العلماء
الموظفون عند الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشريعة
مؤسسة
الأزهر(1)
رضوان محمود نموس (أبو فراس)
كنت قد كتبت مقالات سابقة حول الطائفة الممتنعة,
والطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع ودور الموظفين في الإفتاء عند هذه الطوائف،
والآن نتعرض للواقع العملي وأمثلة منه لينجلي الموقف أكثر, ولن أتعرض لكافة عملاء
السلاطين من أمثال البوطي وأحمد حسون وأضرابهم في بقية الدول؛ وسأكتفي بأكبر
مؤسستين دينيتين تقومان بخدمة الطواغيت عند الطوائف الممتنعة عن تطبيق الشرائع,
وهما مؤسسة الأزهر في مصر, وهيئة كبار العلماء في السعودية.
أولاً مؤسسة الأزهر:
بدأ الدمار يحل بالأزهر منذ الحملة الصليبية الفرنسية
على مصر التي قام بها نابليون بونابرت, أول يوليو 1798، الشهر الأول 1213هـ. استمر
الاحتلال الفرنسي 3 سنوات ظهر خلالها الحقد الدفين للأقباط؛ الذين شكلوا جيشاً
رديفاً للفرنسيين بقيادة الجنرال يعقوب القبطي جلاد المصريين, تولى الحكم بعد خروج
فرنسا الماسوني محمد علي سر ششمة الألباني الأصل، والذي كان معاون ضابط في الحملة
العثمانية لتحرير مصر، ثم أصبح اسمه محمد علي باشا.
حُلَّت خلال الحملة الفرنسية مشيخة الأزهر وطورد
العلماء, ولما جاء محمد علي جاء معه مستشارون فرنسيون وإيطاليون وإنكليز كان أول
عمل قام به؛ تشريد كبار علماء الأزهر وتعيين علماء إمَّعات غارقون في الأشعرية
والتصوف, إلى أن تم تهيئة عملاء يتناسبون مع أهداف الذين جاؤوا بمحمد علي من
الماسونية العالمية. وبدأ الأمر بشكل جاد من عهد المدعو حسن العطار المغربي. من
ذلك الوقت بدأت الماسونية تتغلغل للسيطرة على الأزهر؛ وتمَّ لها ذلك بعد تولي محمد
عبده للإفتاء في مصر, ومجيء محمد المراغي ومصطفى عبد الرازق شيوخًا للأزهر, وتعيين
فريد وجدي رئيساً لتحرير المجلة الصادرة عن الأزهر. حيث استبدَّت المدرسة
الماسونية والعقلية المتغربة التي لا تلتفت للنصوص وتقدم أهواء الطواغيت تحت مسمى
العقل الذي يقدمونه على الشرع, والماسونية منذ ذلك الوقت وإلى الآن مسيطرة على
الأزهر وإذا لم تكن مسيطرة كتنظيم فهي مسيطرة كفكر.
دور الماسونية في إزاحة الدين وتقديم الهوى تحت مسمى
العقل.
لما كانت الماسونية صنيعة إبليس في الأساس فقد قامت
بتنفيذ مخطط تأليه العقل وأعلنت النور شعاراً لها, وصورت نوراً يشرق على الدنيا,
ثم فسرت النور بأنه العقل:
يقول يوسف الحاج:- وقد كان أحد الأساتذة العظام في
الماسونية ثم منَّ الله عليه فتركها- [يستعمل الماسون النور رمزا إلى نور العقل
الإنساني]([1]).
ويقولون: [خلود الروح هو خلود نور العقل ]([2]). [والحجر
المنحوت هو حجر مكعب ولا يمكن التحقق منه إلا بالزاوية والبرجل الذي يدل على العقل
البشري حينما يبلغ كماله]([3]).
وقال عبد الوهاب المسيري: [ توجد ثلاث عناصر تميز
الماسونية... أما العنصر الثالث وهو العنصر الربوبي، أي الإيمان بالخالق بدون
حاجة إلى وحي ]([4]).
وقال المسيري: [لا يمكن إذن فهم الماسونية إلا بوضعها
في السياق الفكري وكما يعرف دارسو تاريخ أوربا فإنه بعد ظهور فكر عصر النهضة ولد
فكر عصر العقل والاستنارة والإيمان بالقانون الطبيعي والعلمانية الشاملة هي
نزع القداسة عن العالم الإنسان والطبيعة والإيمان بفعالية القانون الطبيعي في كافة
مجالات الحياة الطبيعية والإنسانية وإنكار أي غيب، وإلا لما أمكن التحكم في الكون
والإنسان والطبيعة وتوظيفه واستخدامه وتحويله إلى مادة استعمالية، وقد انعكس
هذا في فكرة الإنسان الطبيعي العقلاني أو الأممي وهو إنسان عام لا يتميز عن إنسان
آخر، صفاته الأساسية عامة، أما صفاته الخاصة فلا أهمية لها، وهو إنسان عقلاني إن
أعمل عقله بما فيه الكفاية لتوصل إلى نفس الحقائق التي يتوصل إليها الآخرون بغض
النظر عن الزمان والمكان، ومن ثم يمكن لهذا الإنسان أن يصل إلى فكرة الخالق بعقله
بدون حاجة إلى وحي إلهي أو معجزات، أي دون الحاجة إلى دين مرسل، أي أن الإنسان الطبيعي العقلاني العالمي الأممي يمكنه أن يتوصل
بعقله إلى الإيمان بدين طبيعي عقلاني عالمي.... والفكر الربوبي لا يطالب من يؤمن به أن يتنكر لدينه إذ إن المطلوب
هو أن يعيد المؤمن تأسيس عقيدته لا على الوحي وإنما على قيم عقلية مجردة منفصلة
تماما عن أي غيب، أي منفصلة عن الأنساق الدينية المألوفة للتفكير. فالربوبية في
واقع الأمر هي فلسفة علمانية تستخدم خطابا دينيا أو ديباجات دينية للدفاع عن العقل
المادي المحض وعن الرؤيا التجريبية المادية. ومن ثم فهي وسيلة من وسائل علمنة
العقل الإنساني ]([5]).
ويقول المسيري: [ وإن أردنا تلخيص فكر أولى الماسونيات
التي نقابلها ونلسمها "الماسونية
العقلانية" أو"الماسونية الربوبية" لقلنا إنها تنادي بتوحيد كل
البشر من خلال العقل، كما تنادي بإسقاط الدين مع الاحتفاظ بالخالق خشية الفوضى الشاملة،
ولذا فقد جاء في تعريف الماسوني أنه ( ذكر بالغ يلتزم بالنسق الديني الذي يوافق
عليه جميع البشر) وهذا هو الإيمان بالخالق أو الكائن الأسمى "مهندس الكون
الأعظم" أو الإيمان بالجوهر العقلي للدين والذي يمكن للعقل أن يصل إليه]([6]).
وقال أيضا: [ وقد اكتشف الإنسان الغربي منذ عصر نهضته
بعد ظهور ماكيافيللي وهوبز وفكرة القانون الطبيعي وضعف الإطار المسيحي التقليدي
واندماج سلطة الكنيسة الدنيوية أن المطلق الوحيد هو الدولة، وأن مصلحتنا العليا هو
المطلق الأخلاقي الأسمى. ومثل هذه الفلسفة تضع الخالق والغيب في موضع هامشي بل
والأهم من هذا أنها تعلم الإنسان وتجعله يستبطن هذه القيمة المطلقة حتى يخضع لإرادة الدولة بدلا من إرادة الخالق. لكن
كل هذا يتم داخل إطار عقلاني هادئ يشجع على تطويع الإنسان وتطبيعه]([7]).
وقال أيضا: [وفي هذا الإطار الجديد ظهرت الماسونية
الثالثة التي تتخذ موقفا إلحاديا أكثر صراحة وبدلا من العقلانية الربوبية شبه
المادية التي تستخدم ديباجات أخلاقية وروحية تسقط الماسونية تدريجيا كل هذه
الديباجات وتدور تماما في إطار العقلانية المادية الكاملة ]([8]).
وقال أيضا: [ وقد بينا أن الماسونية بدأت كدعوة
ربوبية فهي نسق فكري ديني متكامل يستند إلى العقل المادي وحسب لا إلى العقل والغيب
معا يحدد علاقة الإنسان بالخالق وبالطبيعة وبطرق المعرفة ]([9]).
وقال أيضا: [ تشكل الماسونية دعوة ربوبية رخوة
تعددية تستند إلى العقل وهي تطرح على المؤمن بها عقيدة متكاملة ]([10]).
ويقول أنور الجندي: [ وفي إطار الماسونية مضت حركة
التنوير وظهر فلاسفة التنوير الذين جعلوا دعوتهم الاعتماد على العقل ولم يقبلوا
إلا سلطانه وهم دعاة الدين الوضعي، وذلك بعد أن أزالوا مفهوم الدين الحقيقي من
الغرب لفرض مفهومهم البديل. ...لقد استغلوا كل الفلسفات والآراء وحولوها
إلى غايتهم، تحت اسم الفكر الحر والتحرير العقلي وكان فلاسفة الموسوعة هم مقدمة
الثورة الفرنسية ديدرو، دالمبير، مونتسيكو، روسو, فولتير. وبرزت فكرة الدين
الوضعي أي الدين القائم على العقل بعقائده وطقوسه ومؤسساته ...وكان كل
العاملين في هذا المخطط الفلسفي من خدام اليهودية التلمودية الذين تشكلوا فكريا في
محافل الماسونية ومنهم فولباخ الذي أنكر وجود الله وخلود الروح وحولوا نظرية دارون
عن أصل الأجناس والتطور البيولوجي إلى نظرية اجتماعية عامة لهدم القيم الأساسية
والدينية والأخلاقية ]([11]).
[ وكان من المبادئ الأساسية التي تبناها لوثر
والبروتستانت المبدأ الماسوني القائل بالخروج من كل سلطة غير سلطة العقل ]([12]).
وقال زعيم الماسونية الفرنسية "روجيه": [
إن الماسون لا يرضون براحة إلى أن يقفلوا كل الكنائس فيجعلوها هياكل لحرية الضمير
ولإله العقل ]([13]).
فمختصر أقوال الماسون عن العقل هي:
1- العقل هو نور الدنيا.
2- العقل هو الإله.
3- إيجاد دين وضعي يستند إلى العقل فقط.
4- التحرر من كل سلطان بما في ذلك سلطان الله تعالى
إلا سلطان العقل.
وتمكنت الماسونية من تأسيس محفل كبير لها يرعى بقية
محافلها، هذا المحفل هو ما عرف بـ(إخوان الصفا وخلان الوفا), لذا نرى أن جمال
الدين الأفغاني شيخ محمد عبده الذي أسس مع بعض تلاميذه مدرسة الماسون العقلية في
الأزهر, نراه عندما قدم طلباً للالتحاق بالماسونية قال فيه: [يقول مدرس
العلوم الفلسفية بمصر المحروسة. جمال الدين الكابلي، الذي مضى من عمره
سبعة وثلاثون سنة:
بأني أرجو من
إخوان الصفا وأستدعي من خلان الوفا، أعني أرباب المجمع المقدس الماسون، الذي هو عن الخلل والزلل مصون،
أن يمنوا علي ويتفضلوا إلي بقبولي في ذلك المجمع
المطهر، وبإدخالي في سلك المنخرطين في ذلك المنتدى المفتخر، ولكم الفضل.
الخميس 23 ربيع الثاني 1292 هـ.
التوقيع: جمال
الدين الكابلي ]
دخول
الأفغاني ومحمد عبده ورجال مدرستهم الذين أصبحوا شيوخاً للأزهر وأصبح الأزهر بيدهم
في الماسونية.
وعندما ترك الأفغاني المحفل الإنكليزي كما نقله محمد
عمارة، قال: [ كنت أنتظر أن أسمع وأرى في مصر كل غريبة وعجيبة، ولكن ما كنت لأتخيل
أن الجبن يمكن أن يدخل بين أسطوانتي المحافل الماسونية !! إذا لم تدخل
الماسونية في سياسة الكون وفيها كل بنّاء حرّ، وإذا آلات البناء بيدها لم تستعمل
لهدم القديم وتشييد معالم حرية صحيحة وإخاء ومساواة وتدكّ صروح الظلم والعتو
والجور، فلا حملت يد الأحرار مطرقة حجارة ولا قامت لبنائهم زاوية قائمة.]([14]).
وماسونية جمال الدين الأفغاني أمر مجمع عليه بين كل من
ترجم لجمال الدين الأفغاني من محبٍّ أو غير ذلك. وسنستعرض بعض الأقوال في هذا
الموضوع لنتأكد من ذلك:
فقد نشرت جريدة الأهرام سلسلة مقالات عن جمال الدين
الأفغاني تصب كلها في الدفاع عنه ما بين 29 أغسطس إلى 17 أكتوبر 1983م، جمعها
الدكتور محمد أمان صافي في كتابه "السيد جمال الدين الأفغاني بين الحقيقة
والافتراء" وكانت كما يلي:
في مساهمة الدكتور جابر قميحة يقول: [ والثابت أن جمال
الدين الأفغاني اشترك في المحفل الماسوني الإنكليزي مشدوداً على حد قوله بشعارهم
الكبير الخطير: حرية إخاء مساواة، وكان
المحفل يضم أشراف الناس وكبراءه. ].
أما الشيخ محمد الغزالي فيقول مدافعاً عن الأفغاني: [
قالوا كان منتسباً لأحد المحافل الماسونية ولا أنفي هذا، وإنما أسأل في أي كتاب
إسلامي شرحت آثام الماسونية وحذّر المسلمون منها قبل عصر الأفغاني.]([15]).
وقال الغزالي مادحاً الأفغاني في نفس
الكتاب: [ إنه –أي الأفغاني– قدم إسلاما بلا مذاهب مفرِّقة وداس بكبرياء ما انشغل به جلة علماء
الدين من فروع الفقه وبحوث اللاهوت ]([16]).
ويقول أيضا مدافعاً عن ماسونية الأفغاني: [ ودائرة
النص محدودة الأبعاد، ومن ثم قام القياس والاستصلاح والاستحسان وقام النظر الحر
في شؤون الدنيا واستطاع المسلمون بالإرشاد الإلهي أن يشرعوا لأنفسهم على امتداد
الزمان والمكان. إنني أرفض بل أزدري صياحا
أبله ضد مبادئ هي من صميم الفطرة ومن غايات الإسلام الاجتماعية لا لشيء إلا
لأنها غير ما نألف في عاداتنا وتاريخنا أعني عادات أمتنا إبان هزائمها الثقافية
والسياسية وما حواه تاريخها الأخير من تخلف وضياع وقد كان الإمامان العظيمان جمال
الدين الأفغاني ومحمد عبده يسعيان لتجلية حقائق الإسلام ... وهنا سأل سائل: أمن
خدمة الإسلام الانتساب إلى الماسونية؟.
وقلت: إنني أكره هذا العمل وهو خطأ بولغ في تضخيمه
والماسونية نحلة ما كان أحد يدري خباياها... والدول الإسلامية الآن تنتمي إلى هيئة
الأمم المتحدة وتحرص على البقاء فيها وهي ماسونية كبيرة إن صح التعبير وليس ذلك
عيبا]([17]).
- كما نشرت
مجلة الشرق الأوسط مداولات فكرية حول جمال الدين الأفغاني, بمناسبة مرور 100 0عام
على ذكراه في الفترة ما بين 18 مارس 1989 إلى 31 مايو 1989م, جمعها الدكتور أمان
الله صافي في نفس الكتاب سالف الذكر ومما جاء فيها:
مساهمة الأستاذ محمد حسين زيدان قال فيها مدافعاً عن
ماسونية الأفغاني: [ فكثيرٌ من العلية في مصر كانوا الرؤساء للمحفل الماسوني، فما
عرفنا منهم أنهم أفسدوا شعبهم ]!!!!!!!.
أما الدكتور أبو اليزيد العجمي فقال في دفاعه عن
ماسونية الأفغاني: [ قد اجتهد أن هذه الجمعية قد تحمل فكرته أو تحمل معاني تتفق مع
المعاني العامة التي كان يدعو لها الأفغاني،].
وأما الدكتور أحمد شلبي فيقول: [ أما اتهامه
بالماسونية فلا يستطيع أحدٌ أن يلومه عليه لأن أخطار هذه النِّحلة لم تكن قد ظهرت
بعد وقتَ ظهور جمال الدين الأفغاني.].
أما الدكتور سيد يوسف الطويل عميد كلية الدراسات
العربية والإسلامية في جامعة الأزهر فقد قال في مساهمته: [ انضم جمال الدين للمحفل
الماسوني الاسكتلندي الذي يضم علية القوم وكانت وجهته أن يوصل أفكاره بهذه الطبقة
لأنهم أقدر على التغيير من غيرهم ثم استقال وأنشأ محفلا آخر تابعا للشرق الفرنسي
].
ويقول الدكتور عبد الحليم عويس الأستاذ بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في معرض دفاعه عن ماسونية الأفغاني: [ ففي عدد من
البلاد العربية الآن تعمل أندية الروتاري والليونز بصورة رسمية وعلنية وتحرسها
الحكومات الإسلامية ويخطب فيها أحيانا بعض علماء الإسلام الذين لا نستطيع أن نشك
في مصداقية بعضهم ]!!!!.
أما الشيخ محمد علي الصابوني فقال عن جمال الدين: [فما
ينسب إليه من أنه دخل في الحركة الصهيونية إنما يكون من هذا القبيل إنه غرر بهذا
تحت شعار النفع العام ].
أما مساهمة الدكتور علي شلش فقال: [فقد اجتذبت
الماسونية الأفغاني ... ووجد فيها وسيلة للاتصال بالصفوة من الحكام ... وتجميع
حلقة من التلاميذ والمريدين على اختلاف عقائدهم نزل إلى ميدان السياسة التي
شغلت الجميع وقت ذاك وشجع المحيطين به إلى إصدار الصحف ودخول الماسونية ولم يكن
تشجيعه على دخول الماسونية (لأنه رأى فيها امتداداً لحركات التطرف الإسلامية
القديمة التي تعاطف معها (مثل القرامطة والزنج والحشاشين-) كما قال أحد المستشرقين
وإنما لأنه رأى فيها وسيلة للإصلاح والتغيير .... انتخب الأفغاني رئيسا لمحفل
كوكب الشرق وأصبح من أهم الشخصيات الماسونية في مصر وصارت الصحف التي شجع تلامذته
على إصدارها (مصر، التجارة، مرآة الشرق) تتابع أخباره ونشاطه الماسوني ومن هذه
الأخبار ما نشرته صحيفة التجارة في 21 يناير 1879 م حين وصفت إحدى الحفلات
الماسونية التي خطب فيها الأفغاني بصفته رئيسا للمحفل فقالت: " انتظم على
مائدتها نيف ومائة قائل بالحرية والإخاء والمساواة معظمهم من وجوه الوطن ونبهائه
وفيهم فئة كبيرة من ذوي المقامات والعلماء من المسلمين وغير المسلمين فقام فيهم
الرئيس المحترم خطيبا يبين ماهية ذلك الاجتماع ومقاصد الماسونية وصفق الحاضرون
ونادوا بأعلى الصوت فلتحيا الحرية والمساواة والإخاء ... واستمرت صحافة
الأفغاني -إذا صحت التسمية- في هذه الحماسة الماسونية. ].
وفي مساهمة الأستاذ إبراهيم حركات أستاذ بكلية الآداب
في الرباط يقول: [ إن الماسونية الرمزية لمصر عرفت مع حملة نابليون سنة 1798م فأسس
نابليون محفلا سماه (إيزيس) وضم إليه الأعيان والعمد وغيرهم بقصد توطيد نفوذه...
ثم أنشئ محفل آخر سنة 1845م باسم محفل الأهرام بالإسكندرية والتحق به عدد من كبار
الشخصيات بينهم الأمير عبد القادر الجزائري وكان يرعاه الخديوي... وعمل جمال الدين
في مصر على جلب عدد كبير من العلماء والأعيان فجمع ثلاثمائة عضو وما لبث الجمع أن
توسع بساسة وأدباء وعمد ... اتصلوا بالقنصل الفرنسي والجهات البريطانية وكان محمد
عبده من أعضاء المحفل ].
أما الدكتور أحمد النيفر من جامعة الزيتونة بتونس
فيقول عن دخول أعلام تونس بالماسونية التي أسسها الأفغاني: [ هكذا نفهم حفاوة
النخبة التونسية بمقدم الأستاذ الإمام -أي محمد عبده- إلى تونس وبما عرضه عليهم من
الانضمام إلى التنظيم الدولي البديل الوحيد عن القيادات السياسية العاجزة
والمتهالكة ].
أما الدكتور حامد الرفاعي الأستاذ في جامعة الملك عبد
العزيز فيقول: [ وشيء آخر لا بد فيه من كلمة وهو التفسير المتكرر عند المدافعين عن
تعامل الأفغاني مع الدوائر الماسونية مبررين ذلك بانخداعه بشعار الإخاء والحرية
والمساواة وأحسب أن مقولة الانخداع مرفوضة ولا تستقيم موضوعياً مع ما توصف به
شخصية الأفغاني من ذكاء وقدرات وتوقد بصيرة والذي يستقيم أنها بنظري تجربة
اجتهادية غير موفقة ].
- أما
مساهمة الدكتور محمد حرب الأستاذ في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة
المنورة فيقول: [ وكان الأفغاني قد اتخذ من انضمامه للماسونية وسيلة لتحقيق أهدافه
ولكن ينبغي القول هنا إن الأفغاني عندما قدم طلبه للاشتراك في الماسونية ذكر فيه
أنه مدرس العلوم الفلسفية بمصر ووصف الماسون بأنهم إخوان الصفاء. يعني هذا كله أنه
كان يدرك موقف الماسونية من الدين ].
ويقول مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر فيما بعد والذي
انضم للماسونية: [ وانتظم السيد في الماسونية وتقدم في درجاتها ثم أنشأ محفلا
وطنيا جمع فيه نبهاء طلابه ومريديه حتى صار عدد أعضائه نحو 300 وكان هو رئيسه،
يمرن فيه تلاميذه على الخطابة ويلهمهم مبادئه ويعدهم للعمل ويوقظ فيهم عواطف
الوطنية ويعلمهم الشغف بحياة الحرية والنظم الدستورية ]([18]).
ويقول رشيد رضا: [ أراد الأفغاني أن يربي فيها –أي في
المحافل الماسونية- رجالاً يعرفون كيف يحفظون بلادهم وأنفسهم فوجه همه إلى استخدام
الماسونية في تعليم تلامذته ما لا يمكن التصريح به إلا في جمعية سرية فدخل في
الماسونية ودخل معه تلامذته النابغون فجعل بهم قوة للمصريين وصار رئيس محفلهم ]([19]).
وأما رأي الشيخ رشيد رضا في الماسونية فيقول: [ ثم إن
الإفرنج عندما تغلغلوا في الشرق ورأوا مزاج السيادة الإسلامية لا يقبل له مشاركاً
في حكمه فهو يجيش انفعال المسلمين لنبذ سلطة كل من يحاول السيادة عليهم استعانوا
بالماسونية على إضعاف هذا المزاج وتوسلوا إلى بعض كبراء المسلمين وأغنيائهم بما
توسلوا واستعانوا عليهم بنصارى بلادهم ويهودها ]([20]). وذكر رشيد رضا [ أن اليهود
أسسوا الماسونية لإزالة الظلم والاضطهاد الذي كانوا يلاقونه في أوربا وأن غايتها
إضعاف الرابطة الدينية وإحلال الرابطة الوطنية محلها]([21]).
-أما محمد عمارة فكانت مساهمته على الشكل التالي حيث
قال: [ أولاً: تهمة الماسونية، وهذه التهمة حقيقة وليست اتهاما،].
ويقول رشيد رضا عن دخول محمد عبده في الماسونية:[
دخوله في الماسونية: كان السيد جمال الدين
قد أخذ على نفسه العهود والمواثيق أن يعمل عملاً عظيمًا ينهض بدولة إسلامية
نهوضًا يعيد للإسلام مجده وكان مضطلعًا بذلك، إلا أنه كان مستعجلاً يريد أن يعمل
هذا العمل العظيم ويرى أثر نجاحه وثمرة غراسه في حياته؛ ... فانتظم مع مريديه
في سمط الجمعية الماسونية وكان باتحادهم رئيس محفل مرّن فيه تلامذته على الخطابة
والبحث في حياة الأمم وموتها ، ونهوض الدول وسقوطها ، وقد دخل في هذا المحفل شريف
باشا([22]).
وبطرس باشا غالي وكثيرون من الكبراء والأذكياء . وكان توفيق باشا ولي عهد الخديوية
مشايعًا للسيد ومحفله ، ومكان صاحب الترجمة - محمد عبده- من السيد مكانه المعلوم
فكان دخوله في الماسونية متممًا لتربيته وتعليمه، وصلة بينه وبين توفيق باشا
وكثير من رجال مصر وسببًا لبحثه في أحوال الحكومة المصرية، ووقوفه على نقائصها
ومساويها وتوجهه إلى السعي في إصلاحها وممهدًا له الطريق للعمل الذي قام به قبل
الثورة وبعدها على ما نقصده هنا بالإيجاز، ولما رأى بعض علماء الأزهر بعد ذلك ترقي
الأستاذ الإمام ونفوذه في الحكومة توهموا أن ذلك بمساعدة الجمعية له، فدخل
كثيرون منهم فيها ومنهم من دخل بدعوة بعض أصحابه من أهلها]([23]).
تقديم العقل وهو في الحقيقة اتباع الهوى
وهدف الماسونية الأساس عند مدرسة محمد عبده:
وقد جمع روَّاد مدرسة جمال الدين ومحمد عبده الكثير من
زندقة الفرق السابقة, وسنعرض لبعض أقوال رموزهم.
قال محمد عبده الذي عُيِّن مفتي الدولة المصرية من قبل
الحكومة الإنجليزية: [الأصل الأول للإسلام: النظر العقلي لتحصيل الإيمان، فأول
أساس وضع عليه الإسلام هو النظر العقلي والنظر عنده هو وسيلة الإيمان الصحيح، فقد
أقامك منه على سبيل الحجة وقاضاك إلى العقل. ومن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن إلى صلته
فكيف يمكنه بعد ذلك أن يجور أو يثور عليه ]([24]).
ثم قال: [ الأصل الثاني تقديم العقل على ظاهر الشرع
عند التعارض، أُسرع إليك بذكر أصل يتبع هذا الأصل المتقدم قبل أنتقل إلى غيره. اتفق
أهل الملة الإسلامية إلا قليلا ممن لا ينظر إليه على أنه إذا تعارض العقل والنقل
أخذ بما دل عليه العقل ]([25]).
وقال: [ فالإسلام في هذه الدعوة والمطالبة بالإيمان
بالله ووحدانيته لا يعتمد على شيء سوى الدليل العقلي والفكر الإنساني الذي يجري على
نظامه الفطري "وهو ما نسميه بالنظام الطبيعي"([26]) فلا
يدهشك بخارق للعادة ولا يغشي بصرك بأطوار غير معتادة ولا يخرس لسانك بقارعة سماوية
ولا يقطع حركة فكرك بصيحة إلهية. وقد اتفق المسلمون إلا قليلا ممن لا يعتد برأيهم
على أن الاعتقاد بالله مقدم على الاعتقاد بالنبوات وأنه لا يمكن الإيمان بالرسل
إلا بعد الإيمان بالله فلا يصح أن يؤخذ الإيمان بالله من كلام الرسل ولا من الكتب
المنزلة ]([27]).
يقول محمد عمارة عن محمد عبده: تحت عنوان: [الإصلاح الديني:
إعلاؤه شأن العقل في تفسير القران، في كتاب الدين الأول والأساسي، ورأيه في وجوب أن يطرح الذين
يريدون تفسير القران تفسيرا حديثا مستنيراً، أن يطرحوا جانبا (رؤية) السابقين من المفسرين،]([28]).
ويقول محمد عبده:
[( تمهيد للأصل الأول ) للإسلام في الحقيقة دعوتان : دعوة إلى الاعتقاد
بوجود الله وتوحيده ودعوة إلى التصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، فأما
الدعوة الأولى فلم يُعَوَّل فيها إلا على تنبيه العقل البشري وتوجيهه إلى النظر في
الكون واستعمال القياس الصحيح والرجوع إلى ما حواه الكون من النظام والترتيب
وتعاقد الأسباب والمسببات ليصل بذلك إلى أن للكون صانعًا واجب الوجود عالمًا
حكيمًا قادرًا وأن ذلك الصانع واحد لوحدة النظام في الأكوان، وأطلق للعقل البشري
أن يجري في سبيله الذي سَنَّتْهُ له الفطرة بدون تقييد.]([29]).
ويقول: [الإيمان يعتمد اليقين ولا يجوز الأخذ فيه
بالظن ، وأن العقل هو ينبوع اليقين في الإيمان بالله وعلمه وقدرته والتصديق
بالرسالة ، وأن النقل ينبوع له فيما بعد ذلك من علم الغيب كأحوال الآخرة وفروض
العبادات وهيآتها ، وأن العقل إن لم يستقل وحده في إدراك ما لا بد فيه من النقل
فهو مستقل لا محالة في الاعتقاد بوجود الله وبأنه يجوز أن يرسل الرسل.]([30])
ويقول: [ مُنحنا العقل للنظر في الغايات والأسباب
المسببات، والفرق بين البسائط والمركبات، والوجدانَ لإدراك ما يحدث في النفس
والذات من لذائذ وآلام ، وهلع واطمئنان، وشماس وإذعان، ونحو ذلك مما يذوقه الإنسان
ولا يحصيه البيان؛ فهما عينان للنفس تنظر بهما - عين تقع على القريب وأخرى تمتد
إلى البعيد ، وهى في حاجة إلى كل منهما ولا تنتفع بإحداهما حتى يتم لها الانتفاع
بالأخرى. فالعلم الصحيح مقوم الوجدان، والوجدان السليم من أشد أعوان العلم، والدين
الكامل علم وذوق، عقل وقلب ، برهان وإذعان ، فكر ووجدان ، فإذا اقتصر دين على أحد
الأمرين فقد سقطت إحدى قائمتيه وهيهات أن يقوم على الأخرى . ولن يتخالف العقل
والوجدان حتى يكون الإنسان الواحد إنسانيين ، والوجود الفرد وجودين . قد يدرك
عقلك الضرر في عمل ولكنك تعمله طوعًا لوجدانك ، وربما أيقنت المنفعة في أمر وأعرضت
عنه إجابة لدافع من سريرتك، فتقول : إن هذا يدل على تحالف العقل والوجدان ]([31]).
ومما ذكره في رسالة التوحيد:[ إن من قضايا الدين ما
لا يمكن الاعتقاد به إلا من طريق العقل, كالعلم بوجود الله, وبقدرته على إرسال
الرسل, وعلمه بما يوحي به إليهم, وإرادته لاختصاصهم برسالته, وما يتبع ذلك مما
يتوقف عليه فهم معنى الرسالة, وكالتصديق بالرسالة نفسها...]([32])
وبعض ما ذكره في الرسالة العامة: ["المعجزة"
المعجزة: ليست من نوع المستحيل عقلاً]([33])
["حاجة البشر إلى الرسالة" ... اختص بها هذا
النوع _أي الإنسان_ كما ألهم الإنسان أن عقله وفكره هما عماد بقائه في هذه الحياة
الدنيا. وإن شذ أفراد منه, ذهبوا إلى أن العقل والفكر ليسا بكافيين في عمل ما, أو
إلى أنه لا يمكن للعقل أن يوقن باعتقاد, ولا للفكر أن يصل إلى مجهول]([34])
وقال: [.. من الذي يضع قواعد العدل, ويحمل الكافة
على رعايتها؟؟ قيل: ذلك هو العقل, فكما كان الفكر والذكر والخيال ينابيع
الشقاء, كذلك تكون وسائل السعادة, وفيها مستقر السكينة, وقد رأينا أن اعتدال الفكر
وسعة العلم وقوة العقل وأصالة الحكم يذهب بكثير من الناس إلى ما وراء حجب الشهوات,
وتعلوا بهم فوق ما تُخَيِّله المخاوف, فيعرفون لكل حق حرمته, ويميزون بين لذة ما
يفنى ومنفعة ما يبقى, وقد جاء منهم أفراد في كل أمة وضعوا أصول الفضيلة, وكشفوا
وجوه الرذيلة, وقسموا أعمال الإنسان إلى ما تحضر لذته وتسوء عاقبته, وهو ما يجب
اجتنابه, وإلى ما قد يشق احتماله, ولكن تسر مغبته, وهو ما يجب الأخذ به, ومنهم من
أنفق في الدعوة إلى رأيه نفسه وماله, وقضى شهيد إخلاصه, في دعوة قومه إلى ما يحفظ
نظامهم, فهؤلاء العقلاء هم الذين يضعون قواعد العدل, وعلى أهل السلطان أن
يحملوا الكافة على رعايتها, وبذلك يستقيم أمر الناس]([35])
وقال تحت عنوان: ["الرسل والرسالة"الإنسان
عجيب في شأنه يصعد بقوة عقله إلى أعلى مراتب الملكوت, ويطاول بفكره أرفع معالم
الجبروت, ويسامي بقوته ما يعظم أن يسامى من قوى الكون الأعظم..]([36])
وقال: [ليس في القرآن شيء من التاريخ من حيث قصص
وأخبار الأمم أو البلاد لمعرفة أحوالها وإنما هي الآيات والعبر]([37])
وقال في تفسير:[(إن أول بيت وضع للناس
للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين) وأن أخبار التاريخ ليست مما بلغ على أنه دين
يتبع]([38])
وقال محمد عبده: [بينا غير مرة أن القصص جاءت في
القرآن لأجل الموعظة والاعتبار لا لبيان التاريخ ولا للحمل على الاعتقاد بجزئيات
الأخبار عند الغابرين,.]([39])
[ليس في القرآن شيء من التاريخ من حيث هو قصص
وأخبار للأمم أو البلاد لمعرفة أحوالها, وإنما هي الآيات والعبر.]([40])
وقال: [وهو ما قلنا من أن آدم ليس أول الأحياء
العاقلة التي سكنت الأرض, هذا هو المذهب الأول في تفسير الخليقة]([41])
وقال: [بعدما عرف الله الملائكة بمكانة آدم, ووجه جعله
خليفة في الأرض, أمرهم بالخضوع له وعبر عن ذلك بالسجود... وليس عندنا
دليل على أن بين الملائكة والجن فصلاَ جوهرياً يميز أحدهما عن الآخر وإنما هو
اختلاف أصناف, عندما تختلف أوصاف, كما ترشد إليه الآيات. فالظاهر أن الجن صنف من
الملائكة]([42])
وسار تلميذه على نهجه فقال رشيد رضا في تفسير قوله
تعالى: ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد
موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه) قال: [ويحتمل أن تكون القصة من قبيل
التمثيل]([43])
وقال رشيد رضا: [ولا يشترط أن تكون القصة في مثل هذا
التعبير واقعة بل يصح مثله في القصص
التمثيلية]([44])
وقال [ ومن البديهي أن ذكر القصة في القرآن لا يقتضي
أن يكون كل ما يحكى فيها على الناس صحيحاً ]([45]).
وقال: [على أن في قصة آدم وجهًا في التأويل، بأنها
وردت مورد التمثيل ، لإظهار طبيعة النشأة البشرية في أطوارها التدريجية، فالجنة
والعيش الرغد فيها مثل لما كان عليه النوع البشري في طور السذاجة الأولى ، وعصيان
آدم وهبوطه هو وزوجه من الجنة مثل لدخول البشر في طور المخالفات التي تجر عليهم
الشقاء والبلاء. والتوبة والمغفرة مثل لطور الكمال الكسبي والارتقاء العلمي
والعملي]([46]).
ويقول: [وقد جرى على هذا الأسلوب كتاب القصص
المخترعة والأساطير التي يسمونها الروايات في هذا العصر]([47])
وقال فريد وجدي بعد أن استشهد بحديث باطل: [ "الدين
هو العقل ولا دين لمن لا عقل له" بهذه القواعد الإلهية نال العقل حريته وتخلص
من وثاق كان يئن منه ]([48]).
وقال: [ فإن الإسلام قد أطلق العقل من عقاله وأعطاه
كامل سلطانه، كان يعلم أن المسلمين سيواجهون مذاهب وآراء تخالف ظاهر ألفاظ الكتاب
فاحتاط العارفون بأسرار هذا الدين لهذا الأمر فوضعوا له قاعدة كلية في كتبهم
الأصولية، وهي أنه إذا خالف حكم العقل نص الكتاب أو السنة وجب التعويل على حكم
العقل وتأويل ظاهر النص ]([49]).
ويقول عبد العزيز جاويش: [ الأصل السادس من أصول
الإسلام: "تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض"... ولا يخفى أن
تقرير هذا الأصل في الإسلام يدلك دلالة واضحة على أن الدين المحمدي لم يلزم العقل
أن يخالف ما يقتضيه نظره وبحثه، بل إن فوق ذلك قدمه في العمل والاعتقاد ]([50]).
ويقول محمد الغزالي في مقدمة فقه السيرة: [ وفي الوقت
الذي فسحت فيه مكانا لهذا الأثر على ما به من حدوث عن إثبات رواية البخاري ومسلم
مثلا للطريقة التي تمت بها غزوة بني
المصطلق، فإن رواية الصحيحين تشعر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم باغت
القوم وهم غارون ما عرضت عليهم دعوة الإسلام ولا بدا من جانبهم نكوص ولا عرف من
أحوالهم ما يقلق.
وقتال يبدأه المسلمون على هذا النحو مستنكر في منطق
الإسلام مستبعد في سيرة رسوله. ومن ثم رفضت الاقتناع بأن الحرب قامت وانتهت على
هذا النحو ]([51]).
ثم قال: [ آثرت هذا المنهج في كتابة السيرة فقبلت
الأثر الذي يستقيم متنه مع ما صح من قواعد وأحكام وإن وهى سنده، وأعرضت عن أحاديث
أخرى توصف بالصحة لأنها في فهمي لدين الله وسياسة الدعوة لم تنسجم مع السياق العام
]([52]).
وقال الغزالي: [ وحديث الآحاد يفقد صحته بالشذوذ
والعلة القادحة وإن صح سنده فأبو حنيفة يرى أن من قاتلنا من أفراد الكفار قاتلناه
فإن قتل فإلى حيث ألقت، أما من له ذمة وعهد فقاتله يقتص منه وثم رفض حديث لا يقتل
مسلم في كافر مع صحة سنده... وعند التأمل نرى الفقه الحنفي أدنى إلى العدالة وإلى
مواثيق حقوق الإنسان ]([53]).
وحديث لا يقتل مسلم بكافر متفق عليه, كما رواه أصحاب
السنن وأحمد والدارمي([54]),
ومع هذا لا يقبله الغزالي لأنه غير منسجم مع قوانين الكفر والماسونية, ومقررات
حقوق الإنسان التي وضعها يهود ليحاربوا فيها الإسلام, والتي منها حرية الارتداد عن
الدين. والغزالي يردّ الحديث لأن مواثيق حقوق الإنسان أدنى إلى العدالة من الحديث
المتفق عليه!!!!.
وقال: [ وأهل الحديث يجعلون دية المرأة على النصف من
دية الرجل وهذه سوأة فكرية وخلقية رفضها الفقهاء المحققون ]([55]).
وقد نقل ابن قدامة في المغني الإجماع على أن دية
المرأة نصف دية الرجل في المسألة 6837. وقال بذلك الشافعي في الأم, وابن حزم في
مراتب الإجماع, وابن تيمية, وابن المنذر, وابن عبد البر.
ويقول: [ وعلى
أية حال فإن الإسلام تقوم عقائده على المتواتر النقلي والثابت العقلي ولا عقيدة
لدينا تقوم على خبر واحد ]([56]).
وقال: [ ونحن نحترم العلم وحقائقه وننزل على حكمه
ونرفض كل تدين أو تقوى بينهما وبين المنطق العقلي جفوة ]([57]).
ويقول: [ ولكننا نسارع إلى توكيد أمر مهم هو أن ما حكم
العقل باستحالته ليس من قبيل الغيبيات التي يجب اعتقادها... فإن ما يحكم العقل
باستحالته يدخل في نطاق المعدوم الذي لا يمكن أن يقع فكيف يخال حقا ]([58]).
ويقول الغزالي: [ ألا فلنعلم أن ما حكم العقل ببطلانه
يستحيل أن يكون ديناً.. الدين الحق هو الإنسانية الصحيحة والإنسانية الصحيحة هي
العقل الضابط للحقيقة المستنير بالعلم الضائق بالخرافة النافر من الأوهام... ولا
نزال نؤكد أن كل حكم يرفضه العقل وكل مسلك يأباه امرؤ سوي وتقاومه الفطرة
المستقيمة يستحيل أن يكون ديناً ]([59]).
وإن تقديم العقل على النقل أوصل أهل المدرسة العقلية
الجدد أو قل أفراخ الماسون إلى نتائج لا يحسدون عليه نذكر أمثلة منها:
1) رأيهم في آدم وأصل الإنسان:
قال محمد عبده في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } [النساء: 1]
قال: [ ليس المراد بالنفس الواحدة آدم بالنص ولا بالظاهر... وقد أبهم الله تعالى
هاهنا أمر النفس التي خلق الناس منها وجاء بها نكرة فندعها على إبهامها فإذا ثبت
ما يقوله الباحثون في الإفرنج أن لكل صنف من أصناف البشر أيا كان ذلك غير وارد على
كتابنا. -ثم نقل كلاما عن ابن بابويه قال فيه-: لعلك ترى أن الله لم يخلق بشرا
غيركم، بلى والله لقد خلق ألف ألف آدم أنتم في آخر أولئك الآدميين... قد انقضى قبل
آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم... وذكر الشيخ الأكبر في فتوحاته أن قبل آدم
بأربعين ألف سنة آدم غيره، -ثم قال محمد عبده:- إن ظاهر هذه الآية يأبى أن يكون
المراد بالنفس الواحدة آدم، أي سواء كان هو الأب لجميع البشر أم لا لما ذكره من
معارضة المباحث العلمية والتاريخية له، وأنه ليس في القرآن نص أصولي قاطع على أن
جميع البشر من ذرية آدم ]([60]).
وقال (شيخ التبرير للماسون) رشيد رضا يدافع عن أستاذه:
[ إن ثبوت ما يقوله الباحثون في العلوم وآثار البشر وعاداتهم والحيوانات من أن
للبشر عدة أصول ومن كون آدم ليس أبا لهم كلهم في جميع الأرض قديما وحديثا كل هذا
لا ينافي القرآن ولا يناقضه.
ثم يقول: هذا وأن المتبادر من لفظ النفس بصرف النظر عن
الروايات والتقاليد المسلمات إنها هي الماهية أو الحقيقة التي كان بها الإنسان هو
هذا الكائن الممتاز على غيره من الكائنات أي خلقكم من جنس واحد وحقيقة واحدة ولا
فرق في هذا بين أن تكون هذه الحقيقةْ بآدم كما عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين أو
بدأت بغيره وانقرضوا كما قال بعض الشيعة والصوفية أو بدأت بعدة أصول انبث منها عدة
أصناف كما عليه بعض الباحثين ولا بين أن تكون هذه الأصول أو الأصل مما ارتقى عن
بعض الحيوانات أو خلقا مستقلا على ما عليه الخلاف ... على كونها الحقيقة الجامعة
لهم فتراهم على اختلافهم في أصل الإنسان يقولون عن جميع الأجناس والأصناف أنهم إخوتنا
في الإنسانية فيعدون الإنسانية مناط الوحدة وداعية الألفة والتعاطف بين البشر سواء
اعتقدوا أن أباهم آدم عليه السلام أو القرد أو غير ذلك ]([61]).
2) الوحي في رأيهم:
عرف محمد عبده الوحي تعريفاً جديداً, ونعى على السلف
تعريفاتهم, لأنه كما قال رشيد رضا:
["سئم من
الاستمرار على ما يألفون واندفع إلى طلب شيء مما لا يعرفون" ]([62]).
فقال محمد عبده: [ وقد عرفوه شرعا أنه إعلام من الله
تعالى لنبي من أنبيائه بحكم شرعي ونحوه أما نحن فنعرفه على شرطنا بأنه: عرفان يجده
الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة ]([63]).
ويقول عن الوحي: [ فقد عهد عند أعداء الأنبياء ما لا
يبعد عنه في بعض المصابين بأمراض خاصة على زعمهم فقد سلّموا بأن بعض معقولاتهم
يتمثل في خيالهم ويصل إلى درجة المحسوس فيصدق المريض في قوله بأنه يسمع ويرى بل
يجالد ويصارع ولا شيء من ذلك في الحقيقة بواقع فإن جاز التمثيل في الصور المعقولة
ولا منشأ لها إلا في النفس وإن ذلك يكون عند عروض عارض على المخ، فلم لا يجوز تمثل
الحقائق المعقولة في النفوس العالية ]([64]).
وأما تلميذ محمد عبده المدعو فريد وجدي فيقول عن ما
يعتبره دليلاً وأصلاً في قضية الوحي: [ إن أرواحا حضرت وقالت نحن مرسلون من عند
الله كما أرسل المرسلون من قبلنا غير أن تعاليمنا أرقى من تعاليمهم فإلهنا هو
إلههم إلا أن إلهنا أظهر من إلههم وأقل صفات بشرية وأكثر خصائص إلهية وتعاليمنا لا
تخضع لأية عقيدة مذهبية ولا تقبل بلا صبر ولا روية تعاليم لا تستند على العقل ولا
تأخذ بلا تحفظ وحياً جاء في أحوال خاصة في عصر من العصور وستعلم بعد أن الوحي لا
ينقطع أبدا وهو آخذ في الترقي ولا وقت له ولا حد وليس هو بامتياز لأمة دون أمة ولا
شخص دون شخص والله يكشف نفسه للإنسان شيئا فشيئا ]([65]).
ثم أوغل فقال: [ قد ثبت أخيرا وصار في عداد المعارف
الأولية لدى الباحثين أن في باطن كل منا عقلا مستقلا غير عقلنا العادي أرفع وأوسع
مجالا منه هو الذي يوحي إلى الإنسان بالميول الطيبة وينهاه عن المنكر والبغي وهذا
العقل الباطن هو الذي يدير جثمانه ويدير أجهزته وأعضاءه ويصلحها إن اعتراها عطب،
هذا العقل الباطن الذي لا يمس الإنسان بوجوده متمثلا بالحياة الروحانية العامة
اتصالا مباشرا فهو يتلقى عنها ما يناسب درجته من المعارف ويحاول أن يعكسه على
صاحبه من طريق الإبهام فهو يعقل إلا أن يكون هذا العقل الباطن قد وصل في بعض الناس
إلى درجة رفيعة بحيث يستخدمه الروح العام لإيصال شريعة جديدة إلى شعب هو في حاجة
إليها... ثم يقول مقرّرا إمكانية الوحي المستمر وعدم انقطاع النبوة: كيف يعقل خلاف
هذا وهو الذي حدث فعلا في كل أمة وفي جميع أدوار التاريخ فلم تخلو الأرض قط من داع
إلى الحق والفضائل معلنا أنه أرسل لأداء هذه المهمة إرسالا فتراه يعرض نفسه للموت
في سبيل تعميم دعوته ويصبر على البأساء والضراء متبعا سمت الصالحين في الزهد في
الدنيا والتواضع وإيثار الفقر حتى ينجح فيما تصدى له أو يقتل في سبيله ]([66]).
3) إنكار المعجزات:
يقول رشيد رضا عن المعجزات أنها: [ أصبحت في هذا العصر
حجة على دينهم لا له وصارت للعلماء والعقلاء عنه لا مقنعة به ولولا حكاية القرآن
لآيات الله التي أيد بها موسى وعيسى عليهما السلام لكان إقبال أحرار الإفرنج عليه
أكثر واهتداؤهم به أعم وأكثر لأن أساسه قد بني على العقل والعلم... وأما تلك
العجائب الكونية فهي مثار شبهات وتأويلات كثيرة في روايتها وفي صحتها وفي دلالتها
وأمثال هذه الأمور تقع من أناس كثيرين في كل زمان والمنقول منها من صوفية الهنود
أكثر... وهي منفرات العلماء عن الدين في هذا العصر ]([67]).
ولا نريد أن نستطرد كثيراً فهؤلاء مثل محمد عبده ورشيد
رضا والشيخ المراغي والشيخ شلتوت وفريد وجدي وعبد العزيز جاويش ومن لف لفهم أنكروا
الجن والملائكة والشياطين والمعجزات ونزول عيسى عليه السلام, ومنهم من أنكر البعث
بعد الموت والدجال وطلوع الشمس من مغربها, وأحلّوا الربا؛ بل بلغ بهم المقام أكثر
من هذا، فهذا محمد عبده يقول: [ وجود شيء في القرآن لا يقتضي صحته ]([68]).
وقال رشيد رضا: [ إن أحاديث الدجال مشكلة من وجوه،
أحدها منافاتها لحكمة إنذار القرآن للناس بقرب قيام الساعة وإثباتها بغتة ]([69]).
وقال الشيخ المراغي شيخ الأزهر: [ إن العقول تنظر إلى
الأديان نظرها إلى شيء تاريخي خال عن الحياة ]([70]).
وقال: [ إن من نظر في كتب الشريعة الأصلية بعين البصر
والحذق يجد أنه من غير المعقول أن تضع قانونا أو كتابا أو مبدأ في القرن الثاني من
الهجرة ثم يجيء بعد ذلك فيطبق هذا القانون في 1354 هـ ]([71]).
ثم أوجز فريد وجدي رئيس تحرير مجلة نور الإسلام
الصادرة عن الأزهر هذا الأمر فقال: [ ولد العلم الحديث وما زال يجاهد القوى التي
كانت تساوره فتغلب عليها ودالت الدولة إليه في الأرض فنظر نظرة في الأديان وسرى
عليها أسلوبه فقذف بها جملة إلى عالم الميثولوجيا -"الأساطير"-ثم أخذ
يبحث في اشتقاق بعضها عن بعض واتصال أساطيرها بعضها ببعض فجعل من ذلك مجموعة تقرأ
لا لتقدس تقديسا، ولكن ليعرف الباحثون منها الصورة الذهنية التي كان يستعبد لها
الإنسان نفسه ويقف على صيانتها جهوده غير مدخر في سبيلها روحه وماله، وقد اتصل
الشرق الإسلامي بالغرب منذ أكثر من مائة سنة فأخذ يرتشف من مناهله العلمية ويقتبس
من مدنيته المادية فوقف فيما وقف على هذه الميثولوجيا، ووجد دينه ماثلا بها فلم
ينبس بكلمة لأنه يرى الأمر أكبر من أن يحاوله ولكنه استبطن الإلحاد متيقنا أنه
مصير إخوانه كافة متى وصلوا إلى درجته العلمية. وقد نبغ في البلاد الإسلامية كتاب
وشعراء وقفوا على هذه البحوث العلمية فسحرتهم فأخذوا يهيئون الأذهان لقبولها دسّاً
في مقالاتهم وقصائدهم غير مصارحين بها غير أمثالهم تفادياً من أن يقاطعوا أو ينفوا
من الأرض ]([72]).
وإذا أردنا اختصار قول محمد عبده ومدرسته في هذا الباب
فهي:
-
بلغ الإنسان سن الرشد ويجب الاقتصاد في الغيبيات وترك
المجال للعقل.
-
العقل وكيل الله.
-
العقل هو الحاكم
حتى في إطار النصوص وعليه تعرض آيات القرآن.
-
لا يؤخذ بكلام الله والرسل فيما يتعلق بالكون بل العقل
هو المرجع والفيصل.
-
الإسلام لا يعتمد إلا على الدليل العقلي والفكر
الإنساني.
-
الإيمان لا يؤخذ من الرسل والكتب المنزلة بل من العقل.
-
الدين هو العقل.
-
ما يتعارض مع ما يسمونه علوم حديثة أو مقررات دولية
مرفوض.
-
الدين الحق هو الإنسانية الصحيحة.
-
انتهت وصاية السماء على الأرض أي انتهى دور الله،
تعالى الله عمَّا يقول الكافرون علواً كبيراً.
ونلاحظ أن أقوال محمد عبده ومدرسته عامة فاقت في كفرها
ووقاحتها وشناعتها وبذاءتها وفظاعتها أقوال الماسون ويهود والنصارى وكل عبدة الهوى. هذه هي
النتيجة باختصار التي وصل أصحاب المحفل الماسوني الذين جعلوا الأزهر ماسونياً. وأن
يعبد كل رجل منهم عقله. بل هواه.. ولقد قال تعالى: { فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا
مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: 16]
وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ
هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ }
[الجاثية: 23]
وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ
بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
[القصص: 50]
وقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ
فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ
هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] وأصدق فرقة في الكفر -على مبدأ
صدقك وهو الكذوب- من هؤلاء متبعي وعبدة الأهواء هم الماسون قادة الصوفية، فلقد قال
إمامهم الأكبر وكبريتهم الأحمر محيي الدين ابن عربي في كتابه فصوص الحكم: [ (فصّ
حكمة إماميّة في كلمة هارونية):
[وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند
العابد، والظهور بالدرجة في قلبه، ولذلك يسمَّى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل:
رفيع الدرجة، فكثَّر الدرجات في عين واحدة، فإنه قضى أن لا يعبد إلا إياه في درجات
كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلَّى إلهياً عُبد فيها، وأعظم مجلًّى عُبد فيه
وأعلاه الهوى، كما قال: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه, فهو أعظم معبود، فإنه لا يُعبد
شيء إلا به. وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ***
ولولا الهوى في القلب ما عُبد الهوى ... والعارف المكمّل من رأى كل
معبود مجلّى للحق يعبد فيه ]. وقد صدق في أنه يعبد الهوى وليس العقل, وقال ذلك دون
مواربة أو تمويه, ومع أنها جرأة في الكفر, و الجرأة في هذه المواضع مذمومة, إلا
أنه أبان عن القصد بشكل يزيل اللبس عن من يمكن أن يُخْدَع بأقوال عبدة الأهواء.
وسنتابع في حلقة قادمة إن شاء الله عن مؤسسة الأزهر.
[2]- الماسونية نشأتها وأهدفاها - أسعد السحمراني، ص/ 96.
[4]- اليد الخفية - عبد
الوهاب المسيري، ص / 117.
[12]- المسيح ولد يهودياً: مارتن لوثر - مقدمة المترجم محمد السماك.
[13]- الماسونية ذلك العالم المجهول,ص / 229.
[14]
- الأعمال الكاملة للأفغاني - جمع محمد عمارة، ص / 35.
[18]
- العروة الوثقى, ص / 22.
[19]
- المنار - ج 5 مايو 1903م, ص / 196، 197.
[20]
- المنار - ج 5 مايو 1903م, ص / 196، 197.
[21]
- المنار - ج 3 مارس آذار 1911م.
[22] - محمد شريف باشا: (1823-1887 م)هو محمد بن محمد
شريف، شركسي الأصل، ولد في القاهرة وتلقى تعليمه بمصر، ثم فرنسا والتحق بخدمة
الجيش الفرنسي، ثم رجع إلى مصر وعمل في الجيش وترقى إلى أن وصل إلى رتبة فريق، ثم
انتقل إلى الأعمال الإدارية فعين رئيساً لمجلس الشورى 1875، وعين رئيساً للوزراء
مرتين أولاهما عام 1879. بطرس غالي قبطي أصبح رئيساً للوزراء في ظل كرومر وهو صاحب
القضاء في مجزرة دنشواي.
[23] - مختصراً من مجلة المنار ـ
المجلد [ 8 ] الجزء [ 11 ] ص/ 401 غرة جمادى الآخر 1323 ـ 2 أغسطس 1905
[24]
- الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية لمحمد
عبده بتقديم رشيد رضا. الطبعة السادسة 1375هـ, ص / 58.
[25]
- الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية لمحمد
عبده بتقديم رشيد رضا. الطبعة السادسة 1375هـ
, ص / 59.
[26]- وهو الذي تقول عنه الماسونية الدين الطبيعي.
[27]
- الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية لمحمد
عبده بتقديم رشيد رضا , ص / 54 - 55.
[28] - - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 1/184-187
[29] - الإسلام والنصرانية ص3
[32] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده:3/374-375
[33] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده:3/416
[35] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده:3/425
[36] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده:3/427
[37] - تفسير المنار: 2/ 205.
[38] - تفسير المنار: 4/7.
[43] - تفسير المنار: 3/52.
[44] - تفسير المنار: 2/457.
[45] - - تفسير المنار: 1/399.
[46] - مجلة المنار المجلد 3/ج/5ص/ 87 صفر 1320
[47] - تفسير المنار: 1/399.
[48]
- المدنية والإسلام, ص / 58.
[49]
- الإسلام دين الهداية والإصلاح لفريد وجدي, ص / 55.
[50]
- الإسلام دين الفطرة لعبد العزيز جاويش, ص / 145.
[51]
- فقه السيرة, ص /10.
[52]
- فقه السيرة, ص / 13.
[53]
- السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث, ص / 18.
[54] - رواه البخاري بأرقام (111 و1870 و 3047 و 3172
و 3180 و 6755 و 6903 و 6915 و 7300,ومسلم
برقم (1370),والترمذي (1412),والنسائي(4734),وأبو داود(4530),وابن ماجة(2658),
و أحمد (600) وفي عشرة مواضع أخرى، والدارمي (2250).
[55]
- السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث, ص / 19.
[56]
- السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث, ص / 66.
[57]
- دستور الوحدة الثقافية, ص / 66.
[58]
- دستور الوحدة الثقافية, ص / 41.
[59]
- الدوحة القطرية - العدد 101 - رجب 1404
هـ.
[60]
- تفسير المنار: (4 / 323 - 362).
[61]
- تفسير المنار: (4 / 326 - 327).
[62]
- تاريخ الأستاذ الإمام - لرشيد رضا (1 / 11).
[63]
- رسالة التوحيد لمحمد عبده, ص / 108.
[64]
- رسالة التوحيد لمحمد عبده, ص / 81.
[65] - مجلة المقتطف عدد فبراير1920.نقلا عن كتاب منهج المدرسة
العقلية الحديثة للدكتور فهد الرومي ص/ 637.
[66]
- الإسلام دين الهداية والإصلاح لفريد وجدي, ص / 15.
[67]
- تفسير المنار: (11 / 155).
[68]
- موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين لشيخ الإسلام مصطفى صبري (1 / 143).
[69]
- تفسير المنار: (9 / 450).
[70]
- موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين, 1 / 31.
[71]
- الأهرام 28 / 2 / 1936. عن موقف العقل
والعلم 1 / 32.
[72]
- عن موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين لشيخ الإسلام مصطفى صبري (1 / 24).
0 التعليقات:
إرسال تعليق