هذه تجربتي وهذه شهادتي
للشيخ سعيد حوى الحلقة التاسعة
رجعنا إلى عمان, وعكفت مع بعض الأخوة على
الإعداد للمرحلة اللاحقة, وكان قد أصبح في حكم البدهية أن الجماعة, لا بد لها بشكل
مستمر من نظام يحقق نظريتها التنظيمية والحركية, ومناهج ثقافية وتربوية, على ضوء
نظرية متكاملة, ولا بد لها من خطة عمل تنطلق على ضوئها مع القناعة أن هذا كله
بحاجة إلى تطوير مستمر على ضوء التجربة والنضج.
كان عندنا مناهج وكان عندنا نظام, وكان عندنا
خطة عمل مكتوبة قبل الأحداث, وكان هناك تصورات أنضجتها التجربة.
بدأت مع بعض الأخوة في التحضير للمرحلة القادمة
وانتظرنا أن يأتي شركاؤنا في القيادة الجديدة فلم يحضر أحد, ثم جاء الدكتور
الهواري, وفرحنا به وأحضرناه جلسة مكتبنا التنفيذي, وشاركنا في الأمور المطروحة,
ووعدنا أنه سيعود إلينا قريبا لأنه مضطر للسفر, وتجمد الوفاق.
وفوجئنا أن الأستاذ عصام العطار يصر على أنه لا
بد من لقاء عنده, وبدأنا نسمع من هنا وهناك أن الأمر لم يبرم بعد, وسافرنا فعلا
إلى ألمانيا, واجتمعنا, أبا عامر, وعلي البيانوني, وسعيد, وعرفنا الجو الجديد,
وبعد مراجعات اجتمعنا في قرية قريبة من آخن بعد إجراءات أمنية من قبل البوليس
الألماني من أجل الأستاذ عصام, وفوجئنا في الاجتماع أن كل شيء يحتاج إلى بحث من
جديد, كان اتفاقنا أن تشكل قيادة من الطرفين ومعها رجل اعتبر أنه حيادي, هذه القيادة
مفوضة في كل شيء وبروح الأخوة والإخلاص وأمام ضرورات الجهاد ستتجاوز كل شيء.
تحدث الأستاذ عصام عن نفسه وعن أوضاعه حديثا
مسهبا, وكان حاضرا من طرفه أبو سليم, ومحمد الهواري, وفي الجلسة الأولى والجلسات
اللاحقة تبين لنا أن فكرة التعاون مع التنظيم العالمي تحتاج إلى بحث طويل, وأن
قضية الأخوان المسلمين أصبحت ميتة في نفس الأستاذ عصام, فتجربته أن الأخوان لا
إخاء بينهم, وأن الاتفاق غير صالح, وأن الشيخ منير لا يعتبر حياديا, وأن التشكيل
الجديد للقيادة ينبغي أن يضم ثلاثة أطراف أحدها الطليعة المقاتلة, وأنه هو الذي
سيرشح ممثلي الطليعة المقاتلة بناءا على معطيات عنده, وأن منصب المراقب العام ليس
محل اتفاق, وتحدث عما آلت إليه حركة الأخوان المسلمين, وأنه لا بد من بحث في
المبادئ والاتفاق على شروط.
حاولنا المستحيل, لكن لا فائدة.
قلنا أننا نسلم أن تكون القيادة الميدانية في
الداخل بيد الطليعة, ونحن لا نرى أن المسألة بهذا التعقيد, فالحركة الإسلامية
تنطلق من خلال الحكم الشرعي, ثم من خلال الشورى من أهلها, وأشرت إلى ما ذكرته في
حقه من قبل في أنه يستطيع أن يحقق ما يريد من خلال وجوده في الجماعة. ولكن لا
فائدة.