موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(87)

لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(87)
رضوان محمود نموس
السعودية والقومية

لا يمل علماء السعودية من تكرار تكفير الدعاة إلى القومية. ونحن لا نشك في كفر من يجعل الرابطة؛ القومية مقدمة على الرابطة الإسلامية, والأخوة الإيمانية, وللشيخ ابن باز رسالة مستقلة في هذا الصدد, ولكن ما مدى التزام الحكومة السعودية بهذا الشأن.
أولاً: لقد وافقت الحكومة السعودية؛ على جميع قرارات جامعة الدول العربية؛ الداعية إلى القومية, والمبنية أساساً على فكرة القومية العربية, وعملت السعودية وشركاؤها على تدعيم الدعوة إلى القومية بسائر الوسائل والإمكانات, ومن شاء فليراجع مقررات مؤتمرات القمم العربية, وتوصيات جامعة الدول العربية لجميع دوراتها.
ثانياً: زاد ولاء السعودية على الدعوة القومية إلى أضيق من هذا فهم يكفرون شيعة إيران ويأسلمون شيعة الإحساء, يكفرون نصيرية سوريا ويأسلمون إسماعيلية وكفار نجران, وإذا قال مدع بل يكفرون الجميع؛ فكيف يعطى هؤلاء الكفرة الحقوق والامتيازات التي هي للمسلم في السعودية؟! ويمنع المسلم غير السعودي من كل ذلك, بل ويمنع من الحج وزيارة بيت الله الحرام إذا لم توافق حكوماته المرتدة. هل هناك أقذع وأبشع وأضيق من هذه الإقليمية.
ثالثاً: زادوا على هذا وتمادوا إلى الحد الذي لم يتماد إليه أحد من كل دعاة القومية في العالم. فهم يوالون الكنعانيين الكفار الذين كانوا أيام موسى عليه السلام لأنهم بزعمهم من أصول عربية, يوالون هؤلاء الكفار الكنعانيين ضد موسى عليه السلام ومن معه, وهم الطائفة المؤمنة في ذلك الوقت, فيقول بيان الحكومة السعودية:
 [ويؤسفنا في هذا المقام الخاص, المطلوب منا فيه شرح مشاكلنا الخاصة؛ المتصلة بحقوق الإنسان, في دولنا الإقليمية العربية, أن نشير إلى المشكلة الأساسية الوحيدة التي حوربت فيها حقوق الإنسان, وكان لها كما سيكون لها على الدوام؛ التأثير  الكبير على السلم الإقليمي ,والسلام العالمي, وعلى إهدار القسم الأكبر من مواردنا الدولية, والفردية, في أكثر من ثلاث عشرة دولة عربية, مما عرقل الكثير من تطورها الاقتصادي, والاجتماعي, والثقافي, في سبيل إسماع أنين الشعب العربي في فلسطين؛ بسبب تجريده من جميع حقوقه الأساسية في وطنه التاريخي, الذي نشأ فيه منذ عهد الكنعانيين العرب, قبل ألاف من السنين, وقبل أن يخلق إسرائيل نفسه الذي لجأ إلى مصر بصحبة أولاده الإثني عشر, حيث تكاثروا فيها مئات من السنين ثم قرر أنساله التحرر من عبوديتهم للفراعنة؛ فهربوا نحو فلسطين غازين مدمرين, ليتخذوا لهم فيها وطناً عن طريق الغزو ضد شعب عربي هو وحده صاحب الحق في هذا الوطن التاريخي له.

وإذا كانت شريعة الغاب هي المسيطرة على العالم القديم حين غزو بني إسرائيل لفلسطين هرباً من عبوديتهم للفراعنة. ذلك الغزو البربري الذي استبيحت فيه دماء العرب الكنعانيين وأحرقت معه ديارهم وهدمت فيه مدنهم في ذلك العهد كما نصت عليه نصوص العهد القديم, فليس من الجائز في عهد ميثاق الأمم المتحدة وفي ظل ميثاق حقوق الإنسان الذي أعلنته الأمم المتحدة أن يتكرر الغزو والقتل والتدمير والإفناء والاستئصال لشعب ما استكان من قبل حين الغزو الأول في عهد شريعة الغاب, ومن باب أولى أن لا يستكين في عهد ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان والميثاق الدولي الخاص بتنفيذ هذه الحقوق التي لم يضطهدها أحد في التاريخ مثل بني إسرائيل.
أما وقد أشرنا من قبل إلى تاريخ غزوهم القديم الأول لفلسطين العربية الذي اتخذ اليوم بالباطل أساساً مشروعاً لغزوهم الجديد الحاضر كما أشرنا إلى عدم استكانة الكنعانيين فنرى من المفيد الآن أن نتوسع قليلاً في تاريخ ذلك الغزو البربري{ ندوات علمية في الرياض وباريس ومجلس الكنائس العالمي في جنيف والمجلس الأوربي في استراسبورغ حول الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان فيما بين فريق من كبار علماء المملكة العربية السعودية وبين آخرين من كبار رجال الفكر والقانون في أوربا مع بيان الحكومة السعودية عن حقوق الإنسان إصدار رابطة العالم الإسلامي ص 46-47
 ([1])
وفي هذا البيان السعودي يتضح عدة نقاط منها:
1-           وصف جيش موسى ويوشع بن نون عليهما السلام أنهم برابرة متوحشون
2-           وصف التشريع السائد آنذاك وهو التوراة الصحيحة كتاب الله بأنه شريعة الغاب
3-           وصف خروج موسى ببني إسرائيل من مصر بأمر الله جل جلاله أنه فرار
4-           وصف دخول فلسطين من قبل الأنبياء ومن معهم وبأمر الله جل جلاله بأنه احتلال همجي بربري
5-           الوقوف مع الكنعانيين الكفرة عبدة الأوثان ضد المؤمنين من بني إسرائيل تقودهم الأنبياء بدافع قومي جاهلي عفن.
فهل بعد هذا الانتماء القومي الجاهلي العفن من قومية ؟!
وهل بعد هذا الكفر والضلال من كفر وضلال؟!
ولنا مع بيان الحكومة السعودية وقفات:
أولاً: أن وصفهم للجيش الذي يقوده موسى عليه السلام, ويوشع بن نون؛ بالبربرية, وما مر من أوصاف؛ هو من المكفرات, التي لم يختلف فيها أحد.
 إن هؤلاء الذين يصفون جيش موسى عليه السلام بالبربرية,  لا يتجرؤون على وصف جيش بوش الصليبي الهمجي بهذا الوصف بل يصفونه بالقوات الصديقة ويعطونه القواعد والتسهيلات.
ولقد أجمعت الأمة أن من انتقص نبياً من أنبياء الله عليهم السلام يكون كافراً مرتداً ويقتل حداً وهذه بعض أقوال العلماء:
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [ ومن سب نبيا من الأنبياء؛ قتل, وكان كافرا مرتدا, بخلاف الولي, قال تعالى: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} وقوله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله}{([2]).
وقال رحمه الله تعالى: [ وأيضا فمن خصائص الأنبياء أن من سب نبيا من الأنبياء قتل باتفاق الأئمة وكان مرتدا كما أن من كفر به وبما جاء به كان مرتدا فإن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله{([3]).
وقال رحمه الله تعالى: [ والمسلمون آمنوا بهم كلهم ولم يفرقوا بين أحد منهم فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم ومن سب نبيا من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء وفي استتابته نزاع قال تعالى: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون سورة البقرة 136}  وقال تعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين سورة البقرة 177 }  وقال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} {([4]).
وقال رحمه الله تعالى: [قال أبو الحسن – أي الأشعري - ثم السمع ورد بضم شرائط أخر إليه _ أي إلى الإيمان- وهو أن لا يقترن به ما يدل على كفر من يأتيه فعلا وتركا وهو أن الشرع أمره بترك العبادة والسجود للصنم فلو أتى به دل على كفره وكذلك من قتل نبيا أو استخف به دل على كفره{([5]).
وقال رحمه الله تعالى: [ اتفق الأئمة على أن من سب نبيا قتل{([6]).
وقال رحمه الله تعالى: [لا خلاف أن من سب النبي أو عابة بعد موته من المسلمين كان كافرا حلال الدم, وكذلك من سب نبيا من الأنبياء ومع هذا فقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} وقال تعالى: { وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم} فكان بنو إسرائيل يؤذون موسى في حياته بما لو قاله اليوم أحد من المسلمين وجب قتله{([7]).
وقال رحمه الله تعالى: [ فعلم بذلك إن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في الكفر والمحاربة وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى إذا ثبت ذلك فنقول هذه الجناية جناية السب موجبها القتل لما تقدم من قوله من لكعب بن الأشرف فانه قد آذى الله ورسوله فعلم أن من آذى الله ورسوله كان حقه أن يقتل ولما تقدم من إهدار النبي دم المرأة السابة مع أنها لا تقتل لمجرد نقض العهد ولما تقدم من أمره بقتل من كان يسبه مع إمساكه عمن هو بمنزلته في الدين وندبه الناس إلى ذلك والثناء على من سارع في ذلك ولما تقدم من الحديث المرفوع ومن أقوال الصحابة رضي الله عنهم أن من سب نبيا قتل{([8]).
وقال رحمه الله تعالى: [ ولا ريب أن جرم سابه أعظم من جرم ساب غيره كما أن حرمته أعظم من حرمة غيره وإن شاركه سائر إخوانه من النبيين والمرسلين في أن سابهم كافر محارب حلال الدم{([9]).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: [ ثم نقل السيف عن الأوسي الحنفي في تصنيف له في الأصول أن من تكلم بكلمة الكفر فضحك غيره واستحسن كفر وكذا من وصف الله بما لا يليق به كفر ومن أنكر وعده أو وعيده كفر أو قال الله في ست جهات أو قال يوجد في كل مكان ومن عاب نبيا من الأنبياء أو صغر اسمه أو لم يرض بسنته أو سمع القول بأنه كان يحب القرع أو الخل فقال أنا لا أحبه أو سخر بالشريعة أو بحكم من أحكامها أو قال إن الخمر لم يثبت تحريمه بالقرآن أو صدق كلام أهل الأهواء أو قال إنه كلام معنوي أوله معنى صحيح{([10]).
وقال علي بن سلطان الهروي:[  وقد صرح العلماء بأن من عاب نبيا من الأنبياء فقد كفر {([11]).

قال الشيخ محمد بن أمين المعروف  بابن عابدين الشامي  في حاشية رد المحتار بَابُ المُرْتَدِّ: [ قوله: (الكافر بسبّ نبي) في بعض النسخ والكافر، بواو العَطْف، وهو المناسب. قوله: (فإنه يقتل حداً) يعني أن جزاءه القتل على وجه كونه حداً، ولذا عطف عليه قوله: «ولا تقبل توبته» لأن الحد لا يسقط بالتوبة،  واعتبر أن من يستخف بنبي يكون مرتداً)

قال أبو بكر بن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن من سبّ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقتل، وممن قال ذلك مالك بن أنس واللَّيث وأَحْمد وإسْحاق، وهو مذهب الشَّافعي، وهو مقتضى قول أبي بكر رضي اللّه تعالى عنه، ولا تقبل توبته عند هؤلاء، وبمثله قال أبو حنيفة وأَصْحابه والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلم، لكنهم قالوا: هي ردة. وروى مثله الوليد بن مسلم عن مالك: وروى الطبراني مثله عن أبي حنيفة وأَصْحابه فيمن ينقصه أو بريء منه أو كذبه اهـ.
  وحاصله أنه نقل الإجْماع على كفر السَّابِّ،....، وقد علمت أن الكفر بشتم الأنبياء كفر ردة،{
ولقد ذكر جميع الفقهاء في باب (الردة) كفر وارتداد من سب أو عاب نبياً فليراجعه من شاء.
ثانياً: أن موسى ومن معه في وقتهم كانوا هم المسلمين.لأن الدين عند الله هو الإسلام وهو الدين الذي بعث به جميع الأنبياء عليهم السلام. قال الله تعالى:{ إِنَّ  الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } ([12]).
قال الله تعالى: عن نوح عليه السلام { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ % فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ } ([13]).  
وقال إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ % رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ([14]).
وقال السحرة من قوم موسى عليه السلام عندما آمنوا كما قال تعالى:{ قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ % وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إلا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } ([15]).
وقال الله تعالى: عن موسى عليه السلام {  وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ }  ([16]).
وقال الله تعالى: عن لوط عليه السلام { فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ % فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ } ([17]).
وقال الله تعالى: عن سليمان عليه السلام { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ }  ([18]).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري: { عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَالأنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ واحد }([19]).
فالذي يشتم موسى عليه السلام ومن معه؛ يشتم المسلمين ويشتم دين الإسلام ولكن الحكومة السعودية الممتنعة عن تطبيق الشرائع كفرت قبل هذا بكثير وهذا نوع واحد من أنواع كفرها التي لا تحصى.
ثالثاً: ثم يصف بيان الحكومة السعودية عهد موسى عهد البربرية فيقول [فهربوا نحو فلسطين غازين مدمرين, ليتخذوا لهم فيها وطناً عن طريق الغزو ضد شعب عربي هو وحده صاحب الحق في هذا الوطن التاريخي له.
وإذا كانت شريعة الغاب هي المسيطرة على العالم القديم حين غزو بني إسرائيل لفلسطين هرباً من عبوديتهم للفراعنة. ذلك الغزو البربري الذي استبيحت فيه دماء العرب الكنعانيين وأحرقت معه ديارهم وهدمت فيه مدنهم في ذلك العهد كما نصت عليه نصوص العهد القديم, فليس من الجائز في عهد ميثاق الأمم المتحدة وفي ظل ميثاق حقوق الإنسان الذي أعلنته الأمم المتحدة أن يتكرر الغزو والقتل.{ فالبيان يصف عهد التوراة غير المحرفة (عهد شريعة الغاب) بينما يثني على عهد التشريع الطاغوتي تشريع الأمم النتحدة:
فبينما يصف الله جل جلاله التوراة بقوله {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ } ([20]).  
وقال الله تعالى:  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}([21]).  
وقال الله تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا} ([22]).
وقال الله تعالى:{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ }([23]).    
فموسى عليه السلام كان يعيش في هدى من الله وينشر الهدى الذي بعثه الله به وعصره عصر هدى ولو كنا في زمانه لوجب علينا اتباعه ولكن آل سعود اختاروا أن يقفوا في صف أعداء الأنبياء, وأعداء الرسل, وأعداء الهداية التي أرسلها الله لعباده.
ثم يصف البيان موسى عليه السلام ومن معه أنهم فروا من عبوديتهم!!
رابعاً: وموسى عليه السلام خرج من مصر بأمر ربه وطاعة لله كما خرج محمد صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً ولم يخرج فاراً.
قال الله تعالى: { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى}([24])
وقال تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}([25]).
وموسى عليه السلام وبعده يوشع بن نون ومن معهم  دخلوا الأرض المقدسة بأمر الله جل جلاله وليس للغزو البربري كما يحلو لكفار آل سعود أن يسمونه.
قال الله تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ } ([26])
وقال الله تعالى:  واصفاً حال موسى عليه السلام وقومه { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ   
قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَا}([27]).
بل ثبت في السنة الصحيحة أن الله جل جلاله حبس الشمس ليوشع بن نون ليكمل فتح بيت المقدس. كما روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: {قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إلا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ}([28]).
وقال الحافظ في الفتح:[ عن أبي يعلى عن محمد بن العلاء عن بن المبارك وحده به قوله غزا نبي من الأنبياء أي أراد أن يغزو وهذا النبي هو يوشع بن نون كما رواه الحاكم من طريق كعب الأحبار وبين تسمية القرية كما سيأتي وقد ورد أصله من طريق مرفوعة صحيحة أخرجها أحمد من طريق هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس{([29]).
فالقضية ليست قضية إسرائيليين وعرب, فلرب عربي أكفر وأضل من إسرائيلي, إنما القضية قضية كفر وإيمان فالمؤمن مع المؤمنين في كل مكان وزمان بغض النظر عن عرقهم وجنسهم, وحرب على الكافرين في كل زمان ومكان.
{فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَيُّ عُرَى الإسْلامِ أَوْسَطُ قَالُوا الصَّلاةُ قَالَ حَسَنَةٌ وَمَا هِيَ بِهَا قَالُوا الزَّكَاةُ قَالَ حَسَنَةٌ وَمَا هِيَ بِهَا قَالُوا صِيَامُ رَمَضَانَ قَالَ حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ قَالُوا الْحَجُّ قَالَ حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ قَالُوا الْجِهَادُ قَالَ حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ قَالَ إِنَّ أَوْسَطَ عُرَى الإيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ }([30]).
{ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} .
تمادى علماء السعودية إلى الحد الذي لم يتماد إليه أحد من كل دعاة القومية في العالم. فهم يوالون الكنعانيين الكفار الذين كانوا أيام موسى عليه السلام لأنهم بزعمهم من أصول عربية, يوالون هؤلاء الكفار الكنعانيين ضد موسى عليه السلام ومن معه, وهم الطائفة المؤمنة في ذلك الوقت, فيقول بيان الحكومة السعودية:
 [ويؤسفنا في هذا المقام الخاص, المطلوب منا فيه شرح مشاكلنا الخاصة؛ المتصلة بحقوق الإنسان, في دولنا الإقليمية العربية, أن نشير إلى المشكلة الأساسية الوحيدة التي حوربت فيها حقوق الإنسان, وكان لها كما سيكون لها على الدوام؛ التأثير  الكبير على السلم الإقليمي ,والسلام العالمي, وعلى إهدار القسم الأكبر من مواردنا الدولية, والفردية, في أكثر من ثلاث عشرة دولة عربية, مما عرقل الكثير من تطورها الاقتصادي, والاجتماعي, والثقافي, في سبيل إسماع أنين الشعب العربي في فلسطين؛ بسبب تجريده من جميع حقوقه الأساسية في وطنه التاريخي, الذي نشأ فيه منذ عهد الكنعانيين العرب, قبل ألاف من السنين, وقبل أن يخلق إسرائيل نفسه الذي لجأ إلى مصر بصحبة أولاده الإثني عشر, حيث تكاثروا فيها مئات من السنين ثم قرر أنساله التحرر من عبوديتهم للفراعنة؛ فهربوا نحو فلسطين غازين مدمرين, ليتخذوا لهم فيها وطناً عن طريق الغزو ضد شعب عربي هو وحده صاحب الحق في هذا الوطن التاريخي له.
وإذا كانت شريعة الغاب هي المسيطرة على العالم القديم حين غزو بني إسرائيل لفلسطين هرباً من عبوديتهم للفراعنة. ذلك الغزو البربري الذي استبيحت فيه دماء العرب الكنعانيين وأحرقت معه ديارهم وهدمت فيه مدنهم في ذلك العهد كما نصت عليه نصوص العهد القديم, فليس من الجائز في عهد ميثاق الأمم المتحدة وفي ظل ميثاق حقوق الإنسان الذي أعلنته الأمم المتحدة أن يتكرر الغزو والقتل والتدمير والإفناء والاستئصال لشعب ما استكان من قبل حين الغزو الأول في عهد شريعة الغاب, ومن باب أولى أن لا يستكين في عهد ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان والميثاق الدولي الخاص بتنفيذ هذه الحقوق التي لم يضطهدها أحد في التاريخ مثل بني إسرائيل.
أما وقد أشرنا من قبل إلى تاريخ غزوهم القديم الأول لفلسطين العربية الذي اتخذ اليوم بالباطل أساساً مشروعاً لغزوهم الجديد الحاضر كما أشرنا إلى عدم استكانة الكنعانيين فنرى من المفيد الآن أن نتوسع قليلاً في تاريخ ذلك الغزو البربري{ ندوات علمية في الرياض وباريس ومجلس الكنائس العالمي في جنيف والمجلس الأوربي في استراسبورغ حول الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان فيما بين فريق من كبار علماء المملكة العربية السعودية وبين آخرين من كبار رجال الفكر والقانون في أوربا مع بيان الحكومة السعودية عن حقوق الإنسان إصدار رابطة العالم الإسلامي ص 46-47



[1] - ندوات علمية في الرياض وباريس ومجلس الكنائس العالمي في جنيف والمجلس الأوربي في استراسبورغ حول الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان فيما بين فريق من كبار علماء المملكة العربية السعودية وبين آخرين من كبار رجال الفكر والقانون في أوربا مع بيان الحكومة السعودية عن حقوق الإنسان إصدار رابطة العالم الإسلامي ص 46-47
[2] - العقيدة الأصفهانية ج: 1 ص: 158
[3] - الصفدية ج: 1 ص: 261
[4] - الصفدية ج: 2 ص: 311
[5] - مجموع الفتاوى ج: 7 ص: 149
[6] - مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 123
[7] - الصارم المسلول ج: 2 ص: 421
[8] - الصارم المسلول ج: 2 ص: 533
[9] - الصارم المسلول ج: 3 ص: 1049
[10] - شرح قصيدة ابن القيم ج: 1 ص: 162
[11] - الرد على القائلين بوحدة الوجود ج: 1 ص: 107
[12] - آل عمران (19)
[13] - يونس(72)
[14] - البقرة  (128)
[15] - الأعراف(126)
[16] - يونس 84
[17] - الذاريات (36)
[18]  - النمل (42)
[19] - رواه البخاري برقم: 3443
[20] - هود (17)
[21] - إبراهيم (5) 
[22] - الإسراء (2)
[23] - السجدة  (23)
[24] - طه (77)
[25] - الشعراء (52)
[26] - البقرة (58)
[27] - المائدة (21) و (23) 
[28] - رواه أحمد في المسند برقم: 8116
[29] - فتح الباري 6/221
[30] - رواه أحمد في المسند برقم: 18053

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.