محمود نموس (أبو فراس)
بدأ الانحراف الشديد في الأزهر من عهد حسن العطار.
وهذه ترجمة بسيطة عنه توضح ماهية الرجل . حسـن العطّـار المغربي (1180 -1250هـ)
سافر في صباه إلى الشام، وكان على علاقة بكبير نصارى
لبنان، وفي دمشق قال شعراً:
وقفت بجسر الصالحية وقفة *** لأقضي لبانات الهوى فيه
بالبسط
وعرّج على باب البريد تجد به *** مراصد للعشاق في ذلك
الخط([1]).
وقام عملاء الأزهر يبررون له اتصاله بالفرنسيين
وإشاعته لمفاهيمهم وأفكارهم فقالوا [وقد أداه حب الحياة الاجتماعية وميله إلى
المخالطة وما عرف من خفة الروح وطيب المعاشرة إلى الاتصال بالفرنسيين، فاستفاد من
فنونهم!!!!]([2]).
ثم تولى مشيخة الأزهر بعد وفاة الشيخ أحمد الدمهوجي الشافعي سنة 1246هـ وبقي بها
إلى سنة 1250هـ وقت وفاته. [ ومن أهم مؤلفاته كتاب في علم الرمل([3])
وكتاب في علم الزائرجة([4])
]([5]).
وزاره في مصر صديقه بطرس اللبناني كبير النصارى
وامتدحه شعراً.
ومن شعر حسن العطار أثناء وجود الفرنسيين فرحاً
بوجودهم وهزيمة المسلمين قال:
انهض فقد ولت جيوش الظلام *** وأقبل الصبح سفير اللثام
وغنت الورق على أيكها *** تنبه الشَرِبَ شربِ المدام([6]).
ومن شعره في الغزل:
سمهري ينثني أم غصن بان *** أم قوام دونه صبريَ بان
صان بالعسال معسول اللّمى *** وتهادى هادماً ما أنا
بان
يا مليك الحسن رفقاً بشجٍ **** كلما حاول كتم الشجو بان([7])
يا مليك الحسن رفقاً بشجٍ **** كلما حاول كتم الشجو بان([7])
ويقول مادحاً إبراهيم باشا الماسوني بن محمد على باشا
الماسوني:
يا نديمي قم وباكرها وطب *** هذه الجنة والحور الحسان
وأدر لي بنت كرم عتقت *** نورها الباهر يحكي البهرمان
بالهنى قد فعلت كاساتها **** فعل إبراهيم سلطان الزمان
بالهنى قد فعلت كاساتها **** فعل إبراهيم سلطان الزمان
همم فوق السماوات سمت ****ومعال دونهن الصعب هان([8])
هذا هو شيخ الأزهر الذي اعتمد لتطبيق سياسة محمد علي وأولاده الماسون وهو بنفس الوقت الرائد الأول لإدخال الماسونية إلى الأزهر. أما ما قدّم للأزهر، فهو صلته بالفرنسيين وتدريس كتب الماسون لخاصة تلاميذه وجاء في كتاب الأزهر وأثره في النهضة عن رفاعة الطهطاوي: [ وكان في جملة من تلقى عنهم العلم: العالم اللغوي الشاعر الكاتب الشيخ حسن العطار، وقد تنبه إلى مخايل ذكائه وأمارات نجابته فميزه من أقرانه وخصّه ببالغ عطفه، وكان يتردد على منزله لينهل من علمه وينشد توجيهه ويشترك معه في الاطلاع على الكتب الغريبة التي لم تتداولها أيدي علماء الأزهر !! ]([9]).
هذا هو شيخ الأزهر الذي اعتمد لتطبيق سياسة محمد علي وأولاده الماسون وهو بنفس الوقت الرائد الأول لإدخال الماسونية إلى الأزهر. أما ما قدّم للأزهر، فهو صلته بالفرنسيين وتدريس كتب الماسون لخاصة تلاميذه وجاء في كتاب الأزهر وأثره في النهضة عن رفاعة الطهطاوي: [ وكان في جملة من تلقى عنهم العلم: العالم اللغوي الشاعر الكاتب الشيخ حسن العطار، وقد تنبه إلى مخايل ذكائه وأمارات نجابته فميزه من أقرانه وخصّه ببالغ عطفه، وكان يتردد على منزله لينهل من علمه وينشد توجيهه ويشترك معه في الاطلاع على الكتب الغريبة التي لم تتداولها أيدي علماء الأزهر !! ]([9]).
فأي شيء هذه الكتب؟! سيما إذا
علمنا أن العطار قد اختلط بالفرنسيين وأخذ منهم الكتب وانتظم بالماسونية !. والاتفاق
معهم على أن يساعد في إرسال شباب إلى فرنسا ليرجعوا ويشكلوا الحزب الفرنسي، وتهيئة
هؤلاء الشباب مسبقاً، ولننظر ما كُتِب عن ذلك:
[ كان الأزهر البيئة الصالحة التي وجد فها محمد علي
وأبناؤه عوناً لهم على نقل ثقافة الغرب وآدابه وعلومه، إذ بعثوا منهم البعوث إلى
أوربة، وإذا كان كثير من تلاميذ المدارس الذين أرسلوا إلى أوربة لم يحققوا الأمل
المرجو منهم لعوامل صغر سنهم ]([10]).
ورشح حسن العطار رفاعة الطهطاوي شيخاً للبعثة إلى
فرنسا الذي رجع سفيراً لفرنسا بين المسلمين دون تعيين, وكان الدعامة الأساس في
علمنة مصر, وإلحاقها بالغرب.
ولكن النقلة الكبيرة في تخريب الأزهر والإفتاء في مصر
وجعل المؤسسة الدينية تقوم بدور العمالة للمحتل والتجسس على المسلمين كان في عهد
من يسمونه في مصر الإمام الأكبر وهو أول من أطلق عليه هذا اللقب (محمد عبده).
محـمد عـبـده: (1266 - 1323هـ- 1849- 1905م) وأمر محمد عبده متشعب
كبير سأنقل منه شذرات تبين دور المؤسسة الأزهرية والإفتاء في العمالة وكونها جزء
من الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع بل من أعظم أركانها.
مر معنا أن في الحلقة السابقة أن محمد عبده تتلمذ على
يد الشيعي الماسوني المتفلسف جمال الدين وأنه دخل مع الماسونية وأصبح يؤسس محافلاً
في البلاد الأخرى وهذا موقف محمد عبده من أستاذه الماسوني:
يقول محمد عبده في رسالته لجمال الدين الشيعي المتأفغن
الأستاذ الأعظم في الماسونية ومؤسس المحافل الماسونية في مصر وإيران وتركيا: [مولاي
الأعظم حفظه الله وأيد مقاصده، ليتني كنت أعلم ماذا أكتب إليك وأنت تعلم ما في
نفسي كما تعلم ما في نفسك، صنعتنا بيديك وأفضت على موادنا وصورها الكمالية
وأنشأتنا في أحسن تقويم، فيك عرفنا أنفسنا، وبك عرفناك، وبك عرفنا العالم أجمعين،
فعلمك بنا كما لا يخفاك علم من طريق الموجب، وهو علمك بذاتك وثقتك بقدرتك وإرادتك،
فعنك صدرنا وإليك إليك المآب...ورسمك الفوتوغرافي الذي أقمته في قبلة صلاتي رقيباً
على ما أقدم من أعمال، ومسيطراً علي في أحوالي،... وقعدتُ من كل أمير مصعد النفس
فلا ينطق إلا بما تريد حكمتك، ولا يعلم إلا ما تشاء إرادتك، ، فقد قضت حكمتك
القائمة منا مقام الإلهام في قلوب الصديقين أن ننال الحق ولنا الحجة الباهرة...
وإني أعلم أن كلامي لا يزيد في يقين مولاي شيئاً وسكوتي لا ينقص منه، فلنعد عن هذا
ونستمنح من كرمه الواسع أن يمنّ علينا بأمرين أحدهما: إرسال رسمه الفوتوغرافي
الجديد، فإن هذا الخادم كان عنده نسختان من الفوتوغرافية الأولى، إحداهما أخذها
أعوان الضبطية من بيتي عندما أودعت السجن، كما أخذوا كتاب الماسون بخط مولاي
المعظم. خادمكم
وفي رسالة أخرى:
[ مولاي المعظم... نحن الآن على سنتك القويمة: لا
تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين، ولهذا لو رأيتنا لرأيت قعادا عبادا ركعا سجدا لا
يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.]([12]).
ويقول محمد عبده: [إن أبي وهبني حياة يشاركني فيها
"علي ومحروس",([13])
والسيد جمال الدين وهبني حياة أشارك فيها محمدًا وإبراهيم وموسى وعيسى,
والأولياء والقديسين. ]([14])
محمد عبده والإنجليز:
قال كرومر في كتابه مصر الحديثة (إن العفو عن الشيخ محمد
عبده بسبب الضغط البريطاني...) وقد ظل طوال حياته بعد عودته يسالم الإنجليز
ويتعاون معهم، وكان يحضر مجلس نازلي ولا يتكلم بالسياسة وهي لا تتكلم إلا
بالسياسة، وكان هو ومصطفى كامل على طرفي نقيض، فالثاني يرى أن لا أمل للإصلاح إلا
بالجلاء، بينما أفتى محمد عبده بالفتوى الآتية:
(قد قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز
الاستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومنفعة للمسلمين)... والقصد
من هذه الفتوى تبرير بقاء الإنجليز يديرون مصر ويحتلونها تحت مسمى الاستعانة.
ويقول عنه أحمد أمين وهو أحد الذين يعتبرون أنفسهم من
تلاميذ مدرسة محمد عبده:[ بل رأيناه يضع خطة إصلاحه بأن يتعاون مع الإنجليز
ويصادقهم ويتفاهم معهم لينال منهم إعانته فيما ينشد]([15]).
وفي رسالة من بلنت لمحمد عبده يقول:[ إلى صديقي العزيز
النبيل العالم محمد عبده، شهيد الحرية أدام الله علمه. أسعدني كثيراً خطابك الذي
فرغت حرمنا الآن من ترجمته لي كاملاً، فيما عدا ما ذكرته من أنك لا تستطيع الحضور
إلى إنجلترا بعد، ولكني أرسل لك مع هذا ما تحتاجه في رحلتك من مال راجياً أن
تفيدني بوصوله، وقد كتبت من أربعة أيام إلى السيد صنوع([16]).
ورويت له شيئاً عن حالة الرأي هنا، ثم كتبت بعدها رسالة ستنشر في صحيفة التايمز
غداً يوم الأربعاء... أما فيما يتعلق بصحيفتكم فيسعدني أن أبذل كل ما بوسعي
لمعاونتكم، ولكني أنصحكم بكل قواي أن تلزموا الاعتدال في لغتكم حين تكتبون عن
الحكومة الإنجليزية]([17]).
ومن خلال رسائل محمد عبده لبلنت وزيارته للندن نستطيع
أن نتلمس دور محمد عبده. يقول محمد عبده في رسالته لبلنت: [ أمّا ما يتعلق بترقية
الضباط التي تضخمها الصحف الأوربية كثيراً، فاسمحوا لي أن أجلي الحقائق.
أولاً: لم تتم الترقيات بإرادة عرابي ورضاه، ولا جاءت
على سبيل الرشوة لكسب عواطف الضباط نحو عرابي، وإنما تمت بمقتضى القانون العسكري
الذي يقضي بإحالة الضباط إلى التقاعد لقاء معاش عند بلوغهم سناً معينة، أو في حالة
مرضهم أو انعدام كفاءتهم أو عجزهم، وقد بدأ تطبيق هذا القانون العسكري في عهد شريف
باشا، وبناءاً عليه ضمّت قائمة الاستيداع 558 ضابطاً وتم إرسال 96 ضابط منذ عام
إلى حدود الحبشة وزيلع وغيرها، في حين تم نقل 100 ضابط من الخدمة إلى الوظائف
المدنية، وبذلك بلغ عدد المحالين إلى التقاعد 754 ضابطاً، وهكذا كان من الطبيعي
إجراء الترقيات لشغل الوظائف الشاغرة، وما زالت هناك خمسون وظيفة شاغرة مخصصة
لطلاب المدرسة الحربية.
أريد الآن أن أزيل من الأذهان الفكرة الخاطئة التي
تزعم أن عرابي والحزب العسكري أو الحزب الوطني -القديم- أدوات في أيدي الأتراك،
فإن كل مصري عالماً أو فلاحاً حرفياً أو تاجراً جندياً أو مدنياً سياسياً أو غير
سياسي إنما يكره الأتراك ويمقت ذكراهم غير العطرة، ولا يوجد مصري يخطر له أن ينزل
بأرضه تركي دون أن يشعر بنبض يدفعه نحو سيفه ليخرج به الدخيل، إن الأتراك مستبدون،
خلفوا بمصر كوارث ما زالت تدمي قلوبنا، ونحن لا نستطيع أن نتمنى عودتهم أو نتمنى
أن تكون لنا بهم صلة...]([18])
ويذكر عنه عمارة أنه وجَّهَ أشدّ الطعنات للخلافة
العثمانية فيقول:[ ووجّه لها أشدّ السهام وأقوى الطعنات، إمام المجتهدين والمجددين
في العصر الحديث، وأعظم عقل إسلامي وقف أمام كتاب الله منذ نهضتنا الحديثة،
الأستاذ الإمام محمد عبده ]([19]).
وفي رسالة أخرى من محمد عبده إلى زوجة بلنت.
[ بيروت في 13 رمضان 1300هـ إلى السيدة آن بلنت متّعنا الله بمحياها.
أمّا بعد، فمن بين أولئك الذين لديهم معلومات عن الشغب
في الإسكندرية يوجد مصطفى عبد الرحيم، وقد شهد الشغب ومنع تفاقمه بالجنود
النظاميين التابعين لسليمان سامي، وهو مستعد للإدلاء بشهادته إذا طلب منه ذلك وقد
أبلغني بهذا الليلة، وأما أولئك الذين لديهم معلومات كاملة عن مسلك الخديوي توفيق
ومساعيه هو وأعوانه لتكدير الهدوء والسكينة في مصر، وإثارة المسلمين على
المسيحيين، والمسيحيين على المسلمين، فيوجد منهم هنا أحمد بك المنشاوي أحد أعيان
مصر، وهو رجل ثري ذو عزم واستقامة لا مزيد عليها، وكان قد قام بحماية المسيحيين
أثناء حوادث الشغب في طنطا، ...والرجل(المنشاوي) على استعداد للإدلاء بالشهادة ضدّ
الخديوي وإعلانه أمام أي قضاء أو أي محكمة حتى في مصر، وهو لا يخشى في ذلك أي شيء،
ولا يهدده خطر، وقد كان في نيته ورغبته الحارة وضع ما يعرفه من أمور أمام الإنجليز
وكل ذي ميل إلى العدالة والمساواة، .
أرجو إبلاغ تحياتي إلى المستر بلنت، ونقل جزيل الشكر
إليه على همّته وأعماله الجليلة باسمي واسم كل مصري وكل إنجليزي أيضاً، كما أرجو
إبلاغ تحياتي إلى السيد صابونجي. شملكِ
الله برعايته. محمد عبده
]([20]).
الرسالة الثالثة: [ باريس 11 إبريل 1884.
إلى صاحب السعادة صديقي العزيز، صديق المسلمين ومعين
العرب والمدافع عن الأمة المصرية.
وبعد التحيات إليك وإلى المهذبة الليدي آن بلنت،
وصلتنا رسالتك بالأمس، ولما قرأناها وجدناها مفعمة بالحكمة والنصائح النافعة
للمسلمين، وقد أكدت ثقتنا فيك كصديق لهم.
يقدم لك التحية السيد جمال الدين وسوف يكتب على وجه
اليقين إلى أهل الهند في حيدر آباد وغيرها وينصحهم بالتزام الهدوء، ويسكن ألبابهم]([21]).
كانت هناك مظاهرات وأعمل جهادية ضد الإنجليز في الهند فيريدون إسكاتها
ويقول محمد عمارة عن محمد عبده:[ كان يثور على
الخديوي، ولمّا آلت الأمور إلى كرومر والإنكليز تماماً قال: أمّا أمر الحكومة
والمحكوم فنتركه للقدر يقدره, وليد الله بعد ذلك تدبره ]([22]).
[وهذا
هو عنوان الفصل السابع من تقرير اللورد كرومر عن مصر والسودان لسنة 1905 )
قال: (اختطفت المنية في السنة الماضية رجلاً مشهورًا في الهيئة السياسية والاجتماعية بمصر أريد به الشيخ محمد عبده فأحببت أن أسطر هنا رأيي الراسخ في ذهني ،
وهو أن مصر خسرت بموته قبل وقته خسارة عظيمة... أما مريدو الشيخ محمد عبده وأتباعه الصادقون فموصوفون بالذكاء والنجابة !ولكنهم قليلون
وهم بالنظر إلى النهضة الملية بمنزلة الجيروندست في الثورة الفرنسوية ،
فالمسلمون المتنطعون المحافظون على كل أمر قديم يرمونهم بالضلال والخروج عن الصراط المستقيم فلا يكاد يؤمل أنهم يستميلون هؤلاء المحافظين إليهم ويسيرون بهم في سبيله. ...إذ
لا ريب عندي في أن السبيل القويم الذي أرشد إليه المرحوم الشيخ محمد عبده هو السبيل الذي يؤمل رجال الإصلاح من المسلمين الخير منه لبني ملتهم إذا ساروا فيه ! , فأتباع الشيخ
حقيقون بكل
ميل وعطف
وتنشيط من
الأوربيين !
( وقال في أواخر الفصل الذي تكلم فيه على المحاكم الشرعية )
ص/132
(ولا
يسعنى ختم ملاحظاتي بغير أن أتكلم عن مفتي الديار المصرية الجليل المرحوم الشيخ محمد عبده في شهر يوليو الفائت ،
وأن أبدي شديد أسفي على الخسارة العظيمة التي أصابت هذه النظارة بفقده ! فقد كان خير مرشد لنا في كل ما يتعلق
بالشريعة الإسلامية والمحاكم الشرعية، وكنا نرجع إليه كثيرًا للتزود من صائب آرائه والاستعانة بمساعدته الثمينة وكانت آراؤه على الدوام في المسائل الدينية أو الشبيهة بالدينية سديدة صادرة عن سعة في الفكر، كثيرًا ما كانت خير معوان لهذه النظارة في عملها وفوق ذلك فقد قام لنا بخدم جزيلة
لا تقدَّر في مجلس شورى القوانين في معظم ما أحدثناه أخيرًا من الإصلاحات المتعلقة بالمواد الجنائية وغيرها من الإصلاحات القضائية ؛
إذ كان يشرح للمجلس آراء النظارة ونياتها ويناضل عنها ويبحث عن حل يرضي الفريقين كلما اقتضى الحال ذلك ،
وإنه ليصعب تعويض ما خسرناه بموته؛] ([23] )
وينقل رشيد رضا كتاب مصر الحديثة للّورد كرومر وقول اللورد
في الشيخ محمد عبده: [وحقيقة الأمر
أن الرجل كان مفطورًا على الخيال, ويرى آراء لا يمكن الجري عليها ولكن إذا نظرنا إلى نسيج محمد عبده والذين يعلمون تعاليمه من جهة إمكان اتخاذهم ساسة للمستقبل نجد أن هناك بعض أوجه الضعف, وقد قال المستر ستانلي لاين بول : إن المسلم
من الطبقة العليا لا بد أن يكون أحد اثنين : (إما
متعصب أو
ملحد في
سره, وأخشى
أن يكون
صديقي محمد
عبده في
حقيقة أمره
(لا
أدريا)([24])
وقد علق اللورد
في ذيل هذه الصحيفة قوله : إنني قدمت
لمحمد عبده
كل تنشيط استطعته
مدة سنين
كثيرة, ولكنه عمل
شاق,
وقد أثنيت
عليه في تقاريري السنوية ثناءً عظيمًا, وأنا أعظم الناس أسفًا حقيقيًّا على وفاته
وقد قال المؤيد
في هذا التفاوت ما يأتي :قضى المرحوم
الشيخ محمد
عبده من
عمره بضع
عشرة سنة , وهو
صديق مخلص للورد
كرومر , وقضى هذا
اللورد زمنه
الذي صادق
فيه هذا
الشيخ وهو يساعده
في الوظائف
ويدافع عنه
فيها. ويقول الآن
بصريح العبارة : إنه
لولاه ما بقي
في منصب
الإفتاء طويلاً . ].([25])
وأظنّ أن ما مرّ معنا من نقول لا يحتاج إلى تعليق
وتوضيح عن علائق محمد عبده والمتأفغن بالإنجليز, وعن طبيعة هذه العلاقة وأهدافها
وغاياتها.
محمد عبده وموالاته للكفار:
لم يكتف محمد عبده بموالاته
للإنجليز؛ بل كان يوالي سائر أعداء الله من اليهود والنصارى والملحدين وغيرهم، فها
هو يخاطب قس النصارى إسحاق طيلر فيقول له: [كتابي إلى الملهم بالحق الناطق بالصدق
حضرة القس المحترم إسحق طيلر أيده الله في مقصده]([26]).
كما يراسل تولستوي([27]) فيقول
له:[ أيها الحكم الجليل تولستوي، لم نحظ بمعرفة شخصك ولكننا لم نحرم التعارف
بروحك, سطع علينا نور من أفكارك، أشرقت في آفاقنا شموس من آرائك, ألفت بين نفوس
العقلاء ونفسك... نَظَرتَ نظرة في الدين مزقت حجب التقليد ووصلت بها إلى حقيقة
التوحيد ]([28]).
ويقول له في رسالة أخرى:[ أيها الروح الذكي صدرت من
المقام العلي إلى العالم الأرضي وتجسدت فيما سمَّوه بتولستوي قوي فيك اتصال روحك
بمبدئه فلم تشغلك حاجات جسدك... ]([29]).
وتولستوي هذا إما نصراني أو ملحد ولا ثالث, ووصفه بما
وصفه محمد عبده يخرج الواصف من الملة.
ولا أجد نفسي مضطراً إلى التعليق.
دعوته إلى توحيد الأديان:
[ أما الدعوة
إلى التوفيق بين المسيحية والإسلام، فهي دعوة قديمة نرى طلائعها في مذكرات بلنت،
إذ أثبتت فيها بتاريخ 3 أبريل سنة 1904 حديثاً جرى بينه وبين الشيخ محمد عبده قال
فيه الأخير:" وفي أثناء نفيي في دمشق سنة 1883 كان أحد القسس في إنجلترا
يدعى(إسحاق تيلور) يقوم بالدعوة إلى توحيد الإسلام والنصرانية على أساس فكرة
التوحيد الموجودة في الإسلام والموجودة عند الكنيسة الأنجليكية، وكان لي صديق
فارسي اسمه(ميرزا باقر) يعتقد بإمكان تحقيق هذه الفكرة، وقد تمكن هذا من إقناعي
أنا وآخرين من علماء دمشق بكتابة رسالة إلى تيلور في الموضوع، وما أن وصلت هذه
الرسالة إلى القسّ تيلور حتى فرح بها ونشرها مستعيناً بها على إثبات صحة دعواه،
لكن لم ينشر أسماء الكاتبين إلا أن السلطان عبد الحميد كلّف سفيره في إنجلترا
معرفة تلك الأسماء، وكان سهلاً عليه فقد عرفها من القسّ نفسه، فحاق بي وبهؤلاء
العلماء الخمسة اضطهاد عظيم ]([30]).
[ وقد ذكر الشيخ رشيد رضا رسالتين للشيخ محمد عبده في
كتابه تاريخ الأستاذ الإمام، موجهة إلى القسّ الإنجليزي إسحاق تيلور للتقريب بين
الإسلام والنصرانية، وبين اشتراك اليهود فيها ]([31]).
ويقول محمد عمارة عن محمد عبده:[ غادر باريس إلى بيروت
عن طريق تونس، وهناك تفرغ للتربية والتعليم والتجديد الديني، وأسّس جمعية سرية للتقريب
بين الأديان السماوية ]([32]).
[ وقد انتسب للجمعية عدد من أتباع مختلف الديانات
السماوية، فاشترك من المسلمين إلى جانب الإمام محمد عبده وسكرتيرها(ميرزا باقر) كل
من (بير زاده)، وأبي تراب المعروف بتابع المتأفغن -كان خادماً لجمال الدين
المتأفغن- ومؤيد الملك أحد وزراء إيران، وحسن شاه مستشار السفارة الإيرانية في
الأستانة، وجميعهم شيعة من إيران، وشارك عن الأتراك كل من جمال بك نجل رامز بك
التركي، وأحمد مدحت أفندي صاحب مجلة (ترجمان حقيقت) واشترك عن النصارى كل من القسّ
إسحاق تيلر، والقسّ خريستفورس جبارة، ومن رجال الحكومة البريطانية شارك مفتش
المدارس في حكومة الهند (لنيتر) ومثّل اليهود فيها الدكتور(شمعون مويال) ]([33]).
فرئيس الجمعية محمد عبده, وسكرتيرها ميرزا باقر كان
شيعياً ثم تنصر [ وله نشاط واسع بالتبشير بالنصرانية، وكان معروفاً عنه الطعن
الفاحش في الإسلام ورسوله، ثم أعلن إسلامه فجأة، وتسمى بميرزا باقر, وكان اسمه من
قبل ميرزا يوحنا ]([34]).
[ وأبرز الأعضاء الأتراك أحمد مدحت أفندي، مشهور
بإلحاده بالديانات السماوية ]([35]).
ويقول الدكتور توفيق الطويل:[ جاهر محمد عبده في
الإسلام والنصرانية بأن الأصل السابع من أصول الإسلام الثمانية مودة المخالفين في
العقيدة... توخى الإمام أن يدافع في رده عن الإسلام دون أن يقدح في المسيحية،
وانتهى من رده إلى تنزيه الديانتين... بل صرّح القس الإنجليزي إسحاق تيلور بأن
تفسير الإمام يمهد له الطريق لإثبات الوحدة بين الديانتين في وسط يلتقي فيه المؤمن
بالقرآن والمؤمن بالإنجيل ]([36]).
أصول الإسلام عند محمد عبده:
وضع محمد عبده أصولاً ثمانية للإسلام لا يعرفها
المسلمون، وهي:
الأصل الأول: النظر العقلي لتحصيل الإيمان.
الأصل الثاني: تقديم العقل على ظاهر الشرع عند
التعارض.
الأصل الثالث: البعد عن التكفير.
الأصل الرابع: الاعتبار في سنن الله في الخلق.
الأصل الخامس: قلب السلطة الدينية.
الأصل السادس: حماية الدعوة لمنع الفتنة.
الأصل السابع: مودة المخالفين في العقيدة.
الأصل الثامن: الجمع بين مصالح الدنيا والآخرة([37]).
نماذج من آراء محمد عبده الدينية:
وقبل أن نكتب عن آرائه الدينية، حريّ بنا أن نتعرف على
طريقة وصوله إلى درجة مفتي مصر, وهو الفاشل دراسياً, الناجح في الماسونية
والجمعيات السرية وصداقة الفرنسيين والإنكليز والنصارى واليهود والنساء الأجنبيات
والبرنسيس نازلي.
يقول المستشار سالم البهنساوي:[ لقد طلب الخديوي
إسماعيل من رفاعة الطهطاوي تأليف كتاب في الحقوق والعقوبات الشرعية ليطبق في
المحاكم على غرار القوانين الأوربية بعد أن رفض مشايخ الأزهر القيام بهذا العمل،
وأوضح الخديوي للطهطاوي أنه أقدر على هذا العمل وأقدر على إقناع شيوخ الأزهر لأنه
منهم. لأن أوربا تضطرب إذا هم لم يستجيبوا لحكم شريعة نابليون، فاعتذر الطهطاوي
وطلب إقالته حتى لا يتعرض لتكفير مشايخ الأزهر له في آخر حياته، فأقاله الخديوي
وحلّ محله الشيخ محمد عبده... لقد كان الشيخ محمد عبده أكثر جرأة في حركة تحرير
المرأة، حيث شارك الأميرة نازلي فاضل في بعض الندوات، وكانت تجعل منزلها ديواناً
للندوات حيث ذكر الشيخ محمد رشيد رضا أن الشيخ محمد عبده اصطحبه ذات مرة إلى
محفلها، فكان من الحضور الشيخ محمد عبده وسعد زغلول باشا وغيرهم، وكانت تتكلم
بطلاقة وتحتج عليهم، وقد كان لهذه الأميرة أثر في الشيخ محمد عبده... وبعد تردده
على ديوان الأميرة نازلي خفت حملته على إنجلترا، وسمع بالصداقة الشخصية للورد
كرومر الذي كان صديقاً للأميرة، مما جعله محلّ نقد بعض الوطنيين وشيوخ الأزهر...
وقد كتب الشيخ محمد عبده عن تعليم المرأة وتقييد الطلاق وتقييد تعدد الزوجات،
وتناول ذلك في دروس التفسير التي نشرها تلميذه محمد رشيد رضا، وأخذ قاسم أمين عنه
ذلك ]([38]).
[ وقد صرّح اللورد كرومر بأن الشيخ محمد عبده يظل
مفتياً في مصر ما ظلت بريطانيا العظمى ممثلة لها ]([39]).
[وهذا
هو عنوان الفصل السابع من تقرير اللورد كرومر عن مصر والسودان لسنة 1905 )
قال: (اختطفت المنية في السنة الماضية رجلاً مشهورًا في الهيئة السياسية والاجتماعية بمصر أريد به الشيخ محمد عبده فأحببت أن أسطر هنا رأيي الراسخ في ذهني ،
وهو أن مصر خسرت بموته قبل وقته خسارة عظيمة... أما مريدو الشيخ محمد عبده وأتباعه الصادقون فموصوفون بالذكاء والنجابة !ولكنهم قليلون
وهم بالنظر إلى النهضة الملية بمنزلة الجيروندست في الثورة الفرنسوية ،
فالمسلمون المتنطعون المحافظون على كل أمر قديم يرمونهم بالضلال والخروج عن الصراط المستقيم فلا يكاد يؤمل أنهم يستميلون هؤلاء المحافظين إليهم ويسيرون بهم في سبيله. ...إذ
لا ريب عندي في أن السبيل القويم الذي أرشد إليه المرحوم الشيخ محمد عبده هو السبيل الذي يؤمل رجال الإصلاح من المسلمين الخير منه لبني ملتهم إذا ساروا فيه ! , فأتباع الشيخ
حقيقون بكل
ميل وعطف
وتنشيط من
الأوربيين !
( وقال في أواخر الفصل الذي تكلم فيه على المحاكم الشرعية )
ص/132
(ولا
يسعنى ختم ملاحظاتي بغير أن أتكلم عن مفتي الديار المصرية الجليل المرحوم الشيخ محمد عبده في شهر يوليو الفائت ،
وأن أبدي شديد أسفي على الخسارة العظيمة التي أصابت هذه النظارة بفقده ! فقد كان خير مرشد لنا في كل ما يتعلق
بالشريعة الإسلامية والمحاكم الشرعية، وكنا نرجع إليه كثيرًا للتزود من صائب آرائه والاستعانة بمساعدته الثمينة وكانت آراؤه على الدوام في المسائل الدينية أو الشبيهة بالدينية سديدة صادرة عن سعة في الفكر، كثيرًا ما كانت خير معوان لهذه النظارة في عملها وفوق ذلك فقد قام لنا بخدم جزيلة
لا تقدَّر في مجلس شورى القوانين في معظم ما أحدثناه أخيرًا من الإصلاحات المتعلقة بالمواد الجنائية وغيرها من الإصلاحات القضائية ؛
إذ كان يشرح للمجلس آراء النظارة ونياتها ويناضل عنها ويبحث عن حل يرضي الفريقين كلما اقتضى الحال ذلك ،
وإنه ليصعب تعويض ما خسرناه بموته؛] ([40] )
وينقل رشيد رضا كتاب مصر الحديثة للّورد كرومر وقول اللورد
في الشيخ محمد عبده: [وحقيقة الأمر
أن الرجل كان مفطورًا على الخيال, ويرى آراء لا يمكن الجري عليها ولكن إذا نظرنا إلى نسيج محمد عبده والذين يعلمون تعاليمه من جهة إمكان اتخاذهم ساسة للمستقبل نجد أن هناك بعض أوجه الضعف, وقد قال المستر ستانلي لاين بول : إن المسلم
من الطبقة العليا لا بد أن يكون أحد اثنين : (إما
متعصب أو
ملحد في
سره, وأخشى
أن يكون
صديقي محمد
عبده في
حقيقة أمره
(لا
أدريا)([41])
وقد علق اللورد
في ذيل هذه الصحيفة قوله : إنني قدمت
لمحمد عبده
كل تنشيط استطعته
مدة سنين
كثيرة, ولكنه عمل
شاق,
وقد أثنيت
عليه في تقاريري السنوية ثناءً عظيمًا, وأنا أعظم الناس أسفًا حقيقيًّا على وفاته
وقد قال المؤيد
في هذا التفاوت ما يأتي :قضى المرحوم
الشيخ محمد
عبده من
عمره بضع
عشرة سنة , وهو
صديق مخلص للورد
كرومر وقضى
هذا اللورد
زمنه الذي
صادق فيه
هذا الشيخ
وهو يساعده في
الوظائف ويدافع
عنه فيها. ويقول
الآن بصريح
العبارة : إنه لولاه
ما بقي في
منصب الإفتاء
طويلاً . ].([42])
محمد عبده وتأسيسه حزب علماني لا ديني (الحزب الوطني)
ويقول بلنت المستشرق الإنجليزي الجاسوس([43]):[
قمت بالاشتراك مع الشيخ محمد عبده وآخرين من الزعماء المدنيين بإعداد بيان أمليناه
على(صابونجي) سكرتير بلنت وضمناه موجزاً لأفكار الحزب الوطني -القديم-، ثم أخذه
محمد عبده إلى محمود باشا سامي الذي عين وزيراً للحربية مرة أخرى، وحصل منه على
موافقته على البيان، كما عرض على عرابي ووافق عليه.
أطلق هذا البيان اسم برنامج الحزب الوطني -القديم-،
وقام صابونجي بترجمته إلى الإنجليزية، ونقّح بلنت الترجمة ثم أرسله إلى جلادستون
رئيس وزراء بريطانيا، وأرسل نسخة منه إلى تشينري رئيس تحرير صحيفة التايمز ]([44]).
1- يرى الحزب الوطني ... أنه يحافظ على امتيازاته
الوطنية بكل ما في وسعه, ويقاوم من يحاول إخضاع مصر وجعلها ولاية عثمانية, أي
من يريد سلب امتيازاتها ونسخ الفرمانات التي منحتها استقلالها الإداري.
وله ثقة بدول أوربا لا سيما انجلترا المدافعة عنه, ويود أن تدوم هذه المحبة حتى يحصل على حرية مصر
واحترامها.
3- رجال هذا الحزب يعترفون بفضل فرنسا وانجلترا اللتين
خدمتا مصر خدمة صادقة, ويعلمون أن استمرار المراقبة الأوربية هو الكفالة العظمى
لنجاح أعمالهم, .... ومعلوم
لهم أن ما حصلوا عليه من الحرية, والعدل كان بمساعدة هاتين الدولتين, فهم
يشكرونهما ويثنون عليهما.
4- رجال الحزب الوطني يبعدون عن
الأخلاط الذين شأنهم إحداث القلاقل في البلاد
5- الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني, فإنه مؤلف من رجال
مختلفي العقيدة والمذهب, وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم بلغتها
منضم إليه, لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات, ويعلم أن الجميع إخوان وأن حقوقهم في
السياسة والشرائع متساوية,
6- آمال هذا الحزب معقودة على إصلاح البلاد مادياً
وأدبياً, ولا يكون ذلك إلا بحفظ الشرائع والقوانين وتوسيع نطاق المعارف وإطلاق
الحرية السياسية التي يعتبرونها حياة للأمة.
وللمصريين اعتقاد في دول أوربا التي تمتعت ببركة
الحرية والاستقلال أن تمتعهم بهذه البركة,
18ديسمبر سنة1881]([45])
ولا أرى أن هناك حاجة للتعليق على برنامج حزب العمالة
الذي أسسه المتأفغن وصنيعته محمد عبده .
يقول عنه محمد عمارة تحت عنوان هدم السلطة الدينية:
[فيما يتعلق بطبيعة السلطة السياسية في المجتمع، وهل هي سلطة دينية أم مدنية؟؟
وفهم الأستاذ الإمام لموقف الإسلام من هذه القضية.. نلتقي بفكر واضح ومحدد وحاسم
يقدمه الشيخ محمد عبده في هذا الموضوع ... فهو يرفض رفضاً قاطعاً أن يكون الدين
الإسلامي نصيراً لقيام سلطة دينية في المجتمع بأي وجه من الوجوه وبأي شكل من
الأشكال، ويقيم على ذلك الحجج ويقدم لذلك البراهين.
فهو يقول مثلاً : ((إنه ليس في الإسلام سلطة دينية،
سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر، وهي سلطة خولها
الله لأدنى المسلمين يقرع بها أنف أعلاهم، كما خولها لأعلاهم يتناول بها أدناهم)).
بل يذهب إلى ما هو أبعد من هذا، فيرى أن إحدى المهام
التي جاء لها الإسلام ونهض بها في المجتمع الذي ظهر فيه، والتي تعتبر أصلاً من
أصوله، هي قلب السلطة الدينية واقتلاعها من الجذور، فيقول (( أصل من أصول
الإسلام .. قلب السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها. هدم الإسلام بناء تلك
السلطة، ومحا أثرها، حتى لم يبق لها عند الجمهور من أهله اسم ولا رسم ، ولم يدع
الإسلام لأحد بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد ولا سيطرة على أيمانه، وعلى
أن الرسول عليه السلام كان مبلغاً ومذكراً، لا مهيمناً ولا مسيطراً .. وليس
لمسلم، مهما علا كعبة، في الإسلام، على آخر ، مهما انحطت منزلته فيه، إلا حق
النصيحة والإرشاد.. فالمسلمون يتناصحون، وهم يقيمون أمة تدعو إلى الخير، وهم
المراقبون عليها، يردونها إلى السبيل السوي إذا انحرفت عنهن وتلك الأمة ليس لها
عليهم إلا الدعوة والتذكير والإنذار.]([46]).
ويقول عمارة عنه :[ومن هذا الموقع الفكري, ومن هذا
الموقف العملي رفض الرجل "المقاطعة" لسلطات الاحتلال, أو إشهار الحرب
عليها .. ولقد كانت بالمجتمع المصري يومئذ فئات من المتطلعين إلى ثقافة أوربا
وحضارتها يدخلون مع رجالات الإنجليز في علاقات متشعبة طلباً لهذه الثقافة
والتماساً لهذه الحضارة, ... أي أن قوى عديدة في المجتمع يومئذ كانت تسعى
للأخذ عن الأجانب العديد من الأشياء النافعة والتقدمية .. ومع هذه القوى وقف
الأستاذ الإمام فأحل لهم أخذ هذا اللون النافع من "الأفكار"
و"الخبرات", وأفتى بأن الاستعانة بالأجانب المخالفين لنا في الدين
والجنس, والتعاون معهم في هذا السبيل هو أمر حلال يبيحه الشرع والدين .. فيكتب في
فتوى (استعانة المسلمين بالكفار) ... وأن الأمة الإنجليزية "من بين الأمم
الأوروبية .. تعرف كيف تحكم من ليس على دينها, وتعرف كيف تحترم عقائد من تسوسهم
وعوائدهم .. فهي وحدها الأمة المسيحية التي تقدر على التسامح حق القدرة..]([47])
وعندما قامت دعوات لإعادة الخلافة قال محمد
عبده:[الإمام هو القرآن إن المسلمين ليس لهم اليوم إمام إلا القرآن, وإن الكلام في
الإمامة مثار فتنة يخشى ضره ولا يرجى نفعه الآن.]([48])
ولما كتب رشيد رضا عن الإمامة عاتبه محمد عبده وألغى
المقال جاء في مجلة المنار :[ وفي ضحوة اليوم الثاني ذهب –أي رشيد رضا -إلى زيارة الأستاذ
الشيخ محمد عبده في داره بالناصرية، واستشار السيد أستاذه في إنشاء الصحيفة التي يريدها،
وشاوره في تسميتها ، وذكر له اسم (المنار) مع أسماء أخرى، فاختار الأستاذ الإمام اسم
(المنار) ، ثم شرع السيد في تحريره ، وكتب فاتحة العدد الأول بالقلم الرصاص في جامع
الإسماعيلي المجاور لدار الأستاذ بالناصرية ، وكان ذلك في منتصف شوال 1315 هـ وذهب
بها إلى داره وعرضها عليه ؛ فأعجب بها كل الإعجاب، ورضي كل ما ذكر فيها من المقاصد
والأغراض إلا كلمة واحدة هي تعريف الأمة
بحق الإمام وتعريف الإمام بحق الأمة. فحذف السيد هذه الكلمة
عن رأي أستاذه وإشارته]([49]).
قال محمد عبده في مقال بعنوان: [الحياة السياسية: ....
فإذا حصل هذا الأدب للوطني السياسي, وكان مع ذلك نبيل النفس, طاهر الذيل, صادق
النية, قادراً على إيثار المصلحة العمومية, فله حينئذ (حينئذ فقط) ما لسائر أهل
الحياة السياسية, وهي حقوق كريمة مقدسة لا ينبغي أن يمسها إلا المطهرون من درء
الدنيئات: حرية رأي, وحرية قول, وحرية انتخاب.... فالجدير بأهل الحياة
السياسية من أي الناس كانوا, أن يجعلوا الوطن وحدتهم, لامتناع الخلاف فيه بين
ذويه. ....فإذا كان الوطن هو الوحدة التي تجتمع كلمة الأمة عليها عظم بذلك شأنه
المعنوي وتعلقت به المنافع الكلية, وصار المحور الذي تدور عليه المقاصد والمساعي,
فيرتفع قده ويعلو مكانه, وإذا ارتفع قدر الوطن فذلك يعود بالشرف والعز على ساكنيه
لأنه لا حقيقة له إلا بهم وفيهم, ولا رفعة فيه إلا منهم ولهم, فهم إياه, وهو لفظ
وجودهم ومعناه.
فيا أبناء الوطن العزيز, لئن فرق بينكم اختلاف الآراء,
وتنوع المشارب وتلون التصورات, قد وجدتم في الجامعة الوطنية ما تألفون به وتجتمعون
عليه, فيجعلكم عصبة خير متلاحمة الأطراف, متوازرة متضافرة كالبنيان المرصوص.فهلم
إلى هذه الجامعة ننشر لواءها ونرفع منارها,]([50])
وقال في العدد الثاني منه:[الحياة السياسية: تقرر
فيما سلف أن لا بد لذوي الحياة السياسية من وحدة يرجعون إليها, ويجتمعون عليها,
اجتماع دقائق الرمل حجراً صلداً, وأن خير أوجه الوحدة الوطن, لامتناع الخلاف
والنزاع فيه, ونحن الآن مبينون بعون الله ماهية هذا الوطن, وبعض ما يجب على
ذويه.
فإذا تقرر ذلك مما قلناه, وجب على المصري حب الوطن من
كل هذه الوجوه, فهو سكنه الذي يأكل فيه هنيئاً, ويشرب مريئاً, ويبيت في الأهل
أميناً, وهو مقامه الذي ينسب إليه, ولا يجد في النسبة عاراً, ولا يخاف تعييراً,
وهو الآن موضع حقوقه وواجباته التي حصلت له بما أوضحناه من دخوله في دور الحياة
السياسية. ]([51])
ويقول في رسالة لأحد أتباعه: [ أيها المؤمن حقاً هل
أخاطبك بالأخ الصالح أو بالابن البار ولكن أعلم أنك مؤمن ببلادك... تلقيت بيميني
يمينك وضممت إلى يقني يقينك ]([52]). أي
أن الإيمان بالبلاد عنده من الإيمان الحق.
بل يخرج علينا بنغم لم يسبق إليه أحد وهو تفسير
الإجماع (اتفاق الحكومة) فيقول:
[أولي الأمر معصومون بهذا الأمر الإجماعي: ... وما لا يوجد فيه نص ينظر فيه أولو الأمر, إذا
كان من المصالح, لأنهم هم الذين يثق بهم الناس فيها ويتبعونهم, فيجب أن يتشاوروا
في تقرير ما ينبغي العمل به, فإذا اتفقوا وأجمعوا وجب العمل بما أجمعوا عليه]([53])
وكان أولي أمره وأمر مصر آنذاك الإنجليز.
ويتابع في العدد الثاني فيقول: [كلام في خطأ العقلاء: ويا
ليت العقلاء منا في الزمن السابق اقتدوا بالبلاد المتمدنة في الأزمان السابقة, عند
إرادتهم تأييد الاستقلال حقيقة, حيث بدؤوا بالمجالس البلدية, فكان يمكنهم أن
يصنعوا لأهل البلاد قانونا بسيطاً ينطبق على عوائدهم وأحوالهم, ويقرب فهمه من
إدراكاتهم, ثم يفوض إلى أهل كل بلد أن تنتخب منها عدداً معيناً ليقوم بالفصل بينهم
على مقتضى هذا القانون, ثم يصنعوا مثل ذلك في المدن على حسبها, ويذهب أشخاص من
العارفين على القرى والمدن ليفهموا أولئك مواد القانون السهل البسيط, ويدربوهم على
كيفية العمل به, ثم لا يزالوا على المراقبة أزماناً, فلا تمضي مدة حتى يكون جميع
الأهالي عالمين بما يجب عليهم, فتنموا فيهم القوة, وتحيا فيهم روح الاختيار, كما
كانت عليه الجمعيات ببلاد "إيطاليا" و "فرنسا" وغيرها في مبدأ
تمدنها, ثم يتدرجوا في القوانين إلى أرقى مما وضعوا أولاً, مع تفهيمه وتعليمه
لجمهور الأهالي, ليعلموه فيقفوا عند حده... فعلى من يريد بنا خيراً أن يذهب بنا
طريقاً قويماً, ولا أراه إلا نشر القوانين _( وإن كانت طويلة صعبة المنال في
وقتنا هذا وما لا يدرك كله لا يترك كله)_.]([54])
ثم يردف بمقال يطالب فيه باحترام القوانين فيقول:
[احترام قوانين الحكومة وأوامرها من سعادة الأمة إنما تسعد البلاد, وتستقيم حالها,
إذا ارتفع فيها شأن القانون, وعلا قدره, واحترمه الحاكمون قبل المحكومين,
واستعملوا غاية الدقة في فهم فصوله وحدوده, والوقوف على حقائق مغزاه, وسهروا
لتطبيق أعمالهم جزئية وكلية على منطوقه الحقيقي ومفهومه. عند ذلك تحيا البلاد
حياة حقيقية, وتسري فيها روح السعادة, وتهطل سحائب الرحمة, فتخصب بها الأرض
بالثروة, ... فلا تصدر حركة من آمر أو
مأمور إلا على طبق ما رسمته في أوامرها العالية,]([55])
ثم قال في مقال:[ أما القانون فهو الناموس الحق
الذي ترجع إليه الأمم في معاملاتها العمومية, وأحوالها الخصوصية, وهيئاتها النفسية,
أعَمُّ من أن يكون متعلقاً بروابط الممالك وعلائقها, أو منوطاً بالسياسة الداخلية,
كالإدارة المدنية, والتدابير المنزلية, أو باحثاً عن الأخلاق الفاضلة, وما ينبغي
أن يتحلى به الإنسان منها, وما يجب أن يبتعد عنه من أضدادها, وساء كان في أمة
واحدة أو أمم متعددة. ....
أما الإنسان الذي ساعده التوفيق بالانقياد لأحكام
القانون, فإنه حفظه باطناً وظاهراً, وتمسك به غائباً وحاضراً, حتى صار ركناً من
لوازم حياته, وعدة لمقاصده وغاياته, وملهج لسانه في بكره وعشياته, إلى أن عرف به
واجباته الحقوقية, وفرائض معيشته العمومية والخصوصية, وأمن به من مصائب الظلم
ونوازله, والجور وغوائله, واطمأن به على نفسه وعرضه وماله, فسكن قلبه بعد
الاضطراب, وقرت عينه برياض الأمن والأمان, وتولد في أملٌ حَمَلَهُ على إدمان
العمل, فأعمل فكرته الخامدة, وأجرى حركته الراكدة, ولا زال يرتاد مواطن العلم
ومعاهده, ويقتنص بحبالة الاستكشاف كل فائدة, فيا أيها الذين ينحرفون عن القوانين, ويعدلون عن
طرق النظامات, لغرور وقتي ارفقوا بأنفسكم, واعتبروا بمن يماثلكم في الصورة
الإنسانية, وانظروا إليهم كيف عظموا القوانين, ورفعوا شأن الحقوق, فأصبحوا في غاية
من القوة والعزة, فانهضوا لمجاراتهم في الصدق إن كنتم تعقلون, .., فالقانون هو
سر الحياة, وعماد سعادة الأمم, وأن القوة لا تأتي بثمرتها الحقيقية إلا إذا
عُضِّدت باتباع الشرع والقانون العام الذي أقر العقلاء بوجوب اتباعه.]([56])
ثم قال في مقال آخر بعنوان: [اختلاف القوانين باختلاف
أحوال الأمم .... ولما كانت القوانين مناط ضبط الأعمال, لتكون منتجة لجلال
الفوائد, وهي ثمرة الأعمال النظرية, وخلاصة الأبحاث الفكرية, صارت قوانين كل أمة
على نسبة درجتها في العرفان, واختلفت القوانين باختلاف الأمم في الجهالة والعلم.
فلا يجوز حينئذ وضع قانون طائفة من الناس لطائفة أخرى
تباينها في درجة العرفان, ... بل الأجدر بهم أن يعلموا أولاً: ما هي الحاجة,
ليستووا مع غيرهم في العالمية, ويتحدوا معهم في ما يترتب عليها. وقد جرت عادة
المشرعين في كل زمان, أن يراعوا في وضع القوانين درجة عقول الذين يراد وضعها لهم,.
.. ولنا شاهد على ما ذكرناه حالة بلادنا من قبل, فقد مر على أهلها زمن كانوا
فيه همجاً لا يعرفون صالح نفوسهم, لتمكن الجهل منها وقتئذ,....فقد تقرر في
مدارك العلماء والسياسيين من سابق ولاحق, أن المشرعين وواضعي القوانين يضطرون
دائماً على مراعاة العوائد والأخلاق, ليتمكنوا من تأسيسها على وجه عادل نافع, بل
إن أحوال الأمم بنفسها هي المشرع الحقيقي, والمرشد الحكيم ؟! ... فاختلاف
هيئات الحكومات, وتبدل قوانينها, تابع لما تقضي به حقوق الوطنية. ]([57])
وقال في مقال بعنوان: [السلطة للصفوة المستنيرة: ... وليس من الحكمة أن تعطي الرعية ما لم تستعد
له, فذلك بمثابة تمكين القاصر من التصرف بماله قبل بلوغ سن الرشد, وكمال التربية
المؤهلة والمعدة للتصرف المفيد]([58])
وقال في مقال بعنوان:[مصر والمحاكم الأهلية: رأينا بين
عدة من الجرائد المصرية منافسة في هذا الموضوع أتت جريدة على ذكر ما يشاع من الخلل
في المحاكم الأهلية بمصر, وتذرعت بذلك إلى الكلام في وكيل الحقانية, وأناطت جميع
الخلل بأثرته وتطرفه في الميل إلى أبناء طائفته (القبط), حيث أقام منهم في مناصب
القضاء وما يتعلق به من لا أهلية فيه لإجادة العمل, واسترسلت في ذلك إلى دعوى أن
المسلمين قد نظروا إلى هذا التصرف بعين الناقم, فعارضتها جريدة أخرى, ودفعت ما
ادعته من وقوع الضغائن بين المسلمين وبين إخوانهم في الوطنية من الأقباط,...
ولهذا لا نرى للقبط في مصر مسألة سياسية تعني بها دول أوروبا كما نرى لغيرهم في
غير مصر مسائل. أما بطرس باشا غالي فهو رجل ذكي حاذق في عمله, بصير بأمره, تقلب في
وظائف الحكومة من عنفوان شبيبته, ورقي به اجتهاده إلى ما وصل إليه من سامي وظيفته,
وكان "باشكاتب" الحقانية زمناً طويلاً, ثم صار وكيل الحقانية من نحو ست
سنوات,]([59])
بعض آراء محمد عبده الدينية:
ويقول محمد عبده عن التعدد في الزواج: وقال محمد عبده
[وبديهي أن في تعدد الزوجات احتقاراً شديداً للمرأة, لأنك لا تجد امرأة
ترضى أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى, كما أنك لا تجد رجلاً يقبل أن يشاركه غيره
في محبة امرأته, وهذا النوع من حب الاختصاص طبيعي للمرأة كما أنه طبيعي للرجل... ويظهر
لي أن رجلاً مهذباً عارفاً بما يفرضه عليه الشرع والعدل لا يطيق النهوض بما يضعه
على عاتقه الجمع بين امرأتين ... ولا يعذر رجل يتزوج أكثر من امرأة: اللهم إلا في
حالة الضرورة المطلقة, كأن أصيبت امرأته الأولى بمرض لا يسمح لها بتأدية حقوق
الزوجية.. أقول ذلك ولا أحب أن يتزوج الرجل بامرأة أخرى حتى في هذه الحالة
وأمثالها, حيث لا ذنب للمرأة فيها, والمروءة تقضي أن يتحمل ما تصاب به امرأته من
العلل, كما يرى من الواجب أن تتحمل هي ما عساه أن يصاب به.
وكذلك توجد حالة تسوغ للرجل أن يتزوج بثانية, إما مع
المحافظة على الأولى إذا رضيت أو تسريحها إن شاءت, وهي ما إذا كانت عاقراً لا تلد,
لأن كثيراً من الرجال لا يتحملون أن ينقطع النسل في عائلتهم. أما في غير هذه
الأحوال فلا أرى تعدد الزوجات إلا حيلة شرعية لقضاء شهوة بهيمية, وهو علامة تدل
على فساد الأخلاق واختلال الحواس وشره في طلب اللذائذ..]([60])
وقال: [فلا يباح لأحد من المسلمين أن يزيد في
الزوجات على واحدة إلا إذا وثق بأن يراعي حق كل واحدة منهن ويقوم بينهن بالقسط,
ولا يفضل إحداهن على الأخرى في أي أمر حسن يتعلق بحقوق الزوجية التي تجب مراعاتها,
فإذا ظن أنه إذا تزوج فوق الواحدة لا يستطيع العدل وجب عليه أن يكتفي بواحدة
فقط... ثم إنه _أي الإسلام_ شدد الأمر على المكثرين إلى حد لو عقلوه لما
زاد واحد منهم على الواحدة.... وأما جواز إبطال هذه العادة, أي عادة تعدد
الزوجات فلا ريب فيه. ... ولهذا يجوز للحاكم وللقائم على الشرع أن يمنع
التعدد دفعاً للفساد الغالب..... وبالجملة فيجوز الحجر على الأزواج عموماً
أن يتزوجوا غير واحدة إلا لضرورة تثبت لدى القاضي ولا مانع من ذلك في الدين البتة
وإنما الذي يمنع هو العادة فقط]([61]).
ويقول محمد عبده: [ إن إباحة تعدد الزوجات مضيق فيها
أشد التضييق، فهي ضرورة تباح لمن يحتاج إليها بشرط الثقة بإقامة العدل والأمن من
الجور ]([62]).
واشترط محمد عبده [ انقضاء الخوف وعدم العدل بين
الزوجات، ثم قال وهو شرط يعزّ تحقيقه، وهو من فقهه واختبر حال الذين يتزوجون بأكثر
من واحدة يتجلى له أن أكثرهم لم يلتزم الشرط، ومن لم يلتزمه فزواجه غير إسلامي ]([63]).
وفي بحث كتبه عن الحجاب: "حجاب النساء من الجهة
الدينية قال:
[الحجاب على هذه الطريقة المعهودة, وإنما هي عادة
عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس
الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين والدين براء منها.
ولذلك لا نرى مانعاً من البحث فيها, بل نرى من الواجب أن نلم بها, ونبين حكم
الشريعة في شأنها, وحاجة الناس إلى تغييرها...
عجباً! لم تؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم عن النساء إذا خافوا الفتنة
عليهن؟! هل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة, واعتبر الرجل أعجز من المرأة
عن ضبط نفسه والحكم على هواه؟ واعتبرت المرأة أقوى منه في كل ذلك, حتى أبيح للرجال
أن يكشفوا وجوههم لأعين النساء مهما كان لهم من الحسن والجمال, ومنع النساء من كشف
وجوههن لأعين الرجال منعاً مطلقاً خوف أن ينفلت زمام هوى النفس من سلطة عقل الرجل فيسقط في الفتنة بأي امرأة ]([64])
وقال في الطلاق: [إن الطلاق الذي نص عليه القرآن هو
واحد رجعي دائماً...وأن سمح لي القارئ أن أبدي هنا كل ما أظنه صواباً أقول: لا
يمكنني أن أفهم أن الطلاق يقع بكلمة لمجرد التلفظ بها مهما كانت صريحة... -ثم
اقترح ما يلي-
المادة الأولى:كل زوج يريد أن يطلق زوجته فعليه أن
يحضر أمام القاضي الشرعي أو المأذون الذي يقيم في دائرة اختصاصه ويخبره بالشقاق
الذي بينه وبين زوجته.
المادة الخامسة: لا يصح الطلاق إلا إذا وقع أمام
القاضي أو المأذون, وبحضور شاهدين, ولا يقبل إثباته إلا بوثيقة رسمية... ولكن لنا
أن نلاحظ أنه مهما ضيقنا حدود الطلاق فلا يمكن أن تنال المرأة ما تستحق من
الاعتبار والكرامة إلا إذا منحت حق الطلاق. ومن حسن الحظ أن شريعتنا النفيسة لا
تعوقنا في شيء مما نراه لازماً لتقدم المرأة, والوصول إلى منح المرأة حق
الطلاق.....
ولما كان تخويل الطلاق للنساء مما تقتضيه العدالة
والإنسانية لشدة الظلم الواقع عليهن من فئة غير قليلة من الرجال لم تتحمل أرواحهم
بالوجدانات الإنسانة السليمة كان لي الأمل الشديد في أن يحرك صوتي الضعيف همة كل
رجل محب للحق من أبناء وطني خصوصاً من أولياء الأمور إلى إغاثة هؤلاء الضعيفات
المقهورات الصابرات]([65])
ومحمد
عبده يرى الوحي بأنه [ عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من الله بواسطة أو
بغير واسطة]([66]).
لذا يرى إمكانية الوحي حالياً فيقول"إمكان
الوحي" [ويفرق بينه وبين الإلهام بأن الإلهام وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلب على غير شعور منها من
أين أتى, وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور
أما إمكان حدوث هذا النوع من العرفان (الوحي), وانكشاف
ما غاب من مصالح البشر عن عامتهم لمن يختصه الله بذلك وسهولة فهمه عند العقل, فلا
أراه مما يصعب إدراكه إلا على من لا يريد أن يدرك....قلت: أي استحالة في الوحي؟ وأن ينكشف لفلان ما لا
ينكشف لغيره, من غير فكر ولا ترتيب مقدمات فكر, مع العلم أن ذلك من قِبَل واهب
الفكر ومانح النظر, متى حفت العناية من مّزته هذه النعمة.
مما شهدت به البديهة أن درجات العقول متفاوتة, يعلو
بعضها بعضاً, وأن الأدنى منها لا يدرك ما عليه الأعلى إلا على وجه من الإجمال, وأن
ذلك ليس لتفاوت المراتب في التعليم فقط, بلا لا بد معه من التفاوت في الفطر التي
لا مدخل فيها لاختيار الإنسان وكسبه, ولا شبهة في أن من النظريات عند بعض
العقلاء ما هو بديهي عند من هو أرقى منه ولا تزال المرتب ترتقي في ذلك إلى ما لا
يحصره العدد, وأن من أرباب الهمم وكبار النفوس من يرى البعيد عن صغارها قريباً
فيسعى إليه, ثم يدركه, والناس دونه ينكرون بدايته, ويعجبون لنهايته, ثم يألفون ما
صار إليه كأنه من المعروف الذي لا ينازع, والظاهر الذي لا يجاحد, فإذا أنكره منكر
ثاروا عليه ثورتهم في بادئ الأمر على من دعاهم إليه, ولا يزال هذا الصنف من الناس
على قلته ظاهراً في كل أمة إلى اليوم.
فإذا سلم _ولا محيص عن التسليم_ بما أسلفنا من
المقدمات, فمن ضعف العقل والنكول عن النتيجة اللازمة لمقدماتها, عند الوصول إليها,
أن لا يسلم بأن من النفوس البشرية ما يكون لها من نقاء الجوهر, بأصل الفطرة, ما
تستعد به, من محض الفيض الإلهي, لأن تتصل بالأفق الأعلى, وتنتهي من الإنسانية إلى
الذروة العليا, وتشهد من أمر الله شهود العيان ما لم يصل غيرها إلى تعلقه أو تحسسه
بعصا الدليل والبرهان, وتتلقى عن العليم الحكيم ما يعلو وضوحاً على ما يتلقاه
أحدنا عن أساتذة التعاليم, ثم تصدر عن ذلك العلم إلى تعليم ما علمت ودعوة الناس
إلى ما حملت على إبلاغه إليهم, وأن يكون ذلك سنة الله في كل أمة وفي كل زمان على
حسب الحاجة]([67])
ولا غرابة في ذلك عند الرجل فأستاذه يدعي أن النبوة
صنعة من الصنائع تأتي بالاكتساب.
يقول الدكتور أحمد أمين: [ رُمي بالإلحاد وهو بالأستانة عند
زيارته لها لأول مرة، إذ خطب في دار الفنون خطبة ذكر فيها أشياء.. ]([68]).
ويقول
تلميذ الأفغاني النصراني سليم عنحوري([69]).عنه:
[ ارتجل خطبة في الصناعات غالى فيها إلى حدّ أدمج النبوة في عدد الصنائع المعنوية،
فشغب عليه طلبة العلم وشدّدت صحيفة " الوقت " عليه النكير ]([70]).
رأيه في الحياة الآخرة:
يقول محمد عبده: [ في الحياة الآخرة حالة سعيدة وأخرى
شقية، ولكن على أية صورة تكون السعادة ويكون الشقاء؟ فهذا مالا علم لي به. على أني
لا أعتقد بالعذاب الأبدي ]([71]).
رأيه في الرِّبـا:
لا بأس بالربا عند الشيخ محمد عبده وتلميذه رشيد رضا
ولا عند جمال الدين. يقول جمال الدين: [ يجوز الربا المعقول الذي لا يثقل كاهل
المديون، ولا يتجاوز في برهة من الزمن رأس المال ويصير أضعافاً مضاعفة ]([72]).
ويقول محمد عبده: [ إن أهل بخارى جوّزوا الربا لضرورة
الوقت عندهم، والمصريون قد ابتلوا بهذا فشدّد الفقهاء على أغنياء البلاد، فصاروا
يرون أن الدين ناقص، فاضطر الناس إلى الاستدانة من الأجانب بأرباح فاحشة استنزفت
ثروة البلاد، والفقهاء هم المسؤولون عند الله عن هذا... كان عليهم أن يعرفوا حالة
العصر والزمان ويطبقوا عليه الأحكام بصورة يمكن للناس اتباعها... لا أنهم يقتصرون
على المحافظة على نقوش هذه الكتب ويجعلونها كل شيء ]([73]).
ويقول التلميذ رشيد رضا: [ وأكثر معاملات البنوك لا
ظلم فيها، بل فيها ما فيه رحمة للمتعاملين، فإن العاجز عن الكسب إذا ورث المال
وأودعه بربا الفضل يستفيد هو والبنك معاً ]([74]).
[ومن تعليقاته في شرح "نهج البلاغة": إن
قضاء الله في الفعل الإنساني ليس لازماً, وقدره ليس حتماً]([75])
ومما قاله في تطور الأديان:
[جاءت أديان والناس من فهم مصالحهم العامة, بل
والخاصة, في تطور أشبه بتطور الطفولية, للناشئ الحديث العهد بالوجود, لا يألف
منه إلا ما وقع تحت حسه, ويصعب عليه أن يضع الميزان بين يومه وأمسه, وأن يتناول
بذهنه من المعاني ما لا يقرب من لمسه, ولم ينفث في روعه من الوجدان والباطن ما
يعطفه على غيره من عشيرة أو ابن جنسه, فهو من الحرص على ما يقيم بناء شخصية في هم
شاغل عما يُلقَى إليه فيما يصله بغيره, اللهم إلا يداً تصل إلى فمه بطعام أو تسنده
بقعود أو قيام.
فلم يكن من حكمة تلك الأديان أن تخاطب الناس بما
يَلْطفُ في الوجدان, أو يرقى إليه بسلم البرهان, بل كان من عظيم الرحمة أن تسير
بالأقوام _وهم عيال الله_ سير الوالد مع ولده في سذاجة السن, لا يأتيه إلا من قِبل
ما يحسه بسمعه أو ببصره, فأخذتهم بالأوامر الصادعة, والزواجر الرادعة, وطالبتهم
بالطاعة, وحملتهم فيها على مبلغ الاستطاعة, كلفتهم بمعقول المعنى, جلي الغاية, وإن
لم يفهموا معناه, ولم تصل مداركهم إلى مرماه, وجاءتهم الآيات بما تطرف له عيونهم, وتنفعل به
مشاعرهم, وفرضت عليهم من العبادات ما يليق بحالهم هذه. ثم مضت على ذلك أزمان, علت
فيها الأقوام]([76])
الملائكة والجن.
إن أحداً من الناس لم يرهما, وليس في الإمكان أن يعرف
شيئاً عنهما,]([77])
بل رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآى جبريل وغيره من الملائكة ورآى الجن ووعظهم
.
قال محمد رشيد رضا:[ قال الأستاذ الإمام وذهب بعض
المفسرين مذهباً آخر في فهم معنى الملائكة، وهو أن مجموع ما ورد في الملائكة من
كونهم موكلين بالأعمال من إنماء نبات وخلقة حيوان وحفظ إنسان وغير ذلك، فيه إيماء
إلى الخاصة بما هو أدقّ من ظاهر العبارة، وهو أن هذا النمو في النبات لم يكن إلا
بروح خاص، نفخه الله في البذرة فكانت به هذه الحياة النباتية المخصوصة، وكذلك
يقال في الحيوان والإنسان، فكل أمر كلي قائم بنظام مخصوص تمت به الحكمة الإلهية في
إيجاده فإنما قوامه بروح إلهي سمي في لسان
الشرع ملكاً، ومن لم يبال في التسمية بالتوقيف يسمي هذه المعاني القوى الطبيعية ]([78]).
محمد عبده والبابية: هذا حوار بين محمد عبده وتلميذه
رشيد رضا:
[الشيخ رشيد:
ما رأيكم في البابية؟
الأستاذ الإمام: إن هذه الطائفة هي الطائفة الوحيدة
التي تجتهد في تحصيل العلوم والفنون بين المسلمين وفيها العلماء والعقلاء.
الشيخ رشيد: وماذا تعرفون عن ميرزا فضل الله الإيراني([79]).
الأستاذ الإمام: سمعت به منذ عهد قريب وأنه مؤرخ وفاضل
ولم أره.
الشيخ رشيد: وماذا عن عباس أفندي([80])
أسمع أنه بارع في العلم والسياسة وأنه عاقل يرضي كل مجالس.
الأستاذ الإمام: نعم إن عباس أفندي فوق هذا أنه رجل كبير
هو الرجل الذي يصح إطلاق هذا اللقب(كبير) عليه.
الشيخ رشيد: إن أتباع الباب والبهاء قد فتنوا لما رأوا
من القوة العقلية الخارقة للعادة مع أن هذا أمر طبيعي فإنه قد عهد في الطبيعة أن
أفراداً من الناس تكون قوتهم العقلية خارقة للعادة.
الأستاذ الإمام: أنا أعتقد أن صاحب القوة العقلية
الخارقة للعادة إذا عدا إلى شيء خيري ونجح فيه فلا بد أن يكون مؤيداً من الله
تعالى وأن هذه القوة العقلية لا يوجدها الله عبثاً.
الشيخ رشيد: هل تعتقد هذا عن وجدان فقط أم دليل
عقلي؟
الأستاذ الإمام: بل هو معقول والتاريخ من أوله إلى
آخره شاهد له ودال عليه فإن الأنبياء ودعاة المذاهب الصحيحة كانوا كلهم من هذا
القبيل.
وكان الشيخ رشيد قد أعطى الأستاذ
الإمام رسالة بخط ميرزا فضل الله فيها بيان مذهبهم فقرأها الإمام واستحسنها (والكلام
لمحمد عمارة)
فقال له الإمام: ماذا تنكر من رسالة ميرزا فضل الله؟
الشيخ رشيد: أولاً مسألة تعدد الزوجات والتسري وأن
شريعة البهاء تبيح الجمع بين امرأتين فقط.
الأستاذ الإمام: إن هناك مفاسد كثيرة للتعدد والتسري.
الشيخ رشيد: إن البهائية يقولون بصحة جميع الأديان
والكتب الدينية.
الأستاذ الإمام: إن التقريب بين الأديان مما جاء به
الدين الإسلامي]([81]).
اختراعه للأصول
اخترع شيئاً في أصول الحديث غير مسبوقة من كافة
الزنادقة وكان هو صاحب قصب السبق بها حيث قال كما نقل عنه عمارة: [وفيما يتعلق
بالنصوص المأثورة عن السابقين, يفرق الأستاذ الإمام ما بين القرآن وبين غيره من
النصوص.. ففيما يتعلق بغير القرآن من النصوص لا يرى الرجل لنص حصانة تعلي من
شأن وما يصل إليه من براهين ومعطيات, ذلك أن الرواة ورجالات السند, لا نستطيع نحن
بما لدينا من معلومات, أن نجعل من مروياتهم هذه حججاً تعلو حجة العقل الذي هو أفضل
القوى الإنسانية على الإطلاق.. وعن قيمة هذه الأسانيد يتحدث الأستاذ الإمام إلى
أحد علماء الهند فيقول له: "ما قيمة سند لا أعرف بنفسي رجاله, ولا أحوالهم,
ولا مكانهم من الثقة والضبط؟ وإنما هي أسماء تتلقفها المشايخ بأوصاف نقلدهم فيها,
ولا سبيل لنا إلى البحث فيما يقولون؟!" والأستاذ الإمام لا يكتفي في هذا الباب
_الذي تدخل فيه أحاديث الآحاد , وهي أغلب ما روي من أحاديث_ لا يكتفي بثقة الراوي
فيمن روى عنه بل يطلب أن تتوافر لنا نحن مقومات ثقتنا في هؤلاء الرواة, وهو أمر
مستحيل, فيقول: "إن ثقة الناقل بمن ينقل عنه حالة خاصة به, لا يمكن لغيره أن
يشعر بها حتى يكون له مع المنقول عنه في الحال مثل ما للناقل معه, فلا بد أن يكون
عارفاً بأحواله وأخلاقه ودخائل نفسه, ونحو ذلك مما يطول شرحه ويحصل الثقة للنفس
بما يقول القائل" ... وهكذا لا سبيل أمامنا ولا مفر من عرض هذه
"المأثورات" على القرآن, فما وافقه كان القرآن هو حجة صدقه وما خالفه
فلا سبيل لتصديقه, وما خرج عن الحالتين فالمجال فيه لعقل الإنسان مطلق ومفتوح.]([82]).
[1]
- الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة - للدكتور محمد كامل الفقي (3 / 163).
[2]
- الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة - للدكتور محمد كامل الفقي (3 / 163 -
164).
[3]
- علم الرمل: هو علم يهتم بقضايا التنجيم, وادعاء معرفة الغيب من ظهور الأبراج
والأفلاك ومنازلها وخطوط سيرها, فيدعون أن لكل برج حرفاً معيناً ...
[4] - علم الزائرجة:هو أيضاً علم يدعي أصحابه استخراج علم
الغيب, وأول من صنف به (أبو العباس أحمد السبتي الصوفي المغربي) كان في آخر
المـائة السادسة بمراكش (المغرب), ويعتمد على أبراج الأفلاك وخطوط سيرها وزمن التقائها وتأثيرها
على الخلق والمكونات الروحانية –أي الشيطانية- وهذا وما سبقه من علوم السحر.
[5]
- الأزهر في ألف عام - للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي (1 / 248).
[6]
- الأزهر في ألف عام - للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي (3 / 172).
[7]
- الأزهر في ألف عام - للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي (3 / 178).
[8]
- الأزهر في ألف عام - للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي (3 / 181).
[9]
- الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة - للدكتور محمد كامل الفقي (1 / 68).
[10]
- الأزهر في ألف عام - للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي (1 / 44).
[11]
- الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده تحقيق الدكتور محمد عمارة :1\625 وما
بعدها وسلسلة أعمال محمد عبده لعلي شلش، ص
/ 47- 52.
[12]
- الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده تحقيق الدكتور محمد عمارة :1\631-632 وسلسلة
أعمال محمد عبده لعلي شلش، ص / / 53 - 54.
[15] - زعماء الإصلاح في العصر الحديث - أحمد أمين،
ص/ 107.
[16] - يعقوب صنوع يهودي من لأصحاب محمد عبده وشريكه
في المؤامرة
[17]- المصدرالسابق، ص / 89.
[18]
- الأعمال الكاملة 1 / 221- 222.
[19]
- الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص / 27.
[20]
- عن كتاب سلسلة أعمال محمد عبده لعلي شلش، ص/ 61.
[21]
- المصدرالسابق، ص / 62.
[22]
- عن مقال لمحمد عمارة في مجلة المجتمع، العدد / 1404.
[24] - أي لا
يدري إن كان للكون خالق هو الله على مذهب إيليا أبو ماضي الذي قال :
جئت لا أدري من أين ولكني أتيت, ولقد أبصرت قدامي طريقاً
فمشيت, وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت, كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست ادري,
..الخ
[27] - تولوستوي ليونيكولافبيتش 1828-1910. ويصفه فريد وجدي تلميذ محمد
عبده بأنه(نبياً قروياً) راجع دائرة معارف القرن العشرين, وهو من رواد الاشتراكية
الفوضوية في العالم كما وصفته الموسوعة السياسية.
[30]
- الاتجاهات الوطنية(2 / 319).
[31]
- تاريخ الأستاذ الإمام، ص / 568, 582,
585.
[32]
- مسلمون ثوار، ص / 443.
[33]
- تاريخ الأستاذ الإمام لمحمد رشيد رضا، ص/ 817- 827. ومذكرات بلنت 2/96- 97.
عن(محمد رشيد رضا) للدكتور أحمد فهد بركات الشوابكة.
[34]
- المصدرالسابق,(1 / 818).
[35]
- المصدرالسابق,(1 / 823).
[36]
- الفكر العربي في مائة سنة، ص / 335.
[39]
- تاريخ الأستاذ الإمام (1 / 501).
[41] - أي لا
يدري إن كان للكون خالق هو الله على مذهب إيليا أبو ماضي الذي قال :
جئت لا أدري من أين ولكني أتيت, ولقد أبصرت قدامي طريقاً
فمشيت, وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت, كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست ادري,
..الخ
[43]
- بلنت: كان يدير شبكة التجسس البريطانية في مصر تحت غطاء الاستشراق.
[44]
- سلسلة أعمال محمد عبده لعلي شلش، ص / 81.
[45] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده 1/401-404
[46] - الأعمال الكاملة 1/106-107
[48] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 1/865
[52]- الأعمال
الكاملة, (1/ 674).
[55] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 1/303-304
[58] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 1/343
[59] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 1/747-750
[60]- الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/82-86.
[62]
- تفسير المنار (4 / 348).
[63]
- المصدرالسابق (4 / 359).
[64]- الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/105-110
[65] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/118-126
[67] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده:3/428-430
[68]
- دعوة جمال الدين - زعماء الإصلاح الحديث، ص / 110.
[69] - سليم عنحوري: (1272-1352هـ) هو سليم بن
روفائيل بن جرجس عنحوري، نصراني ولد في دمشق، وذهب إلى مصر 1878م، أصبح من أهم
تلاميذ وخواص جمال الدين المتأفغن، اتصل بالخديوي وأنشأ صحيفة (مرآة الشرق) ومطبعة
الاتحاد، له كتب منها: كنز الناظم ومصباح الهائم، آية العصر، الجوهر الفرد، سحر
هارون، بدائع مارون، مجموعة مقالات في السياسة والآداب والاجتماع، وغير ذلك، كانت
صحيفته لسان جمال الدين والمحفل الماسوني، عمل على نقل الثقافة الغربية والهجوم
على التراث والثقافة الإسلامية، هلك عام 1352هـ.
[70]
- تاريخ الأستاذ الإمام (1 / 44).
[71]- الأعمال الكاملة
(2 / 454).
[73]
- تاريخ الأستاذ الإمام (1 / 944).
[75] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/461 هامش.
[76] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده:3/459-460
[78]
- تفسير المنار(1 / 267 - 268).
[79]- هو ميرزا أبو
الفضال الجوزقاني, أقام بكاو ودعا فيها إلى البهائية.
[80]- هو نجل البهاء
ومنظم الدعوة البهائية، أقام علاقات بالأستاذ الإمام عندما كان ببيروت وكان من
حضور مجالسه ودروسه وظل يراسله بعد عودته إلى مصر(الهوامش من وضع محمد عمارة).
[82] - - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 1/184-187
0 التعليقات:
إرسال تعليق