لا تكونوا أجراء
الطاغوت وعصابته(85)
رضوان محمود نموس
الـولاء
والـبراء
10-وقال
ابن القيم رحمه الله تعالى في أحكام أهل
الذمة إنه سبحانه قد حكم ، ولا أحسن من حكمه أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم
، } ومن يتولهم منكم فإنه منهم { فإذا كان أولياؤهم منهم بنص
القرآن كان لهم حكمهم {([1]).
11-قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :[
اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان
بالله ، والدليل قوله تعلى } ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت { فأما صفة الكفر بالطاغوت، أن تعتقد بطلان عبادة غير
الله، وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم {([2]).
وقال في عقيدة الموحدين عندما عدد نواقض الإسلام
:[الثامن مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى } ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين {([3]).
وقال:[ أبلغوهم أن المعاداة ملة
إبراهيم عليه
السلام ، ونحن مأمورون في متابعته، قال الله تعالى } قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم
والذين معه { إلى قوله } حتى تؤمنوا بالله وحده { .ثم
قال "واذكروا لهم ، أن الواجب على الرجل، أن يعلّم عياله وأهل بيته, الحب في الله والبغض في الله، والموالاة في
الله والمعاداة في الله، مثل تعليم الوضوء والصلاة، لأنه لا صحة لإسلام المرء، إلا
بصحة الصلاة، ولا صحة لإسلامه أيضاً إلا بصحة الموالاة والمعاداة في الله {([4]).
12- وسئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله تعالى :
عن معنى لا إله إلا الله وعن معنى الطاغوت الذي أمرنا الله باجتنابه والكفر به
فقال:[ (الإله) هو المألوه الذي تألهه القلوب وتحبه، وقد دل صريح القرآن على معنى
لا إله إلا الله وأنه المعبود كما في قوله تعالى } وإذا قال إبراهيم لأبيه وقومه
إنني برآء مما تعبدون، إلا الذي فطرني فإنه سيهدين، وجعلها كلمة باقية في عقبه
لعلهم يرجعون {
قال المفسرون: هي كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله )
لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده، والمعنى، جعل هذه الموالاة لله والبراءة من
كل معبود سواه كلمة باقية في ذرية إبراهيم ، يتوارثها الأنبياء وأتباعهم ، بعضهم
عن بعض، وهي كلمة (لا إله إلا الله) فتبين أن موالاة الله بعبادته، والبراءة من كل
معبود سواه هو معنى (لا إله إلا الله).
وعلى ذلك فمن أباح الشرك، أو تولى المشركين، وذب
عنهم أو عادى الموحدين وتبرأ منهم، فهو ممن أسقط حرمة (لا إله إلا الله) ولم
يعظمها ولا قام بحقها، ولو زعم أنه مسلم، وأنه من أهلها القائمين بحرمتها{([5]).
13- وفي رسالة من عبد الرحمن بن حسن و علي بن حسين
أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وإبراهيم بن سيف رحمهم الله تعالى إلى بعض الإخوان
قالوا فيها: [ إن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة ولا يحصل ذلك إلا بالبراءة من
الشرك والمشركين باطناً وظاهراً كما ذكر الله عن إمام الحنفاء عليه السلام في قوله
}وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون،
إلا الذي فطرني فإنه سيهدين { ومن الأدلة على هذا المعنى قوله
تعالى } قال يا قوم إني برئ مما تشركون ، إني وجهت وجهي للذي فطر السموات
والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين { وقال تعالى } وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما
كان من المشركين { وقال تعالى } ما كان إبراهيم يهودياً ولا
نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين { وقال تعالى } قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين { وقال تعالى }قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكون من المشركين { وقال تعالى } قل إنني هداني ربي إلى صراط
مستقيم دينا قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين { وقال تعالى }إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من
المشركين { وقال تعالى } ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة
إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين { وقال تعالى } ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن
من المشركين { وقال } منيبين إليه واتقوه وأقيموا
الصلاة ولا تكونوا من المشركين { وقال تعالى } وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكون من المشركين .
فتأمل تلك الآيات ، ثم انظر
كيف أكد الباري جل وعلا على رسله والمؤمنين باثنتي عشرة آية في البراءة من
المشركين ومدحهم بتلك الصفة، وهذا كله يدل بلا ريب على أن الله أوجب على المؤمنين
البراءة من كل مشرك، وأمر بإظهار العداوة، والبغضاء للكفار عامة، وللمحاربين
خاصة، وحرم على المؤمنين موالاتهم والركون إليهم.
وهذه البراءة من الكفار، هي
حقيقة معنى (لا إله إلا الله) ومدلولها، لا مجرد قولها باللسان، من غير نفي لما
نفته من صلة بالمشركين، ومن غير إثبات أثبتته من موالاة رب العالمين {([6]).
14- وقال القاسمي رحمه الله
تعالى : في تفسيره [ ذلك إشارة إلى ما ذكر من
ارتدادهم بأنهم أي لسبب أنهم قالوا أي المنافقون للذين كرهوا ما نزل الله
أي لليهود الكارهين لنزول القرآن على رسول الله، سنطيعكم في بعض الأمر، أي بعض
أموركم أو ما تأمرون به {([7]).
وقال: [ } فإنه منهم { أي جملتهم وحكمه حكمهم، وإن
زعم أنه مخالف لهم في الدين ، فهو بدلالة الحال منهم لدلالتها على كمال الموافقة{([8]).
15- وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد
الوهاب رحمه الله تعالى في حكم موالاة أهل الإشراك [ أخبر تعالى أن
سبب ما جرى عليهم من الردة وتسويل الشيطان والإملاء لهم هو قولهم للذين كرهوا ما نزل
الله، سنطيعكم في بعض الأمر فإذا كان من وعد المشركين الكارهين لما نزل الله
بطاعتهم في بعض الأمر كافراً، وإن لم يفعل ما وعدهم به فكيف بمن وافق المشركين
وأظهر أنهم على هدى {([9]).
وعدد الشيخ عشرين دليلاً على كفر
من والى الكفار في بحث مستفيض, ذكر في الدرر السنية المجلد الثامن من ص 121 إلى ص
166
16- ويقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى :[
فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك وأكد
إيجابه وحرم موالاتهم وشدد فيها حتى أنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة
أكثر ولا أبين من هذا الحكم، بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده".
ثم قال "قال ابن كثير: إن من الفساد في الأرض
اتخاذ المؤمنين الكافرين أولياء، كما قال تعالى } والذين كفروا بعضهم أولياء
بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير
{ فقطع الموالاة بين المؤمنين والكافرين كما قال تعالى } يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين
.. الآية { " .
ثم قال " ( فصل ) وهاهنا أمور يجب التنبيه
عليها، وتعيين الاعتناء بها ليتم لفاعلها مجانبة دين المشركين :
الأمر الأول : ترك اتباع أهوائهم، وقد نهى الله
تعالى عن اتباعها، قال تعالى: } ولن ترضى عنك اليهود ولا
النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك
من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير {، قال شيخ الإسلام فانظر كيف قال في الخبر } ملتهم { وقال في النهي } أهواءهم
{، لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقاً،
والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير.
الأمر الثاني: معصيتهم فيما أمروا به فإن الله تعالى
نهى عن طاعة الكافرين وأخبر أن المسلمين إن أطاعوهم ردوهم عن الإيمان إلى الكفر
والخسارة، فقال تعالى } يا أيها الذين آمنوا إن
تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين {، وقال تعالى } ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان
أمره فرطا { وقال تعالى } وإن
الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون {
الأمر الثالث: ترك الركون إلى الكفرة والظالمين وقد
نهى الله عن ذلك فقال } ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا
تنصرون { فنهى سبحانه وتعالى عن الركون إلى الظلمة وتوعد ذلك بمسيس من
النار وعدم النصر، والشرك أعظم أنواع الظلم، كما قال تعالى } إن الشرك لظلم عظيم { فمن ركن إلى أهل الشرك أي مال إليهم ورضي بشيء من أعمالهم، فإنه
مستحق لأن يعذبه الله بالنار وأن يخذله في الدنيا والآخرة وقال تعالى } ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً، إذاً لأذقناك
ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً{ فأخبر سبحانه وتعالى أنه لولا
تثبيته لرسوله صلى الله عليه وسلم لركن إلى المشركين شيئاً قليلاً، وأنه لو ركن
إليهم لأذاقه عذاب الدنيا والآخرة مضاعفاً، ولكن الله ثبته فلم يركن إليهم بل
عاداهم وقطع اليد منهم، ولكن إذا كان الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم مع عصمته
بهذه الشدة فغيره أولى بلحوق هذا الوعيد به.
الأمر الرابع: ترك موادة أعداء الله، قال تعالى } لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله
ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم {، قال شيخ الإسلام فأخبر
سبحانه وتعالى، أنه لا يوجد مؤمن يوآدّ من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم ولا
يوجد مؤمن يوآدّ كافراً، فمن وآدّ كافراً فليس بمؤمن، قلت: فإذا كان الله قد نفى
الإيمان عن من وآدّ أباه وأخاه وعشيرته إذا كانوا محادين لله ورسوله فمن وآدّ
الكفار الأبعدين فهو أولى بأن لا يكون مؤمناً {([10]).
وقال رحمه
الله تعالى في مجموعة التوحيد بعد أن ذكر حال الأمة في زمانه وتتابع الفتن
ودخول المشركين إلى أرض المسلمين قال :[وما ذكره من الافتتان قد رأينا ما هو نظيره
، أو أعظم منه في هذه الأزمان ، وكذلك انقسم الناس أقسام .
أحدها : ناصر لدين الإسلام ، وساعٍ في ذلك بكل جهده
، وهم القليلون عدداً الأعظمون عند الله أجراً
القسم الثاني : خاذل لأهل الإسلام ، تارك لمعونتهم .
القسم الثالث :خارج عن شريعة الإسلام بمظاهرة حزب
المشركين ومناصحتهم ، وقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال ( من أعان صاحب باطل ليدحض بباطله حقاً فقد برئت منه ذمة الله
وذمة نبيه )"
فانظر يا عبد الله لنفسك وفي أي الأقسام أنت ؟ {([11]).
وسئل رحمه الله تعالى: [ إذا كان الرجل يتهم بالركون
إلى الكفار, هل تجوز مجالسته, ومحادثته أو لا؟
فأجاب: قد حرم الله تعالى الركون إلى الذين ظلموا,
فإذا كان الركون ظاهراً معلوماً فلا يجوز للمؤمن أن يتخذ الراكن جليساً؛ وأما
محادثته, فإن كانت لنصيحته ودعوته إلى الله,
ونهيه عن هذا المنكر, فهذه لا بأس بها, بل هي طاعة لله تعالى, وجهاد في سبيله.
وأما محادثته صاحباً وخليلاً, فذلك لا يجوز, وهو من
القوادح في الدين, {([12]).
17-وسئل الشيخ عبد الله والشيخ
إبراهيم ابنا عبد اللطيف والشيخ سلمان بم سحمان رحمهم الله تعالى: عن الذين يدخلون
تحت حماية الكفار فأجابوا:[ وأما الدخول تحت حماية الكفار, فهي ردة عن الإسلام.{([13]).
18- قال الشيخ سليمان بن عبد الله ابن الشيخ محمد بن
عبد الوهاب رحمهم الله جميعاً في مجموعة التوحيد:[ اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا
أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفاً منهم، ومداراة لهم، ومداهنة لدفع شرهم،
فإنه كافر مثلهم وإن كان يكره دينهم ويبغضهم، ويحب الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع
منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعة، واستدعي بهم، ودخل في طاعتهم، وأظهر
الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال، ووالاهم وقطع الموالاة
بينه وبين المسلمين وصار من جنود القباب والشرك وأهلها بعد ما كان من جنود الإخلاص
والتوحيد وأهله !، فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره، وهو الذي يستولي عليه
المشركون فيقولون له اكفر، أو أفعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه
فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان ، وقد
أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً أنه يكفر ، فكيف بمن أظهر الكفر خوفاً
وطمعاً في الدنيا ؟! وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك بعون الله وتأييده " ثم
ذكر واحد وعشرين دليلاً جاء في الثالث عشر قوله: " قوله تعالى } ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من
وأولياء ثم لا تنصرون { فذكر تعالى أن الركون إلى
الظلمة من الكفار والظالمين موجب لمسيس النار ، ولم يفرق بين من خاف منهم وغيره
إلا المكره ، فكيف بمن اتخذ الركون إليهم ديناً ورأياً حسناً وأعانهم بما قدر عليه
من مال وأري ، وأحب زوال التوحيد وأهله ، واستيلاء أهل الشرك عليهم ؟! فإن هذا
أعظم الكفر والركون"
وقال في الدليل الرابع عشر
" قوله تعالى } من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه
مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ، ذلك
بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين { فحكم تعالى حكماً لا يبدل أن من رجع عن دينه إلى
الكفر ، فهو كافر ، سواء كان له عذر خوفاً على نفس أو مال أو أهل أم لا، وسواء كفر
بباطنها أم بظاهره دون باطنه، وسواء كفر بفعله ومقاله ، أو بأحدهما دون الآخر ،
وسواء كان طامعاً في دنيا ينالها من المشركين أم لا فهو كافر على كل حال إلا
المكره، وهو في لغتنا: المغصوب، فإذا أكره الإنسان على الكفر وقيل له: اكفر وإلا
قتلناك أو ضربناك، أو أخذه المشركون فضربوه ولم يمكنه التخلص إلا بموافقتهم، جاز
له موافقتهم في الظاهر، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، أي ثابتاً عليه
معتقداً له، فأما إن وافقهم بقلبه فهو كافر ولو كان مكرهاً .
وظاهر كلام أحمد رحمه الله أنه في الصورة الأولى- أي
قولهم اكفر وإلا قتلناك أو ضربناك - لا
يكون مكرهاً حتى يعذبه المشركون ، فإنه لما دخل عليه يحيى بن معين وهو مريض ، فسلم
عليه فلم يرد عليه السلام، فما زال يعتذر ويقول حديث عمار وقال الله تعالى } إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان { فقلب أحمد وجهه إلى الجانب
الآخر فقال يحيى: لا يقبل عذاراً .
فلما خرج يحيى قال أحمد يحتج بحديث عمار، وحديث
عمار: مررت بهم وهم يسبونك فنهيتهم فضربوني وأنتم قيل لكم: نريد أن نضربكم، فقال
يحيى: والله ما رأيت تحت أديم السماء أفقه في دين الله تعالى منك .
ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين الشارحين صدورهم
بالكفر، وإن كانوا يقطعون على الحق ويقولون : ما فعلنا هذا إلا خوفاً ، فعليهم غضب
من الله ولهم عذاب عظيم.
ثم أخبر تعالى أن سبب هذا الكفر والعذاب ليس بسبب
الاعتقاد للشرك، أو الجهل بالتوحيد، أو البغض للدين ، أو محبة الكفر ، وإنما سببه
أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا ، فآثره على الدين وعلى رضى رب العالمين، فقال } ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي
القوم الكافرين { فكفرهم تعالى ، وأخبر أنه لا يهديهم
مع كونهم يعتذرون بمحبة الدنيا ، ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين لأجل استحباب
الدنيا على الآخرة هم الذي طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، وأنهم هم الغافلون ،
ثم أخبر خبراً مؤكداً محققاً أنهم في الآخرة هم الخاسرون {([14]) .
0 التعليقات:
إرسال تعليق